أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خليل محمد الربيعي - أثر الإختلاط بين الجنسين في أداء مؤسساتنا المدنية















المزيد.....

أثر الإختلاط بين الجنسين في أداء مؤسساتنا المدنية


خليل محمد الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3269 - 2011 / 2 / 6 - 14:08
المحور: المجتمع المدني
    


أطلب ممن يشرعون في قراءة هذا المقال وهم يأملون أن يجدوا كلاما مبطنا ً عن الجنس أو عن إمكانية استثماره في مؤسساتنا الحكومية أنْ يغلقوا هذه النافذة فورا لأنهم لن يجدوا ما كانوا يظنون أنهم سيجدونه..لأنني في الحقيقة سأتكلم عن نوع من الجنس اللافسلجي الذي يكاد يكون فلسفيا ً لكنه محسوس ظاهر في تصرفات البالغين من الرجال والنساء على السواء في مجتمعنا.
إنّ العلاقة بين الرجل والمرأة ترتبط بالطبيعة الجـِبلــيّة والنفسية لكل منهما، وهي من الأسرار التي لم تستطع كل العلوم الحديثة تفسيرها بشكل مقنع، ولا عجب في ذلك لأنّ الإنسان الذي سخـّر الأرض كلها لخدمته، هذا المخلوق المعقد والغامض الذي جعل لكلّ شئ وزنا ً ومقدارا ً وقياسا ً، لا يمكنه بالعلم، وهو أداة فهم الوجود واكتشاف حقائقه، أن يـُفسّر خلجات نفسه وتذبذبات طبيعته المتغيرة..وكل المحاولات في هذا المجال لا تتعدى أن تكون نظريات غير مبرهنة وإشارات لا يمكن أن ترقى إلى دلائل واضحة، وهي أشبه بمحاولة إفراغ ماء المحيطات في أوعية عملاقة لمعرفة وزن كلّ محيط وعدد الأسماك فيه باستعمال القلم والمسطرة والقبـّان..
ومن أشدّ الجوانب غموضا ً في طبيعة الإنسان هي العلاقة والتفاعل الشعوري بين الرجل والمرأة..فلو أمكننا وضع أحد هذين الجنسين مع الآخر في مكان واحد، وتهيّأ لنا أن نقيس الإنفعالات والهواجس الحقيقية التي تعتلج داخلهما لوصلنا إلى تحليل ما يشبه التفاعلات النووية الدقيقة أو التغيرات المناخية الضخمة، لكنّ الجنسين يبدوان مع هذا ساكنين هادئين..إنّ هذه القدرة على إخفاء كل تلك التغيرات لا تستطيع أعتى قوى الطبيعة أن تغطيها وتمنع ظهورها ولكن الرجل والمرأة يستطيعان ذلك..هذا ما يبدو عليه الأمر، إلا أنّ شدة تلك الإنفعالات وتأثيرها على الطبيعة ينشئ جوّا من القطبية الحساسة حول كل جنس تجعله أكثر تحسسا ً لوجود الجنس الآخر. وهي قطبية لم يتمكن العلم من كشفها أو الاستدلال عليها، تكاد تشبه التيارات الحرارية المحيطة بجسم الإنسان التي يتم تصويرها بالأشعة الحرارية عادة.
سأبني مقالتي الحالية على حقيقة خفية ظاهرة أعرفها من نفسي ومن اعترافات مسموعة من أناس كثيرين أعرفهم وأخرى منقولة عن أناس عاشوا في حقب تاريخية سابقة وبقيت اعترافاتهم مسطورة في الكتب..والحقيقة هي أن المرأة في العلن متى أحست بوجود رجل قريبا ً منها تغيرَت طبيعتها فرقّ صوتها وانتظمت حركاتها وقلّ كلامها، وأنّ الرجل متى أحس بامرأة قريبة منه تغيرت طبيعته فانخفض صوته وسكنَت شرّته وكظم انفعاله..كأنّ مجرد الإحساس بوجود الجنس الآخر يجعل المرأة أو الرجل أكثر تهذيبا ً..ولا تقتصر هذه الظاهرة على الأحداث والمراهقين أو الشباب أو حتى المحرومين جنسيا ً، بل هي عامة تشمل أي امرأة ولو كانت عجوزا مسنة وأي رجل ولو كان هرما ً شيخا، مع أن البالغين يبدون أشد تحكما ً وضبطا من اليافعين..ًأريد أن أقول إنها ظاهرة تدخل في طبيعة الذكر والأنثى التي خـُلقا عليها، وربما هي انعكاس لتلك القطبية التي ذكرناها سابقا ً..كأنّ مقاييس أحد الجنسين تشير إلى أن قطبية معاكسة قد دخلت المجال الشخصي في تلك اللحظة !
إن هذه القطبية هي أصل الإنجذاب الجنسي الذي يضمن بقاء النسل..ويمكن ملاحظتها أيضا عند الأجناس الحيوانية عموما بأشكال وعناوين مختلفة. وربما يمكن تفسير الميل الجنسي على أساسها، بعيدا عن تأثير الهرمونات والإنزيمات والإفرازات وتأثيراتها المختلفة في هذه الناحية. وقد أشار إليها الدين وحذر منها كثيرا، أقصد فيما يتعلق بوجود الشيطان بين الجنسين متى ما تـُركا وحدهما وتأثيره على تعميق الإنجذاب الجنسي (المحرم)..ولا أرى من بعيد التصور أن العلم لو استطاع مستقبلا كشف لغز القطبية فإنه سيقرب الناس إلى الدين كثيرا..وربما سنكتشف عندها أنّ هناك موجات وتيارات قطبية تشع من الذكر والأنثى وأنّ الشيطان لا يساهم بأكثر من التنعيم الدقيق (tuning) لهذه الموجات حتى يصل إلى التوليفة الحمراء المطلوبة التي ستفجر الصاعقة بين الأقطاب..!
إذا سلمنا بهذه الحقيقة وتأثيرها سنخلـُصُ إلى فائدة مهمة، وهي إمكانية استخدام تلك الهالة الجنسية الغامضة لتهذيب أخلاق العاملين في مؤسسات الدولة المدنية وتحسين أدائهم في مجتمعاتنا الحديثة..وأقول في مجتمعاتنا لأنّ بقاء التقاليد والأعراف الأخلاقية على قوتها عندنا قد أضعف كثيرا تأثير هذه القطبية وحيـّدها بحيث أصبح من الآمن استثمار تأثيرها في جعل الرجال والنساء على حد سواء أكثر إنتاجية واهتماما ً بالعمل دون الخوف من آثارها الجانبية المحذورة..ولا أتحدث هنا عمـّا تعرضه بعض المسلسلات والأفلام العربية عندما تأتي امرأة جديدة إلى قسم في دائرة حكومية، ويكون هذا القسم قد عانى كثيرا ً من الإهمال وعدم تعاون كادره مع بعضهم فيحفزهم وجود المرأة بينهم على الإهتمام بهندامهم والإلتزام بدوامهم، ويتقرب كل منهم إليها بطريقته ليفوز بمصاحبتها والظفر بها وتنشأ عن ذلك قصة حب مفترضة..كلا..لأنّ هذه النظرة بعيدة عن الواقع ولا تصف فعلا التأثير الذي أتحدث عنه، وهي تعكس الرؤية الإنفصامية المعتادة لكتـّاب السيناريو العرب في مواضيعهم الإجتماعية.
قد يبدو هذا الطرح سخيفا لا معنى له، لكنّ واقع الإختلاط بين الجنسين في الدوائر والمؤسسات في مجتمعاتنا على الرغم من معارضة الأخلاقيين والمتزمتين، وتمكن التقاليد والأخلاق الموروثة وتجذرها في تصرفات الناس مع الناس ورؤيتهم لبعضهم على الرغم من انتقادات المتحررين والمجددين – يجعل من فكرة استثمار بقايا الجذب الجنسي بين الذكور والإناث في تطوير أداء المؤسسات فكرة وسطية مقبولة وعملية..بخلاف المجتمعات الغربية والمتحررة، فهناك يصعبُ اقتراح مثل هذا التأثير لأنّ البيئة الأخلاقية لا مفعول لها والقطبية الجنسية هناك ضعيفة لا تقوى على إحداث التأثير المطلوب..فمجرد إعجاب الرجل بزميلته أو المرأة بزميلها قد يفضي إلى علاقة جنسية صريحة تطفئ كل قطبية على الجانبين..ويعود ينظر كل منهما إلى الآخر نظرة عملية متعادلة وغير فاعلة.
أنا لا أدعو إلى اختلاط الجنسين ولا أروّج له، لأني أتحدّث عن تأثير الجذب الجنسي الذي لا مفر منه عند سنّ متقدمة نسبيا (أكبر من 25 سنة) في كلا الجنسين، حيث تصبح النظرة إلى الجنس الآخر في مجتمعنا محفوفة بعوامل كبح كثيرة كالحياء والوازع الديني والتقاليد والخوف من الفضيحة وغيرها، حيث يُؤْمَنُ الوقوع في العلاقات العابرة..وأظنّ أنّ الكثير قد اختبر تأثير وجود رئيس أنثى للقسم أو الشعبة أو المدرسة أو الكلية على مستوى الإنضباط وقلة الإحتجاج والإحتكاك بين الكادر وسلاسة تنفيذ العمل، مقارنة بالمؤسسات التي يترأسها رجال..وربما يعرف البعض ما أقول عندما يدخلون إلى مكاتب حكومية يتواجد فيها موظفون من كلا الجنسين كيف يسود الهدوء ويخف المزاح والتشاغل والتلكؤ الذي نراه في المكاتب أحادية الجنس، وإن لم يكن ذلك قاعدة عامة. وعندما نتحدث عن تأثير الجذب الجنسي في تحسين وتهذيب التعامل والتصرف فإن ذلك ينطبق على كلا الجنسين، إلا أنّ تأثير المرأة على الرجل أكبر في أغلب الأحيان.
إنّ تأثيرات الإختلاط الطويل بين الجنسين منذ المرحلة الإبتدائية وحتى الجامعة ينبغي أن تؤخذ وتـُحلل بجدية من تجارب المجتمعات الغربية في هذا المجال كي يستفاد منها، فقد أظهر الكثير من الدراسات هناك تأثيرا سلبيا للاختلاط على فاعلية التعلم والتركيز والنشاط العلمي في المدارس المختلطة (خاصة في المرحلة الثانوية)، لكنني أعتقد أننا لو أجرينا مثل تلك الدراسات على مؤسساتنا المدنية المختلفة لظهرت النتائج معكوسة لصالح المؤسسات المختلطة. والسبب يرجع –برأيي– إلى تقدم المرحلة العمرية ووجود تلك القطبية التي صنعها وقوّاها الفصل بين الجنسين طيلة المراحل السابقة.
لقد سمعنا وقرأنا الكثير من الجدل حول الاختلاط دون طائل، لكنني أظنّ أن الوسطية في هذا الموضوع –عندما نتكلم عن اختلاط البالغين في الوظائف الحكومية أو الخاصة– يمكن أن تؤدي إلى دفع التطور وتحسين الأداء وهي غاية يسعى لها الجميع. وسواءً كان الاختلاط سمـّا ً أخلاقيا ً أو كان غذاء روحيا ً، فقد نستخرج من السم ّ عقارا ً شافيا ً وقد نستفيدُ من الغذاء بعد شئ من التقنين والحمية الخفيفة.



#خليل_محمد_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغُربة
- الشعر الحر وخمسون عاما ً من العقم (1)
- تسونامي الثورات العربية: إلى أين؟
- النظرة الإزدواجية للمرأة في المجتمعات المتمدنة


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خليل محمد الربيعي - أثر الإختلاط بين الجنسين في أداء مؤسساتنا المدنية