أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الرحمن تيشوري - المسارات السلبية في التجارب الدولية لاعادة الهيكلة الادارية















المزيد.....


المسارات السلبية في التجارب الدولية لاعادة الهيكلة الادارية


عبد الرحمن تيشوري

الحوار المتمدن-العدد: 3286 - 2011 / 2 / 23 - 10:01
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يمكن عرض الخلاصات والملامح العامة للمسارات السلبية التي شهدتها بعض الدول المتقدمة والنامية في مجال إعادة الهيكلة الإدارية في النقاط التالية :
- تعارض أو تناقض جهود ونتائج إعادة الهيكلة الإدارية مع مصالح بعض الجهات والمسئولين والموظفين الذي يرون عدم ملائمة الحلول أو البدائل المقترحة التي تم التوصل إليها ، إما لأنها تقلص من صلاحياتهم ، وتحد من سلطاتهم ، وتضع القيود على قراراتهم ، وإما أن لديهم توجهات و طروحات متباينة أو متضاربة مع التوصيات التطويرية النهائية . وأياً كان فإن برامج الهيكلة في عدد من الدول لم تتمكن من اجتياز مثل هذه العقبات مما أدى إلى إيقاف أو تأخر عمليات التطوير المطلوبة .
- مقاومة التغيير على شكل ردة فعل ، حيث أن الكثير من الأجهزة أو الوحدات التي أَلِفت التنظيم القديم أو الإجراءات المعتادة لفترة زمنية طويلة تجد صعوبة في اعتياد أساليب وإجراءات عمل جديدة .
- عدم اقتناع كثير من القيادات الإدارية في الجهاز الحكومي بجدوى جهود إعادة الهيكلة الإدارية ، خاصة في ظل التجارب السلبية السابقة في هذا المجال ، مما يجعلهم لا يخصصون الوقت والاهتمام الكافيين للنهوض بأعباء التطوير ، ويكتفون بإيكال المهمة إلى المستويات الإدارية الدنيا التي تفتقر إلى القدرة والصلاحية لاتخاذ القرارات والخطوات الضرورية لتنفيذ برامج وتوصيات اللجان المختصة بإعادة الهيكلة وعلاج المشكلات الإدارية التي تعاني منها الدوائر الحكومية .
- ضعف الاستقرار الإداري وكثرة التغييرات والتعديلات الوزارية المتلاحقة في العديد من الدول ، الأمر الذي لا يتيح بناء سياسة مستديمة تمكن من بناء البرامج بالاعتماد عليها وفقا للمنهج المؤسسي الذي يعتمد على البناء التراكمي عبر السنوات المتلاحقة ، حيث تبدأ كل إدارة وزارية جديدة بتوجهات وسياسات معينة قد لا تنسجم مع السياسات السابقة المتبعة و لا تلبث أن تتغير بتغير تلك الإدارة .
- غياب التوجه الاستراتيجي للتنمية الوطنية بشكل عام من أغلب خطط وبرامج إعادة الهيكلة الإدارية ، ذلك أن استراتيجيات التنمية ، وموجهات إعادة هيكلة الاقتصاد ، وإعادة تشكيل أدوار الدولة والجهاز الحكومي لم تتبلور أولوياتها وسياساتها وآليات عملها بشكل محدد وواضح بحيث يكون لها انعكاسات إيجابية على أداء الجهاز الحكومي ودوره وفعاليته في التنمية .
- يمثل نقص أو قصور الدعم السياسي اللازم لدفع جهود إعادة الهيكلة الإدارية بشكل قوي ونشيط وفعال قاسماً مشتركاً في الغالبية العظمى من تجارب الدول . صحيح أن هناك بعض الدول بدأت تتبنى في الآونة الأخيرة قضية إعادة الهيكلة الإدارية ضمن أولويات عمل الحكومة ، لكن يعيب هذا الاهتمام أن عملية تطوير الإدارة أو التنمية الإدارية ما زال ينظر لها باعتبارها من اختصاص الوزير المعني بها ، رغم عدم صواب هذا التصور . فتطوير وتحديث الإدارة لا يمكن أن ينجح إذا انحصرت المسؤولية عنه في نطاق وزير واحد ، بل إن نجاحه وفعاليته الحقيقية تأتي من أمرين أساسين :
الأمر الأول : هو حصوله على أعلى وأكبر دعم سياسي ممكن من حكومة الدولة ، ذلك أن هذا الدعم يعطي قوة دفع معنوية هائلة ، ويقلل ويذلل الكثير من المقاومة التي قد تتواجد وتعترض مسار وفعالية جهود إعادة الهيكلة الإدارية .
الأمر الثاني : أنه على مستوى الحكومة ككل ينبغي أن يكون كل وزير في موقعه وفي وزارته مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن تحقيق برنامج التطوير وإعادة الهيكلة في وزارته . أما الوزير المعني بتطوير الإدارة الوطنية أو التنمية الإدارية فهو يقوم فقط بدور فني داعم ومساند لعمل بقية الوزارات والأجهزة الحكومية ، ويقدم الخدمات التي تُعين هذه الأجهزة على مباشرة مسؤولياتها الرئيسية والأصيلة في تطوير أساليب عملها ونظم أدائها وتطوير الخدمات والبرامج التي تقدمها . هذا المنظور في حقيقة الأمر منظور غائب تقريباً في منظومة الإدارة الحكومية في العديد من الدول . والوضع في حاجة لمراجعة أنماط المسؤولية عن تطوير الإدارة الوطنية لكي توضع هذه المسؤولية في مناطها وفي موضعها الصحيح ، وأن تكون مسؤولية الحكومة في إطار من الدعم والمساندة السياسية ، وفي إطار من دور فني مساند وميسر وداعم لعمل الحكومة ككل يقوم به الجهاز المعنى بتطوير الإدارة الحكومية بقيادة الوزير المختص .
- أظهرت الشواهد أن كثيراً من تجارب إعادة الهيكلة الإدارية التي تمت في بعض الدول لازالت تدور في فلك تقليدي وتركز على إصلاح أو تطوير الهياكل ونظم العمل والأنشطة والإجراءات ، ولم يتوجه الاهتمام فيها بعد بشكل رئيسي لتبنّي مفهوم الأداء المؤسسي والنواتج النهائية لعمل الأجهزة الحكومية . هذه النواتج ليست محل قياس في الأجهزة الحكومية ، فالجهود التي تتم في عمليات تطوير الإدارة لا تقاس ولا تقيم فاعليتها من منظور التغير الحادث في أداء الأجهزة . التحسين في أداء الأجهزة أمر رئيسي ومفترض إلا أن التعامل معه لم يتم بعد بشكل مباشر وصريح ، ولا يخضع لقياس نظامي مؤسسي في إطار جهود إعادة الهيكلة . صحيح أن هناك بدايات ومحاولات اهتمام إلا أنه لم يتغلغل بعد بالصورة التي تمكن من إحداث نقلة نوعية كبيرة في أداء الجهاز الحكومي مثلما حدث في الدول التي تبنت منظور الأداء باعتباره موجهاً لعمليات التطوير وإعادة الهيكلة بالرغم من أن عملية إعادة الهيكلة الإدارية لها ارتباط وثيق بمنظومة ومعايير المساءلة التي يخضع لها الجهاز الحكومي ، إلا أن هذه المنظومة بآلياتها ومعاييرها لم تتطور وتتغير في الاتجاه الذي يعزز جهود التطوير بالشكل المطلوب . وبمعنى آخر كان التوافق والتلازم ضعيفاً أو غائباً بين مسارات إعادة الهيكلة وتطوير منظومة المساءلة الإدارية التي يخضع لها الجهاز الحكومي أمام الأجهزة الرقابية المختلفة .
- تركيز كثير من تجارب إعادة الهيكلة على المستويات التنفيذية للعمل الحكومي ولم تصل في عملياتها الإصلاحية والتطويرية بعد إلى البُنية العلوية للجهاز الإداري للدولة ..، مثل تقرير مدى الحاجة إلى إحداث أجهزة جديدة ، أو إلغاء أجهزة قائمة ، أو تعديل أدوارها ومستوياتها التنظيمية ، وكذلك الحال بالنسبة للوظائف القيادية ذات التأثير المباشر على صنع واتخاذ القرارات .
- هناك بُعد من أبعاد إعادة الهيكلة له خصوصية لم تتطرق إليها جهود التطوير بعد ، وهو المتعلق بالسياسات والبرامج الحكومية التي تمس أكثر من وزارة ، والتي تتداخل فيها جهود ، وممارسات ، وأنظمة عمل ، وعقبات ، تمس أداء أكثر من جهة حكومية ، ومثال هذا سياسات تنمية القوى البشرية ، وسياسات الاستثمار ، وسياسات تشجيع وتنمية القطاع الخاص ، وسياسات التصدير ، والسياسات المتعلقة بالتوظيف والعمالة . هذه السياسات بحكم طبيعتها لا يتعلق الاختصاص فيها بوزارة واحدة أو بجهاز واحد ، وإنما تتداخل فيها أداء وممارسات وأنشطة أجهزة عديدة . ويتطلب إصلاح هذا النوع من البرامج أو السياسات تضافر جهود أجهزة مختلفة ، ويتطلب نوعاً من الدراسات يخرج عن الدراسات التقليدية التي عادة ما تقوم بها أجهزة التطوير ، إذ يحتاج الأمر إلى اهتمام أكبر بنوعية التطوير الذي يمتد عبر أجهزة متعددة من حيث تقييم فاعلية الجهود التي تبذل في هذا الحقل والآثار التي تحققها .
- من الملاحظ أنه رغم تناول الكثير من برامج إعادة الهيكلة الإدارية في العديد من الدول لجوانب وعناصر عديدة ، من تطوير للهياكل التنظيمية ، وتبسيط للإجراءات ، وتطوير لنظم العمل واللوائح ، وتدريب للعاملين والقيادات الإدارية ، إلا أن هذه البرامج تفتقد القدر الكافي من التكامل والترابط بين العناصر المختلفة التي تحتويها . فمثلاً في مجال التدريب نجد أن التواصل بين جهود التدريب وبين متطلبات انتقال خبرات التدريب ومهاراته إلى حيز الممارسة غير موجود . ليس هذا فحسب بل إن برامج التدريب التي يتم تقديمها لا تنطلق ولا تنبثق من احتياجات محددة لتطوير أداء الوحدات والكيانات المؤسسية التي يعمل بها من يتم تدريبهم . وفي الكثير من الأحيان ، نجد أن برامج التدريب تتم دون توافر حماس ودافعية ورغبة كافية من المتدرب في أن ينمي قدراته ويستزيد من الخبرة ومن المعلومات ومن المهارة لكي يرفع من مستوى الأداء . وتحوّل التدريب في كثير من الأحيان إلى شبه روتين ، فعناصر وعوامل نجاحه غير متوفرة ، وغير مكتملة . وكذلك الحال فيما يتعلق بنظام المساءلة والتقييم ومعاييره ، حيث لا نجد في برامج إعادة الهيكلة قدراً كافياً من العناية والاهتمام بهذا العنصر على المستوى الفردي وعلى مستوى الوحدات التنظيمية . مثال آخر يتعلق بعدم تطرق أغلب حالات إعادة الهيكلة إلى تغيير أو تحويل أو تفعيل المناخ التنظيمي والثقافة المؤسسية السائدة ، التي تتمثل في القيم والاتجاهات والقناعات والممارسات والسلوكيات الشائعة في كل مؤسسة حكومية . المناخ السائد في أغلب المؤسسات مناخ معوق للتطوير ، ومعوق لجهود التغيير بصفة عامة . ولا توجد جهود نظامية فاعلة في برامج إعادة الهيكلة للتعامل مع هذا البُعد السلوكي والثقافي داخل الأجهزة الحكومية . والأخطر من هذا أن الجوانب النفسية والثقافية للعنصر البشري لا تلقى الاهتمام الكافي في جهود التطوير إلى الدرجة التي أصبح معها الجهاز الحكومي في العديد من الدول الساعية للتطوير لا يجتذب أفضل العناصر الموجودة في سوق العمل من الناحية النفسية والسلوكية ومن ناحية القدرات ، بل إنه لا يجتذب في الغالب إلا العناصر العادية وربما الأقل من العادية . فالتطوير الذي لا ينمي ويعبئ حماس ورغبة واهتمام العنصر البشري محكوم عليه بالإخفاق والفشل . ولذا فإن الحاجة ماسة إلى أن تعتني برامج إعادة الهيكلة بالمزيد من الاهتمام بكيفية تنمية وتفعيل الجوانب المتعلقة بالرغبة والانتماء والإبداع والابتكار والعمل الجماعي والإحساس بالمسؤولية الذاتية والرقابة الذاتية لدى العاملين ، بالشكل الذي يمكن من خلاله تحريك أداء الجهاز الحكومي لكي يكون داعماً للتنمية ، ولكي يكون له دور ريادي في تحسين أداء القطاعات والأجهزة التي يخدمها . ولن يتمكن الجهاز الحكومي من القيام بهذا الدور المأمول ما لم يمكن أداؤه وأداء العاملين فيه وأداء العنصر البشري العامل فيه في مستوى التميز الذي يعكسه الدور المنوط به .
- غياب عنصر الإصلاح المالي وإصلاح نظام الموازنة عن كثير من برامج إعادة الهيكلة سواء فيما يتعلق بأسلوب تخصيص الموارد ، أو آليات الخطط المالية (الموازنات)، أو آليات المساءلة على النفقات ونواتجها . ولا بد أن تُعنى عمليات إعادة الهيكلة بأساليب إدارة المال العام ، ومنظومة الموازنات العامة ، وجدوى التحول إلى موازنة الأداء ، باعتبار ذلك كله عنصراً أساسياً في تحسين الأداء الحكومي .
- ضعف اهتمام كثير من برامج إعادة الهيكلة بدراسة الجوانب المتعلقة باللامركزية الإدارية ، ونقل الصلاحيات للأجهزة والمستويات التنفيذية ، وتفعيل وتوسيع صلاحيات الوحدات والأجهزة المحلية . ولم يلق هذه الاتجاه بعد الدفع الكافي ضمن منظومة التحولات التي تشملها أو تتضمنها جهود إعادة الهيكلة الإدارية .
- ضعف اهتمام برامج إعادة الهيكلة بإعادة تشكيل أدوار ومعايير وأساليب عمل الأجهزة المركزية المعنية بالرقابة الإدارية والمالية والوظيفية . فهذه الأجهزة تلعب دوراً هاماً في فعاليات الأداء الإداري والمالي للجهاز إلا أن ما يعيبها بشكل كبير هو أن جُلّ اهتمامها يتركز على مراقبة تطبيق الأنظمة واللوائح والإجراءات ، ولكنها لا تراقب الأداء النهائي ، ولا تتابع الفاعلية والجدوى والناتج والجودة ، أي أنها ركزت على دورها التفتيشي وأهملت دورها التطويري . وعليه فلا مناص من أن تتضمن برامج إعادة الهيكلة توجهات وآليات تطويرية لأعمال ونشاطات هذه الأجهزة وبما يكفل تنشيط دورها في مجال الرقابة على الأداء وليس فقط درجة الالتزام بالأنظمة .
- الأهداف العامة لمشروع إعادة الهيكلة
العمل على إحداث نقلة تطويرية نوعية في إمكانات وتنظيم وحدات الجهاز الإداري الحكومي بما يحقق الكفاءة القصوى في الأداء لمواكبة المستجدات والتطورات في حقول التنمية المختلفة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي . وبصورة تفصيلية أكثر ، فإنه يمكن تحديد الأهداف العامة لمشروع إعادة الهيكلة على النحو التالي :
- تطوير تنظيمات الأجهزة العامة في أهدافها ووحداتها الإدارية ونشاطاتها الخدمية ، وإزالة ما بها من ازدواج أو تضارب أو غموض ، ومراعاة التناسب بين حجم المؤسسة العامة والمهام المناطة بها .
- تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين من قبل الأجهزة العامة ، عن طريق زيادة الفاعلية التنظيمية ، ورفع كفاءة أداء الأجهزة والموظفين العاملين فيها ، وتسهيل مسارات ونظم العمل المتبعة وتحسينها .
- زيادة درجات التوافق بين حجم الجهاز الإداري العام وبين متطلبات العمل وظروفه من جهة ، والتوجهات المستقبلية نحو أجهزة حكومية أقل عدداً وأكثر اختصاصاً وأفضل أداءً من جهة أخرى .
- تخفيض كلفة التشغيل للجهاز العام ، وتوجيه الوفر نحو زيادة الفاعلية والكفاءة .
- زيادة درجات التكامل مع القطاع الأهلي ، والانفتاح عليه ، وتشجيع دوره في التنمية الشاملة ، وتخصيص الممكن من النشاطات العامة أو إدارتها بالأسلوب التجاري .
- تعزيز المؤسسية والعمل الجماعي والتنسيق المشترك في الأجهزة والمؤسسات العامة ، وترسيخ مبدأ المساءلة لضمان الإنجاز المتميز .
- دراسة حجم الوظائف وأعداد الموظفين ومدى الحاجة إليهم ، مع التعزيز الإيجابي لاتجاهات الموظفين نحو الوظيفة العامة ، وتحفيزهم على زيادة الإنتاجية ، وتحسين نوعية أدائهم ، والاهتمام بتحديد مساراتهم الوظيفية والتدريبية بشكل يراعي التطورات المتلاحقة في ظروف وأدوات العمل المختلفة ، وكذلك وضع تصور واضح للوظائف التي تحتاج إليها المؤسسات ، والقدرات اللازمة لإشغالها ، ونوعية التدريب المناسب لها .
- تعزيز اللامركزية الإدارية على مستوى الأجهزة الرئيسية وفروعها ووحدات الإدارة المحلية ، مع تفويض الصلاحيات وتوزيع نشاطات واهتمامات الدولة بشكل إيجابي فاعل على مناطقها المختلفة بما يزيد من كفاءة وفاعلية الخدمات المقدمة على النطاق الإداري .
– جوانب التركيز في دراسات المشروع :
- الجانب التنظيمي : من حيث ملائمة الهيكل التنظيمي للمهام الأساسية والفرعية لكل جهاز ، وإزالة ما بين الأجهزة من ازدواج أو تداخل في الاختصاصات والنشاطات ، وتبسيط إجراءات العمل ، تسهيلاً لتقديم الخدمات بأيسر الطرق وأقلها كلفة وجهداً .
- الجانب المتعلق بأنظمة الموظفين : بغية تطوير بعض قواعدها بما يتفق والمتطلبات الحالية والمستقبلية للوظيفة العامة .
- الجانب المتعلق بالوظائف والموظفين : من حيث ملائمة توزيع الوظائف والقوى العاملة بين الأجهزة الحكومية بما يتوافق وحقيقة الاحتياج ، وإيجاد آلية لرفع كفاءة الموظفين وتحسين أدائهم .
- الجانب المالي : من حيث التقليل من المصروفات التشغيلية من خلال تحسين أداء الأجهزة الحكومية مما يدعم مخصصات المشاريع والبرامج التنموية ، وتحسين القائم من مختلف الخدمات .
ثالثاً – آفاق تطوير مستقبلية لمنظومة الجهاز الحكومي ( تعزيز فرص وعوامل النجاح ) :
إن التطور يقتضي حتماً إعادة هيكلة إدارية ، بحيث يسهل التخلص من الأجهزة الإدارية التي باتت تشكل عبئاً اقتصادياً من خلال تضخمها البيروقراطي وهدرها الاقتصادي ، وأحياناً بازدواجيتها التنظيمية مما يجعل تفكيكها وإعادة بنائها من جديد أمراً لازماً ، أخذاً في الاعتبار أيضاً أن مفهوم الخدمة العامة أصبح على نحو أو آخر في حالة تغير وإعادة صياغة مستمرة في ظل حتمية التخلي عن بعض المسئوليات الإدارية والخدمة إلى القطاع الأهلي ، يديرها حسب القوانين الاقتصادية المتطورة ، والظواهر الاجتماعية المتغيرة . وعليه ، فإن هناك مجموعة من القضايا الإدارية المُلحّة التي لا تزال تتطلب المزيد من البحث والتطوير والتفعيل ومضاعفة الاهتمام إذا ما أُريد لعمليات إعادة الهيكلة الإدارية أن تحقق ثمارها المرجوة ويمكن إبراز هذه القضايا في النقاط التالية :
- ضرورة وأهمية أن تتبنّى عمليات إعادة الهيكلة منهجاً تقويمياً ينطلق من الأداء المستهدف بالتحسين ، وينطلق من قياس نواتج ومخرجات الأجهزة الحكومية ، ويستند إلى أهداف أدائية محددة تخطط للوحدات الإدارية ، ويتم تقييم إنجاز هذه الوحدات من منظورها . إن الحاجة ماسة إلى الاهتمام التام بقياس الخدمات الحكومية من حيث كفاءة أداء الخدمة ، وجودة الخدمة المقدمة ، وفعالية التكلفة لمختلف البرامج والخدمات الحكومية . وفي غياب وجود مقياس حقيقي ( عملي ) تقاس به نواتج جهود التطوير وإعادة الهيكلة يصبح من الصعب الحكم على درجة النجاح المحرز .
- إن هذا يعني وجوب أن ترتبط جهود التطوير بأهداف أدائية محددة ، وبتحسين في مؤشرات أداء الأجهزة الحكومية ، وبنظام يقيس هذه الأهداف والفاعلية النهائية لعمل الأجهزة الحكومية . النقلة الكبيرة التي حدثت في إدارة الأجهزة الحكومية على مستوى بعض الدول المتقدمة ، تمثلت في الانتقال من المنهج التقليدي للإدارة الحكومية إلى منهج يقتبس الكثير من أساليب ونظم العمل المطبقة في القطاع الأهلي ، والتي منها الاهتمام بالعميل ، والاهتمام بالكلفة ، والاهتمام بالإنتاجية ، وإدارة العمل الحكومي بقدر كبير من الاستقلالية مع المحاسبة على الأداء النهائي ، وبتبنّي أنظمة للموازنة ، وللإدارة المالية ، ولإدارة الموارد بشكل عام تنبثق من وترتكز على الأداء المؤسسي للأجهزة الحكومية . هذا المنظور لم يتغلغل بعد في عمليات إعادة الهيكلة الجارية لجهاز الدولة .
- إعادة هيكلة عمل ومسئولية الأجهزة المركزية المعنية بالرقابة الإدارية والمالية والوظيفية وتوجيهه صوب الأداء النهائي بدلاً من مجرد التركيز الروتيني المحض على درجة التقيد بالأنظمة . إن الوضع الحالي لهذه الأجهزة أنها تراقب لوائح وإجراءات ونظم عمل ، ولكنها لا تراقب الأداء النهائي ، ولا تراقب وتتابع الفاعلية والجدوى والناتج والجودة . دورها التطويري محدود جداً ، وجُلّ تركيزها على دورها التفتيشي . النقلة في جهود إعادة الهيكلة الإدارية تتطلب أن يعاد تشكيل أدوار هذه الأجهزة بحيث تكون رقابتها رقابة أداء ، ورقابة نتائج تركز على الإنتاجية ، وعلى الأثر ، وعلى الفعالية ، وعلى الجدوى ، وعلى درجة الالتزام بضوابط ولوائح ذات صبغة عامة ، لأن المسئولية عن النتائج تتطلب إعطاء حرية للأجهزة بأن تتحرك بشكل أوسع وأكثر رحابة في مجال تطوير نظم عملها ، ووضع النظم الداخلية الخاصة بها . إن الدور التطويري لهذه الأجهزة يحتاج إلى المزيد من التفعيل والتعميق ، بحيث ينشط دورها في تقديم مقترحات تعين الأجهزة التنفيذية على النهوض بأدائها وعلى تحسين نظم وآليات عملها بالشكل الذي يحقق تنمية وتحسين الأداء النهائي للأجهزة الحكومية .
- ضرورة الاهتمام التام بإعادة هندسة الأداء بالأجهزة الإدارية والتخلي عن مسارات العمل البائدة ، والتفكير في أخرى جديدة ، عن طريق :
- تحرير الإدارة من المعوقات التي تحول دون تحقيق الأهداف الموضوعة ، ومنها المركزية الشديدة في اتخاذ القرارات ، وعدم التفويض في السلطات ، مع إعادة هيكلة البناء التنظيمي للوحدات الإدارية ، وتطوير الاختصاصات لتحقيق التنسيق بينها ، بمراعاة التحول الذي طرأ على دور الدولة في إطار تحرير العمل والإنتاج من القيود الإدارية المختلفة .
- تحقيق التوازن المنشود بين الأجهزة المركزية ممثلة في دواوين عموم الوزارات وبين وحدات الإدارة المحلية على المستوى اللامركزي ، ولدعم وتعميق اللامركزية في الأداء والتنفيذ .
- تحقيق التوافق بين اختصاصات الوحدات الإدارية والقضاء على (التشابك ، التداخل ، الازدواج ، التضارب ، الافتقار إلى التكامل) .
- وضع الأنماط التنظيمية المناسبة لوحدات الإدارة العامة المركزية والمحلية (مدن ، محافظات ، مراكز...) .
- تحديد الاختصاصات ذات الطبيعة التنفيذية للوزارات والتي ترتبط بالسياسات الاقتصادية ، ودراسة مدى إمكانية نقلها إلى وحدات الإدارة المحلية في المدن والمحافظات والمراكز الإدارية .
- تطوير نظم الحوافز في الوحدات الإدارة المختلفة بما يحقق الربط بين الحافز والأداء المتميز ، والتأكيد على مبدأ الحافز الفردي على الإنجاز ، مع زيادة الحوافز في مواقع العمل الإيرادية ، أو عند تحقيق وفورات في النفقات ، ولتوفير مصادر لتمويل الحوافز .
- بناء وتطوير الهياكل التنظيمية والوظيفية على النحو الذي يحقق التفاعل العضوي والوظيفي بين قطاعات التنمية ، وينسق الجهود ، ويرفع الأداء ، ويخفض التكاليف .
- بناء مسارات عملية شمولية تكاملية متجددة لتنمية موارد الثروة الوطنية ، وفتح آفاق أوسع وأرحب لممارسة النشاطات الاستثمارية ، والتصحيح المستمر للهيكل الإنتاجي بهدف تنويع مصادر الدخل والصادرات والإيرادات ، وإدراك خطورة الاعتماد على النفط كعنصر آحادي .
- إيجاد آليات عمل متطورة تكفل "التنسيق المتكامل" بين مخرجات المؤسسات التعليمية ومؤسسات إدارة التنمية .
- بلورة مفاهيم شاملة محددة وأساليب متجددة لعمليات "إعادة التأهيل" و"التدريب" بما يكفل صقل المهارات ، واستثمار الإمكانات ، وتعميق قيم العمل الحكومي .
- التركيز على إنماء وإثراء الخبرة الوطنية في امتلاك واستيعاب وتوطين التقنية اللازمة لضمان حسن أداء الأعمال والنشاطات والخدمات الحكومية .
- تحديث وتبسيط مجمل أنظمة العمل وأساليب تنفيذها بما يكفل تكيفها مع الوضع المعاصر ، ومراعاتها لعوامل المرونة والعدل والإنتاج والتحفيز .
- ضرورة وأهمية العمل من خلال منظومة إعادة الهيكلة على التحول من نظام الموازنة العامة التقليدية للأبواب والبنود – الذي يركز على عنصر النفقة دون الاهتمام بناتج الإنفاق – إلى موازنة الأداء والبرامج التي تركز على الناتج النهائي للموارد والمصروفات ، وتركز على مؤشرات الأداء ، وتقيس ناتج النفقة وتخلق آلية متجددة لتخصيص الموارد من منطلق النواتج والآثار المستهدفة من المخصصات المالية التي تتلقاها الأجهزة الحكومية .



#عبد_الرحمن_تيشوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على وقع ثورات الشباب العرب نؤكد على حل مشا كل الشباب لا سيما ...
- على وقع ثورات الشباب العرب نؤكد على حل مشاكل الشباب
- التغيرات الايجابية في تجارب اعادة الهيكلة الدولية
- نحن نريد أن ندخل التاريخ مع الذين قرأوا التاريخ جيداً واستطا ...
- اصبحت المعلوماتية من اهم معايير التقدم في عصر المجتمع المعلو ...
- بدل السياسيين القادمين من الاحزاب سياسيين منحدرين من الادارة ...
- المدير فرعون والمستشار لا يشار والمعاون لا يعاون وخريج الادا ...
- هل يتطور قطاع الاتصالات السوري بشكل كبيبر بعد احداث هيئة ناظ ...
- الرقابة الجديدة خرجت من المفهوم البوليسي الى مفهوم متعلق باغ ...
- الادارة سلوك اوافعال وليست احلام واقوال
- لا يوجد شئء مقدس سوى اسم الله وكل شيء يمكن مراجعته وتغييره و ...
- آن الاوان لتأسيس ادارة عامة احترافية مهنية رشيقة
- لانزال ورقيين نحرق مالنا ووقتنا واعصابنا
- اين خريجي معاهد الادارة العليا ؟ تحت امرة من هو ادنى منهم تأ ...
- نحن بامس الحاجة اليوم لانسنة المؤسسات الادارية لنتجنب ما حصل ...
- من اجل جامعات سورية مهنية احترافية تخدم التنمية والمجتمع
- اصلاح النصوص وحده لا يكفي لاحداث التطور بل يجب ان يرافقه اصل ...
- مجالات تجديد واصلاح الادارة الحكومية
- التعليم العالي والخطة الخمسية تخريج كوادر بلاعمل وبلا مستقبل
- كفاءات الدولة القديمة غير صالحة للادارة الحديثة العولمية


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الرحمن تيشوري - المسارات السلبية في التجارب الدولية لاعادة الهيكلة الادارية