أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - مرحبا بتونس ومصر















المزيد.....

مرحبا بتونس ومصر


محمد أحمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 3265 - 2011 / 2 / 2 - 08:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1.
حدثني صاحبي هذا اليوم بما يلي :
سألني أحد أولادي هذا الصباح ، فيما إذا كنت أعرف الكاتبة أحلام مستغانمي ، فذكرت له على الهاتف مضمون مقالة رائعة لها بعنوان " بلاد المطربين .. أوطاني " كنت قد قرأتها في أحد المواقع العربية في العام الماضي ، والتي تشير فيها إلى فجيعتها بما رأت وبما سمعت في أحد الاقطار العربية ، ورأيت أن أسمعه بعضا من أسباب هذه الفجيعة بكلماتها هي وليس بكلماتي , حيث تقول :
( كنت قادمة لتوِّي من باريس، وفي حوزتي مخطوط "الجسد"، أربعمائة صفحة قضيت أربع سنوات في نحتها جملة جملة، محاوِلة ما استطعت تضمينها نصف قرن من التاريخ النضالي للجزائر، إنقاذاً لماضينا، ورغبة في تعريف العالم العربي إلى أمجادنا وأوجاعنا.لكنني ما كنت أُعلن عن هويتي إلاّ ويُجاملني أحدهم قائلاً: "آه.. أنتِ من بلاد الشاب خالد!"، وفوراً يصبح السؤال، ما معنى عِبَارة "دي دي واه"؟ وعندما أعترف بعدم فهمي أنا أيضاً معناها، يتحسَّر سائلي على قَدَر الجزائر، التي بسبب الاستعمار لا تفهم اللغة العربية ! وبعد أن أتعبني الجواب عن "فزّورة" (دي دي واه)، وقضيت زمناً طويلاً أعتذر للأصدقاء والغرباء وسائقي التاكسي، وعامل محطة البنزين المصري، ومصففة شعري عن جهلي وأُميتي، قررت ألاّ أفصح عن هويتي الجزائرية، كي أرتاح وتتابع الكاتبة التونسية ــ الجزائرية أحلام : ففي الخمسينات، كان الجزائري يُنسبُ إلى بلد الأمير عبد القادر، وفي الستينات إلى بلد أحمد بن بلّة وجميلة بو حيرد، وفي السبعينات إلى بلد هواري بومدين والمليون شهيد … اليوم يُنسب العربي إلى مطربيه، وإلى الْمُغنِّي الذي يمثله في "ستار أكاديمي" . ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه.. أواه.. ثمّ أواه.. مازال ثمَّة مَن يسألني عن معنى "دي دي واه"! )
بعد أن قرأت هذا الكلام المؤلم والمحزن على ولدي أغلقت سماعة الهاتف ، وشرعت أفكر فيما هو أكبر من فاجعة " دي دي واه " في وطننا العربي فعصفت بي الذاكرة إلى خطاب أحد المحسوبين على قادة حركة التحرر الوطني العربية المرموقين في السنوات القليلة الماضية والذي أطلق فيه على بلدي الحبيب والعزيز سورية إسم " سورية الأسد " !! ، على غرار جزائر الشاب خالد ، ومصر مبارك و تونس بن علي ، ...الخ !! ، الأمر الذي معه لابد من ان أقول مع أحلام مستغانمي " لاحول ولا قوة إلاّ بالله " .
2.
ذكر صاحبي هذه القصة القصيرة المؤلمة، لكي ينتقل منها ــ كما ذكر لي ــ إلى الكلام عن قصة مؤلمة أخرى ، لاتقل في رمزيتها عن قصة أحلام مستغانمي مع صاحب أغنية " دي دي واه " . والتي تخص أحد أصدقائه الذي خرج من بلده ووطنه (سورية ) مكرهاً ، قبل حوالي أربعة عقود ، حاملا عائلته على ظهره ، ومتنقلا بها من بلد عربي إلى آخر ، إلى أن حطت بهم الرحال في أحد بلاد الخواجات التي كان وما يزال فيها " غريب الوجه واليد واللسان " ( على حد تعبيرالمتنبي ). لقد كان السؤال الكبير الذي ظل يطرحه هذا الصديق على نفسه صباح مساء هو : ترى هل سأموت في بلاد الغربة ؟ وفي هذه الحال ماذا سيحل بمكتبتي التي باتت جزءاً أساسيا من حياتي التي كانت تعوضني كتبها عن أصدقائي الغائبين ( إن غابت الأصحاب فصاحبي الكتاب ) ، والتي لافائدة من توريثها (المكتبة) لأولادي الذين بات أولادهم (أحفادي ) لايعرفون اللغة العربية لاقراءة ولاكتابة ؟! . تابع صاحبي قصته الخاصة قائلاً :
وبينما كنت أعيش تحت وطأة هذه الإشكالية الإنسانية التي ترتبت على غربتي المفروضة ، إذ بي أفاجؤ صبيحة 18 ديسمبر 2010 ، بهتافات الشباب العربي في تونس الخضراء " تسقط الديكتاتورية ، تحيا الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية " تلك الهتافات التي كانت تنطلق من مدينة سيدي بوزيد التي أحرق ابنها محمد البوعزيزي نفسه بتاريخ 17 ديسمبر 2010 احتجاجا على ماآلت إليه أحواله الخاصة وأحوال بلده عامة من بؤس وفاقة وفساد وكم للأفواه وكبت للحرية وغياب للكرامة الوطنية ، في ظل ثلاثة وعشرين عاما من حكم الدكتاتور بن علي و الذي انتهى به المطاف في 14 /01 / 2011 إلى مغادرة تونس تحت جنح الظلام ، الأمر الذي عادت معه تونس الخضراء إلى أحضان بطلها ، الشعب التونسي الأبيّ . ويبدو أن هذه المفاجأة التونسية ، قد نفضت غبار اليأس عن ذهن وعن وعي صاحبي ، وجعلته يتأكد من أن الرهان على الشارع العربي وعلى الجماهير الشعبية الصامته لم يكن ولن يكون رهاناً خاسراً على الإطلاق ،إنما المسألة مسألة وقت ،وإن النصر هو " صبر ساعة " وأن إمكانية عودته وأسرته إلى وطنه وبلده باتت أمرا ممكنا على المدى المنظور ، وبات ممكناً أيضا أن يرى وطنه ثانية قبل أن يلقى وجه ربّه .
3. وبالفعل فقد أفاق صاحبي للمرة الثانية صبيحة 25 / 01 / 2011 على ذات الهتافات التي سمعها قبل بضعة أيام في تونس والتي كانت تدوّي بلغة عربية فصيحة لالبس فيها ولا تمتمة " تسقط الديكتاتورية ، يسقط الديكتاتور ، تحيا الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية " ولكنها هذه المرة ليست من تونس وإنما من" أم الدنيا " ، من مصر العربية ،مصر الشباب الصاعد،الرافض لحكم الحزب الواحد،والشخص الواحد ، الرافض للجوع والفقر والإفقار والبطالة والفساد والتسول والسكن في المقابر ، بل والرافض قبل وبعد كل هذا لكامبديفد التي وضعت كل إلامكانيات المادية والمعنوية لمصر العربية ذات التاريخ الممتد على خمسين قرناً من الزمان تحت تصرف الكيان الصهيوني المصطنع الذي لايتجاوز عمره نصف القرن ! والذي عمد إلى توظيف هذه الإمكانيات الوطنية والقومية في مصر مابعد جمال عبد الناصر ضد الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية ، وضد الشعب العراقي ، بل وفي كثير من الحالات ضد الأمة العربية كلها من المحيط إلى الخليج . لقد كان وقع المفاجأة المصرية على ذهن ووعي صاحبي أكبر وأعمق من وقع سابقتها التونسية ، وذلك ــ حسب ماقال لي ــ من جهة بسبب الثقل التاريخي والقومي والبشري لمصر العربية ، ومن جهة ثانية بسبب دورها (أي المفاجأة المصرية ) المحتمل ــ والذي يفرضه عليها كل من التاريخ والجغرافيا ــ في قيادة ودعم حركات التحرر الوطني العربية في التخلص من الاستبدادين الداخلي والخارجي ، حيث ستكون المفاجآت القادمة التي سيفجرها الشارع العربي ، والجماهير العربية الصامتة في كل أقطار الوطن العربي الحبلى بالتغيير ، كبيرة وكثيرة ، و أيضاً قد لاتكون بعيدة .
إن ماينتظره صاحبي الآن ، وبعد مفاجأتي تونس ومصر الرائعتين ، هو المفاجأة الثالثة التي ستعيده وأسرته فعليّاً إلى وطنهم وإلى بلدهم ، وبما سيسمح لأحفاده أن يتعرّفوا على لغة آبائهم وأجدادهم ، ويتعلموها قراءة وكتابة ، ويصبحوا بالتالي أهلاً لأن يرثوا مكتبة جدّهم ، وقراءة مايرغبونه من محتوياتها .
ــــــــــــــــــــــــ انتهى ـــــــــــــــــــــ



#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الامتحانات المدرسية عمل أخلاقي
- مدخل منهجي لدراسة الفكر العربي الإسلامي في العصر الوسيط
- ثنائية الموقف العربي بين الدليس والتنفيس
- علم الإجتماع : بعض الإشكالات النظرية والتطبيقية
- الحزب السياسي بين الدين والدنيا
- وقفة قصيرة مع بعض أقوال - الرئيسي -
- مرة أخرى : في البدء كان الفعل
- الأزمة اللبنانية بين الظاهر والباطن
- لرأي العام ومسرحية الإستفتاءات الصورية
- قراءة موضوعية لخطاب غير موضوعي
- التخلف والتقدم في البلدان النامية ؟ جدلية السبب والنتيجة
- نظرية المعرفة في ضوء علم الإجتماع
- حافظ الأسد ينتقل من حفر الباطن إلى المنطقة الخضراء


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - مرحبا بتونس ومصر