أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تيسير العفيشات - بالأمس توفيت السيدة دولة محمد الحسن آخر الشيوعيات في السودان















المزيد.....

بالأمس توفيت السيدة دولة محمد الحسن آخر الشيوعيات في السودان


تيسير العفيشات

الحوار المتمدن-العدد: 3304 - 2011 / 3 / 13 - 12:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بالأمس توفيت السيدة دولة محمد الحسن آخر الشيوعيات في السودان .توفيت هذه السيدة التي كانت قيثارة للحرية في هذا البلد الذي عشق الحرية قبل أن يغتاله الظلاميون الذين خرجوا من جحورهم المقدسة على حين إغفاءة للتاريخ وتوقف للزمن ..فراحت تعاني هذه السيدة. .. لقد كسروا قيثارتها وإغتالوا حلمها وأملها وألقوها في غياهب السجون والمعتقلات ..
أكبرت موتها لانه جاء إيذانا ضاجا برسالة أنسانية كونية أتت على تمامها .. . كما أكبرت حياتها .. كان موتها بالأمس حدثا غير عادي في السودان .. حدث إهتزت له السماء في السودان وبكته نجومه ودمعت له محاجر الريح الهفوف هذه السيدة التي عاشت صخب الثورة وجنون التحرر .. وتحرر الجنون... في بلد لم يعرف معنى للتحرر ولا معنى للحرية مذ سيطر العسكروالإسلاميين على مصيره واغتالوا روحه المتمرده وسجنوا ذاته المتوثبة في سجون موبؤة بالتاريخ والتقاليد والهواء الراكد العفن..
دولة محمد الحسن وجه السودان الحر وعقله النيّر .. ثارت بإسم الحق الذي لا يعرفونه وبإسم الحقيقة التي افتضوا بكارتها على مذابح عهرهم ودجلهم وكذبهم وريائهم وعروبتهم الصفراء . .
أية خطية وخطايا أرتكبوها بحقك يا سيدة النيل ويا قمر الصحراء ويا ريح الجنوب ونسائم الشمال ...
لن ارثيك فهذا ليس رثاء .. لأنك أكبر من كل رثاء وأعظم من كل معنى .. لا استطيع أن ابكيك أو أن ابعث دموعي سواجم تعمذ روحك وتغسل جسدك الطاهر
لأن أرثيك فأنت أكبر من كل رثاء وأكبر من كل كلمات وإن كانت تحمل في قلبها بوح ندي يهتز متراقصا هناك على قبرك ..
لن أرثيك سيدتي ...
إذ كيف لي أن أرثي السماء بشموسها ونجومها والأرض بورودها وجنانها بكل صباحاتها ومساءاتها وسودانها ونيليها الأزرق والأبيض ... ولكن هي كلمات أزجيها في سمع الزمان وأبعثها لحنا باكيا في مسالك الأفلاك .. وصلاة الى قلبك ..
لقد ماتت دولة .... شاعرة بالموت شعورها بالحياه.. كانت تهتف للحياة .. فكيف يتحمل الكون أن تموت تلك التي راحت تعلم الناس كيف يلعنون الموت ويطلبون الحياة ..؟
لماذا كان عليها أن تولد إذا كان عليها أن تموت بعد كل هذا الدوي .. ؟ لماذا كان عليها أن تحمل فكرها وأشواقها وأحلامها الى مشارف الغيم ومراقي النور وحفافي الخلود
ماتت حبيبة النهرين إذن فالتفرح ايها الكون .. والترقصي أيتها النجوم وغني أيتها الأفلاك وانتشي ايتها البحار وقهقهي أيتها الرياح ... .
ماتت غريبة غربة دمرت روحها.. بعد أن كانت شاهدة على وضاعة ما يجري في أرض السودان من إمتهان للكرامة على أيدي العسكر واشياعهم وأتباعهم من الإسلامببن ...
أردت أن أكتب عنها أو أكتب لها لكني تراجعت أمام جلال موتها .. ماذا يعني موتها بل ما يعني أن تموت بل ماذا يعني الموت نفسه ؟
الموت ليس هو ان تفقد حياتك اي أن تموت أنت .. الموت أكبر واعمق من ذلك كثيرا . الموت هو أن تموت كل الاشياء يا سيدتي .. تموت الشمس ويموت القمر وتموت النجوم والليل والنهار والبحار والأنهار والأرض والسماء .. وأن يموت كل الناس وكل الأحاسيس وكافة التجارب تموت النفوس والهواء الذي يمرح بالنفوس ...
ذلك ان جميع الاشياء إنما تحيا بهذا الكائن .. فإذا مات .. ماتت جميع الاشياء لهذا كان الموت في حسابك افضع الاشياء .. كلمة مات كلمة صغيرة سهل النطق بها .. لا تعيق شمسا ولا قمرا ولا حشرة لكنها مع ذلك تعني كل شيء .. لا وجود ولا بقاء لشيء معها .. ألا نرى أن مقارنة كلمة مات وكلمة يحيا هي مقارنة بين ان تموت كل الاشياء وتحيا كل الاشياء .. بين أن تملك كل الأشياء وبين تخسر كل الأشياء ..
الذي يهبك الحياة ثم يهبك الموت إنما يهبك كل هذه الاشياء كل الكون المشهود ثم يأخذ منك كل ذلك بعد أن ترتبط به وتملكه وتحياه .. وهل يوجد ظلم وقساوة ومرارة أكثر من ذلك ؟ يهبك كل شيء ثم يسترد منك كل شيء في لحظة واحدة ..
ولعل البشر أدركوا ظلم الحماقة وعمق الظلم في الموت فحاولوا ان يخففوا من عمق هذه المأساة .. فاعتقدوا أن الموت سفرا سعيدا الى الله .. للعيش في عوالمة البهيجة .. .. أتراهم يريدوا أن يعتذروا عمن فعل بهم ذلك وأن يفسروا أقبح الاشياء وأغبى الأشياء تفسيرا جميلا .. .. الذي يحيا ثم يموت إنما هو كائن يموت يتعذب بعدد كل الأشياء في الكون بعدد الشموس والنجوم بعدد الآهات في الحناجر وبعدد الألحان التي عزفها الناس في آلاتهم الموسيقية بعدد الايام والثواني وبعدد الحشرات وديدان الارض .. فهل يوجد اشد من ذلك عذابا ؟ وما أبشع ما يحدث .. ما يحدث مرة واحدة في اللحظة التي يسقط فيها الكون ويتهاوى وينعدم عندما تموت .. أني أموت مرة.. مرة واحدة فيموت كل شيء مرة واحدة حتى الذباب حتى الحشرات حتى الآلهة الموقرة تموت ولكني اموت بموتها، أي بموت الذبابة أموت أو تموت هي بموتي .. ما ابشع أن يموت الكون .. بعدد ما يموت من البشر كل يوم بل في كل ثانية .. إذن فلنقم حفل جناز على الكون ، لتدق جميع الأجراس الجنائزية ولتصرخ كل المآذن فقد مات الكون .. مات لأني أموت .. ولكن من يقيمون الجنازات ويدقون الأجراس ويصيحون فوق المنائر وفي أعلى المآذن .. وقد مات كل شيء حتى من يحتفلون بالموت ويهبونه شعاراته وطقوسه .. ؟ ولماذا تموت؟ ولماذا لا نموت لو كنا لا نموت ؟ ما السر والحكمة اللذان نسأل عنهما ؟ إنهما لا يعنيان سوى عجزنا ؟ لماذا نسأل ولماذا لا نسأل ؟ الذي يسأل لا يسأل لأنه بحاجة الى جواب أو يبحث عن جواب .. نفعل ذلك لأن السؤال أسلوب من اساليب التعبير عن حالة ما أو عن قلق ما ..ما أروع الموكب الطويل المهيب الخالد موكب الإنسانية الشامل السائر في طريقه الى الموت دون أن يقاوم او يرفض أو يغضب أو يسأل أو يحتج على الإلقاء به في موكب الموت الكئيب.. بل السائر في دربه الى الموت.. هاتفا مصليا للحكمة والرحمة التي تشق له طريقه وتسوقه فيه . أية مواكب من القطعان تساق الى المذابح بمثل هذا الهوان والغباء ؟ هل يوجد كائن لا حدود لوحشيته يزداد جوعا وتوحشا كلما إلتهم المزيد من مواكب الجثث ...اذا كان موتنا هو موت الزمان والمكان فلماذا نفكر في المجد وفي الخلود بعد أن نموت .. لماذا نكتب شعرا وندبج القصائد ونحشوها بالمعاني وبضلال المعاني والمجازات والتشابيه والإستعارات ؟ هل يمكن أن يكون لنا مجد أو خلود بعد الموت وقد مات كل شيء ... إن الذي يعنينا هو تصورنا للأشياء ونحن احياء والتصورات حياة .. تصوراتنا هي أن نكون وأن نكون يعني أن نكون خالدين ..
ماذا يعنيك أو يفيدك أن تسجد الشمس والنجوم وكل الكون فوق قبرك؟ أو أن يقبل جثتك احياء الأرض .؟. خلود إسمك أو جثتك ليس خلودا لك ولا هو يعنيك إلا بمقدار ما ينفع الحجر أو الإله أن يكون حجرا معبودا أو إله معبودا .. الناس قد يتحدثون عن مجدك وخلودك اذا كان لك مجد أو خلود، ولكن ما جدوى ذلك بالنسبة لك ؟ إن الموت ليطالع الانسان ويترصده بتعذيب وإرهاب مطلا بكبرياء من جمال الزهرة و جلال الحب والإبتسام والسرور والصحة والقوة، أو أكثر مما يعرض نفسه ويطل بإرهاب وجبروت من ضعف أو كآبة الحشرة أو الحزن أو الدمعة أو المرض ..والدمامة الموت يطالع الناس يترصدهم يعد عليهم أنفاسهم ويحصي حركتهم ..
إن معنى الموت أن نتعذب بكل الوجود.. لهذا كان الموت أكبر من كل معاني العذاب ..وأقبح ما في الموت أن الناس يتجرعون كل معاني الهوان والعذاب والخسة إتقاء له.. بل إتقاء لاحتمالات أن يموتوا.. مع أنهم لا يستطيعون الى ذلك سبيلا .. والحياة في كل معانيها ليست إلا معاناة الموت والخوف من الموت أو إحتجاج عليه أو تفكير به أو إنتضار له .. الحياة ليست إلا رحلة الى الموت اذن ما الذي تعنينه الحياة ؟اذا كانت لست إلا كذلك ؟
. إذا أنا مت فقد مات كل هذا بل ومات أكثر من هذا .. مات إنتظاري للموت وخوفي منه وماتت كل سخافاتي وضعفي وهمومي وغيرتي .. مات حبي وشوقي مات خيري وفضيلتي وطمعي وحسدي ..
آه ..كم أرثي لذلك الغارق في المسرات والمللذات المتعالج بها من وجوده ومن تناقضه مع نفسه ومع الآخرين ومع ظروفه .. كم أرثي لذلك المقهقه الضاج ضحكا بأعلى الأصوات .. إنه ليس إلا إنسانا معذبا وهاربا يحاول أن يعالج هزائمه وإنكساراته بالضحك وبممارسة المتع والتلذذ بها هاربا من آلامه .. إن الفضاعة ليست أن نموت بل في أن نوجد فالموت هو الولادة الصحيحة لمن وجد، إن أبشع الأحتمالات وأقسى اساليب التعذيب أن توجد ثم لا تستطيع أن تموت .
ولكن الموت هو أقسى وأعمق تفسيرا من كل التفاسير حتى تفاسير الشعراء والفلاسفة والحالمين .. وإن همس خطى الموت في الظلام الصامت أعلى صوتا من كل ألاصوات .. أعلى من كل صرخات الحب والعشق والتأوهات ...
سيدتي يا حفيدة ماركس وأنجلز ولينن وماو أعذرني اذا رحت أعزف هذا اللحن الحزين على وتر الموت فأنا أعرف أن موتك الصامت أدهشني ورحيلك اذهلني يا ابنت الخلود
.. لا أعرف كيف ابكيك عندما يكون عليّ أن أبكيك .. وما ينفعني بكاؤك ساعة إذ غادرت .. ولكني ساروي للعالم كله حكاية موتك .. فموتك حكاية الوجود كما كانت حياتك حكاية موت الوجود ...... لماذا جئت .. لماذا جئت بهذه الصفات .. ولماذا جئت ثائرة .. . لماذا جئت بغير أخلاق الناس ... من جاء بك إلي هذه الدنيا ؟
لماذا يجيء الآخرون الى ذواتهم ويعيشون مع ذواته بسلام .. لماذا أنت فرض عليك هذه الحرب الضروس التي اشعلتها دونما هوادة أو خوف أو رجاء ؟
لماذا فرض هذا التناقض بينك وبين بني قومك .. لماذا الجوع يلتهمني والمساء يثكلني والليل يهزمني هل أنت الجوع والمساء والليل .. هل أنت الريح والمطر والعواصف .. هل أنت الحرائق التي أشعلتني منذ أن كنت أفترش أحلامي وأتوسد قصص التاريخ وأوجاع من رحلوا منذ الآف السنين ؟
هل أنا بعض صفاتك أم صفاتك كلها .. هل أنت آلام الكون أرادت أن تتجسد على شكل إمرأة رفضت فكانت رفضا مدويا في سمع الزمان ؟
من المظلوم هنا أنا أم أنت ؟ من الملوم هنا أنا أم أنت ؟
لماذا يا سيدتي لم تجيء رفيقة سمحة رقيقة هامسة حالمة مسالمة راضية مرضية كما يجيء الآخرون ؟
لماذا يا يا سيدتي جئت غازية لنا لأوهامنا لأحلامنا لحياتنا المستقرة في ظلل سادتنا الحكام .. لماذا جئت دمارا وعواصف هوجاء لماذا جئت عذابا هدم كياننا واستباح أشيائنا .. لماذا جئت وحشا لا يرحم ولا يعرف معنى أن يرحم ولا كيف يرحم ولا لماذا يرحم ...
لماذا يا سيدتي
من نزع الرحمة من قلبك .. من جعلك سوطا يختلف الى ظهورنا ..
لذلك سيدتي سأتلو آياتك للناس
سأخبرهم أن دولة كانت ثورة وكانت حكاية في بلد لم يعرف معنى الثورة ولا قيمة الحكاية ....
سأخبرهم كيف كنت معنى ناقض معنى الحياة وكل معنى تقاطع مع معنى الحياة .
سأخبرهم عن سيدة كانت غروبا منذرا بقدوم عواصف الليل.. وزوابع النهار
كان الليل صديقها ..
كان الليل صوتها وصمتها وجنونها كان حلمها أشواقها آمانيها
لأنه كان ليلا كان ألما ... الليل يتعرى بداخلها لذلك كانت حزينة
كانت تنتظر الليل لتخاصم به الألهة والأنبياء والهاتفين باسم الآلهة والأنبياء
كان ليلا بلا نجوم بلا قمر.
ساخبر الناس عنك عن سيدة لم تكن تسع في الأرض بقدميها فرحة بشيء ..
لم تكن تنظر الى السماء الى النجوم لتهتف لمجد العبث الصاعد من الأرض .. لمجد الموت والهوان والإفتضاح والخسارة .. لمجد الهزائم والعار، لمجد روح مهزومة مهما حاولت أن تضحك أو تغتسل بماء من نور السماوات..
لم تكن حياة ، لم تمارس حياتها كانت تمارس خوفها وجوعها بكبرياء وثناء مهيب
سأخبر الناس أنك لم تريدين أن يكوني قبرا لأنه ليس بمستطاعك أن تكوني قبرا تثوي به جثتك وتتعفن به روحك الطاهرة ..
لقد أنتصرت سيدتي على القبر والتراب .. وعلى كل الذين قدسوا التراب وقدسوا القبور وكل الذين تحولوا الى تراب وقبور..
كنت حريقا .. و نارا أوقدتها في نفسك حتى تحول الى حريق إلتهم أرض السودان .. وكان من حريقك كل حريق ومن وقودك كل وقود .. كان من وقودك كل المسرات واللذات وكل الأحزان والآلام والفضائع وكل الدموع ، كان من وقودك كل المحيطات والأنهار وكل الآلهة والأنبياء وكل المذاهب وكل المعلمين وكل الهزائم .. كان من وقودك وقود الشموس .. كانت الشموس شيئا من وقودك، كانت الشموس تتحول الى حرائق في عقلك وأخلاقك وقلبك .و كانت تحول كل شيء الى حرائق
لقد كانت إثما من آثام الحرائق
كانت أداة للتفكير كانت تفكيرا رهيبا وعظيما وجميلا وعاليا وجبلا وواديا ونهرا وجدولا وسماء وأرضا ..

كانت عينين بلا دموع كانت دموعها جافه .. لو قدر لدموعها أن تنهل من عينيها لأغرقت كل الأرض والمجرات لحولت الكون الى طوفان ولنطفأت جميع الشموس وكل ما في النفوس، وأحرقت كل المذاهب وكل الأخلاق .. لأنه لوصارت دموعا منهلة تصبح كل الأشياء بعض دموعها .. الدموع الجافة أكلت روحها وحولت ضميرها الى سهم أخترق كل ما في الدنيا من مخازي وآلام وأوجاع ومصائب وكوارث
ا كانت سؤال لا يجد جوابا ...
واحتجاجا لا يجد اعتذارا
ورفضا لا يستطيع أن يقبل
ومنطقا لا يتحول الى اقتناع
وكتابا لا يقبل تفسيرا
ونصا لا يقبل تأويلا
و شكا لا يستكين الى يقين
وقلقا لا يركن الى هدؤ
كانت تحدق في السماء فتهابها السماء
تلقي بنظره الى النهايات فتفضح المجهول
كان تحتج على الحياة فتحتج عليها الحياة
حتى هزمتها وفي هزيمتها هزيمة للحياة ..
كانت اصطداما وتناقضا وعذابا وإرهاقا، تموت في قلبها كل الصور وتتحول الى عار .
كانت اعتذارا عن ألم اصاب روحها وجرح قلبها وأدمع نفسها وأدمى كاهلها ..
لماذا كانت الحياة بهذا المستوى يا سيدتي ولماذا لم تكن بمستوها النقيض ؟ .. ولو جاءت الحياة على مستوى نقائضها في أخلاقها وعقلها ومستوياتها هل كانت أفضل .. أذن لماذا جاءت بهذا المستوى ولم تأتي بذالك المستوى سؤال ظل يدور وتدور حوله حياتك ؟
كانت تجمعا رهيبا تجمع فيها كل ما عاناه ويعانيه البشر وما يجب أن يعانيه البشر
تجمع فيها كل الرفض والغضب والنقد والشك والتساؤل والقلق .. فكان الكون زفرة من زفراتها وحريقا من حرائقها ..
كانت تجمعا بلا قياس وبلا نموذج وبلا مثال وبلا منطق ..
كانت تصلب نفسها عن كل الناس وكانت تحول كل إنسان الى صليب كانت تصلب نفسها على جبين كل إنسان وفي قلب كل إنسان وفي خيال كل إنسان
بقدر ما في خيال الناس من احتمالات الألم والهوان والظلم والموت والجنون والعار .. أليس عار الإنسان هو أنه وجد
يا من سترجمونها قولوا عنها لقد كانت تجمعا رهيبا من ممكنات لا تتجمع لغيرها ...
قولوا عنها لقد كانت غلطة ... لقد غلطتها الطبيعة ضد نفسها ... لقد كانت الطبيعة تملك مجدا ... لما أن لفظتها من رحمها لحنا مارقا .... لقد كان منطق الطبيعة هو الذكاء والجمال والشرف والكبرياء والأخلاق بأرفع مستوياتها .. وكانت من لا أخلاق الطبيعة أنها أتت بها .. كيف أتت بها ولماذا .. هل لأنه لا مفر إلا أن تأتي ... ؟
هذا ليس رثاء لك سيدتي فأنت أكبر من كل رثاء
أنت أكبر من كل كلمة
وكل معنى يحمل كلمة وكل كلمة تحمل معنى
سيدتى يا بتول السماء والأرض
ستظلين حية في وجداننا
ووجدان الكون
سيعيدك التاريخ لنا حتما .. ولن يقوى هذا التراب الذي غطى جسدك الطاهر أن يقهر روحك وتعاليمك
لن يغطي عذابات قلبك وفوضى روحك



#تيسير_العفيشات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الخلق
- نسق المتخيل
- زحزحة الدلالات
- الأساطير وتأسيس الوعي
- الشعر والفلسفة
- القرآن معجز في لغته ..
- القرآن .. قراءة على قراءة


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تيسير العفيشات - بالأمس توفيت السيدة دولة محمد الحسن آخر الشيوعيات في السودان