أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - «الأزمة في الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها»















المزيد.....



«الأزمة في الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها»


قاسيون

الحوار المتمدن-العدد: 982 - 2004 / 10 / 10 - 10:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


السويداء ـ الندوة المركزية الثانية
«أوراق عمل توحيد الشيوعيين السوريين»

أقامت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين الندوة المركزية الثانية في مدينة السويداء يوم 26/9/2003 في مضافة الرفيق الشيوعي المعروف «معروف أبو الدهن» حول إحدى أوراق العمل المطروحة للنقاش العام، وهي «الأزمة في الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها».
حضر الندوة جمهور كبير تجاوز عدده المئتي شخص من مختلف المحافظات السورية يمثلون الطيف الشيوعي بمختلف ألوانه....
أدار الندوة الرفيق د. نعمان أبو فخر وقُدمت في الندوة خمس مداخلات أساسية من الرفاق: (سلطان قنطار، فيصل خير بيك، فرج أبو فخر، منصور أتاسي، د. قدري جميل)، وقد داخل حول موضوع الندوة الرفاق: نايف قيسية (السويداء)، سلمان سليم (السويداء)، علي أبازيد (درعا)، حسن رضوان (السويداء)، يمن قره (درعا)، عصام حوج (الجزيرة)، سعيد السغبيني (السويداء)، سليم اليوسف(حلب)، أديب العيد(السويداء)، محمد الأحمد (دمشق)،مجيد الحسين (السويداء)، إيمان ذياب (الجزيرة)، ماهر حجار (حلب)، نبيل عكام (دمشق)، علي خلف (السويداء)، بلشة العقباني (السويداء)،عبد الكريم عاصي (حمص)، مهند أبو الحسن (السويداء)، حمزة منذر (ريف دمشق)، نديم علي (اللاذقية)، رشيد الأشقر (السويداء)، حبيب الضعضي (دمشق).
وننشر فيما يلي الوقائع الكاملة للندوة:

كلمة الترحيب
عريف الحفل: د. نعمان أبو فخر
الرفاق الضيوف، الرفيقات والرفاق الأعزاء... اسمحوا لي باسم لجنة المبادرة لوحدة الشيوعيين السوريين في محافظة السويداء، بأن أرحب بالرفاق الضيوف وبجميع الحضور، شاكراً لكم هذا الحماس في تلبية الدعوة لهذه الندوة، التي تقيمها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، والتي تأتي في سياق الندوات المركزية بالترتيب الثاني بعد ندوة دمشق التي كانت حول موضوع المرجعية الفكرية. هذه الندوة تتناول مسألة هامة جداً وهي «أزمة الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها».
يداخل في هذه الندوة رفاق من أبناء الحزب الشيوعي السوري بمختلف فصائلهم عاشوا همومه، أزماته وانتصاراته، ولهم تجربة كبيرة في هذا المجال،آملين أن يكون النقاش والحوار ونتيجة الندوة خطوة إلى الأمام على طريق وحدة الشيوعيين السوريين.
في البدء صاحب البيت الرفيق أبو مجد معروف أبو الدهن يرغب في الترحيب بالحضور، وهذا البيت معروف بتاريخه كبيت شيوعي، ونحن أطلقنا عليه من خلال حركتنا «بيت وحدة الشيوعيين السوريين».

كلمة صاحب البيت:
معروف أبو الدهن
أيها الضيوف والأصدقاء والرفاق، إن هذا البيت مكتب وملتقى الشيوعيين في محافظة السويداء منذ عام 1951 وسيبقى هكذا مادمت حياً، فمنذ خمسين عاماً احتفل الشيوعيون في هذا المكان، حيث أنتم الآن بعيد الأول من أيار عيد العمال العالمي، وهانحن الآن نلتقي من جميع أنحاء البلاد للهدف النبيل وهو: تعميق الحوار الرفاقي الجاد على طريق وحدة الشيوعيين السوريين من تحت إلى فوق، في حزب شيوعي سوري واحد يؤدي دوره التاريخي والوظيفي في حياة البلاد، والدفاع عن الوطن وعن لقمة الشعب، والدفاع عن كرامة الوطن والمواطن.
وشكراً لكم جميعاً، وأهلاً وسهلاً بكم.

مداخلة سلطان قنطار
(عضو اللجنة المنطقية في السويداء «النور»)
أيتها الرفيقات والرفاق: يسرني أن أكون من بين المكلفين بإلقاء مداخلة في هذا اللقاء الهام الذي يناقش أزمة الحزب الشيوعي السوري وسبل الخلاص منها.
لقد تأسس الحزب الشيوعي السوري اللبناني عام 1924، فكان مشروعاً أثار في البيئة المحيطة الاستغراب والاستهجان لأن مؤسسيه طرحوا هدفاً كبيراً جداً وبعيداً عن متناول ذلك المحيط. رواد لا يكتفون بالتفكير في الساحة الوطنية والقومية كي تنال استقلالاً ناجزاً، وسيادة غير منقوصة، وكرامة لكل مواطنيها، وإنما أيضاً يفكرون في ساحات الوطن والأمة كأجزاء مترابطة مع النضال العالمي الأممي الشامل في سبيل الحرية لكل بني البشر، ومحو أي استغلال بين إنسان وإنسان.
ومن نظرتهم إلى أن لكل زمان دولة ورجالاً، اعتبروا رسالة الشيوعية متممة لكل رسالة إنسانية سابقة، وفهموا أن ماركس شخصية عبقرية لم تدّع الألوهية، ولكنها فكرت بطريقة تجعل الإسقاطات التي أسقطتها البشرية على الآلهة وعلى مر التاريخ مشروعاً إنسانياً، وليس إلهياً، وفتشت عن جماعة إنسانية تنسجم مبادئها مع مصالحها الشخصية ومع المصلحة العامة، جماعة ترى أن تحرير نفسها مرتبط بتحرير المجتمع بأسره، وسلاحها الرئيسي الفكر والتنظيم. فبالفكر كشفت الماركسية كل التناقض السابق بين القول والعمل، وطلبت التفتيش عن أسبابه الأساسية في الواقع وليس في السماء، وأوضحت التضليل الذي رافق التعصب الديني والتعصب القومي، ودعت للتحرر الفعلي من الصنمية، سواء أكان مترافقاً مع مظاهر العبادة الخرافية للأشخاص أو مترافقاً مع مظاهر الأوهام حول عبادة الأفكار.
ومن هنا جاءت مهمة تأسيس نظام يلغي أسس الاستغلال في البناء التحتي وأولها الملكية الخاصة، نظام يعيد الحقوق إلى أصحابها والذين هم سائر البشر فعملية الاستغلال واحدة وليس لها قومية ولا دين.
نعم لقد رفع مؤسسو الحزب الشيوعي السوري راية النضال في سبيل الحرية ومحو الاستغلال، والآن وبعد ما يقرب من ثمانين عاماً، ورغم كل التغيرات والانهيارات، ومسيرة الانتصارات الكبرى والهزائم الكبرى تبقى المهمة مطروحة، والراية تجد من يحملها.
إن وحدة الشيوعيين، تعني ـ كما أرى ـ أول ما تعني توحيد المواقف والجهود العملية لكل الذين مازالت تجذبهم هذه الراية مهما كانت شدة هذا الجذب قوة أو ضعفاً، ومهما كان موقعهم التنظيمي الآن، ضمن التنظيمات المعروفة، أو خارج هذه التنظيمات. ولعل من المفيد هنا الإشارة إلى مقال الأستاذ حسين العودات الذي نشرته «النور» في عددها رقم 119 تاريخ 17/9/2003 بعنوان «وحدة الشيوعيين» إن وحدة ناجحة وفعالة للشيوعيين إنما هي قوة مؤثرة في نسيج الوحدة الوطنية تحصيناً ومنعة، ينعكس بدوره على التضامن القومي نهوضاً وتراصاً وصموداً. وطريقة التفكير هذه ليست خاصة بنا نحن الشيوعيين وإنما هي عامة من وجهة النظر المنطقية ومن وجهة النظر العملية، ويبقى الشرف للمطبقين عملياً، فالحقيقة تفرض نفسها.
إني كواحد من دعاة وحدة الشيوعيين السوريين، أدعو لها اليوم أكثر من أي وقت مضى، وأرى أن المبررات التي قُدمت لأي انقسام حصل في الحزب ليست مقنعة، أمام قليل من التدقيق والتمعن. وأن الخلافات كان بالإمكان حلها بالصبر وبالإحساس العالي بالمسؤولية وبالترفع عن الصغائر. فمدّعو حملة التفكير الديالكتيكي يفترض أن يفهموا قبل غيرهم التنوع في الوحدة، فاللحن السيمفوني الواحد تصنعه آلات موسيقية متعددة، واللون الأبيض يحلله الطيف إلى ألوان رئيسية متعددة وتدرج في الألوان، وليس الفهم وحسب وإنما الالتزام بما تم فهمه والسلوك حسب ذاك الفهم وحسب.
كما أن منطق الديالكتيك ينطلق أساساً من المضامين، أما الذي ساد في جو الانقسامات فكان مماحكات في جدالات لا تنتهي حول تفسير الألفاظ والتزمت والمترسة خلف الفهم الميتافيزيقي والشكلي والأحكام المسبقة، وكانت هذه ترفع جبالاً من الأوهام عن وجود خلافات.
إن الخلاص يكمن في اعتماد النية الصادقة بممارسة النقد والنقد الذاتي بنزاهة وتواضع ومبدئية بما يمليه السير القويم نحو هدفنا العظيم في الحرية ومحو الاستغلال.
إن رايتنا تقدمية، واعتمادها الأساسي على الحاضر والمستقبل على قوى الحاضر والمستقبل، مستفيدة من دروس الماضي بموضوعية غير متأثرة بالبكاء على الأطلال ولا بالاكتفاء بأمجاد الماضي، غير متلذذة بجلد الذات. ولامتباهية بالتبريرات المفتعلة والمضللة.
ومن هنا ينصب تركيزي في موضوع اليوم على سبل الخلاص، مستعيناً بحكمة الفكر البشري مثل إشعال شمعة خير من لعن الظلام، نريد أكل العنب وليس قتل الناطور، صاحب البيت أدرى بالذي فيه، من كان بيته من زجاج عليه ألا يرمي الآخرين بالحجارة، قل لي من يعظمك أقل لك فيم تضل السبيل، اختلاف الرأي لا يفسد الود بين العقلاء…إلخ
وأول ما يتبادر للذهن هو مهمة التخلص من أي راسب من رواسب الذاتية المفرطة والغرور، والتخلص من عقلية الوصاية، والضامن الأول للنجاح في هذه المهمة هو الحوار المتكافئ والشفاف، وفي أجواء مثل هذا الحوار سينمو الأمل بالتغلب على سائر الأمراض، ويتوفر المناخ الذي تستعاد فيه العلاقات الرفاقية التي افتقدت خلال الانقسامات حسبما ذكرت ورقة العمل.
إن إثارة المناقشة والحوار هي فضيلة لأوراق العمل، وللمجتهد أجر حتى ولو أخطأ، ويُنشر في «قاسيون» آراء ناقدة هامة وأنا أتقاطع مع بعضها ومنها عدم الوقوع بغلبة النزعة الدعائية كما أتحفظ على طريقة المعالجة التي توحي بأن صاحبها يرفع نفسه من بين الصفوف وينتقد هذه الصفوف، فأنا أطلب أن يقترن النقد بالنقد الذاتي وأن يذكر كل مسؤوليته مهما كانت درجتها عند تحميل الآخرين المسؤولية، وبشكل محدد وملموس، بعيداً عن العموميات، وعنما يصعب الاتفاق عليه.
وكذلك عند الحديث عن انهيار الاتحاد السوفييتي، لايمكن إغفال موازين القوى، ولادور قيادات الدول الاشتراكية السابقة، وحركة التحرر الوطني والحركة العمالية، ولا أقبل ببساطة تبرير ضعف مبادرة أي منهم بأن يلقيها على السوفييت، فعندما تحرك ثوار كوبا لم يكن ذلك بطلب من السوفييت، وكان كاسترو يكرر قوله: سيبرئني التاريخ.
ولعل نجاح الإمبريالية مع «السادات» و«غِيرك» وأضرابهما من الانتهازيين في صفوف العملية الثورية أسهم في سرعة نجاحهم مع يلتسين وشيفردنادزه وغورباتشوف.
لقد كانت الدعاية الإمبريالية خلال الحرب الباردة منَّصبة على العداء للسوفييت وبلد ثورة أكتوبر العظمى، وكان الجواب المناسب على هذه الدعاية في ظل اختلال ميزان القوى ليس الرد بالمدح، وإنما بالقيام بالثورات وتلبية نداء غيفارا لأكثر من فيتنام. فما بالك بالذين كانوا عالة على الاتحاد السوفييتي يكيلون له المديح من جهة ويساهمون في تقوية خصومه عن حسن نية أو سوئها من ناحية أخرى.
إن ما يسمى بالتيار الأصولي لم يكن له أثر قبل السبعينات في سائر بلدان حركة التحرر الوطني العربية على سبيل المثال، لكنه نما وترعرع مترافقاً مع نمو بورجوازيات بيروقراطية وطفيلية في هذه البلدان، وكان نمو هذين التيارين معاً يستجيب للطريقة السياسية المعتمدة لدى رأس الحربة الإمبريالية في الولايات المتحدة الأمريكية. ويحضرني قول لأحد رجالات الثورة الجزائرية، حسين آيت أحمد، كان يكرره في التسعينات: «لست مع دولة أصولية وبنفس الوقت لست مع دولة بوليسية، وإنما مع نظام ديمقراطي».
وأريد أن أذكر هنا بأن كثيراً من الدول العربية عرفت النظام السياسي الديمقراطي مباشرة بعد استقلالها، ومنها بلادنا سورية، كما أذكر بموضوعة ماركسية تشير إلى أن النضال في سبيل الديمقراطية جزء لا يتجزأ من النضال في سبيل الاشتراكية، وتبين هذه الموضوعة الترابط الديالكتيكي بين الديمقراطية والاشتراكية.
ولكن الغريب أن بعض الرفاق يقيمون سور الصين بين الديمقراطية والاشتراكية بفهم ميتافيزيقي جامد وبنظرة أحادية ضيقة، فيشنون هجوماً على الديمقراطية باسم الاشتراكية، فإذ بهم يفضحون أنفسهم كمدافعين سيئين عن ماركس والماركسية وعن لينين واللينينية، ومهاجمين دونكشوتيين على ما يفترضونهم العدو الأول.
صحيح إن ماركس ينتقد الديمقراطية البرجوازية، وينتقد اعتبار المجتمع المدني في النظام البرجوازي نهاية التاريخ، ولكن ماركس لا ينتقد الديمقراطية بشكل عام، وعندما صاغ مصطلح ديكتاتورية البروليتاريا، فقد صاغه وفق الفهم الديالكتيكي والمادية التاريخية ليعني النضال في سبيل إقامة الصرح الواقعي لأعلى درجات الديمقراطية وأرقى مستويات المجتمع المدني.
إننا نحن الشيوعيين مشتركون مع أي نضال ديمقراطي، ولسنا حمقى لكي نقدم صورة وكأننا ندافع عن الاستبداد أمام ثنائيات المنطق الصوري رغم أننا مزودون بسلاح الديالكتيك الحي. وأن نبدو كما قال الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
أيتها الرفيقات أيها الرفاق:
لقد جرت انقسامات الحزب الشيوعي السوري يعد السبعين من القرن الماضي، واليوم فإني أرى أن النضال في سبيل وحدة الشيوعيين ينسجم مع النضال في سبيل وحدة الوطنيين والتقدميين ضد الفساد والقوانين الاستثنائية والإفراج عن معتقلي الرأي وفي مقدمتهم الدكتور عارف دليلة وفي صدور قانون للأحزاب، و في سبيل قضاء نزيه، وسيادة القانون على الحاكم والمحكوم وفي سبيل العيش الكريم للجميع.
ألا يجمع على هذه القضايا وما يرتبط بها في المجال الداخلي كل وطني حقيقي وتقدمي شيوعي أو غير شيوعي؟ وألا تلاحظون أنها تتصدر صحف الشيوعيين ومطبوعاتهم داخل الجبهة وخارجها؟
ألا يصلح تنظيم الجهود العملية حول مثل هذه المطالب لأن يكون نقطة التقاء للشيوعيين على طريق وحدتهم؟ أم سنبرر يأسنا من الوحدة بسرعة اللجوء إلى الطريقة التصفوية إزاء القلة، وبإثارة نقاشات عقيمة ومماحكات حقيرة إذا اقتنع أصحابها بجدواها فهي تكشف عن فقر حالتهم وبؤس مصيرنا على أيديهم؟
وإذ تطرح ورقة العمل مناقشة غياب الديمقراطية من الحزب والمؤتمرات ودور المؤامرات الخارجية أؤكد بأن أية نقطة ضعيفة عن المستوى المطلوب حسب العصر في البناء الحزبي وفي الوضع الداخلي هي بؤرة مواتية لجراثيم الإمبريالية والصهيونية القاتلة. وأرى أن المطلوب رؤية شاملة تدرك ترابط القضايا وتكاملها بين الخاص والعام، بين الداخلي والخارجي، بين الديمقراطية والالتزام بما تقره وتنفيذه.
أيتها الرفيقات أيها الرفاق:
تنتهي الندوة ولاينتهي الحوار، وينتهي وقت المداخلة ولايستطيع صاحبها أن يعرض كل ما يخطر بباله من أفكار. آمل النجاح لعملنا وأشكر إصغاءكم.
كلمة فيصل خير بيك ـ اللاذقية
(عضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين) الرفاق الأعزاء ـ أيها الحفل الكريم..
نستعرض اليوم قضية الأزمة في الحزب الشيوعي السوري لا لمجرد السرد التاريخي ولا للتشفي وليس كذلك لمجرد النقد. وإنما نستعرض هذه المرحلة من تاريخ حزبنا لنسلط الضوء على بعض الأخطاء التي ارتكبت خلال مسيرة هذا الحزب والممارسات غير الصحيحة التي أدت إلى ما نحن فيه من تشتت وضياع بعد أن كان حزبنا طليعة نضالية منظمة نعتد بفكرها ونضالها ووحدتها ونفخر بالتصاقها بالجماهير من خلال همومها وقيادة النضال المطلبي لتحقيق أهداف هذه الجماهير أولا.ً ولنستفيد من هذه التجربة وما نتج عنها من أجل إعادة النظر في السياسة، والمواقف المستقبلية لحزب شيوعي موحد من طراز جديد ثانياً.
أيها الرفاق والأصدقاء:
إن أزمة الحزب التي نحن بصدد استعراضها ومناقشتها الآن للخروج بنتائج إيجابية لها أبعاد سياسية وفكرية وتنظيمية.
فكلنا نعلم بأن الحزب الشيوعي السوري نشأ وشب في ظل محنة بلادنا وتحت وطأة الاستعمار الفرنسي الغاشم، فتبنى شعارات التحرير ودعم المقاومة وقدم الشهداء، جنباً إلى جنب مع كل الوطنيين والشرفاء في هذا البلد حتى تحقق الجلاء في أواسط الأربعينات من القرن الماضي. وبدأت مرحلة الاستقلال وبناء الدولة الجديدة، وقد ترك نضاله بصمات إيجابية لا تنسى في تاريخ سورية، كما كان لمواقفه في نصرة قضايا الطبقة العاملة والفلاحين أثر رائع وكان الشارع آنذاك ملكاً للوطنيين والتقدميين والشيوعيين. وظل الأمر كذلك حتى أواخر الخمسينات من القرن الماضي حيث ضُرب الأساس الديمقراطي الذي كان سائداً آنذاك، وفُرض حل الأحزاب، وحل محلها سلطة الحزب الواحد وزُج بالمئات من الشخصيات السياسية في السجون وأغلقت الصحف الحرة…إلخ وبدأ تراجع الحزب الشيوعي عن مواقعه الرئيسية وتباينت المواقف…
وهنا يحضرنا مجموعة من تساؤلات مشروعة:
1. هل كان موقف حزبنا من عدم الحل صحيحاً؟
2. هل كان موقف حزبنا من الوحدة السورية المصرية صحيحاً؟
3. هل كان خروج بعض قادة الحزب إلى خارج سورية عملاً مقبولاً؟
4. ماهو الموقف الذي كان يجب اتخاذه للخروج من هذا المأزق؟
5. هل كان موقف الاتحاد السوفييتي آنذاك بدعم الحركات القومية على حساب نصرة الشيوعيين في بلدانها صحيحاً؟
6. هل كان الاتحاد السوفييتي على حق في دعوته لتقسيم فلسطين؟
كل هذه الأسئلة وأسئلة كثيرة غيرها ظلت تراود أذهان الرفاق والأصدقاء طيلة العقود الأربعة الماضية بعد أن القت أزمة فترة الوحدة والفترة التي تلتها في أوائل الستينات من القرن الماضي بثقلها على قيادة حزبنا وقواعده آنذاك.
وتعددت الآراء والمواقف مما أدى إلى بروز تيارات مختلفة داخل هذه القيادة عززها وعمقها غياب المؤتمرات الحزبية لفترة طويلة نسبياً من الزمن.
هذا من الناحية السياسية، أما من الناحية الفكرية فقد قصّر الحزب في صياغة أسلوب للتعاطي مع المسألة القومية وفهمها فهماً عميقاً، وهي التي كانت في أوج صعودها وتمتلك الرصيد الجماهيري الأكبر، رغم أن هذه النزعة كانت تغلب عليها الناحية العاطفية أكثر من الناحية العلمانية.
فانكفأ الحزب وتراجع عن الساحة تدريجياً وأخذ موقف الدفاع عن النفس في الوقت الذي بدأ فيه التيار القومي الحاكم بالهجوم على سياسة الحزب الشيوعي وعلى فكره وساهم في تشويه الفكر الماركسي في مؤلفاته وخاصة التي كانت تدرّس في المدارس وإظهاره أمام النشئ الجديد الذي هو الرافد الأساسي لجماهير الحزب، بأنه فكر مستورد لا يصلح في بلدنا، وأن الشيوعيين عملاء لموسكو وأنهم يؤيدون الصهيونية بقبولهم فكرة تقسيم فلسطين والدفاع عن هجرة اليهود من المعسكر الاشتراكي إلى فلسطين وأن الشيوعيين يريدون نقل التجربة الروسية حرفياً إلى بلادنا دون مراعاة للناحية القومية.
كما ساهم إلى جانب ذلك التيار الديني في تشويه نظرة الشيوعية إلى الدين في أذهان الجماهير بشكل فظ وظالم ساعدهم في ذلك دعم مباشر وغير مباشر من الإمبريالية والصهيونية وأعوانهما في الداخل، فالتقى بذلك التيار القومي والتيار الديني في الهجوم على الفكر الماركسي مما أدى إلى ظهور انقسامات في صفوف الحزب، باركها وأيدها القائمون على فعالية السلطة آنذاك بهدف إضعاف الحزب تنظيمياُ وجماهيرياُ ومنعه من تحقيق أهدافه ومراميه الطموحة الخيرّة.
ولم تحسن قيادة الحزب الشيوعي آنذاك الخروج من الدوامة التي وُضعت فيها نتيجة فشلها في قراءة الواقع السوري قراءة منهجية صحيحة من الناحية الطبقية والناحية القومية.
وزاد الطين بلة موقف الحزب الذي تبنى فكرة التطور اللارأسمالي، وهادن شرائح وممثلي رأس المال المالي والاقتصاد السلعي المنتشرة في ربوع الوطن العربي، ولم تنتبه إلى أنها طلائع الاحتكارات الرأسمالية الأجنبية حيث بدأت هذه تنمو وتكبر وتتسع في ظل هذه المهادنة المحلية والإقليمية والدولية حتى غدت المواقف السياسية والقرارات المتخذة من بعض الأحزاب والفصائل القومية تجاه الصهيونية والإمبريالية وعملائها ودعمها للمقاومة أقوى وأشد تأثيراً في أوساط الجماهير، من قرارات حزبنا الشيوعي السوري، وبدأت الجماهير تفقد ثقتها بالحزب شيئاً فشيئاً وخاصة بعد أن استسلم للمغريات المقدمة له من السلطة وغرقت قيادات الفصائل المتناحرة في جني ثمار المكاسب والامتيازات المقدمة لها.
كل هذا أدى إلى زيادة الشرخ بين قيادات هذه الفصائل وقواعدها وأخذ يكيل بعضها التهم للبعض الآخر، باتهام كل فصيل لخصمه بأنه سبب الأزمات المتتالية في الحزب.
أما من الناحية التنظيمية فقد كتبت صحيفة «قاسيون» بحثاً مفصلاً في عددها رقم 204 الصادر بتاريخ 4/9/2003 بعنوان: «بعض الظواهر السلبية التي أدت إلى الأزمة في الحزب الشيوعي السوري» تحدث فيها عن الأسباب التنظيمية التي أثرت سلباً في مسيرة الحزب وهذا يكفي.. ولا حاجة بنا لاستعراضها الآن.
إن كل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى ما نحن فيه من فرقة و اختلاف في الرأي.
أسلوب الخروج من الأزمة:
أيها الحفل الكريم: إن دعوة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين للحوار مع جميع الفصائل الشيوعية (قواعد وقيادات وكوادر) داخل التنظيمات وخارجها للوصول إلى قاسم مشترك لهو حقاً المفتاح للوصول إلى حزب شيوعي موحد من طراز جديد ينطلق من مبادئ الماركسية اللينينية الصحيحة وقوانينها التي لا تُدحض بعد، ولم يطرح حتى الآن على الساحة العالمية ما يثبت عدم صحتها مع الإقرار بأن هناك نظريات أو فرضيات يمكن أن تتبدل حسب الظروف الموضوعية والذاتية إذ إننا لانعتبر التعاليم الماركسية اللينينية كتاباً مقدساً لا يأتيه الباطل من خلفه أو من قدامه.
كما يتبنى الدفاع عن مصالح الجماهير الكادحة، وهذا يمهد السبيل للوصول إلى الوحدة الوطنية المنشودة في ظل ديمقراطية شعبية مقوننة، وهذا هدف لن نحيد عنه، وسنظل نناضل جنباً إلى جنب مع جميع فئات الشعب الوطنية والديمقراطية من أجل مستقبل زاهر لشعبنا، على أن يكون الشارع هو ميداننا وملتقانا، والنضال المطلبي هو المعبر الحقيقي عن رأينا جميعاً. كل هذا بهدف استعادة ثقة الجماهير الشعبية بنا.
كفانا خطباً وتصريحات، وكفانا وعوداً لاتتحقق!
إن الجماهير الشعبية لم تعد تثق بالأحزاب السياسية الموجودة على الساحة المحلية ولا بوعودها وهي تعتبرها مواليد مشوهة لحقبة زمنية مضت… إننا اليوم بحاجة للكثير من الدراسة للاطلاع على تجارب الأمم الراقية والإفادة منها، كما يجب أن نكون امتداداً طبيعياً وديالكتيكياً لقوى الشعوب المناهضة والمعادية للإمبريالية والصهيونية وقوى العولمة المتوحشة وقد شاهدنا آخر جولة لها في مقارعة العولمة في مدينة «كنكون» البرازيلية ولن تكون الجولة الأخيرة.
أيها الرفاق والأصدقاء: يجب أن لاننسى مناضلينا الشجعان الذين برزوا خلال الفترات الماضية... فقد أفرز النضال الحزبي مجموعة من هؤلاء الرفاق الرموز الذين غصت بهم مدن البلاد وقراها، لهم مواصفات مميزة من الاستقامة والنزاهة ونظافة اليد، اصبحوا بنظر أبناء الشعب مضرب الأمثال والقدوة الحسنة الذين يشار إليهم بالبنان.
هؤلاء الرفاق الرموز منهم من عايش التنظيم منذ عقود عديدة ومازال ضمن أحد الفصائل يتابع مسيرته النبيلة، ومنهم من عزف عن متابعة المسيرة التنظيمية لأسباب لا تخفى على الكثيرين وهم مازالوا يحتفظون بقيمهم ومفاهيمهم الماركسية الصحيحة.
إن هؤلاء الرفاق قد أعطوا الحزب والفكر الاشتراكي العلمي السمعة الطيبة والذكر الحسن، وقد أطلق عليهم من قبل ذوي الثراء القديم أو المحدث لقب «دراويش» وفي بعض الأحيان «أغبياء» بداعي أنهم لم يستطيعوا التأقلم مع الوضاع الراهنة ويطوروا ثرواتهم حسب القاعدة الفقهية التي تعتمدها الفئتان المستغِلتان في المجتمع: البرجوازية البيروقراطية والبرجوازية الطفيلية (حلال عالشاطر).
وإلى أمثال هؤلاء يجب أن نتوجه: أولاً بالشكر والعرفان بالجميل، لأنهم خدموا ويخدمون الحزب دون أن يدعوا له علانية. فسلوكهم الاجتماعي النقي هو أكبر دعاية للشيوعية وللشيوعيين اينما وجدوا.
وثانياً: محاولة استقطابهم والعودة بهم إلى التنظيم (إن رغبوا في ذلك) ليكونوا مثلاً يحتذى في السلوك والتربية الشيوعية والصمود أمام مغريات قوى السوق والسوء.
فهم عاشوا ويعيشون لأنفسهم ولشعبهم ولمبادئهم وللأجيال القادمة من الوطنيين والتقدميين الشرفاء.
وبالمقابل فقد صادف ويصادف العمل التنظيمي الكثير من العثرات والمطبات التي أدت وتؤدي إلى تشويه سمعة التنظيم وتسبب ابتعاد الجماهير والكثير من الرفاق عنه بسبب وجود أفراد متسللين ومتسلقين يدخلون التنظيم لأهداف وغايات متعددة غير شريفة يبتغون منها مصلحتهم الخاصة لا مصلحة الوطن والشعب والحزب منها:
1. محاولة الوصول إلى مراكز القرار في قيادة الحزب للاستفادة مادياً ومعنوياً محاولين التشبث بمراكزهم باستخدام أساليب ملتوية باتت معروفة لا تخفى على أحد.
2. محاولة الانتساب إلى التنظيم من قبل بعض الانتهازيين والملوثين بغية تغطية عيوبهم الاجتماعية والظهور إلى العلن بجلباب أبيض نقي ومتابعة سلوكهم السيئ تحت ستار الانتماء الحزبي الذي أعطاهم ويعيطهم شهادة حسن سلوك أمام الغير، دون أن يبخلوا بالبذل والبذخ… هنا وهناك…
3. السعي للدخول إلى صفوف التنظيم بغية الحصول على معلومات دقيقة واستراتيجية لتسريبها إلى جهات معادية خارج التنظيم مقابل بدلات مالية أو عينية رخيصة يبيعون فيها ضمائرهم.
4. محاولة التسلل إلى داخل التنظيم وإظهار الكثير من الطاعة والالتزام بغية الوصول إلى مراكز القرار في القيادة ليعملوا على حرف التنظيم عن خط سيره الصحيح وتشويه مساره سياسياً وتنظيمياً وفكرياً.
إن أمثال هؤلاء المتسللين يعتبرون خطراً كبيراً على التنظيم وعلى الفكر ويجب العمل بدون كلل وبكل يقظة ثورية على كشفهم وتعريتهم، ومن ثم تنبيه القيادات الحزبية المحلية والمركزية إلى خطرهم ووجوب التخلص منهم قبل استفحال خطرهم وقبل أن يتمكنوا من خداع واستقطاب عدد من أفراد التنظيم بأساليبهم التضليلية وكلماتهم المعسولة فيصبحون بذلك متجذرين ويصعب اجتثاثهم.
إننا نرى ونسمع اليوم الكثير من الطروحات السياسية والفكرية المشوهة، بأن تطوير الفكر يجب أن يكون متلائماً ومتناغماً مع روح العصر، وأنه لا ضرر من الدخول في منظمة التجارة العالمية والقبول بالعولمة لأنها روح العصر، وطرح شعارات الليبرالية والانفتاح دون حدود على العالم المتحضر.
هذه الشعارات غير المسؤولة تؤدي بالنتيجة إلى زيادة إفقار الشعوب وزياة تكديس الثروات في أيدي الأقلية المستغِلة، كما تؤدي إلى غياب الضوابط والرقابة وتحول الدولة إلى حارس على بضائع ووكالات الشركات الكبرى التي ستنتشر في كافة البلدان التي تتبع هذه السياسة.
إن اليقظة الثورية مبدأ هام جداً من مبادئ التنظيم اللينينية لاغني عنه وهي الرقيب والناظم لعمل الحزب للحفاظ على صفوفه نقية وعلى فكرة غير مشوه وبعيد عن التحريف، في ظل مبدأ الديمقراطية ونبذ التعصب بكل أشكاله.
لقد أصبحت الأجواء مشحونة بالعديد من الأمراض الاجتماعية وبذور الأمراض التي قد تصيب المجتمعات البشرية غير المنظمة.
لذا يجب السعي بشكل حثيث لجعل مجتمعنا منظما أولاً عن طريق بناء حزب شيوعي موحد من طراز جديد، ومن ثم الانطلاق نحو وحدة وطنية شاملة للوقوف في وجه الهجمة الإمبريالية الصهيونية الشرسة، وتحقيق الديمقراطية في الداخل، والدفاع عن لقمة الشعب عبر الوقوف في وجه الفساد والمفسدين. فالديمقراطية الشعبية وتنظيم المجتمع، واليقظة الثورية هي الدعائم الثلاث الأساسية التي تحض المجتمع ضد الفوضى والانتهازية و الفساد والأعداء الطبقيين.

مداخلة فرج أبو فخر
(عضو اللجنة المنطقية في السويداء «صوت الشعب»)
أيها الرفاق: يسعدني أن اؤكد على الترحيب برفاق المحافظات الأخرى في محافظتهم الثانية السويداء، وفي بيتهم الشيوعي العريق، منزل الرفيق معروف أبو الدهن.
آملاً أن تحقق هذه الندوة الفائدة للجميع بما يدفع قضية وحدتنا إلى الأمام.
أيها الرفاق: لاشك في أننا محكومون بأمل الوحدة، وحدة الشيوعيين السوريين في حزبهم المنشود، وانطلاقاً من الثقة بأن المستقبل هو للقوى الوحدوية الصاعدة في حركتنا الشيوعية السورية. كيف لا وإن الشيوعية ستبقى ـ على حد تعبير سعدي يوسف شاعر عراق المنافي ـ ستبقى هي الحلم الأبهى.
كان ماركس يقول: لكي تختبر أممية الإنكليزي فكلِّمْه عن المسالة الإيرلندية. ولعله يصح القول وعلى غرار ذلك: لكي تختبر شيوعية السوري فكلمه عن مسألة التوحيد، التي اتسعت دائرة الاهتمام بها لتشمل رموزاً وطنية أخرى. وهنا أود الإشارة إلى ماكتبه حسين العودات في (النور) بخصوص وحدة الشيوعيين السوريين.
لعلنا نكاد نجمع ـ أيها الرفاق ـ على أن حزبنا يعيش حالة انقسامات داخلية منذ أواسط ستينات القرن الماضي، وهذه الحالة ليست محلية فقد طالت العشرات من الأحزاب الشيوعية. وإذا كانت الأزمة تعني، فيما تعنيه، أن هناك تناقضاً بين الواقع الموضوعي والأهداف المعلنة، فإن الأزمات لاتنشأ من فراغ. ففي المنعطفات الخطيرة داخل البلاد وخارجها، قد تتباين الآراء وقد تحتدم، فإذا لم يتوفر المناخ الديمقراطي السليم والروح الرفاقية الصادقة، فإن ذلك ربما يؤدي إلى بروز تيارات داخل الحزب والتي بدورها تشكل حاضنة لتفريخ الانقسام.
إن كادراً يتمتع بعقلية الحوار الديمقراطي وبحس نقدي لما حوله، ولا يقبل كل شيء على علاته، ولايتعامل بالثقة المطلقة مع (فوق) كأداة فقط وجدته بوصفهِ شيوعياً قولاً وفعلاً تحقيقاً لمقولة: «مادمت شيوعياً عليك أن تكون شيوعياً في كل شيء». إن كادراً حزبياً كهذا من شأنه أن يساهم في مواجهة الانقسامات والتخلص من الولاءات، ومن الوداع الحقيقي للأنصار.
باعتقادي أيها الرفاق أن التضييق على الديمقراطية داخل الحزب والتضييق على النقد، والقرارات الفوقية في المعالجات الحزبية، وكذلك الفردية إضافة لضعف المستوى المعرفي لم يكن يسمح بتلمس الجذور العميقة للأزمة.
كذلك العلاقة مع السوفييت من خلال الرؤية السوفييتية الرسمية للمسائل، كل ما سبق من أسباب اشعلت نار الانقسامات في حزبنا. هناك من قال بعدم تواتر المؤتمرات لكن أحزاباً انقسمت بالرغم من تواتر مؤتمراتها. وهناك من أشار للنظام الداخلي، ويمكن القول إن أفضل النظم لم تَحمِ من الانقسامات. باستثناء الانقسام حول مشروع البرنامج المقدم للمؤتمر الثالث والذي أثار قضايا جدية. كان يمكن تلافي كل الانقسامات اللاحقة عبر الحوار الرفاقي والديمقراطية الحزبية. بل حتى أزمة المشروع كان من الممكن تجاوزها لو كان المستوى المعرفي عميقاً، ولو كان موقف السوفييت أكثر موضوعية في بعض جوانبه.
تأسيساً على ما تقدم ـ أيها الرفاق ـ أرى ضرورة النضال من أجل حزب شيوعي سوري واحد موحد تشكل الديمقراطية في حياته الداخلية، والتي تقود بالضرورة إلى وحدة الإرادة والعمل، تشكل له سياجاً واقياً من كل انقسام وشخصنة.
ففي نداء الرفيق خالد بكداش المعروف من أجل الوحدة والذي يعتبر أننا إذا كنا متفقين على كذا وكذا فما الذي يمنع وحدتنا؟ ثم قبله في أعقاب الأزمة على مشروع البرنامج لعام 72 يقول أبو عمار في مقابلة مع طلال سلمان في مجلة الصياد بالحرف: «إن تمركزنا جميعاً على المهمات يبين لنا كم نحن بحاجة بعضنا لبعض وكيف أن قوانا كلها مجتمعة غير كافية»
أجل أيها الرفاق بعد اكثر من ثلاثين عاماً من تصريح أبي عمار هذا كم نحن بحاجة لبعضنا في أيامنا العصيبة هذه؟ كم زادت المهمات وكم تعقدت وكم ضعفنا؟ وكم أتمنى ممن يتغنون بالبكداشية أن يأخذوا القول بجوهره لا أن يتاجروا باسم صاحبه، ويبقى السؤال شاخصاً: ماالعمل من أجل وحدة الشيوعيين؟
وهنا أعتقد أن ذلك منوط بحشد جهود جماعية ومخلصة على كافة الصعد مع الأخذ بعين الاعتبار أن التوحيد عملية صعبة ومعقدة وشائكة تحتاج إلى السرعة وليس التسرع، إلى المبدئية وليس المساومات والصفقات.
وهنا أود التأكيد على بعض النقاط التي أراها ظواهر داعمة للهدف الرئيس ألا وهو: بناء حزب شيوعي سوري واحد متقدم على كل التنظيمات التي سيتكون منها، مستند على الماركسية اللينينية، ومنسجم مع روح العصر ومستجداته على مختلف الصعد، فكراً وسياسة وتنظيماً. بنظام داخلي يؤمن حق ممارسة الديمقراطية بما في ذلك حق الرأي والرأي الآخر ولا أقول الأقلية، في إطار وحدة الإرادة والعمل. وبما في ذلك تجديد القيادات الحزبية وتحديد صلاحيتها بدقة ووضوح.
ومن النقاط التي أراها داعمة للهدف الرئيس المذكور:
1. الأعمال المشتركة التي من شأنها تلطيف الأجواء بين الرفاق وتعميق الثقة المتبادلة، وبالتالي تساهم في تقريبهم من الوحدة. في إطار التخلي عن الذات التنظيمية الضيقة، والشعور بالأفضلية على الآخرين.
2. ميثاق الشرف: هو باعتقادي حالة تشكل مساهمة غير قليلة في سبيل وحدة الشيوعيين بالرغم مما قد يكون له أو عليه من ملاحظات أرى أنها لا تقلل من أهميته.
3. لجنة المبادرة في السويداء، والتي تمخضت عن اللقاء الشهري المعروف، استناداً لورقة التعريف بها، وللنشاطات التي بادرت لها وساهمت في تنفيذها هي بدورها ـ طبعاً مع اللقاء الشهري للشيوعيين ـ تشكل حالة على صعيد محافظتنا أرى أنها تستحق الحماية والدعم والمساهمة بنشاطاتها.
4. اللقاءات / السهرات الدورية وشبه الدورية والتي تتم في هذه القرية أو المدينة من محافظتنا والتي يعالج فيها الرفاق الكثير من قضايا الوحدة ومن المفيد أن تتواصل لجنة المبادرة مع هذه التجمعات الشيوعية.
أيها الرفاق: ظهرت مؤخراً اجتهادات متنوعة بالإضافة لما سبق. بعضها يعتقد أن الأزمة هي أزمة بين قواعد متقدمة على قيادات ترهلت وضعفت روحها الكفاحية، وهزت هيبتها داخل التنظيم وخارجه المكاسب الشخصية ـ طبعاً مع البعد عن التعميم ـ وبعضها يرى أن الأزمة تكمن في المركزية المفرطة وبعضها يختصر المسألة في صراع على القيادات وصراع قيادات على المكاسب والمغانم..إلخ وبعضها يتحدث عن المال السياسي أو الإقطاع السياسي.. والحزب الأم، والحزب النقي
أو الديمقراطي أو التقليدي…إلخ. كما يعتقد البعض أن كل الذين خرجوا من معطف خالد بكداش لم يقدموا جديداً ـ من حيث الجوهر ـ بحيث ظلوا تلاميذ في مدرسته، إنما بغطاء اختلف لونه وتجديد لم يطل إلا الشكل مع بعض الاستثناءات في اجتهادات متفرقة هنا وهناك. وبصدد الحديث عن القيادات أعتقد أن الأهم من تناولها هو البديل، هو تقديم نماذج أفضل، وبصدد الموقف من الماضي من المهم جداً أن لا نبقى أسرى له وهذا لا يمنع أبداً من الاستفادة من دروس الأزمات. أنا شخصياً لست من أنصار التشهير بماضي حزبنا تحت لافتة المراجعة النقدية، كما يحلو للبعض أن يفعل. فماضي الحزب محسوب علينا جميعاً بحسب الموقع والإمكانات وبنسب متفاوتة وأرجو ألا يفهم من كلامي هذا معارضتي لأية مراجعة. خاصة تلك التي تقوم على الموضوعية والعلمية والابتعاد عن جلد الذات.
كما أرى أنه من غير المجدي القيام بمثل تلك المهمة تحت ضغط المعاناة في حياتنا الحزبية.. كأن يقول أحدهم: لاضرورة لمنصب الأمين العام بصفته مركزة عملية للصلاحيات، أو أن نصوغ نظاماً داخلياً يحول الحزب إلى تجمع تحت ضغط ماقد عانيناه من مركزية مفرطة.
عموماً أيها الرفاق: يبقى جوهر الجوهر هو الإجابة عن السؤال: كيف يمكن الخروج من الأزمة والوصول للوحدة؟ وهنا من المفيد أن نستذكر كيف أن مؤتمرات الفصائل طرحت تصورات للوحدة أو مواقف منها. وهي تصورات اصطدمت بواقع عصي على الأمنيات والرغبات، فقد جربت وسائل وحدوية صنعت من فوق سماها بعضهم صفقات ولعله محق في ذلك، لأنها عكست موازين قوى ثبتت مواقع هنا أو هناك متفقاً عليها، وجرى خروج من هنا أو هناك ربما بهدف إضعاف هذا أو تقوية ذاك، وتحت راية التوحيد.
وتبين فيما بعد عدم جدوى، إن لم أقل بطلان مثل أساليب كهذه.
مرة أخرى. ما العمل لمواجهة كل ما سبق؟ بداية أود التأكيد على أن النشاط القاعدي الضاغط يشكل عنصراً قوياً في إشادة صرح الوحدة. وبالمقابل أرى أنه من غير المفيد التجاهل الكلي للقيادات ـ وهذا ماتنبهت له اللجنة الوطنية وحسناً ما فعلت .
لعل أحد الأساليب التي قد توصلنا للوحدة، هو ما يمكن تسميته الدمج التنظيمي من تحت إلى فوق والمستند لمشاريع الوثائق الحزبية اللازمة وهي خطة ليست جديدة تماماً ـ فقد جرى تداولها سابقاً إلا أنه يمكن ـ باعتقادي ـ العودة إليها والعمل على تطويرها وإغنائها وجعلها أكثر قابلية للتطبيق.
تشرف على تنفيذ خطة التوحيد لجنة عليا يمكن تسميتها مثلاً «اللجنة المركزية لتوحيد الشيوعيين السوريين»، يتمخض عنها لجان فرعية على مستوى المحافظات.
فيما يتعلق بقوام لجنة التوحيد المركزية يمكن أن تتمثل فيها كافة الفصائل وفصيل التاركين وبالتساوي. والمبدأ ذاته يجري اعتماده في تشكيل لجان التوحيد بالمحافظات.
تقوم لجنة التوحيد المركزية بإنجاز المهام التالية:
1. صياغة مشاريع الوثائق اللازمة. وفي هذا الصدد يمكن أن تكون هناك صياغة واحدة لكل ما هو مشترك في وثائق الشيوعيين البرنامجية بمختلف فصائلهم، مضافاً لها المهام السياسية الراهنة التي تفرضها المرحلة الحالية. أما ما هو مختَلَف عليه فيمكن معالجته عن طريق الحوار الرفاقي الذي يعني أن نضع هدفاً لكي نصل إلى نتائج. وقد يجري مثل هذا الحوار في إطار المؤتمرات والمجالس الوطنية والاجتماعات الموسعة…إلخ.
ولا يغيبن عن الذهن أن الحياة نفسها أحياناً تحسم الكثير مما لم يُحسم بالحوار وغيره.
2. إقرار اللائحة التوحيدية الخاصة بدمج الهيئات والإشراف على دقة تنفيذها.
3. تشكيل لجان التوحيد الفرعية في المحافظات ومتابعة عملها وبالطريقة السابقة ذاتها، وبخصوص السير العملي باتجاه التوحيد يتم التنفيذ كما يلي:
أولاً: على صعيد المحافظة الواحدة: تعمل لجنة التوحيد الفرعية استناداً للائحة التوحيدية وبإشراف لجنة التوحيد المركزية على:
1) تشكيل فرق حزبية موحدة وذلك على أساس العمل أو السكن: قوامها كل الشيوعيين المعنيين في الفصائل وخارجها. تعقد الفرقة الموحدة مؤتمرها وتنتخب أميناً لها ومندوبها أو مندوبيها إلى مؤتمر الفرعية الموحد.
2) الخطوات التي جرى تطبيقها على الفرقة الموحدة تطبق تماماً على المنظمة الفرعية بحيث تنتخب اللجنة الفرعية وممثليها إلى المؤتمر المنطقي الموحد.
3) المؤتمر المنطقي الموحد ينتخب أيضاً لجنة منطقية ومندوبين للمؤتمر العام الواحد.
تقوم الهيئات السابقة الموحدة بدراسة مشاريع الوثائق البرنامجية وتضع ملاحظاتها عليها، مع ملاحظة: أنه ليس من الضروري الاتفاق على كل شيء. إذ يمكن أن تبقى هناك مسائل معلقة هي ملك للحوار وللحياة التي قد تحسمها بحيث لا يشكل التباين في بعض المسائل عائقاً أمام التوحيد.
ثانياً: المؤتمر العام الموحد: وبوصفه أعلى سلطة في الحزب يقوم بإنجاز مايلي:
1) مناقشة الوثائق الحزبية المذكورة وإقرارها.
2) انتخاب هيئات الحزب القيادية.
3) الاهتمام الخاص بالنظام الداخلي من حيث الديمقراطية الحزبية ـ تجديد القيادات وصلاحياتها ـ الرأي الآخر ـ الدقة والوضوح في صياغة مواده وفقراته، وضع لائحة تنفيذية لبعض مواده التي تحتاج لذلك.
أيها الرفاق: ماعرضته آنفاً هو مشروع خطة متواضع لاأزعم أنه من اجتهادي، وإن كنت قد اجتهدت فيه، وهو يحمل توجهات عامة تفترض الدخول بالتفصيلات أو ما يمكن أن نسميه التدابير التنفيذية.
ولا يغيبن عن البال أن المسألة ليست بهذه البساطة لكنها تبقى طموحاً ممكناً ومطلوباً. وأخيراً أعتقد أن كل ما يطرح يغتني بالحوار وينضج بتبادل الآراء رغم أن الحياة وبتسارع خطاها قد تحسم الكثير الكثير.

كلمة منصور الأتاسي ـ حمص
(عضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين) العلاقة بين الذاتي والموضوعي
أثر واقع حركة التحرر الوطني العربية على حزبنا في فترة نهوضها وخصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية وفترة النضال من أجل الاستقلال السياسي، ثم تثبيت هذا الاستقلال وتأهيل بنية اقتصادية اجتماعية قادرة على حمايته والتصدي للأحلاف التي كانت تهدف إلى إعادة ربط وطننا بعجلة الاستعمار.
كان تصدي الحزب لهذه المهام تصدياً ناجحاً زاد من وزنه السياسي وانعكس بالالتفاف الجماهيري الواسع حوله، وتحول إلى حزب قوي منافس أوصل أول نائب شيوعي للبرلمان وكاد أن يسيطر على مجالس البلديات لو تمت الانتخابات البلدية في منتصف الخمسينات. إن مرحلة صعود الحزب وزيادة دوره في حياة البلاد ارتبطت بفهم قيادته لطبيعة المرحلة ولطبيعة القوى السياسية الفاعلة آنذاك وتنفيذه الناجح للمهام الوطنية المنتصبة أمامه وتأمين تحالفات ساعدت على تقويته وفي تنفيذ هذه المهام.
المرحلة الثانية هي مابعد هزيمة حزيران 1967 أو هزيمة المشروع القومي، كما يعترف بذلك الجميع، لم يستطع الحزب بحث أسباب الهزيمة وطرق الخروج منها، ولم يعترف بها كهزيمة بالأصل بل اعتبرها نكسة واعتبر أنها، أي الحرب، لم تستطع أن تحقق أهدافها الرئيسية في إسقاط الأنظمة الوطنية التقدمية،وهكذا ومن خلال هذا الفهم حدد مهمته في الدفاع عن هذه الأنظمة وزيادة التعاون معها وعقد تحالفاته معها وبقيادتها واعتبر مجرد استمرارها انتصاراً وهكذا تثبت الهزيمة وتأقلم معها وعمل بقيادة المشروع المهزوم، لا القوى الوطنية استطاعت بحث أسباب الهزيمة ولا الحزب أراد بحث ذلك أو وافق على بحثه.
في بداية الثمانينات ظهرت دراسات تؤكد ظهور أزمة في قيادة حركة التحرر الوطني أي أن المطلوب تغيير قيادة الحركة وتأمين قيادة قادرة على الخروج منها، إلا أن قيادة حزبنا رفضت مقولة الأزمة، واعتبرت هذه المقولة محبطة للقوى القومية وهكذا سيطرت الأزمة وانعكست علينا ولم نستطع الخروج منها حتى الآن.
فهم الحزب لطبيعة المرحلة والمهام المنتصبة أمامه والتحالفات:
إذا عدنا إلى برنامج الحزب المناقش منذ مابعد المؤتمر الثالث والمعتمد لدى الفصائل في المؤتمر الرابع نرى أن أهم عناوينه:
1. سمة العصر.
2. طبيعة المرحلة التي تمر بها سورية.
3. التحالفات.
4. الوحدة العربية.
5. القضية الفلسطينية.
6. الاشتراكية.
7. المهام.
والسؤال المطروح بعد ثلاثين عاماً ماذا تحقق من هذا البرنامج؟
لا شيء، طبيعة المرحلة تغيرت، والتحالفات في أزمة، وأثرت سلباً على وعي الجماهير، وعلى إدارة الصراع، الوحدة العربية غير واردة حالياً، حد أدنى من التضامن العربي غير وارد،و هناك تفكك في البنى الاجتماعية لكل دولة عربية وتفكك في أحزابها والقضية الفلسطينية كما تلاحظون، الاشتراكية التي كانت أفقاً قريباً أصبحت بعيدة جداً.
ماذا بقي من البرنامج؟ أوراقه.. هذا يدل على أن الحزب لم يدرس الواقع وحركته بدقة ويضع المهام القادرة على الخروج من هذا الواقع. لقد وضع رغباته في مجابهة الواقع، وتأثر بردود الأفعال الناجمة عن هزيمة حزيران وتحت الضغط القومي والعاطفي الذي اجتاح تلك الفترة، طرح شعارات غير قابلة للتحقيق. والمشكلة أن الحزب بفصائله جميعها ومؤثراته اللاحقة لم ينفذ البرنامج ولم يدرس أسباب عدم القدرة على التنفيذ كما نعرف حتى آخر اجتماع اشتركنا فيه في كل الفصائل. كانت هناك جملتان تترددان ، أولاهما أن الحياة أثبتت صحة سياسة الحزب وثانيتهما أهمية الالتفاف حول قيادة الحزب: اللجنة المركزية والمكتب السياسي وعلى رأسها الأمين العام رغم أن فصيل الرفيق يوسف اكتفى بالالتفاف حتى المكتب السياسي فقط.
هذان الشعاران منعا أي مناقشة في الحزب ومنعا تدقيق سياسته وتحديد نقاط الضعف فيها وتجاوزها ومنعت التجديد في القيادة، وهذا أنتج التخلف وأدى إ لى استياء القواعد وانعكس في مغادرة أعضاء أكثر الحزب وانعكس في أزمات وانقسامات ستستمر مادامت هذه العقليات سائدة.
وبقراءة سريعة لميثاق الجبهة الوطنية التقدمية نلاحظ أن الوثيقة تحصر مهام التحالف بثلاث نقاط رئيسية:
1. الأولى: تحرير الأراضي العربية المحتلة منذ 1967.
2. الثانية: بناء الاشتراكية على أسس علمية.
3. تطوير علاقات الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأخرى ـ أي الانتماء الصريح لمعسكر الثورة العالمية ـ عبر الصراع العالمي الذي كان سائداً في ذلك الزمان.
كانت هذه الأهداف تجمع كل القوى وتعكس تأييد رأي عام شعبي واسع وكانت الأحزاب في حينها أحزاباً واسعة الانتشار فعلاً وتمثل التيار الرئيسي للقوى الماركسية والقومية في سورية.
والسؤال المطروح: هل استطاع التحالف أن يحقق الأهداف التي تم الاتفاق عليها، والتي تشكل جوهر التحالف وسببه الرئيسي والجواب واضح لم يستطع التحالف تنفيذ أهدافه فالجولان مازال محتلاً والتطور الموجود في سورية رأسمالي ولم يعد هناك معسكراً للثورة العالمية. أما التحالف مع السلطة فماذا بقي منه، هذا ماأثر على سمعة التحالف وبعثر الأحزاب المكونة له. والمشكلة أن التحالف لم يعقد اجتماعا ًواحداً يبحث فيه أسباب عدم التنفيذ ويدقق سياساته أو يدقق أهدافه وأيضاً قيادات الأحزاب لم تبحث الأسباب وهكذا تحول التحالف من وسيلة لتحقيق أهداف معينة إلى هدف بحد ذاته، وبدل أن تعتمد الأحزاب على الجماهير لتنفيذ أهدافها اعتمدت على السلطة فتركت الجماهير، وشيئاً فشيئاً رضيت بحصتها من السلطة واستكانت لواقعها، وكتعبير عن الرفض وعن انحسار شعبية القوى المتحالفة بأوساط جماهير السكان بدأت تظهر أفكار أخرى وأشكال من الصراعات خطرة معروفة لدينا جميعاً.
والسؤال المطروح: كيف تعامل الحزب مع هذه الظواهر وكيف تعاملت قيادة الحزب معها؟
إذا عدنا للوثائق نلاحظ مايلي:
المؤتمر الخامس للحزب ألغى صفة التقدمي عن طبيعة النظام في سورية، واكتفى بعبارة نظام وطني وهذا أول تناقض سجله الحزب بين طبيعة النظام وأهداف التحالف. وأكد التقرير السياسي المقدم إلى المؤتمر الخامس نفسه أن علاقات الإنتاج علاقات رأسمالية تتوطد وأكد أن المهمة الرئيسية هي ضرب البرجوازية الطفيلية بأشكالها المختلفة وأقسم أنه ليس عنها من مهمل وأسس لهذا العمل ودفع بالنشاط العملي للأمام. ودخل انتخابات مجلس الشعب واضعاً المهمة الاجتماعية في مقدمة مهامه ومقدمة بيانه الانتخابي واصطدم مع القوى البرجوازية وخرج من قوائم الجبهة وخاض ممثلوه في عدد من المحافظات انتخابات مشرفة جمعت حولهم ألوف الناخبين، إلا أن قيادة الحزب لم تصمد عندما خيّر بين فقدان حصتها في السلطة أو التراجع عن المهام الاجتماعية ففضل الأولى، وهكذا سجلت الهزيمة الأولى في ظل التحالف.. أما الهزيمة الثانية فكانت يوم تراجع فصيل الرفيق يوسف عن برنامجه الديمقراطي وعن مبدأ تقرير المصير ولحقهم فصيل الرفيق خالد. ومن هنا علينا أن نناقش شعار القضية الوطنية أولاً، لقد طرح هذا الشعار بعد التراجعات المذكورة، وأدى هذا الشعار إلى تخلي الحزب عن مهامه الاجتماعية والفكرية ثم دوره في المجتمع.
وعلينا أن نعرِّف الوطنية. ما هو الوطن الحر. نحن نعتقد أن الوطن الحر هو ذلك المكان الذي يعيش به أناس أحرار، معارضته حرة، ونقاباته حرة، ومؤسساته حرة وإنسانه حر.هذه الحرية هي التي تشكل المناعة أمام أي محاولة خارجية لاختراق سيادته. علينا أن نؤكد بأن حرية الوطن لاتبرر مطلقاً أي عملية اضطهاد لأي معارضة من الشعب. وعلينا أن نؤكد أن الأحكام العرفية التي فرضت على شعبنا لم تحقق حريته وكان لها مردود عكسي تماماً وعلينا أن ندافع عن التفسير الحقيقي لمعنى حرية الوطن.

عبر ما ذكرناه نصل إلى الاستنتاجات التالية:
1. إذا كانت التراجعات التي تمت في الحركة الشيوعية تشكل العامل الموضوعي للتراجعات والانقسامات التي سادت الحركة الشيوعية، فإن عدم دراسة أسباب الهزيمة وعقد تحالفات بقيادة قوى وفصائل مهزومة، ثم عدم دراسة حركة المجتمع بدقة ووضع برامج على أساسها، ثم التراجع أمام الحليف أو غير الحليف تشكل العوامل الذاتية المسببة للانقسامات وهي أشد خطورة أكثر قدرة على الفتك بالأحزاب المعنية.
2. إن تخلي الحزب، أي حزب، عن مهامه الاجتماعية يشكل خيانة طبقية ووطنية، ويبعد الحزب عن طبيعته ويفقده القدرة على الفعل بالمجتمع ويصبح حزباً متأثراً بدلاً من أن يكون مؤثراً, لايفيده هنا طرح شعارات رنانة مثل القضية الوطنية أولاً وغيرها..
3. إن المراجعة الدائمة لوثائق الحزب السياسية وتدقيقها ومعرفة الأسباب الحقيقية لعدم القدرة على تنفيذ المهام هي سمة يجب ألا يتخلى الحزب عنها مطلقاً وفي كل الظروف.
بقي لنا أن نتحدث عن القضية الفكرية في أزمة الحزب.منذ الخمسينات دار حوار جدي بين المفكرين الماركسيين المهتمين في بلدان العالم الثالث تمحور في مجموعة اتجاهات نعرض منها:
- أهمية وجود الأحزاب الشيوعية في بلدان حركة التحرر الوطني ولاحظ خروشوف وأنصاره أن عدم وجود طبقة عاملة جدية في هذه البلدان تنفي أسباب وجود أحزاب شيوعية. واقترح على الأحزاب الشيوعية في هذه البلدان الاندماج مع قوى حركات التحرر لعدم الحاجة التاريخية لها.
- ثم في الثمانينات أيضاً دارت مناقشات جدية داخل الحركة الشيوعية حول شكل التطور وطبيعته في بلدان حركة التحرر. هل هو تطور لا رأسمالي أم توجه اشتراكي أم تقدم اجتماعي أم ماذا، ولأسباب مختلفة لم يصل المتناقشون إلى تصور واضح.
والآن وبعد الثورات العلمية المتتالية والتي حققت تقدماً هائلاً في مجال العلوم فإن التناقض الحاصل هو بين التقدم الكبير في مجال العلوم التكنيكية والتخلف في مجال العلوم الإنسانية هذا التخلف الذي يشمل كل التيارات السياسية والإنسانية.
وأخطرها تأثيراً في العالم الآن هو التخلف الذي تعانيه الأنظمة الرأسمالية. فرغم استخدامها لكل التطورات العلمية في مجالات الإنتاج وغيرها إلا أنها، وبسبب تخلفها في مجال العلوم السياسية، تمارس سياسة متخلفة عن هذه التطورات وقد تكون مدمرة لها. مثلاً الاحتلال المباشر الذي كان يستخدم ما قبل الحرب العالمية الثانية.. وإذا ما استمر هذا التناقض فإننا نعتقد أن مستقبل البشرية في خطر جدي. إذ يمكن للإمبريالية الجديدة في ظروف اندفاعها للسيطرة على العالم وفي ظل تخلفها في مجال العلوم الإنسانية إلى اعتماد سياسات قد تصل إلى تدمير الحضارة البشرية، ومن جهتنا فإننا نعتقد أن التيار الماركسي مازال التيار المقابل للإمبريالية الحديثة وهو القادر على لجم اندفاعاتها المدمرة وهو بديلها التاريخي، وهذا التيار أو الفكر بحاجة أيضاً إلى تطوير كي يستوعب التطورات العلمية الكبيرة والمتسارعة، فالحياة تفرض عليه الإجابة عن أسئلة كثيرة وجدية، تتضمن فهماً عميقاً وجديداً للتطور الجاري داخل الطبقة العاملة. وماهي القوى المنتجة الآن، وماهي الطبقات الحليفة و ماهي المهام الاجتماعية والإنسانية المطلوبة من التيار. ثم ماهو الشكل والتصور الأولي للاشتراكية.. وإضافة مفاهيم جديدة بعد دراسة الأسباب العميقة لانهيار التجربة المحققة وفي بلداننا حيث شعوب كثيرة مضطهدة. علينا الإجابة عن أسئلة جدية. وبكلمة فإن التطور في المجال الفكري انطلاقاً من الأساسيات هو عملية تراكمية تفرضها طبيعة الماركسية اللينينية وطبيعة التطورات الجارية في العالم وعلى ضوء الإجابة الصحيحة الواقعية عليها تستطيع أن تؤمن تماسكاً جدياً وجديداً داخل أحزابنا الشيوعية وهذه مهمة منتصبة أمام الجميع.
والسؤال أخيراً: هل معرفة الأسباب الحقيقية للانقسامات السابقة تقينا من إمكانية حدوث انقسامات لاحقة وهي قادرة على توحيدنا.
لاشك أن الوصول للأسباب الحقيقية للانقسامات أو التراجعات السابقة تعمق تجربتنا الحزبية, وتطور قدراتنا على البحث والدراسة الأكثر عمقاً وتضعنا أمام تصورات واحدة وتهيئ الظروف المواتية لتحديد المهام القادمة وهذه كلها عوامل تصل بالشيوعيين إلى طريق الوحدة.
ولكن استمرار الوحدة وتطويرها يتطلب أولاً أجواء ديمقراطية جدية داخل صفوف الشيوعيين تحترم كافة الآراء التي تطرح وتساعد على تطوير الاجتهادات لدى الجميع وترفض كل أشكال اضطهاد الرأي وهذه مهمة فكرية بدأنا بها ولاتزال أمامنا مسافات كبيرة علينا اجتيازها بنجاح، فالقديم الرافض لأي رأي آخر وضيق الصدر في أي طرح مخالف، والجدية في التعامل مع الهيئات كلها وإن ضعفت لدينا إلا أن بقاياها لاتزال موجودة، وأيضاً دراسة الواقع بشكل دائم وتحديد المهام بشكل جدي والإقدام وعدم التردد في تنفيذها. والتفاعل بين الثقافي والسياسي وتقديم المبدئي على كل الاعتبارات هي القادرة دائماً على تطوير دور الحزب وعبره تحقيق وحدته وهي عوامل ذاتية أيضاً.

مداخلة د. قدري جميل ـ دمشق
(عضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين)
الرفيقات والرفاق الأعزاء..
موضوع الندوة كما تعرفون جميعاً، هو أحد أوراق العمل، وهي «الخروج من الأزمة»، وحتى نجد طريقاً للخروج من الأزمة، يجب أن نبحث عن طريقة الدخول إليها. كيف دخلنا إليها؟ وإذا لم نعرف كيف دخلنا إلى الأزمة، لن نعرف كيف يمكن أن نخرج منها. لذلك فإن أوراق العمل بهذا الموضوع وضعت عملياً قضيتين هامتين غير مسبوقتين:
القضية الأولى: حددت بدء الأزمة زمنياً، ولم تربطها بالحزب الشيوعي السوري فقط، بل ربطتها بالحركة الثورية العالمية، وحتى ليس بالحركة الشيوعية العالمية، بل بالحركة الثورية العالمية في أوائل الستينات، أي أن الورقة حاولت أن تنظر إلى أزمة الحزب الشيوعي السوري كجزء من كل، وهذا المنهج هو منهج ماركسي في التحليل.
القضية الثانية: التي وضعتها الورقة، والتي تعتبر منهجياً غير مسبوق، والتي بحلها الصحيح لاحقاً، ستغير إحداثيات النظر والتعامل مع الأزمة جذرياً، هي سؤال بسيط، مثل السؤال إياه البسيط الفلسفي: أيهما أسبق المادة أم الوعي؟!.. طرحت الورقة السؤال: أيهما أسبق الأزمة أم التراجع العام في الحركة؟!
الرؤية التقليدية في أذهان الشيوعيين والثوريين بمختلف فئاتهم، بما فيهم الوطنيون التقدميون، كانوا يرون أن الأزمة ولّدت تراجعاً، لم يُبحث عن سبب الأزمة في الواقع الموضوعي، وإنما بُحث عن سبب الأزمة بطريقة مثالية فلسفياً، إذا تحدثنا بلغة الماركسية، بُحث عن سبب الأزمة في مجال الفكر والسياسة، أي بُحث عن سبب الأزمة في إطار البنية الفوقية. لم يُبحث موضوع الأزمة والتراجع العام بالتالي، والتي كانت الأزمة نتيجته، لم يُبحث في إطار البنية التحتية، كما يتطلب المنهج الماركسي.
لذلك فإن كل التفسيرات السابقة لورقة العمل التي هي مجموع النشاط الفكري لمجموع الشيوعيين على مدى الأجيال السابقة، كل هذا النشاط السابق والتحليلات السابقة، لم تستطع عملياً بتفسيراتها أن تغير مسار الحركة. من المعروف أن الماركسية كما علّمنا كلاسيكيونا ليست فقط تفسيراً، بل هي أيضاً تغيير، وحتى يتم الوصول إلى التغيير يجب أن يمتلك التفسير الصحيح. فالتفسير الصحيح يفضي إلى التغيير، والتفسير المنقوص لا يفضي إلى التغيير. لذلك عند تفسير الأزمة، إذا لم نستطع تغيير اتجاهها، هذا يعني أننا لم نفسرها بشكل صحيح. لذلك نقترح في ورقة العمل هذه النقطة، كنقطة انطلاق منهجية، لأنه يُشتق كل شيء منها لاحقاً.
ونقترح في الورقة أن نفسر الأزمة من خلال التراجع العام للحركة الثورية العالمية، والتي تعتبر الحركة الشيوعية العالمية إحدى مكوناتها، والحزب الشيوعي السوري أحد مكونات هذه الحركة. ونقترح أخذ هذا التفسير بعين الاعتبار، حتى نستطيع أن نعالج هذا الموضوع للخروج من الأزمة.
لذلك فإن السبب الفعلي للدخول في الأزمة كان التراجع العام الذي انعكس بتغيير تناسب القوى للنظامين، وتناسب القوى هذا أدى إلى تراجع مطرد للحركة، أي إلى هزيمتها، وهذا التراجع الذي كان غير معلن وغير واضح على السطح، بل بالعكس، كان يسود لفظياً وذهنياً بين أوساطنا كلام كثير نتذكره، حول أي القوى الثورية العالمية تحقق انتصارات، وقوى الإمبريالية والصهيونية العالمية تتراجع، هذا الحديث ساد في فترة الستينات والسبعينات والثمانينات، وعلى أرض الواقع عام 1991 كانت المحصلة تغير ميزان القوى، وهذا التغير لم يجر بين ليلة وضحاها، بل جرى نتيجة تراكم كمي سبقه، وجرى التحول الكيفي في لحظة معينة، أي منذ الفترة التي كنا نتحدث فيها عن التغيير لصالحنا، كان التغير الفعلي يجري في ميزان القوى الشامل العام ليس لصالحنا. والاستثناءات اللذان يتم الحديث عنهما، هما: فيتنام وكوبا، هما استثناءات من القاعدة، وهذان الاستثناءان يثبتان أن القاعدة كانت التراجع العام، وإذا عدنا للتاريخ الخاص لكوبا وفيتنام فيجب أن نعرف أنهم انتصروا رغم إرادة القيادة السوفييتية المنبثقة عن المؤتمر العشرين بمنطقها ومنهجها إلخ... وهذا واقع لانستطيع تكذيبه. وهذا يعني أن هذه القيادات الثورية في أماكنها التقطت لحظة موضوعية واستفادت منها وسارت في اتجاهها، وهذا يعني أن القيادة السوفييتية آنذاك، والتي كانت موضوعياً رأس الحركة الشيوعية (وبتمون) شئنا أم أبينا، على الفصائل الصغيرة في الحركة، حيث فرملت الحركة ومنعتها من أن تحقق الظرف الموضوعي لصالحها.
لذلك في أوائل الستينات يأتي سوهارتو، وبكل بساطة يذبح (1.5) مليون شيوعي، وفي العراق في 8 شباط 1963 لم يُعرف عدد الشيوعيين الذين ذبحوا حتى الآن، ولكن الرقم بعشرات الألوف..
وإذا رجع أحدنا لتلك الفترة لانستطيع لوم خالد بكداش أو يوسف فيصل أو رياض الترك، لأنهم لم يكونوا يعرفون (الطبخة) حينها، ولم يكونوا يملكون المستوى المعرفي الكافي لذلك، كل جيل يأتي ويسير للأمام، ولم يكن لديهم القاعدة المعلوماتية التي تسمح لهم بالتعامل مع هذه الحالة. عندهم بعض القضايا الصغيرة في الاحتكاك المباشر. طلبوا منّا حل الحزب، لم نحله. وغيرنا حل أحزابه. واليوم نستطيع أن نعي المشكلة في إطارها العام. وإذا عدنا لحنا بطاطو، المؤرخ الأمريكي من أصل عراقي في كتابه «تاريخ العراق» نقرأ به وثائق القيادة السوفييتية مع الحزب الشيوعي العراقي، قبل عام 1963، وتقول لهم قيادة الحزب الشيوعي العراقي، يارفاق! السلطة بيدنا، والجيش كله بيدنا، الجواب: إياكم أن تقفوا ضد عبد الكريم قاسم، لدرجة أن قاسم خاف على نفسه ووضع الشيوعيين في السجن، وعندما جاءت جماعة 8 شباط وجدوا الشيوعيين جاهزين في السجن، وليس صدفة في أحد أعداد «قاسيون» السابقة أن نشرنا عن حركة العريف حسن السريع لأن هذا العريف ضمن تنظيم مبعثر، كان يمكن لحركته أن تنجح. وفي عدد قادم سننشر عن «قطار الموت» الذي وضع فيه مجموعة كبيرة من الضباط الشيوعيين والذين أرسلوهم من بغداد إلى السماوة وسط اللهيب الحارق كي يقتلوهم.. القصد من هذا الحديث أنه كان هناك شيء. الحزب الشيوعي العراقي ومكتبه السياسي انقسم حول: هل نسمع كلام السوفييت، أم نعمل وحدنا، وبدأت الحركة تنقسم.
متى تنقسم الحركات، لما نتكلم فقط عن أنفسنا. إذا نظرنا إلى تجربة التاريخ منذ المسيحية والإسلام، أي حركة تتراجع تنقسم، وأي حركة تتقدم تتوحد، فلو أن قادتنا إياهم المحترمين جميعهم، قادونا إلى انتصارات، لو كنا اليوم نبني الاشتراكية في سورية، لما كان لأحد أن يضع أي ملاحظة على المؤتمرات أو السياسات أو الأشخاص أو أي شيء آخر.
القضية تكمن في أن كل ذلك كان نتيجة الهزيمة التي منينا بها، ونحن نقترح أن نراها في إطارها العام الشمولي رؤية كاملة، وفي إطار الحركة الشيوعية، حتى نعرف كيف نستطيع أن نخرج منها.
والمسألة الأخرى الهامة هي: ماالذي التقطناه جديداً منذ ميثاق الشرف والاجتماع الوطني الأول؟!.. لقد قلنا أن هناك انعطافاً، والحركة الإمبريالية العالمية منذ بدء هجومها المعاكس في أوائل الستينات حققت انتصارات متلاحقة، دمرت الاتحاد السوفييتي في النهاية في إطار توازن القوى العالمي بعد ذلك، وأخذت عشر سنوات كوقت مستقطع، لعبت كما تشاء، ولم تحل معها أي مشكلة، علقت في أزمة خانقة، فانتقلت إلى الحل العسكري، وهذا يعني موضوعياً من وجهة النظر التاريخية أنها فقدت المبادرة، وهذا يعني موضوعياً أن المبادرة انتقلت إلينا موضوعياً، ويبقى العامل الإرادوي الذاتي. هل نستفيد من هذا الظرف الموضوعي أو لانستفيد منه؟.
لذلك نحن لسنا محكومين بأمل الوحدة فقط، بل نحن محكومون بالواقع الموضوعي الذي يتطلب بناء حركة ثورية جدية لمواجهة هذا الواقع والاستفادة منه. هناك فرصة تاريخية عند الشيوعيين ليستفيدوا من هذه اللحظة ويكونوا هم تلك القوة الثورية،وتتحول بالتالي عملية توحيدهم إلى إعادة بناء لحركتهم. هكذا يجب أن نفهمها، لا تجميعاً حسابياً لقواهم، وإذا لم يقوموا بذلك ستفوتهم تلك الفرصة، وسيكون هناك في الساحة أخيراً من سيعبر عن هذه الضرورة الموضوعية.
لدينا فرصة تاريخية بأن نقوم نحن بهذا العمل بأقل ما يمكن من الوقت وبأقل ما يمكن من الآلام، وبأقل ما يمكن من الخسائر. الحياة والواقع الموضوعي يتطلبان حركة ثورية لمواجهة الواقع الجديد في حالة الانعطاف الجارية. التاريخ يقدم لنا فرصة، إما أن نستفيد منها أو نضيعها، ولكنها لن تفوت هذه الفرصة عن الحركة الثورية لأن الواقع الموضوعي يتطلب وجود هذه الحركة ومن يعبر عنها.
من هنا كان فهمنا المبكر لهذا الموضوع جعلنا نتناولها ونتعامل معها على هذا الأساس.
إذن الاستنتاج الأساسي هو أننا محكومون بالوحدة، الوحدة ليست بمعنى (تبويس شوارب وذقون والتوحيد عبر القيادات)، الوحدة نفهمها في إطار إعادة بناء حركتنا فكرياً وسياسياً وتنظيمياً وجماهيرياً وأخلاقياً، لأن حركتنا خلال التراجع الذي جرى، وأزمة هذه الحركة، تراجعت فكرياً وتبلدت أو تكلست، وجزء منا انتقل إلى مواقع العدمية أو حوّل الماركسية إلى نص قرآني يتعامل معها على هذا الأساس. وسياسياً لم نعد نرى أين نحن؟ نعتقد أننا نتقدم ونحن نتراجع.
بالنتيجة ماذا تعني «أزمة»؟! ...
هناك هدف يجب الوصول إليه، فإذا كنا نبتعد عن هذا الهدف، فهذا يعني أن هناك مشكلة، نبتعد عن الهدف ولانقترب منه، أي هناك مشكلة في تفسير الواقع وبناء البرنامج، إذاً هناك مشكلة في الرؤية. وبالتالي لا بد من إعادة بناء الحركة سياسياً وتنظيمياً، لابد من إعادة البناء، لأن الحركة بالمعنى التنظيمي هي وسيلة، لينين في كتابه «ماالعمل» كان يهمه من التنظيم إيصال الفكرة، والتنظيم الذي يوصل الفكرة مبني على أساس المركزية الديمقراطية بالمفهوم اللينيني الصحيح، وهو لا يزال صحيحاً، ولكن كيف يتم تطبيقه في الأشكال المعاصرة؟!
هذا يحتاج لجهد منا حتى نكتشف الأشكال الإبداعية الجديدة له. وفي النهاية ماذا يعني حزب بالنسبة إلى لينين؟!
إنه مركز، عنده فكرة يرسلها عبر الجريدة إلى الأطراف، والأطراف تدقق الفكرة، وتعيد الفكرة المدققة إلى (فوق)، وفوق يدقق التصويب. عندها يسدد بشكل سليم، ويومها كانت الجريدة سلاحاً تكنولوجياً هائلاً يعادل وزن الفضائيات في هذه اللحظة. ولينين في «ما العمل» اشتغل على هذا الأساس، والمطلوب منا أن نجيد وسائل عملنا التنظيمية، ونعيد بناء نظامنا الداخلي بحيث يتناسب مع الظروف الحالية.
جماهيرياً، خرجنا من الجماهير، ما الحل، الحل هو العودة إلى الجماهير، خلال ثلاثين عاماً فقدنا لياقتنا بالتعامل مع الناس، وبالأمس عندما دخلنا انتخابات مجلس الشعب والإدارة المحلية، دخلناها كمستقلين، كانت تجربة صعبة، بعد 30 سنة من العمل الجبهوي والنجاح الأوتوماتيكي بقوائم الجبهة، العودة للعمل بشكل جدي ليس مهمة سهلة.
لذلك فإن إعادة اللياقة للحركة لنا ولرفاقنا وتربية كوادرنا، هذا موضوع يحتاج إلى وقت من الناحية الجماهيرية، لاتتحقق بمسحة رسول، (30) سنة من التراجع في هذا المجال، لاأحد يعرف كم يحتاج من السنوات لتجاوز ذلك، ولكن علينا أن نتجاوز ذلك بسرعة.
وأخيراً، أهم شيء هو إعادة بناء منظومتنا الأخلاقية، مشكلتنا أننا نمتلك الكثير من الطاقات، وكل إنسان لديه طاقة،وعندما لا يعرفون كيف يفرغون هذه الطاقات ضد أعدائهم الطبقيين، بدأوا يفرغونها ضد بعضهم بعضاً، وبشكل، أعتقد أنهم لا يفعلونه ضد أعدائهم الطبقيين. لذلك شرف لنا، ومشكلتنا بآن واحد، أن ميثاق الشرف ألزمنا بأن لانشتم أحداً ولا نسمح لأحد أن يشتم الآخر، ولايجوز التشهير والكلام المسيء، يجب أن نناقش أفكار وسياسات، وهذا طبيعي بين الشيوعيين ويجب أن يستمر بشكل دائم، لذلك كما يقول البعض إن العواطف لاتبني وحدة، نقول لهم نعم العواطف لاتبني وحدة، ولكن المشكلة اليوم هي أن الواقع الموضوعي هو الذي يفرض الوحدة علينا وليس لدينا آي مخرج آخر لإعادة بناء الحركة الشيوعية، أي إعادة بناء الحركة الثورية في ظروف سورية.
مداخلة نايف قيسية
عضو لجنة مركزية سابق (يوسف فيصل)
في البداية نرحب بالضيوف، وأهلاً وسهلاً بكم.
وحدة الشيوعيين السوريين مهمة وطنية مقدسة، ولكن كيف؟!
الأزمة مستمرة ومستفحلة، وقد ظهرت هذه الأزمة إلى حد ما عام 1969، أي منذ عقود. الأزمة كما تطرق إليها الرفيق قدري فكرية وسياسية وتنظيمية وأخلاقية، فهل يمكن الخروج من الأزمة في الأوضاع القائمة حالياً، وكيف؟!
حتى نحرص على الوقت وعلى الجهد وعلى العمل، وأن يكون العمل مثمراً ومنتجاً، الذين ساهموا في صنع الأزمة في الحزب لايزالون يحكمون فصائل شيوعية، صحيح أن الأزمة نتيجة لتراجع في الحركة الثورية العالمية، وتراجعات وأخطاء وقع فيها الحزب في التحالف وفي السياسة. دخول الجبهة كان خطأ، وتقييم أنه في هزيمة 1967 لم يحقق الاستعمار أهدافه، ولم يستطع أن يسقط الأنظمة، هذا التقييم كان خطأ، فالأزمة، الذين صنعوها مايزالون يحكمون الفصائل، وصار بنا في وحدة الحزب مثل الوحدة العربية، الحكام العرب الذين لايعملون للشأن العام ومن أجل أوطانهم وشعوبهم وإنما يعملون لشأنهم الخاص، وشأن عائلاتهم وشأن طائفتهم وشأن عشائرهم، كذلك في الحزب الشيوعي، لا يعملون بالشأن العام ولا للحزب ومصلحته، بل لمصلحة عائلاتهم وأبنائهم وطائفتهم.
أنا بتقديري الخروج من الأزمة هو ببناء حزب جديد، كل الخيرين يتحملون مسؤولية ووقعوا بأخطاء، لكنهم استطاعوا أن يحللوا الأمور في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد وتمر بها الحركة الثورية ويمر بها شعبنا، هؤلاء هم القادرون على بناء حزب جديد، وليكن (حزب اليسار الموحد)، وليكن (الحزب الشيوعي السوري ـ إعادة التأسيس) وإلاّ نكون نضحك على أنفسنا.
هل نستطيع أن نعمل وحدة مع من ساهموا في صنع الأزمة وما زالوا يحكمون فصائل الحزب؟!
هناك من يقول: إذا بنينا حزباً جديداً على أسس جديدة يأخذ بعين الاعتبار الظروف التي يمر بها العالم والحركة الوطنية والحركة الثورية، وكأنه يفتح دكاناً جديداً.
هناك نقاش كثير حول تلك القضايا، البعض يقول: أن اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين والتي تقوم بمبادرات مشكورة ورافعة، يقولون أنها دكان آخر. من الناحية الفعلية ومن الناحية العملية هي دكان آخر، ويتساءلون عن مصدر تمويل هذا الدكان؟!..
إذاً بناء حزب من طراز جديد على أسس جديدة وقيادة تعمل بنكران ذات ولا تعمل لمصالحها الخاصة، تعمل للشأن العام، قيادات جدية عملية، الأنانية في القيادة، لنكن واقعيين وموضوعيين. عشنا الأزمة وعايشناها وسمعنا كلاماً كثيراً عن كيفية الحل، مواثيق، وحتى وصلت الأمور إلى أن نحلف اليمين على الوفاء للوحدة، ولكن ماذا كانت النتيجة من الناحية العملية ومن الناحية الفعلية، العمل بنكران ذات، الأنانية في القيادة لعبت دوراً كبيراً، وأتذكر هنا كلمة القائد الشيوعي الفذ (هوتشي منه): «الأنانية إذا بقيت، من أكبر أعداء الشيوعية والاشتراكية، وإذا بقيت فينا ولو بشكل ضئيل تتحين الفرص لتظهر، وإذا ظهرت تسحق كل خصال الثوري» وشكراً.

سلمان سليم (السويداء)
ماسمعته حالياً: نحن أبناء الأزمات، دخلنا الحزب في عام 1968 وعشنا ومازلنا نعيش في هذه الأزمات.
لا يختلف تماماً عمّا كنا نسمعه في جميع أزمات الحزب، منذ المؤتمر الثالث عام 1969 لأزمة المؤتمر الوطني في السبعينات وآراء السوفييت وبيان 3 نيسان والمؤتمر الرابع وما فوق.. مازلنا نعيش في الماضي، كلنا يتحدث عن ماضيه، حالياً إذا سألنا فكرياً، ولن أدخل في التفصيلات، ومجالها كبير، أين تاريخ الحزب يحدد فيه سمات هذا الحزب؟!، أين مصير فؤاد الشمالي؟! من يستطيع أن يتحدث من الرفاق عن تصفية فؤاد الشمالي من الحزب؟! كيف هيمنت القيادات المثقفة على قيادة الحزب في الأربعينات وأبعدت كل الكادر النقابي، أين إدوارد الشرتوني الذي تحدث أمام (الجنرال سراي) في ذكرى وعد بلفور؟!... أين ماضي هذا الحزب، هذا أولاً.
ثانياً: دائماً ننطلق كشيوعيين كأننا الورثة الوحيدين لماركس في المادية، عندما نتحدث يجب أن نحمل الورثة الماديين والفكريين لتراثنا المادي والفكري في التراث العربي، كل الحركات الأصولية تتحدث عن ماضيها، كل الحركات القومية تتحدث عن ماضيها، نحن كشيوعيين يجب أن لانخجل ، نحن ورثة ابن رشد، نحن وورثة ابن خلدون، نحن أصحاب تاريخ عريق في الفكر المادي العربي، ونحن ورثة لهذا التاريخ الفكري العميق، أين هو؟! وكيف تجسد وبأي مكان تجسد؟!
إذا أردنا التحدث عن الأزمات مع الاتحاد السوفييتي، الاتحاد السوفييتي من وجهة نظري تجربة خاصة تماماً، حاول لينين أن يعمم هذه التجربة عالمياً ولكن أثبتت الحياة العودة إلى ماركس. الانطلاق من وسائل متخلفة في الاشتراكية أصبحت الأساس، وطرح الاتحاد السوفييتي الاشتراكية العملية وغيره إلخ...
وكتبت مادية ستالين وجاء التعايش السلمي الذي حُكي فيه في فترة تاريخية عن انهيار الأيديولوجيات، ودخلنا غمرة الصراع كله نحن في سورية وكأننا كنا جزء مما يقوله الاتحاد السوفييتي أو القيادة السوفييتية حصراً بمدارسها ومناهجها المتعددة.
حالياً، أتمنى على الرفاق، ولن أدخل في جميع التفصيلات، أن نحدد رأينا من ملاحظات السوفييت عام 1971 وبشكل دقيق وعلمي، أن نحدد موقفنا من بيان 3 نيسان، لأن الحزب انقسم على أساسه ودونت في الكتب السوفييتية (دار التقدم): هذه زمرة متطرفة وهذه زمرة كذا وكذا.. أن نحدد موقفنا، كل رفيق منا ساهم بشكل أو بآخر بيد سوداء في هذا الحزب، وخاصة الرفاق القدامى، كلهم ساهموا في انقسام الحزب، كلهم ساهموا في التآمر.
الأزمة ليست أزمة حزب، بل هي أزمة قيادات تلاعبت بهذا الحزب، بعلاقة خارجية وبعلاقة داخلية، كتلة اشتراكية ومن ثم بعلاقات داخلية.
أن نحدد موقفنا برسالة، ويسف فيصل بعد أن ذهب إلى الاتحاد السوفييتي، مراد يوسف من منظمات القاعدة مع قيادات الحزب، وظهرت وجاءت رسالة وعملت انقساماً كبيراً، الآن رفاقنا قادرون أن يناقشوا هذه الدقائق بشكل دقيق ويحددوها.
علي أبازيد ـ درعا
سأختزل بعض القضايا بحكم الوقت:
بعد قراءتي للأوراق هناك الكثير من الملاحظات:
أول قضية، رفاق، هي أن ديننا الذي هو الماركسية ـ اللينينية الذي ارتقى إلى مستوى العلم في فهم مختلف ومتباين بين كل الرفاق في هذا الدين. السؤال هو: هل تمكنّا من توصيل هذا الدين إلى الناس، وهل أصبح الشيوعيون أو جزء منهم جاهلين بالمهام من جهة، وبالواقع من جهة أخرى. وهل فقد الحزب مرجعياته الأساسية؟!
التقاطع الرئيسي برأيي هو ضعف الشعور لدى بعض الشيوعيين بهذا الواقع ومحوه لحساب آخر، أعادت الفردية إنتاجه لمصالحها، من هنا تراجع الخطاب، وإلى الآن، وكان يجب أن يكون خطاباً سائداً مثلما أكد معظم الرفاق، لأن الظروف الموضوعية الآن تحتم علينا أن يكون خطابنا هو الخطاب السائد.
أريد أن أتكلم عن الانهيار الكبير للماركسية ـ اللينينية، طبعاً في الاتحاد السوفييتي. لقد خلفت هزيمة المؤسسة القائمة في الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية تأرجحاً وبلبلة وأحيت قوى وتيارات جديدة وأنتجت قضايا نظرية جرى حلها منذ زمن بعيد وقسم منها يحتاج إلى دراسة أكثر وأعمق.
إن التجديد بداية، والاجتهاد وإعادة التطوير وإعادة النظر كما يطرح في كثير من الوثائق يجب أن يكون في آليات هذا الحزب، الحزب الذي هو، ولنرجع إلى التعريف اللينيني: الذي هو الطليعة الواعية والمنظمة للطبقة العاملة. مع التأكيد بأن هناك بعض الأخطاء يجب مراجعتها تاريخياً أيضاً، لأن ماركس لم يجعل قضية الطبقة العاملة حِكراً على الماركسية فقط، ولا يجب على الماركسيين، أو علينا أن نروج لأفكار من أجل استهلاكها والدعوة إلى تبنيها، ولكن القدرة على الخلق والتوليد لتلك الأفكار على أرض الممارسة الوفية للتجربة من خلال، كما طرح في الأوراق، الثابت الممكن تغييره شكلياً، ومن خلال المتحول الذي يتغير مضموناً وشكلاً، ولكن حسب الظروف الواقعية الملموسة.
أي حوار، لايجوز له ولايراد منه تبرير أعمالنا أو تزيين فشلنا، يجب طرح الأسئلة مهما بلغت حدتها من أجل وحدة الحزب.
هناك خلل فكري أيضاً في هذه الأوراق طُرحت وجرت نقاشات كثيرة حول هذه الورقة، لم ينجل الأفق بعد للرأسمالية أو الإمبريالية العالمية، ولكنها تجدد وتحاول تجديد نفسها في كل ظرف من الظروف التاريخية، ولم يعد، كما قيل في الأوراق، لها خيار سوى طريق الحرب، وأنا أؤكد غير ذلك/ هناك 750 شركة عالمية تسيطر على ملكية المشروعات التجارية في العالم، إن الإصلاحات الهيكلية التي تفرضها منظمة التجارة العالمية ورافداها صندوق النقد والبنك الدوليان في نفس الوقت بأكثر من 100 دولة في العالم، تسعى لعولمة الفقر وإلى تقويض العيش الإنساني، و تقويض الحريات والديمقراطية التي يدعون إليها في الغرب والشرق والجنوب والشمال. إن سياسات التكييف أتمنى أن أسقط عليه إسقاطات على الوضع السوري، إن سياسة التكييف الهيكلي الذي ترعاه مؤسسات (بريدس آندوودز) تعتمد باسم الديمقراطية وسلامة الحكم المزعوم يجب أن تتعرف أكثر.. هذه ظروفنا الموضوعية الآن من خلال العولمة عن منظمة التجارة العالمية وعن صندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة (الغات) و (النافتا).. وماهو نادي باريس ونادي لندن... إنها كلها يرفاق الشكل الجديد من السيطرة الاقتصادية، الشكل الجديد للإمبريالية لم ينسد الأفق أمامها. من أجل الاستعمار السوقي الجديد والهيمنة على العالم، وهذا يؤثر على معيشة أكثر من (80 %) من سكان العالم.
الإنسان أهم عامل في القوى المنتجة في مجموع القوى المنتجة، وسياسة الماركسية ـ اللينينية ترى بأنه في كل القضايا الأساسية سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية لها معيار واحد، وحتى الآلة التكنولوجية الهائلة الإعلامية الحديثة، يجب أن تتمثل في معيار واحد: لمصلحة من وتحت سيطرة من سيجري استخدامها؟
إن الأقل إدراكاً لهو أكثر من كافر على أهمية وحدة الشيوعيين، وليس هناك شيوعيان اثنان حقيقيان يختلفان على وحدة الحزب، ولكن أرى أن هذا الشعار مافوق الواقعي الآن، المهمة الرئيسية، نحن نغفل الحلقة الرئيسية الآن، ومن خلال الظروف الموضوعية التي يجب أن نمسك بها الآن وهي الوحدة الوطنية الكبيرة الواسعة، سموها ما شئتم، تحالف كبير نلتقي من خلاله مع كل القوى الوطنية على معاداة الاستعمار والإمبريالية ومخططاتهما، ودعم موقف سورية والدفاع عن هذا التراب الغالي.
حسن رضوان
ـ 84 عاماً ـ من مؤسسي منظمة السويداء
أهم شيء هو الدفاع عن كرامة العمال والفلاحين والفقراء. أرجو أن تخرجوا بقرارات جيدة ومحترمة تعيد الحزب إلى مساره الصحيح، وتتخلى عن الأنانية. المواطن يريد الحزب الشيوعي الصحيح، وعلى الرفاق أن يضعوا مصلحة الحزب فوق مصالحهم الشخصية.
وأضاف في الختام:
«وين وجهكم من العمال والفلاحين وأنتو مختلفين ملتهيين ببعضكم»؟!..
يمن قره ـ درعا
بخصوص مسالة الأزمة أيهما يسبق الآخر، التراجع أو أن الأزمة تسبق التراجع؟، أرى بتصوري الشخصي أن التراجع هو سبب الأزمة، والفكرة التي أريد طرحها هي أن لينين كان يقول: «إن الأزمة في الرأسمالية تتجلى وتظهر في الأطراف» وهذا القول نستطيع إسقاطه على ماركسيتنا، فالأزمة كانت تتجلى في الأطراف حيث أن أزمات المركز دائماً كانت لا تظهر لديه بل تتجلى في أطرافه، (الحركات الثورية) و (حركات التحرر) وبتصوري أن الأزمة في المركز كانت بسبب:
1. عدم تطبيق النظرية الماركسية من جذورها: أي خروج قيادة حركات التحرر عن النظرية الماركسية بإفراغها من صراعها الطبقي واعتباره صراع أيديولوجيات بين الأيديولوجية الاشتراكية والأيديولوجية الرأسمالية.
2. سياسات المركز كانت تخدم مصلحة السلطة لا مصلحة الطبقة العاملة، وهذا عام على كافة الحركات مع الاحتفاظ بخصوصية كل حركة.
3. أما في سورية، فهذا يختلف قليلاً لخصوصية الظروف من خلال أنه في سورية ليست هناك أزمة حزب كحزب، بل أزمة حركة سياسية على المستوى (الشيوعي أو القومي أو حتى الأصولي).
وأريد أن أعقب على فكرة الأصولي، حيث أنه لا يوجد في التاريخ حركة أصولية لأنها طرحت نفسها كبديل عن الحركة الاشتراكية، فالصراع المستمر دائماً يكون بين طبقتين، طبقة الرأسمالية وطبقة البروليتاريا والأصولية ظهرت بعدما تراجعت الشيوعية (الحركة الاشتراكية) وأخذت دورها وهي الآن تعاني من الأزمة ذاتها. وأرى هنا أن الأزمة في سورية شاملة وسبب الأزمة قد يكون بعيداً عما ذكرتموه هو عدم وجود انتماء فحتى الآن لا يستطيع أحد أن يعبر عن انتمائه هل هو وطني أم ديني أم قومي، وهذا المسألة (مسألة الانتماء) بتصوري تستحق الدراسة وتناقش.
مسألة التحالفات:
هي جداً مهمة برأيي الشخصي، مسألة التحالف مع القوى القومية، القوى الأصولية ضروري جداً لكن دون أن ننسى صراعنا الطبقي، فكرنا الطبقي لكي لا نصبح تابعين.
مسألة انفتاح وانسداد الأفق:
اليوم ومع الهجمة الإمبريالية المتوحشة من نهب للثروات وانتهاك للطبيعة وتدمير للبيئة والمجاعات التي سببتها والحرب التي شنتها وهي الحرب العالمية الثالثة، ومن المهم أن ندعوها بالحرب العالمية الثالثة لأنه في الحرب العالمية الثانية انتصرت الماركسية وفي الحرب العالمية الثالثة ستنتصر الماركسية أيضاً.
هذا كله يجعل العالم ككل حتمياً ضد الإمبريالية، ليس معادياً فقط، وهذا نطلق عليه العامل الموضوعي، فأين العامل الذاتي؟
العامل الذاتي هو وجود حزب يدرك هذا الوضع وإن لم نكن نحن فسيكون هناك غيرنا والتاريخ لا يرحم يارفاق وشكراً لكم.
عصام حوج ـ الجزيرة
- حول الموقف من تاريخ الحزب أو من المناضلين الأوائل أو تقييم بعض جوانب الحزب بتقديري مؤكداً على كلام الرفيق الذي تحدث حول الفكرة ذاتها، يجب أن ندافع عن تاريخ حزبنا ولكن بشكل ديالكتيكي وأن نكون على مستوى ذلك التاريخ، حتى نستطيع أن ندافع عنه دفاعاً صحيحاً، لايجوز أن يكون أحدهم ضعيفاً أمام عدوه الطبقي ويتاجر باسم «سعيد الدروبي» أو «محي الدين فليون» ... ولا يجوز أن يقتدي أحدهم بستالين وأن يكون متخاذلاً أمام العدو. إذا أردنا أن ندافع عن تاريخ الحزب يجب أن نكون على مستوى ذلك التاريخ وأن نوجد له أسباب الاستمرارية والديمومة في الحاضر.
وأحد أهم مقاييس احترام تاريخ الحزب بتقديري هو الموقف من وحدة الشيوعيين السوريين كما تفضل أحد الرفاق.
- حول علاقة الحزب بالمنظمات الجماهيرية (منظمة النساء ـ منظمة الشباب) وعلاقة هذا بالأزمة، وهذه إحدى القضايا التي تستحق النقاش بتقديري.
ففي منظمة الشباب، غالباً ما كان الشباب يصطدم دائماً بحالة الترهل وضعف الأداء السياسي و الخطاب الذرائعي التبريري لدى مختلف الهيئات الحزبية، الأمر الذي تناقض مع روح الحيوية والاندفاع لدى جيل الشباب والذين ابتعد الألوف منهم عن هذا الحزب أو منظمة الشباب الديمقراطي التي هي رديف رافد للحزب.
ومن المشاكل الأخرى لهذه القضية، عدم فهم خصائص الجيل، لكل مرحلة تاريخية والنظر للشباب على أنهم تابع بعقلية أبوية متخلفة، في حين يجب أن تكون عقلية أبوية حضارية وتتفهم هذا الابن وكيف توجهه وكيف تقنعه.
فقد كان يجب أن ينظر للمسألة في إطار الجمع بين حكمة الشيوخ وحيوية الشباب، هذه العلاقة تمخض عنها علاقة استعلائية تتجلى في التفكير عوضاً عن الشباب بدلاً من التفكير معهم، فمثال على ذلك كان المشرف على المكتب السياسي، بدون ذكر أسماء، ومع احترامي للجميع كان كلامه في أي مؤتمر شبابي هو قرار المؤتمر، الأمر الذي جعل أجيالاً وأجيالاً من الشباب تبتعد عن الحزب لمواقف شخصية، و هذا عائد طبعاً لمستوى وعي الشباب. وشكراً لكم.
سعيد السغبيني ـ السويداء
من أجل الخروج من أزمة الحزب للأمانة أنقل وجهة نظري ووجهة نظر جملة من الرفاق.
لايمكن الخروج من أزمة هذا الحزب مادامت الإمبريالية تبتكر أسلوباً جديداً بالاحتكار والسيطرة على عقولنا وعلى مفاهيمنا برموزها كأمريكا، وإذا سقطت أمريكا فستصعد فرنسا وبريطانيا وألمانيا... ونحن نسقط ولا يصعد عوضا ًعنا سوى الاتجاهات الأصولية المتطرفة وللخروج من هذه الأزمة لا يمكن إلا عبر الحزب، على شرف الرفاق القدماء وبعقلية الرفاق الجدد وبدون استزلام أو ولاءات ونناشد جميع الرفاق بهذا وبعيداً عن العواطف لأن المرحلة تتطلب منا أن نكون على مستوى الوطن والوطنية. وشكراً.
سليم اليوسف ـ حلب
كل ما سبق نحن موافقون عليه وبرأيي:
1. أن الأزمة العامة للحزب تنقسم إلى أزمات محلية صغيرة على مستوى المحافظات والمناطق، فالمشاكل التي تظهر أمام رفاقنا في السويداء هي غير المشاكل التي تظهر أمامهم في الجزيرة بسبب الاختلاف القومي أو... أو ... وحزبنا تحول من حزب جماهيري إلى حزب للأقليات وهذا مصدر فخر لكنه في الوقت نفسه ابتعد عن الجماهير الواسعة، ففي مدينة مثل حلب عدد سكانها 2.5 مليون حزبنا يفتقد لقواعده التي كانت موجودة في المدينة القديمة وأصبح مصدر فرص لبعض الأشخاص.
2. وهناك قضية أن الكادر الضعيف هو كادر مغر للقيادة، فقد كانت تقدم الكادر الضعيف على الكادر الجيد وكما يقال: العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، والذي لايستطيعون طرده يرسلونه في منحة دراسية إلى أحد الدول الاشتراكية وعندما يعود يكون إما غير أفكاره أو ضد الاشتراكية وأغلبهم عندما عادوا وهم أطباء أو مهندسون في الغالب كانوا معادين للفكر الاشتراكي.
3. حزبنا كان شاهد زور في الثمانينات، حين وافق على كل ما تقوله السلطة، وقد تراجعنا في مجال حقوق الإنسان، فالمنظمات الأخرى على الأنترنت في نقاشاتها تفري البلاد بحقوق الإنسان والديمقراطية في حين نحن تخلينا عن الإنسان كإنسان.
4. لماذا نحن نغفل عن دور السلطة في أزمة الحزب؟
فالسلطة عندما تختار ممثليها في الهيئات المحلية ومجلس الشعب والوزارات فهي تنتقي منا انتقاء وحزبنا هنا يفقد رأيه المستقل.
وبتصوري حين تنتهي أزمة الحزب علينا أن نعود للشارع وحتى نعود للشارع يجب أن نعرف ماهي مطالبه، ففي المعامل والمصانع ليس لدينا قوى فعلية فالموجودون أغلبهم متعلم (طالب، مدرس) لكننا نفتقد للعامل الحقيقي بيننا.
أديب العيد ـ السويداء
أنا من شيوعيي الخمسينات. عندما كان للشيوعي احترامه وتأثيره في المجتمع، وعندما كان للمجتمع أمل في الشيوعي.
وأريد أن أضيف إلى أسباب الأزمة الأحكام العرفية خلال أربعين سنة أو أكثر والمخطط لإذلال الروح الوطنية لدى الشيوعي وغيره.
أما بالنسبة للخروج من الأزمة فهناك ما أضيفه: أولها قوة العضو الشيوعي بفهمه لفكره وبتجنده لأجل هذا الفكر وبعمله بين الجماهير كمثل أعلى في التضحية، فالمدرس يعلم الفقراء والعامل يسعى لنصرة رفاقه فعلينا بسلوك العمل الذي يعيد احترام المجتمع لدينا.

محمد الأحمد ـ دمشق
الأزمة كانت نتاجاً طبيعياً لأزمة الديمقراطية الداخلية، حيث سيادة المركزية الموروثة من حزب ثورة أكتوبر العظمى في الاتحاد السوفييتي الذي جعل من الماركسية، والماركسية اللينينية مرجعية عقائدية مقدسة (لايمكن المساس بصحتها وصدقيتها مهما تغيرت الظروف) حاولت إلزام كافة الأحزاب الشيوعية في العالم الاقتداء بها والاهتداء بوحيها باعتبارها الحقيقة المطلقة (الصالحة لكل مكان ولأي زمان) والتي لايمكن لغيرهم إدراكها، فغيب الآخر سياسياً ولو كان وطنياً وعزلته اجتماعياً فصادرت حريته، وهدرت كرامته عندما أدخلته السجن وتعرض للتعذيب، وخونت الكثير فأعدمتهم. هذه العدوى انتقلت إلى الأحزاب غير الحاكمة في مجتمعات أخرى حيث عاشت حالة صراع داخلي منذ أواسط الستينات بحثاً عن تشخيص نقطة انطلاق الأزمة، و اختلف الكثير حولها.
الكثيرون منا اليوم أدركها كونها أزمة الديمقراطية داخل الحزب، وننتظر من الآخرين، من رفاقنا الذين لابد لهم يوماً أن يدركوها، ولابد للقواعد الواعية من أن تلتقي متوحدة تحت ظل الديمقراطية الداخلية التي تخضع لها المركزية.

المحامي مجيد الحسين ـ السويداء
أتصور أن المسألة مازالت تناقش بشكل ميكانيكي ولم ننتقل بعد إلى حالة التماهي مع الموضوع ولا لحالة المتغير في الواقع، فإذا كان الحوار مفقوداً فترة من الزمن ليست بالقليلة، فأنا ليس لدي أي تصور لأزمة هذا الحزب أو ذاك، فهناك أزمة أكبر وهي أزمة وطن، وهو قوام الناس وكل القوى الوطنية.
فالأحزاب السياسية، ومن ضمنها الحزب الشيوعي، كان فاقداً للحوار الديمقراطي تاريخياً في حياته الداخلية وكان تابعياً في قراره وكان يعمل جاهداً لكنه لم يستطع أن يوجد القرار، لكنه كان خفياً في كثير من القضايا.
حتى أنه على مدى فترة طويلة من الزمن سجن الأيديولوجية في داخله، فهو لم يدع هذه الأيديولوجية أن تتحرر من داخله على حسب حالته المعرفية لتكون في الواقع حسنة التطبيق.
فبتصوري إن التخندق عند فلان أو فلان... هذه ليست مفيدة أبداً، الوطن حالياً يُحتل أمريكياً وصهيونياً ومدمر اقتصادياً وهناك تراخي عربي وعدة قضايا وإشكالات تواجهنا يومياً.
فأنا من الذين تركوا الحزب. لماذا؟ لرغبة فينا أم بدفعنا لتركه.
أنا بتصوري بالذات حالياً إذا كان لابد من حل أزمة الحزب يجب أن تحل على قاعدة الوطن وقاعدة الحوار الديمقراطي بين الجميع وأن يكون هذا الحوار تحت سقف هذا الوطن.
ويجب أن نحرر الأيديولوجية من داخلنا بحسب حالتنا المعرفية، فحالتنا المعرفية تاريخياً هي حالة متدنية لا ترتقي إلى المستوى المعرفي لعهد الأيديولوجية، فلكي لا نحمّل الأيديولوجية ونضيف لها أخطاءنا ونحملها لها، يجب أن نعيد قراءتنا ويجب أن نتمعن في الواقع، حسب واقعنا العربي، وبتصوري أن الماضي يجب أن يذكر ولكن الواقع أجدر بأن يعاش.
نحن لسنا بصدد فلان أو فلان... لأنني لا أستطيع أن أقول عن أحدهم خائن، فإن أخطأ فقد أخطأ وإن رأى فهذه رؤيته وإن قرأ فهذه قراءته ولكن القراءة الحداثية بالذات تتطلب أن نكون واقعيين وأن نكون معرفيين حسب سمات العصر وحسب قانون المتغير وأن نخرج الأيديولوجية من سجوننا وأن نتعاطى في الفكر وبالموضوع والواقع ونضع برنامجاً. وهذا البرنامج يجب أن يكون وطنياً لكل الوطنيين وبدون استثناء.
إيمان ذياب ـ الجزيرة
أحييكم باسم كل الشيوعيات السوريات.
كل الرفاق المداخلين كانوا في القيادات السابقة للحزب الشيوعي السوري، وتحدثوا عن الأزمة في صفوفه، لكن وردت بعض القضايا:
- تحدث أحد الرفاق عن القضية الوطنية، أتساءل: كيف نكون نحن شيوعيين وننتهج الماركسية كنهج لنا، وكيف نفصل بين الواقع الاقتصادي والاجتماعي للجماهير الكادحة التي نمثلها ونفصلها عن القضية الوطنية، ونعتبر القضية الوطنية بعيدة عن هذا الواقع؟!! وأيضاً نفصلها عن قضية الديمقراطية وهي مسألة أساسية؟!
أليس الوجه الاجتماعي والاقتصادي هو وجه من وجوه القضية الوطنية؟
أعتقد أن هذه القضية كانت تستحق أن تدرس في قيادة الحزب سابقاً.
- سياسة التحالفات، فقد تحدث عنها أحد الرفاق مشكوراً، لأن هذه السياسة يدور حولها نقاش كثير، لكنني أعتقد عند تحالفنا مع أي جهة معينة سياسياً يجب أن تخدم مصالحنا في شيء ما، وباستعراضنا لما جرى، لم تخدم تحالفاتنا السابقة في أي شيء وكان اكتشاف ذلك مبكراً فالخطأ الذي وقعت فيه القيادة في الدرجة الأولى في توقيعها على ميثاق الجبهة هو وجود بند حول قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع، وهو بهذا قد ألغى الوجه المستقل للحزب الشيوعي السوري.
وفي المؤتمر الخامس، جرى تقييمات ولم تحاول القيادة في ذلك الوقت أن تراجع نهجها أو تتراجع ع موقفها في تحالف كهذا لم يخدم سياسة الحزب.
- جميعنا حضرنا من أجل وحدة الشيوعيين وهناك حقيقة أن الجنين الذي ينشأ في رحم المريض قد يولد ميتاً وخوفا من هذا علينا أن ندرس المرحلة القادمة دراسة جيدة:
1. مسألة الجماهير: أعتقد أن الرهان هنا على الجماهير، ومن يراهن على أي قوى سياسية أخرى سواء كانت السلطة أو أي قوى أخرى فهو رهان فاشل.
2. أعتقد أنه يجب إعادة النظر في سياسة التحالفات سواء مع القوى التقدمية أو القوى الوطنية الموجودة أو مع السلطة وخاصة موضوع السلطة.
3. تحدث أحد الرفاق عن قضية التراث الوطني، كان مفكرونا في الغالب يفصلون النظرية على قياس مجتمعنا، وأعتقد أن هذا خطأ كبير، مجتمعاتنا لها خصوصية تتميز بها يجب أن يكون تراثنا مبنياً على أساس منهجي علمي وهو الماركسية اللينينية. إن خطأنا كبير في حقنا عندما نستعير نظرية ونفصلها على قياسنا من الاتحاد السوفييتي على سبيل المثال ثم نلقي أخطاءنا على شماعة الاتحاد السوفييتي الآن.
- أعتقد أنه يجب فهم الواقع السوري عبر دراسة جيدة فالكل تحدث من مداخلين أساسيين ومعقبين وركزوا على فصائل الأحزاب الموجودة وخاصة فصائل الحزب الشيوعي السوري ولكننا لم نتحدث عن الجماهير وإذا تحدثنا عنها فيأتي ذلك عرضاً. وأقترح أن تجري دراسة المجتمع السوري وبنيته طبقياً وقومياً وسكانياً وهذه مهمة كل رفيق يتطلع لوحدة الشيوعيين السوريين، وهذه الدراسة العلمية يتم من خلالها التوجه للشارع والجماهير.
ماهر الحجار ـ حلب
لن أكرر ما ذكرته في مقالي المنشور في العدد الأخير من صحيفة «قاسيون». وفي البداية لا بد من تسجيل الاتفاق مع «الموضوعات»، ومع ما أشار إليه قبل قليل الرفيق قدري من ضرورة ربط الخاص بالعام، وهذا ما لم أره في المداخلات التي سبقت مداخلتي.
كما لا بد من تسجيل الاختلاف مع «الموضوعات» بالقول: إن انقسامات الحزب المتتالية ليست دليل أزمة، تماماً، كما أنها ليست دليل صحة أو تطور.. الأزمة من حقل معرفي، والانقسامات من حقل معرفي آخر.. أي أنني أستبعد الاستدلال على الأزمة بانقسامات الحزب المتتالية.. الأزمة تتوضح في عجز الحركة الشيوعية، ومنها حزبنا، عن القيام بالدور المنوط بها... مما أدى إلى تراجعٍ نسبي تجلَّى في التقدم العلمي المستمر للعدو، وجمود العلم الشيوعي وتوقفه... لقد أدى هذا إلى تمكن العدو من تمثل واستيعاب العلم الشيوعي، وفهم قوانين التطور الموضوعي.. وبالتالي استطاع التحكم بهذه القوانين، وفق مصالحه. لقد انطلق العدو – بكافة تلاوينه – من المقولة الماركسية القائلة: إن الأفكار الثورية تصبح قوة مادية حالما يتبناها جمهور الكادحين.. ولما كان موقناً من استحالة الانتصار على العلم الشيوعي بمعركة نزيهة ، واستحالة ابعاد جمهور الكادحين عن الفكر الشيوعي، لجأ إلى تقنيات أرقى من المجابهة المباشرة.. وتلخَّصَ عمله في تمثل الفكر الشيوعي وإعادة انتاجه بشكل مشوه... ومن ثم تسويق هذا الفكر المشوه، وجعله أسساً لتفكير الشيوعيين.
وهذا الذي ذهبت إليه، أسماه الرفيق أوليغ شينين في حديث خاص لصحيفة قاسيون «مشروع نشر الغباء العالمي»، واقترحُ الآن الاصطلاح على تسميته «جدل الدجل». على هذا الأساس يمكننا فهم الأسئلة التي طرحتها الحياة علينا من مثل: لماذا قاتل العمال في نقابة «تضامن» البولندية من أجل عودة الرأسمالية؟..
مثال آخر: كيف يتفق جورج بوش والشيوعي في محافظة السويداء مثلاً على مصطلح واحد «الديمقراطية»؟!!.. ألم يقل ماركس أن الديمقراطية البرجوازية تعني: «أنه سيسمح للمطحونين أن يقرروا – مرة كل بضع سنوات – من سيطحنهم في البرلمان من بين ممثلي الطبقات الطاحنة» ؟! ولماذا أصبحنا نخجل نحن الشيوعيين جميعاً من مصطلح ديكتاتورية البروليتاريا؟!.. أليست هي اكتشاف ماركس الأساسي – بل الوحيد – في علم الاجتماع ؟!.. أليست هي أوسع ديمقراطية في ظل المجتمع الطبقي على حد تعبير لينين ، وتتحول إلى الحرية في المجتمع الشيوعي كما عبَّر عن ذلك انجلز؟...
كيف غابت جاذبية هذا الشعار وأصبح الكادحون يرون فيه قمعاً لهم؟! / يرون في قمع النهب والاضطهاد والاستبداد قمعاً لهم!!!...
ولما استطاع العدو أن يغزو البنية الذهنية للشيوعيين، عجز الشيوعيون عن القيام بدورهم المفترض.. فما كان منهم إلا أن يتمثلوا قول الشاعر الإسلامي (عُمير بن شُييم القُطامي):
وأحياناً على بكرٍ أخينا
إذا ما لم نجد إلا أخانا وشكراً..

نبيل عكام ـ دمشق
بالنسبة للخروج من الأزمة أريد أن أؤكد على مسألة الطبقة العاملة، فقد كان لها دور كبير في فترة مابين الخمسينات والستينات وكان الحزب في قيادة نضالها العملي والنظري وفيما بعد تراجع الحزب عن هذا الدور.
مسألة تاريخ الحزب، إلى متى سيظل تاريخ الحزب محفور في الصدور؟ ومتى سيتم نقله إلى الى السطور حتى يبقى كوثيقة تاريخية للأجيال القادمة، كتب الكثير عن تاريخ الحزب بشكل إيجابي وسلبي ولكن كل الذين كتبوا من خارج هذا الحزب.
مسألة أخيرة، عندما يكون في بلد واحد حزبان لابد على الشيوعي أن يجد حزبه الحقيقي.
علي خلف ـ تل تمر
ملاحظة: حول أوراق عمل الاجتماع الوطني الثاني: فإن الكراس تعامل مع الأزمة وفي عدة عناوين على أنها تحصيل حاصل، ناتج عن حركة التراجع العام منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين وبغض النظر عن أهمية هذا التحليل فإن الكراس قد أهمل عاملاً في غاية الأهمية من عوامل أزمة الحزب وهو العامل الذاتي والمفتعل والذي تسببنا فيه نحن الشيوعيين في إعادة إنتاج الأزمة وتكرارها، وأعتقد أنه لتشخيص أزمة الحزب يتوجب الوقوف عند هذا العامل إذ أنه يقع خارج إطار الموضوعية وأكثر أسباب هذا العامل تعود إلى النهج الخاطئ الذي اتبعته قيادة الحزب في تنفيذ سياسته المعلنة، عدا هذا السياسة التي رُسمت لم تراجع ولم تدقق من خلال مؤتمرات الحزب التي كُرست بمجملها لشرعنة الانقسامات وإيهام الشيوعيين بأهميتها وضروريتها في تقرير مصير الحزب بينما كانت تهدف إلى إقصاء خيرة الكوادر الحزبية.
كما أنني أعتقد أن السلطة ساهمت باستمرار الأزمة وسعت إلى تسعيرها بكل ما تملك بهدف إضعاف الحزب وبالتالي جعل دوره في التحالف دور التابع لا الحليف الفاعل.
إن العودة إلى الأخلاق والسمات الشيوعية في الثبات على المبدأ والنضال ضد الانتهازية والوصولية هو أحد الشروط الضرورية للخروج من الأزمة.
بلشة العقباني ـ السويداء
كيف الخروج من الأزمة وتجاوزها؟ وهل هذا ممكن؟
فأنا لا أرى في الأفق رغم كل المعطيات حزباً من طراز جديد لو توحد الشيوعيون فنحن أبناء طوارئ ولاحاجة لدينا للدبلوماسية، وتحرك بعضنا المصالح ونَعدم الفعل والطريقة. فنحن نفتقر للديمقراطية بسبب مجتمعنا وحزبنا.
ربما نحن بحاجة إلى شيء آخر، وقد تكون وحدة الشيوعيين في سياق هذا الشيء الآخر، من خلال التفاهم وإيجاد برامج ومناهج عمل نبتكرها ونعمل جاهدينً وموحدين لإنجازها.
وهذه البرامج هي التي تهتم بالشأن الوطني العام وبالمجتمع وهي ملحة وممكنة فيما لو ركزنا جهودنا عليها سيكون حركة اجتماعية نشترك فيها أو تفرض علينا وعلى غيرنا.
وإن كنا نفكر بشكل علمي وسليم فسيكون لدينا المقدرة على الانخراط وبفاعلية بل ستكون مهمتنا إيجاد مثل هذا المناخ وسيكون لدينا منظور آخر ونترجم من خلال نظرياتنا وأفكارنا على أرض الواقع.
وشكراً..
عبد الكريم عاصي ـ حمص
أحد أسباب الأزمة في الحزب هي السلطة حيث استخدمت سياسة العصا والجزرة والسلطة تشبه كل شيء كمياً ونوعياً فارغاً من كل شيء. والماركسية تقول: «إن المعيشة تفرض الوعي» ونحن جياع. بالنسبة لأزمة الحزب أريد طرح سؤال: كيف انشق الحزب الشيوعي السوري اللبناني إلى حزبين؟ هل هنا بدأت الأزمة أم لا؟!!
هل هذه الانقسامات من تداعيات استشهاد فرج الله الحلو أم لا؟
هل نحن من الطبقة العاملة الواعية أم البرجوازية المتوسطة والمتعلمين الواعين؟.
هل الأزمة في عدم مطابقة القول بالفعل أم لا؟
هل ماأتينا به من برامج للحركات العالمية تناسب تنظيمنا ووعينا البدائي في الخمسينات أم لا؟
هل نتجت عن انتفاع أعوان القيادات والقيادات أم هي دوافع ذاتية؟
هل انقسام الحزب الشيوعي السوري عن اللبناني ظرف موضوعي أم ذاتي؟
هل الحزب الشيوعي هو طبقة عاملة واحدة أم هناك تبانين طبقي فيما بيننا؟
هذه قضية تستحق الدراسة
نحن نتبنى الطبقة العاملة فهل هي موجودة عندنا فعلاً أم هي عبارة عن طيف هلامي؟
من أهم أسباب الأزمة منفعة السلطة، وتشتت الرفاق بين قناعتهم الشخصية وإقصاء الآخر.
أرجو من الرفاق أن يكون لقولنا فعل يجسده بصدق وعلى كل منا أن يعود إلى نفسه لأننا (ضجيج دون طحين).
مهند أبو الحسن ـ السويداء
تحدث الرفاق عن العلاقة بالسلطة ومسألة التحالف. إن مسألة العلاقة بحزب البعث العربي الاشتراكي تحديداً كانت مفصلاً أساسياً في خلق الأزمة من تبعثر الانقسام ولكن العلاقة هذه لاتزال مفصل أساسي للخروج من أزمة الحزب أيضاً. ومنذ فترة وجيزة كانت الأوساط المثقفة تتناقل وتتباحث قضية المصالحة الوطنية أو الوحدة الوطنية ثم اختفت دون سبب، فهل نستطيع التحدث عن أي علاقة مع أي اتجاهات سياسية دون التحدث عن مصالحة وطنية أو الوحدة الوطنية.
إن عدم الفهم الدقيق لطبيعة المرحلة والظرف هو الذي أدى إلى هذه الانقسامات، وهذا يملي علينا ويقتضي وجود برنامج يعي ما سبق وبالتالي يضع خطة عمل تكون علمية ومقنعة بحيث أنه يمكن للشيوعيين أن يتبنوها في الوعي سواء تبنتها قيادات الفصائل أو لم تتبنها. وأقصد أنه قبل أن نفكر في مسألة الوحدة الاندماجية دعونا نتوحد على وجهة نظر واحدة وعلمية ومدروسة.
هناك بعض الظواهر لم يشر إليها أحد:
1. هناك بعض الرفاق بعد أن تركوا الحزب توجهوا إلى الزعامات العشائرية والبعض إلى التشدد الديني (مشيخة) وهذا يؤكد ضعف السياسات الحزبية المتبعة سابقاً على رفع سوية الوعي عند الرفاق.
2. وهناك المثقفون والكوادر العلمية وخصوصاً الذين أرسلوا في بعثات دراسية على نفقة الحزب، هؤلاء لم يتركوا الحزب إلا أن حدود الحزب وأطره كانت أضيق من آفاق هؤلاء الرفاق.
حمزة منذر ـ ريف دمشق
لقد تأثرت كثيراً بما قاله الشيخ الشيوعي عندما غادرنا لأسباب صحية عندما قال: «وين وجهكم من العمال والفلاحين وأنتو مختلفين ملتهين ببعضكم» وسمعت كلمة لأحد الرفاق الشيوعيين في محاضرة ألقاها في باريس، أعترف أننا كنا نختلف كثيراً وتبين أننا كنا نتناقش معلى (ماء الملائكة) ورفيق آخر يقول أنا لا أدعو للاشتراكية وآخر يقول (البلسم هو الديمقراطية) وثالث يقول (لنعد إلى التراث) والكل تحدث أنه لاضرورة للغوص في الماضي، لكن هذا ليس بماضٍ، ولكن السؤال الملح المطروح الآن الجميع يؤكد على ضرورة وجود حزب شيوعي واحد وهذا يعني عملياً إلغاء الفصائلية وهذا يعني عملياً عبر شعار «من تحت إلى فوق» قطع الطريق على الذين حكموا ويحكمون الفصائل الآن مع حفظ مآثر الشهداء وجهود كل البناة الأوائل واعدم التنكر لهذا التاريخ، بل سنفتخر بهذا التاريخ لما يملكه من صفحات مجيدة جداً، ويجب أن تظهر هذه الصفحات إلى حيز الواقع بدون تفاخر لتغطية العيوب والمشكلة الأكبر التي نعاني منها اليوم، هي فيما طرح في عام 1925 في الحزب الشيوعي السوفييتي على شكل سؤال: ماهي مخاطر فسادنا الحزبي في حال استقرار واستفحال الرأسمالية؟ أجاب عليه ستالين وعذراً ممن لا يتحملون هذا الاسم، أجاب: هناك ثلاث مخاطر:
1. خطر فقدان الأفق الاشتراكي الداخلي والمثال الآن (البعض خدم في الحزب الشيوعي السوري 52 سنة وهو كادر ومنظر يقول لا أجزم بضرورة انتصار الاشتراكية).
2. خطر فقدان الأفق الثوري الدولي وخطر النزعة القومية وتلاحظون ما يجري في العالم من غياب الأممية.
3. خطر فقدان القيادة الحزبية وإمكانية تحول الحزب إلى تابع لجهاز الدولة وحتى لو كانت هذه الدولة شيوعية فيفقد الحزب دوره الوظيفي ودوره التغييري في التاريخ وإذا سمحتم أن أذكّر بالأمراض الجبهوية الثلاثة وهي:
- خطر النزوع نحو المكاسب.
- العمل من فوق لأنه الأسهل.
- البطش بالرأي الآخر.
نلاحظ أنها حلقات متسلسلة بسبب استفحال واستقرار المرحلة الرأسمالية.
الآن هناك رأس مال معولم يقتضي نضالاً أممياً معولماً وهذا ابتدأ من سياتل ويتطور إلى أعلى فأعلى، وهنا لا يقال أن هناك انفتاح أفق أمام حركة التحرر العالمية وانسداد أفق أمام الرأسمالية المتوحشة، وعندما يقول تحرير التجارة فإن هذا المصطلح شأنه كشأن مصطلح شيخوخة الرأسمالية فقد اعتبرت جسماً بيولوجياً والمصطلح له هدف نفسي غريب من نوعه وعندما يقولون تحرير التجارة فكلمة تحرير كلمة محببة بينما هي استباحة وهي تغيير في كل شيء، هذا هوا لخطر الذي يقف أمامنا والآن هذه الندوة والتي سبقتها والتي ستأتي من بعدها، السؤال الأساسي لها: كم تقربنا من وحدة الشيوعيين وإلى سنكون نختلف على ماء الملائكة.
نديم محمد علي ـ اللاذقية
أعلق على كلمة أحد الرفاق وأتمنى أن يكون حاملاً المحبة للوطن والفقراء والمظلومين.
- الحرية: كل ماقيل في هذه الندوة يجعلني أؤكد بأن الحرية الفردية هي أساس العمل والحرية عندنا بسبب الخوف مفقودة لذلك يجب أن يكون الإنسان جريئاً ومتحرراً من الخوف ومن أي شيء. منذ خمسين عاماً كنا إذا أخطأ الوزير أو المدير أو إنسان فسد أو سرق نثور ونتظاهر. اريد التحدث عن ربط القول بالفعل كل ما جرى الحديث عنه هو أخلاق وآمال لكننا نريد برامج عملية حقيقية وأريد ربط الماضي بالحاضر بالمستقبل. وإذا لم نربطهم فلن يكون لدينا مستقبل فالعدو لايرحم، العدو الصهيوني والإمبريالية تضرب بلا رحمة وأن نستفيد من تجربة المقاومة اللبنانية، أريد أن يكون الإنسان عملياً مرتبطاً بأقواله ولا أرى أي مشكلة في الرشوة فأنت لاتستحم في ماء النهر مرتين فالفرد يمكن أن يتغير، وإذا أخطأ في مؤسسة يحاسب فلنبدأ بالمحاسبة وأن نلتزم بالأخلاق والمحبة وأن لانتراجع أمام العدو.
- بالنسبة للعمل الوطني من أجل المواطن كلنا يجب أن نغير واقعنا ونؤثر فيه.
رشيد الأشقر ـ السويداء
عندما نتحدث عن أزمة الحزب يتبادر لنا الخطاب الذي يجري في الساحة بأن الأزمة في الماركسية اللينينية وهذا خطأ فادح نقع فيه عن قصد أو عن غير قصد. وبرأيي هو مقصود، والأسباب التي أدت للأزمة في الحزب متعددة الجوانب وهي:
1. عدم دراسة الواقع السوري والعربي بشكل حقيقي ومنطقي أي أنه لم يتم دراسة طبيعة المكان والبنية الفكرية الموجودة في المجتمع القائم.
2. بنية الفعل السياسي العربي عبر التاريخ.
3. التركيبة الطبقية في المنطقة العربية.
4. الخطاب السياسي لدى الأحزاب الشيوعية العربية كان يتم ولا يزال كأن الوجه الاشتراكي قد أنجز واصبح الآن في أزمة.
5. الخطاب الماركسي اللينيني عند الشيوعيين العرب هو نفسه الخطاب الأيديولوجي الذي نقده ماركس عند الألمان أي علم التصور.
6. وضع صبغة القدسية على الماركسية اللينينية التي أدت إلى حجب الوجه النقدي الثوري في النظرية وإبعاد الكوادر الحزبية عن دراسة النصوص الماركسية وشموليتها وحيويتها العلمية والنقدية علماً بأن النص الماركسي لايقبل الثبات ولا السكون وإنما يسعى بطبعه إلى تخطي ذاته جدلياً وإلى استيعاب الواقع والتاريخ نقدياً وثورياً.
7. تم اختصار الحزب في شخص واحد كما يحدث في الأنظمة القائمة التي تختصر الدولة والمجتمع في آن معاً.
8. التحالف لم يكن مدروساً لأن هناك فرقاً بين التحالف بين الطبقة العاملة وحزبها مع الفلاحين وبين التحالف مع البرجوازية دون أخذ الحذر مما يجعلها تمد خيوطها لكي تفكك الحزب والدولة. وأخيراً، عندما سقط النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي تحررت الأحزاب من آخر خيط يربطها بالنص وبالطبقة العاملة وبدأت حملة النقد على اللينينية والستالينية.
حبيب الضعضي ـ دمشق
هناك فكرة أساسية ذكرت وهي « إشعال شمعة أفضل من لعن الظلام» فمن المعروف في مجتمعنا العربي أن الفرد العربي يستهلك وقتاً في اللعن أضعاف مضاعفة عن الوقت الممكن لاستهلاكه في عملية التغيير وهذه مسألة مهمة وهي من ضمن أخلاقياتنا كمجتمع عربي.
أريد التكلم عن الثورة أو التغيير وهما الشيء نفسه، في المجتمع لا يمكن أن تقوم إلا إن بدأت على صعيد كل فرد من بيننا وخاصة الرفاق الشيوعيين وهي تتطلب الوقوف عند ذاتنا بشكل حقيقي أي أن نستعرض الماضي ونستخلص النتائج، لا أن أستعرضه أمام رفاقي على المنبر والنتائج التي تستخلص حسب القناعات تعرض للنقاش ومن أهم القضايا التي ذكرت في الندوة هي إعادة بناء الحركة بكافة المجالات وخاصة المجال الأخلاقي وأعتقد أن هذه القضية مهمة جداً وتحتاج إلى وقفة حقيقية اليوم.
فإذا أردنا أن نغير المجتمع فيجب علنيا فهم مراحل الأزمة وكل مرحلة بخصوصيتها على كافة الصعد وخاصة على الصعيد الأخلاقي وصعيد مستوى الوعي.
والآن يتكون لدينا مستوى وعي جديد وقضايا جديدة إن لم ندركها فلن نستطيع أن نتقدم إلى الأمام.
أعتقد أن الندوة قد افتقرت إلى وضع الخطوات الملموسة وهذه الخطوات الملموسة برأينا كشباب وأتحدث باسمي واسم الشباب التي يبرزها لنا هو الشارع.
تعقيبات د. قدري جميل على النقاشات
أعتقد أن النقاش غني ومفيد.
القضية الأولى التي أريد أن أشير لها هي أن الأزمة هي التراجع بما معناه عبر الثنائية / التراجع أدى إلى أزمة / ولكن عمقنا إذا التفكر فإن الأزمة أدت إلى تراجعاتها الخاصة بها، وهذه التراجعات أدت إلى أزمات خاصة أيضاً بها، وهذه سلسلة متفرعة إحداها عن الأخرى ومتتابعة كسبب ونتيجة. وهنا عندما نجد السبب العام فلدينا خصوصياتنا نحن أيضاً، فعندما أعدنا إنتاج الأزمة في ظروفنا الخاصة تطورنا وأبدعنا في إعادة إنتاجها.
هناك السبب العام للحركة ثم انعكست النتيجة عندنا، ثم إفرازات هذه النتيجة التي هي نتيجة لأسباب خاصة بنا، لذلك يجب أن نرى العام والخاص ـ الجزئي والكلي أما أن ننقطع عن الخارج فهذا خطأ، وأن نرى ما يحدث في الخارج ونغفل الداخل فهذا خطأ أيضاً.
والسؤال: لماذا ندرس الأزمة؟ هل من أجل دراستها فقط؟!
فالأزمة، ومهما كانت نتائج نقاشنا، وأعتقد أن البشرية كل لحظة تتقدم في فهم الماضي، فإن هذه النتائج سيأتي من يطورها من بعدنا، ونحن استناداً لما وصلنا إليه نستطيع أن نستنتج أن خلافاتنا حول الماضي البعيد وخلافاتنا حول المستقبل البعيد يجب أن لا تمنعنا من الاتفاق حول الحاضر.
فالأزمة إذا عدنا إليها فإن كافة المشاكل كانت تجري حول الماضي البعيد أو المستقبل البعيد.
فمنذ 200 سنة مازال الفرنسيون يتجادلون حول الثورة الفرنسية وأشخاصها.
وإذا اتخذنا الآن القرار وحددنا مسؤولية قياداتنا بالأسماء في الأزمات السابقة فهل سيكون هذا هو الحل؟؟!!
ليست هذه هي مهمتنا التي نضعها أمامنا الآن، مهمتنا هي أن نفهم ما جرى وأن نتعامل مع الجميع باحترام ونتقدم إلى الأمام في تحقيق هدفنا الأساسي الذي ينساه البعض، نحن نفيٌ للرأسمالية، وهو مبرر وجودنا وخلال عملية النفي يجري النقاش والمتابعة له بكل تفاصيلها، لكني أعتقد أننا متفقون كشيوعيين على أن نحمل لواء معاداة الرأسمالية ومحاربتها ونفيها.
الفكرة الأخيرة.. في سورية لا يوجد حزب شيوعي هناك فصائل فقط ونحن كلجنة وطنية أو كتيار قاسيون تحدثنا منذ اللحظة الأولى، وبكل سهولة كان بإمكاننا إعلان وجود فصيل، لكن هذا لانعتبره شرفاً كبيراً لنا. فوضعنا أمامنا مهمة هي أنبل بكثير وهي إعادة بناء الحركة الشيوعية، وإعادة بناء الحزب الشيوعي مكان هذه الفصائل جميعاً من تحت إلى فوق دون استثناء أحد والذي يريد استثناء نفسه فهذا شأنه.
- دور السلطة في أزمتنا:
إذا عدنا للوثائق الرسمية لمؤتمرات الحزب، جرى الحديث عنها كثيراً لكن ما لم يجر الحديث عنه هو دور الحزب الشيوعي السوفييتي بالأزمة للحزب الشيوعي اللبناني،وحتى آخر أزمة حيث لعبت دوراً هاماً لدينا ولدى الحركة الشيوعية كلها، لم نكن الوحيدين في العالم فعندما انهار الاتحاد السوفييتي كان 70 حزباً مقسوماً على بعضه من فنلندة الحضارية التي لا تمتلك بنية شرقية ولاعقلاً متخلفاً هناك أربعة أحزاب شيوعية.
فالمسألة كالتالي، الردة كانت على المستوى العالمي وعلى المستوى الجزئي في الاتحاد السوفييتي وما انعكس لدينا من ذلك ووقعنا في هذا الفخ، ولعبنا دوراً في تعميق الدور أكثر.
هناك بعض الأمور التي كشفنا عنها وقاومناها لكنها كانت ضمن الاستراتيجية كحل الأحزاب والتطور اللارأسمالي ، الآن ننظر للمسألة ككل فنجد أن هناك منظومة كانت تعمل بهذه الأزمة لم يرها أحد.
لذلك فإن التوحيد، في ظروفنا الحالية، يجب أن نفهمه، ليس بشكله الميكانيكي، بل عن طريق إعادة بناء الحركة الشيوعية هنا في سورية، وهذا الهدف ليس واقعياً فقط بل ضروري وحتمي أيضاً، وإن لم نقم به فهناك من سيأتي ويقوم به.



#قاسيون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغيير على الطريقة الأمريكية
- رئيس الحزب الشيوعي السوفيتي الثورة الإشتراكية حتمية.... والإ ...
- قرار مجلس الأمن عدوان جديد
- بلاغ عن أعمال اجتماع اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين
- عربة التعليم تأكل ركابها
- حول الحركة السياسية السورية
- المشردون يفترشون الأرض ويلتحفون السماء
- اغتيال الاتحاد السوفيتي.. صيف 1991
- بلاغ مشترك لسكرتاريا اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي ...
- الخصخصة.. الخطوة الأولى للتفريط بالسيادة الوطنية ■ الح ...
- المقاومة والفوضى والجريمة
- وإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا!! إلى دعاة أمريكا الجدد
- اقتصادنا في المزاد العلني وشركاتنا بأيدي ناهبيها ماذا يحدث ف ...
- الغزاة الجدد قادمون.. أين المتاريس؟
- العامل الخارجي بين رؤيتين
- التدخل العسكري في السودان بات قاب قوسين أو أدنى...الولايات ا ...
- الشيوعيون السوريون يتصدرون التظاهرة.. والمشاركون يهتفون ضد ا ...
- ضغوط... استعصاء... وماذا بعد؟
- تظاهرة كبرى في اسطنبول ضد قمة الناتو
- الأطفال يسألون.. والعالم أصم!!


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - «الأزمة في الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها»