أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم حسيب الغالبي - شعار قبول الآخر .. لا زال شعارا!














المزيد.....

شعار قبول الآخر .. لا زال شعارا!


ابراهيم حسيب الغالبي

الحوار المتمدن-العدد: 3263 - 2011 / 1 / 31 - 22:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شعار قبول الآخر كان ولا يزال شعارا حسب. وهذه هي للأسف النتيجة التي يمليها علينا واقع المجتمعات العربية و الإسلامية اليوم. يستفحل التشدد يوميا وكأنه يمتلك آلة تفريغ سحرية، و يضطجع فوق سرير من القمامة التي يراكمها الفقر والجهل والأمية ومظللين من فقهاء وسماسرة و منتفعين. بشكل عام يتزايد التشدد الديني والتعصب المذهبي والعنصري في كل أرجاء المعمورة ولكنها تبرز بشكل مضاعف عدة مرات في المجتمعات الإسلامية لأن العوامل التي تسهم في وجودها وتغذيتها متوفرة تماما. وما أخذ يلحق بالأقليات في الشرق الأوسط يتواصل مع تاريخ علينا أن نقول بكل جرأة انه مليء بسجل مخزٍ من الاعتداء على الأقليات من قبل الأغلبيات في أكثر من بلد.
لم يحل شعار من الشعارات يوما ما مشكلة في أي مجتمع من المجتمعات. وإن كان ترديده وإبرازه وعقد المؤتمرات والندوات حوله يعطي بحد ذاته إشارة ولو خافتة إلى أن هناك من يتبنى الشعار ويسعى إلى تحقيقه بالفعل. لكن المشكلة مع شعار بحجم ( قبول الآخر) تكمن في انه يبقى شعارا نخبويا يتردد صداه في قاعات المؤتمرات و يكثر تسطيره على الأوراق في البحوث والمؤلفات، ولا يتمكن من اختراق جدار القاعة ولا تجاوز بياض الورقة ليفعل فعله في الشارع مسرح القبول أو الرفض.
لنا أن نتصور لو أن ( قبول الآخر) انقلب إلى واقع علني في الممارسة الاجتماعية والسياسية والفكرية ماذا يحصل لدينا؟ و يمكن الإجابة هنا بسؤال مفاده: كم مشكلة يمكن أن نلقيها خلق ظهورنا ونحن نجترح لغة القبول و فعل القبول؟ تقريبا كل مشاكلنا المزمنة ..
لا ينقصنا مثقفون و مفكرون و رجال دين يتبنون التسامح والقبول بالتعايش مع الآخر، ما ينقصنا هم المتعايشون فعلا والقابلون بعضهم ببعض. وهؤلاء هم الصورة المعلقة في مرآة الفكرة لا المتواجدون على أرض الواقع. ومن بحر التجربة العراقية التي جثت لفترة طويلة و لا زالت كذلك تبرز لنا الطائفية، والطائفية كما هو معلوم ليس الانتماء لطائفة بل هو رفض لطائفة أخرى و محاولة مصادرة حقها في الوجود والتعبير عما تعتقد به. في فترات سابقة تناول بعض المفكرين الإسلاميين فكرة التقريب بين المذاهب والطوائف، لكن محاولاتهم كانت عقيمة للغاية منذ السبعينيات، بل ربما أسهموا من حيث لا يعلمون في إثارة التوترات والحساسيات المذهبية. و من مظاهر ضعفهم أن المشروع برمته كان تقريبا بين النخب الدينية التي لا تمتلك رؤية واضحة لكيفية إقناع أتباعها بما تؤمن به. أما أصحاب المبادرات الطوباوية فليس ثمة ما يذكر لجهودهم التي ذهبت سدى لاستحالة إيجاد حل مرضٍ حول ما اختلف عليه المسلمون منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام. ولو كان هذا الحل موجودا لطُرِح و اُقترِح و قيل. إن التمذهب هو محاولة طبيعية لإبقاء الدين وحفظه على متن الحياة البشرية. وحين يقال ألا وجود لدين خال من التمذهب فذلك لأن الأديان الباقية إنما بقيت بفضل تمذهب أتباعها. فالدين ونصوصه لا يمكن حفظه بلا جدل، فالجدل والخلاف هو الضامن الرئيس لبقاء أي عقيدة دينية وبخلافه تموت و تندثر لدى جماعة لا تملك جدلا توظفه للحفاظ على دينها. ربما هي خطة السماء و لكن كيف يفهمها البشر يا ترى؟
قبول الآخر إذن هو مطلب سماوي لا يريد الكثير أن يقبله، وهنا يزدوج الرفض ليشمل الله وعباد الله معا.
لا يعني ذلك اليأس من إمكانية تحويل هذا الشعار العظيم إلى واقع عملي معلن ومُمَارس. لسبب بسيط هو أنه تم تحويله إلى ذلك فعلا في المجتمعات الغربية، ولأن عملية بناء الحياة توجب القبول لا الرفض وإلا تعذر استمرارها. لذا فمن اللازم أن يستمر الكلام والحديث والتنادي للمؤتمرات والندوات بصفة مستمرة كي يتم على الأقل تأهيل الشعار لمرحلة الترويج، بانتظار المعجزات والمتغيرات المستقبلية التي قد تؤهله خطوة متقدمة لطرحه على واقع حياتنا. فما يفتقده الجميع اليوم هو تخليهم عن منهج الرفض والإقصاء، وعدم التصالح مع الآخر و مد جسور للحوار والجدل المثري. ويأتي مؤتمر حوار الأديان الذي عقد أخيرا في مدينة النجف تحت شعار ( حوار الأديان مصدر أساسي لاستقرار البلاد والعباد) كونه مبادرة طيبة لكنه جاء ليؤكد أننا لا زلنا بعيدين جدا عن الأخذ بفلسفة حوار بنّاء و واضح الأهداف وله نتائج مثمرة على الأرض، و بما أن أكثر الأشياء طرافة هي التي تنتج لك المفارقة كانت طريفة المؤتمر ذلك اللغط الذي عكر الأجواء نتيجة الجدل حول قضايا جزئية ليست ذات أهمية كبيرة مثل الموضع الذي رست عليه سفينة نوح! فتشاجر الباحثون الإسلاميون السنة مع الباحثين الشيعة حول موضع التلة التي رست عليها السفينة التي ورد ذكرها في القرآن. هكذا إذن هو الجدل المفرط الذي لا ينتج لنا شيئا مفيدا للبلاد ولا للعباد، بل ليرسخ الجدل القديم و يعطي الديمومة لعوامل الخلاف والاختلاف دون غاية مهمة ونافعة، فسواء كان الجودي في النجف أم في تركيا أم في مثلث برمودا فإن معرفة مكانه مسألة لست لها قيمة خاصة في مؤتمر يفترض أنه يعالج قضايا الحوار والتعايش بين الأديان.
نتساءل إذا كان الحوار يأخذ هذا الشكل المعقد بين أهل الأديان حول مسائل لا يختلفون سوى على جزئياتها البسيطة جدا فكيف يمكن أن يكون الحوار بينهم والتيارات الفكرية غير الدينية يا ترى؟ مع أن هذا الحوار يعد أمرا ضروريا في العراق الجديد، إن لم يكن الآن ففي المستقبل القريب لا محال!







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتلال لأمكنة عالقة


المزيد.....




- الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق يثير مخاوف المسيحيين في سور ...
- سوريا.. عملية أمنية ضد وكر إرهابي متورط بهجوم الكنيسة
- مفتي القاعدة السابق: هذا ما جعل بن لادن يجر أميركا لحرب في أ ...
- اعتقال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
- الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى ويعتقل 4 من حراسه
- صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
- toyour el-janah kides tv .. تردد قناة طيور الجنة على القمر ا ...
- سوريا: تنظيم -داعش- الإرهابي يقف وراء تفجير الكنيسة بدمشق
- البابا ليو: يجب عدم التساهل مع أي انتهاك في الكنيسة
- حماس: إغلاق المسجد الأقصى تصعيد خطير وانتهاك صارخ للوضع التا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم حسيب الغالبي - شعار قبول الآخر .. لا زال شعارا!