أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي ابراهيم - البعد الفلسفي والسيكولوجي في أبحاث سامي لبيب (1)















المزيد.....

البعد الفلسفي والسيكولوجي في أبحاث سامي لبيب (1)


سامي ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3298 - 2011 / 3 / 7 - 15:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا شك بأن نقد الفكر الديني يشكل أحد أهم منابع التطور السياسي والاجتماعي والثقافي في المجتمع، وهو خطوة مهمة نحو بناء مستقبل علماني يعيش فيه الجميع متحررين من أوهام وهذيانات أناس عاشوا في الأزمنة الغابرة في حياة تعج بالجهل والتخلف والخرافة والمرض والفهم الخاطئ للظواهر الطبيعية، هؤلاء الذين اُعتبروا أنبياءَ ومرسلين والطامعين في القيادة والسلطة والذين ألّفوا وكتبوا نصوصاً خدمة لمصالحهم ولتنفيذ أجندات سياسية تحقق لهم تواجد دائم في قمة الهرم، وأكسبوا هذه النصوص صفة إلهية مطلقة أدخلت العقول البشرية في دوامة من التناقضات والصراعات العقلية والفكرية والحروب الطائفية والدينية، وجعلوا كل واحد يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة ولا أحد سواه.
ليس تقليلاً من شأن بقية المفكرين والباحثين الذين نقدوا الفكر الديني في العالم الإسلامي ويسعون لتحرر شعوبهم ومجتمعاتهم، ولكن تأتي أهمية أبحاث المفكر "سامي لبيب" بأنها الأبحاث الأكثر شمولية التي نقدت الفكر الديني وأحاطت به من كل جوانبه، لذلك تختلف أبحاث المفكر "سامي لبيب" عن بقية الأبحاث الناقدة للفكر الديني بغزارتها وتنوعها وكثافتها ومحاصرتها لكل تفصيل في بنية الفكر الديني. المفكر "سامي لبيب" له طريقته الخاصة الفريدة التي تميزه كمنظومة عقلية فريدة من نوعها.
فجميع نقّاد الفكر الديني ينقدون بنفس الطريقة ونفس الأسلوب، لترى مئات الأبحاث في هذا المجال مختلفة في العنوانين وأسماء الكتّاب ولكنها متطابقة في المواضيع وطريقة مناقشة المشكلة، وكأن مقالاتهم وأبحاثهم قد شُكلت ضمن قوالب حتى بدا من المستحيل لأي باحث ناقد للفكر الديني الخروج عنها.
هذه الأبحاث والسلاسل الفكرية النقدية التي يقدمها المفكر "سامي لبيب" بتنوعها الهائل والفريد هي خلاصة عقلية وثمرة جهد فكري مشبعة بالتأمل والنبوغ العقلي المتميز. هذه السلاسل الفكرية والأبحاث النقدية قد جعلت منه بلا أدنى شك المفكر المعاصر والباحث الوحيد الذي تناول الفكر الديني من جميع جوانبه وجذوره النفسية والفلسفية والميثولوجية الثقافية والاقتصادية وبالتأكيد لم يغفل عنه الجانب السياسي وهو الأهم في مسيرة الشعوب والأمم.
ترى "سامي لبيب" يغوص في أعماق النفس البشرية ليبرع في خلق تصور سيكولوجي في سلسلته "نحن نخلق آلهتنا" يقدم بها رؤية لكيفية قيام الإنسان بخلق إلهه بالصورة التي ترضي حاجاته ودوافعه، كما أن سلسلته النفسية المتميزة "لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون" قدم بها تصورا دقيقا وعميقا عن حاجة المنظومة الإيمانية لتقديم دفعة كبيرة من الفرضيات والأوهام على أنها حقائق مطلقة بدون أن تجد دليلاً يؤكد صحة فرضياتها فكانت بحاجة إلى خلق أفكار ورؤى معينة تجعل العقل يُمرر هذه الحمولة الخرافية بدون عناء.
لن أتكلم عن تفاصيل دقيقة في كتابات "سامي لبيب" لأنني سأحتاج لتأليف مجلدات كاملة ولكن سأتناول الجانب الفلسفي والجانب السيكولوجي في أبحاثه، وعلى الرغم من أن تناولي للجانب الفلسفي والسيكولوجي يحتاج لدراسة تتضمن عشرات المقالات ولكنني ارتأيت أن أقدم حالياً عرضاً موجزاً مبسطاً على أن أكمله في المستقبل بدراسة موسعة تتناول كل سلسلة من السلاسل على حدة في عدة مقالات لأناقش تفاصيل ونقاط فكرية سيكون من الظلم أن نكتفي بمجرد قراءتها أو بالمرور عليها مرور الكرام.
سلاسلُ نقدية فكرية أحاطت بالظاهرة الدينية من جميع جوانبها، فسلسلة "الدين عندما ينتهك إنسانيتنا" هو (أطلس) لمجتمعات رسمَ الدينُ تضاريسها ومعالمها وشيّد المنظومة الفكرية لأبنائها، هذه السلسلة هي تشريحٌ كاملٌ متقنٌ لمجتمعات دينية وتوصيف لكيفية خلق وتكوّن طبقات هذه المجتمعات.
في سلسلته "تدين السياسة أم تسييس الدين" يقدم "سامي لبيب" من خلالها شرحاً ورؤية فحواها أن مؤسس الدين أو النبي ما هو إلا قائد سياسي صاغ وسطّر النص الديني ليخدم أهدافه ومشاريعه، فيقدم "سامي لبيب" بمنهج فكري منطقي على أن هذا القائد السياسي هو من يتحكم بالنص الديني فكراً وإرادة بما يخدم أجنداته السياسية وأن مؤسس الدين يقوم بتوظيف النص الديني ليخدم مصالحه بإكسابه للنص صفة القداسة، ليثبت "سامي لبيب" من خلال منهجيته هذه على أن الأديان والمعتقدات ما هي إلا مشروعٌ لبناء صرح أو نسيج قومي سياسي اجتماعي يبغي ويطلب الوجود.
في سلسلته "هموم وطن" تراه ملتزما بقضايا وطنه الذي يسير في طريق يجهل إلى أن سينتهي به المطاف فيصف مسيرة شعبه بأنه "يتجه نحو التشرذم والانزلاق نحو مستقبل مجهول" ليبرز تشبع "سامي لبيب" بالفلسفة الماركسية فيتحدث عن صراع الطبقات ويؤكد على أهمية النضال ضد جميع أنواع التيارات غير العلمية المناهضة للبروليتاريا ويهاجم بشدة الطبقات البرجوازية المستغلة الشرسة التي تفتك بالوطن، ولم يغفل أن يحلّل ماحدث في الثورة المصرية بعقلية فذة، قدم نموذجه في حل المشكلة وشرح معضلات دقيقة لا تُعرف إلا من خلال معايشتها ومعاينتها على أرض الواقع آملا ألا تذهب ثمار إنتفاضة الشباب المصري أدراج الرياح من خلال التوعية على أنهم لا يزالون في بداية الطريق.
في سلسلته "حكمت المحكمة" اخضع "سامي لبيب" نصوصاً وسيراً وتعاليمَ دينيةٍ لمجموعة محاكمات بسيناريو هوليودي حواري شيق تمثلت في الادعاء والدفاع وترك للقارئ مهمة اتخاذ الحكم بأن يكون قاضيا، وفي هذه السلسلة أسترسل في شرح التخريب العقلي لهذه النصوص والسير والتعاليم والأقوال وما فعلته بهذه الشعوب، وتأتي أهمية وجمال هذه السلسة بكونها قائمة على منهجية "النقيضة المنطقية" في ظهور استنتاجين متناقضين أثناء عملية الاستدلال ومتساويين ولكن تساويهما هو بشرط واحد وهو إسناد كل منهما على أساس سليم.
بهذا الإنتاج الهائل والضخم من الأبحاث والسلاسل الفكرية وبآلاف الأفكار الجديدة المتدفقة كنبع يشق الصخر قادما من أعماق الأرض المتمثل في أبحاث وكتابات "سامي لبيب"، نرى استمرار المردود الحضاري والثقافي للحضارة الفرعونية العريقة أقدم الحضارات البشرية وأشهرها.
هذه الأبحاث التي كتبها ويكتبها "سامي لبيب" الآن ستعتمدها أجيال المستقبل التي ستدرس الدين والأفكار الدينية كما ندرس الآن المكتشفات الأثرية للشعوب ونحلل اللُقى الأثرية لفهم طبيعة وظروف الشعوب التي عاشت في مراحل غابرة.
........................
سأتناول في الجزء الأول من دراستي هذه البعد الفلسفي في أبحاث المفكر "سامي لبيب" على أن أكمل في الجزء الثاني البعد السيكولوجي.
البعد الفلسفي لكتابات وأبحاث المفكر "سامي لبيب" يتجلى في (الجدلية) التي اعتمدها منهجاً لكشف التناقضات الموجودة في الفكر الديني.
فسلسلة " تأملات سريعة في الله والدين والإنسان " وسلسلة "خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم" التي قدمها بمنهجية جدلية تجبر العقل على ممارسة مهمته ألا وهي "التفكير"، وهي سلسلة قائمة ومرتكزة على الجدل الذي يقدمه "سامي لبيب" وأقامه ليس على نص ديني متناقض وإنما أقامه على فهم عميق للعملية التاريخية التي تزامنت مع ولادة ذلك النص الديني وتطور المعرفة وكيف تم تعميم هذا النص ليعيش حاضرا الآن في عصرنا.
الجدل الذي يقدمه "سامي لبيب" ليس جدلا يكتفي فيه بتقديم الفكرة ونقيضها، بل هو جدل يقدم معرفةً وتعاليمَ ومنطقاً للأمور، أراده "سامي لبيب" منهجاً فلسفياً يبحث التطور التاريخي وما حمله من أثر اجتماعي على طبقات المجتمع.
ترى في كتابات وأبحاث "سامي لبيب" جدل علمي ليدخلنا في جدل لاهوتي ثم جدل وجودي وآخر مادي ويصبغ كتاباته بجدل ماركسي ببراعة واحتراف وإتقان لتخرج السلسلة التي يصوغها غنية بالصور والقراءات الفكرية التي تجبر عقل القارئ على التفكير واستنتاج رؤى جديدة.
يقول فيورباخ: "الجدل الحقيقي ليس مونولوجا لمفكر وحيد مع نفسه، بل هو حوار بين الأنا والأنت، وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي للجدل إن كان الجدلي سائلا معترضا إلزام الخصم وإسكاته إلا أن قوامه الحرية، فأن نتحاور يعني أن يدخل كائنان في منطقة الحرية" وهذا ما يبدو واضحاً كنور الشمس في كتابات المفكر "سامي لبيب"، الحرية التي أرادها في أبحاثه هي الحرية التي تحرر الإنسان من كل كراهية وهي حرية إيجابية عميقة في أعماق الذات البشرية يحاول "سامي لبيب" أن يوضحها للمتلقي، فهو يقدس الحرية مهما كان شكلها ومهما كانت ضريبتها، فتراه في سلسلته "خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم" وعلى الرغم من أنه يفتح مدافعه الفكرية النقدية في وجه الأفكار الدينية والنصوص والتعاليم الإلهية المقدسة التي تمنع الحرية وتضرب حصارا عقليا يشل المقدرات الإبداعية للعقل البشرية، إلاّ أنه لا يفرض أفكاره فرضا كما يفعل الفكر الديني ونقّاد الفكر الديني على حدٍّ سواء.
الجدلية عند "سامي لبيب" لا تهدف إلى تحرير الإنسان من نص ديني متناقض موجود مكتوب منذ مئات السنين فحسب، بل الجدلية لديه تهدف إلى تحرير الإنسان من التفكير في اتجاه واحد وفي طريق واحد، يريد أن يحرره من أحاديته، من نزعته الفردية، فالمشكلة في الظاهرة الدينية حسب "سامي لبيب" ليست أن الشخص مؤمن أو غير مؤمن، لأنه في أحيان كثيرة نرى أن تأثير النص الديني يكون شبه معدوم على الغالبية العظمى من البشر في المجتمعات المتدينة، وذلك لأن الغالبية المعتدلة من المتدينين يُلبسون النص أو الحادثة الدينية ثوبها التاريخي بهدف إبطال مفعولها الذي لا يصلح لعصرنا هذا، ولكن المشكلة هي عجز هؤلاء الغالبية المعتدلة عن التحرر من الفكرة الثابتة أو التفكير بطريقة واحدة، فيبقون أسرى أوهام لا يرون لها وجود فعلي بل هو وجود مغروز ومزروع في عقولهم نتيجة تواجدهم في مجتمع كبير قوي فرض عليهم قوانينه الخاصة التي تميزه عن بقية المجتمعات.
إذاً ترى الغاية النهائية من الجدلية عند "سامي لبيب" ليست إهانة الفكر الديني أو التعاليم الدينية أو الرموز الدينية المتمثلة في شخص الأنبياء، بل الغاية من جدليته هي خلق هامش من الحرية يعي فيها الطرف الآخر طريقة تفكير مغايرة لما لُقن بها طوال عمر. فيصل لنتيجة يضمن بها أقلها هامش يستطيع بها أن يوضح وجهة نظره.
بينما ترى غالبية نقاد الفكر الديني "وأنا من ضمنهم" يهدفون إلى إذلال الفكر الديني وكشف حقيقة وزيف الشخصية المتدينة بما تحمله من عُصاب ورُهاب وتبيان مدى درجة الهذيان والأوهام والخرافة فيه ولأي درجة هو من الهشاشة وذلك بهدف ((الانتقام)) من الفكر الديني ورجالاته لما حمله من آلام وتخلف ومرض للمجتمعات التي تعيش تحت كنفه والتي تكون فيها السطوة للفكر الديني ورجالاته، وهذا لا يعني إطلاقاً أن "سامي لبيب" لم يبين نقاط ضعف الفكر الديني وهشاشته وحظه من التاريخ والجغرافيا ومواطن هشاشته وتناقضاته ومحاكاته مع الميثولوجيا ونصيب هذا الفكر وحظه من تاريخ وتراث وقصص الشعوب، ولا يعني أيضا أن المفكر "سامي لبيب" ساوم على مبادئه أو برر جرائم أُلبست الثوب المقدس لمعتنقي الديانات التي تدعو نفسها سماوية (الإبراهيمية)، ولكن لم تكن الغاية الانتقام، بل الحرية، مع أن المحاكمات التي أجراها "سامي لبيب" في سلسلته "حكمت المحكمة" لنصوص دينية وسير وتعاليم قد تبدو للوهلة الأولى انتقاما لما عاثته من تخريب وما ارتكبته من جرائم، ولكن التدقيق العميق والقراءة المتأنية لتلك المحاكمات ستكشف لنا أن تلك المحاكمات ما هي إلا استمرارية لجدلية أراد بها "سامي لبيب" تحرير الإنسان المتدين والغير متدين من نزعته الفردية الأحادية الجانب لأنه أوضح في تلك المحاكمات بأنه من العبث أن تحاكم أشخاص قضوا منذ مئات السنين، بل أوضح أن غايته فضح التراث الديني وكشفه وهذا ما أبدع فيه حقيقةً في سلسلته الرائعة "الدين عندما ينتهك إنسانيتنا".
..........................
يدرس "سامي لبيب" الظاهرة الدينية وما تفرضه من قوانين أثناء حركتها وانتشارها بعيدا عن التأثير العظيم الذي تفرضه على عقول الناس، لأن الظاهرة الدينية تخلق مجتمعا خارجا عن نطاق وعي الناس وتفكيرهم، فالإنسان يولد في مجتمع مفروض عليه لا دخل للإرادة الشخصية فيه.
إذاً وبما أن المجتمع سابق للإنسان زمانياً ومعرفياً فمن البديهي أن تكون لقوانين المجتمع أسبقية على العقل البشري. فأي جيل جديد يكون أشبه بوعاء فارغ تنسكب فيه عادات وأفكار ورؤى وقوانين وتصورات الجيل السابق لتتناسخ الأجيال عملية التفكير وتبقى تعيش في دائرتها المغلقة.
ومن هنا نقول أن "سامي لبيب" يدرس الظاهرة الدينية وتأثيرها على الفرد كشيء خارجي، أي هو يعمد إلى تشييء الأفكار والظواهر الدينية، وعندما تصبح الظاهرة شيئا عندها فإن هذا التشييئ يفرض كما يقول "هيجل": "تمثلا علميا للواقع الاجتماعي" لنرى بوضوح جلي المعنى الحقيقي للعلمانية التي يجعلها القلب المحرك الذي يسيّر أبحاثه ويوجهها.
يقول "سامي لبيب" إن كان الله عظيم فهذا معناه أن هناك من ينافسه في عظمته يساويه بالجوهر وبالطبيعة، أمّا إذا لم يوجد شيء بنفس طبيعة ومكونات الله وإذا كان الله متفرداً في هذه الصفة لوحده فهذا يجعله من عظمته لا معنى لها إن لم يكن هناك ما نقارن هذه العظمة، فماذا يعني أنك الفائز والرابح الأول في سباق لا يشترك فيه غيرك!! أو ما معنى أن تنال كأس العالم وأنت الفريق الوحيد المشارك في المونديال!!. ثم يتابع "سامي لبيب" في جدليته فيقول: إن كان الله يشغل حيزا من الفراغ فهو انتفاءٌ لمطلقه لأنه أصبح محدودا بحدود فيزيائية وهذا يناقض فكرة الذات الإلهية بأنها غير محدودة وإن كان الله غير محدود بحدود فيزيائية فهذا يجعلنا كبشر أجزاء من الذات الإلهية وهذا ما سيوافق عليه للوهلة الأولى الجميع ولكن المشكلة التي ستبرز هنا لو كان البشر جزئيات من الذات الإلهية هي ما الغاية من معاقبة أجزائه أو ترفيهها في فندق عشرة نجوم لمدة غير متناهية من الزمن.
والجدلية التي أتحدث عنها والتي يضعنا "سامي لبيب" في خضمها لا تكشف لنا عن تناقض نص مع نص ديني أو ما يعرف اكتشاف الناسخ والمنسوخ لأن هذه التناقضات هي من البديهيات التي سيكتشفها أي باحث يبدأ في الخوض في النصوص والأفكار الدينية بتجرد بعيدا عن الهالة المقدسة أو الحالة الإيمانية.
ولكن الجدلية التي أتحدث عنها والتي تتميز بها عقلية "سامي لبيب" هي استنباطنا لاستنتاجين متناقضين يمارس العقل في هذين الاستنتاجين رؤية تجعلنا نتملك التفكير في وجهين متناقضين، كأن نقود في نفس اللحظة سيارتين تسيران على نفس الطريق ولكن باتجاهين متعاكسين لتصدمان بعضهما.
وما يميز الجدلية عند "سامي لبيب" هي أنها (جدلية مادية) فالحياة برأيه هي "مجموعة هائلة من الصور والمشاهد نقوم بتجميعها وترتيبها أو حتى ببعثرتها لننتج الفكرة التي تعبر عن حاجاتنا ورغباتنا وحالتنا النفسية، وليس بالضرورة أن تكون الصور مُنظمة فنحن يمكن أن نلصقها مع بعضها بشكل خيالي لتعطينا مشهد نريده، المشكلة أن هناك من ثبت الصورة بكل ألوانها وخطوطها القديمة وأورثها" .
كتابات "سامي لبيب" تتناول الفكر الديني من جانب فلسفي يجبر العقل على التفكير لتشبعه بجانب سيكولوجي يتناول الإنسان نفسه وطريقة تحليله للأمور فيخرج النص النقدي بعمق فكري متكاملا مشبعا بالأفكار والصور والمشاهدات والرؤى مع ترك القارئ مهمة المتابعة والمعالجة الفكرية لما بعد قراءة النص.
قد تكون قراءتي لأبحاث "سامي لبيب" في هذه الدراسة التي قدمتها اليوم سريعة التقطتُ فيها بعض الصور للسلاسل النقدية وقد تكون هذه الدراسة ناقصة ولكن أن تكون سريعة وناقصة خير من ألا تكون موجودة، وفي الوقت القريب سأنتهي من إنجاز الدراسة السيكولوجية لأبحاثه.



#سامي_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر.. من يقود ثورتكم بحق السماء
- مصر.. هيجان شعبٍ مخدوع
- تونس.. أكذوبة اسمها الثورة العربية
- أيها الغرب.. لماذا تخاف المسلمين؟
- المتدين تحت المجهر (3).. دافع الانتماء
- الدين (1).. البحث عن الشر (1)
- المتدين تحت المجهر (2).. الدوافع (1)
- المتدين تحت المجهر (1).. الفكرة الثابتة والطريق الأوحد
- المتدين.. شخصية تتقاذفها الأمواج
- آليات الدفاع التي يلجأ إليها المتدين
- النظرية الآشورية والنظرية الآرامية.. نقاط ضعف وقوة
- لماذا تسحق المرأة
- أسئلة إلى الله (5).. اللا عدالة
- أسئلة إلى الله (4).. فاقد الشيء لا يعطيه
- أسئلة إلى الله (3).. العنصرية
- أسئلة إلى الله (2).. السادية
- أسئلة إلى الله (1).. الخلق
- سيميل.. مايزال النزيف مستمرا
- أيها الشرقي.. تعلم احترام الحضارة
- مصارعة الثيران (2).. تهجير المسيحي


المزيد.....




- قوات الاحتلال تداهم عدة منازل خلال اقتحام قربة حارس شمال غرب ...
- سلمى حايك تحضر إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام مع زوجها الذي ...
- بحضور زعماء العالم.. كاتدرائية نوتردام تعيد فتح أبوابها
- بعد 5 سنوات من الحريق المدمر.. إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردا ...
- مظاهرة حاشدة رفضا لحضور ترامب افتتاح كاتدرائية نوتردام بباري ...
- حضور المتبرعين في حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس
- كاتدرائية نوتردام تفتح أبوابها من جديد بعد خمس سنوات من الحر ...
- ردود أفعال الناس قبيل افتتاح كاتدرائية نوتردام في العاصمة ال ...
- حركة الجهاد الاسلامي: نبارك عملية الدهس قرب مخيم الفوار جنوب ...
- ماذا عن زيارة الكاردينال الماروني البطريرك بشارة الراعي إلى ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي ابراهيم - البعد الفلسفي والسيكولوجي في أبحاث سامي لبيب (1)