أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ياسر قطيشات - الفساد و-لعبة- الوظيفة الحكومية















المزيد.....

الفساد و-لعبة- الوظيفة الحكومية


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 3261 - 2011 / 1 / 29 - 16:13
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


اليوم فقط ندمت أشد الندم لاني لم اعمل في وظائف الحكومة، وفي بعض المؤسسات التي لو تعينت بها قبل عقد من الزمان لتغير مجرى حياتي كليةً!! عموما الوظائف الحكومية بالأردن هي مثل القدر ولا اقول النصيب، لان النصيب قد يكتب لشخص ما أن يعمل بالحكومة طوال حياته ويخرج كما بدأ .. أما القدر فقد يهبط بشخص ما الى منصب حكومي وبسرعة الضوء –وربما أسرع- يجني ثروة طائلة لا يعلم مداها الا الله سبحانه وتعالى .
رضيت بقدري وربما رضي غالبية الشعب الاردني بقدره سواء عمل في ابسط وظائف الحكومة أو في وظائف خاصة توازي عمل الحكومة، لكن السؤال الذي يحيرني ويقلق مضجعي منذ شهور لماذا أصبحنا، أو أصبح بعض "تجار البزنس" او وكلاء الشركات الخاصة او عامة الناس، يفكر ليل نهار بشتى السبل للعمل في القطاع الحكومي ؟ وربما يترك احدهم منصب حساس في القطاع الخاص وبراتب يضاهي عشرة أضعاف أو مئة ضعف راتبه مقابل ان يعمل في مؤسسات الدولة؟ لاسيما في الدرجات العليا .
رغم ان روبرت كايوساكي صاحب كتاب (أبي الغني أبي الفقير) يقول أن الوظيفة الحكومية وهم كبير جدا جدا !! ذلك ان الوظيفة تقضي على احلام الشباب فيفنوا اعمارهم في اعمال ورتينية لا تحفز طاقاتهم وجل ما يبحثون عنه هو راتب اخر الشهر وتقاعد بعد دهر !! خاصة اذا ما كانوا كسالى يرغبون بالغنى السريع لكن دون عناء كبير، وما أن يرى الناس الطريق الصعب لبلوغ الثراء والغنى عن طريق العمل الحر أو الخاص، حتى يقنعوا بالوظيفة والراتب الشهري.
لكن بالأردن الأمر مختلف منذ سنوات خلت، وربما منذ عقدين ونيف لاسباب ما زلت ابحث عنها حتى اليوم، فرغم أن الوظيفة الحكومية محدودة وليست ذات نمو كبير أو حتى ميزة مالية كبرى يمكن مقارنتها بالقطاع الخاص ، إلا أن البعض ، خاصة الكبار، يصرون بالبحث عن منصب حكومي أو وظيفة تفتح لهم كل الابواب المغلقة، فيدخل ولا يعلم أحد رصيده بالبنك او ذمته المالية، ليخرج وقد بنى فيلا ويملك طابور سيارات واغلب اقاربه وابنائه وأسرته في وظائف دسمة، ثم يختمها بعقد خيالي في دولة خليجية، رغم ان جل ما يملكه هو خبرة متواضعة في مؤسسات البلد التي تعاني من ترهل اداري وفساد مالي ورقابة صندوق النقد الدولي !!
واغلبنا يذكر قصة فيلم "معالي الوزير" للفنان الراحل أحمد زكي، والذي جسد فيه قصة الوزير الفاسد او وزير "تشابه الاسماء"،إذ سجل في اقرار ذمته المالية انه يملك (5) مليون جنية! وحينما سأله البعض لماذا تدعي ذلك وأنت لا تملك شيئا؟، قال: بعد خروجي من الحكومة –ان خرجت طبعا- ساقدم براءة ذمة مالية من وظيفتي، وساثبت لهم أني دخلت وبرصيدي (5) مليون جنية واليوم لا أملك سوى (4) مليون!!
أي انه أنفق على الحكومة من جيبه !! وبالتالي عمله بالقطاع الحكومي كان تجارة وبزنس ما كان ليجنيه في القطاع الخاص ولو بعد 40 سنة عمل !! لانه دخل ولا يملك شيء وخرج معه فقط (4) مليون جنيه !! وهذا ما يجري في الاردن للاسف منذ عقدين تقريبا ، وهذا سر تلهف الكثير للعمل في مناصب الدولة، خاصة العليا.
انه الفساد يا سادة، الفساد والتربح والرشوة من خلال الوظيفة الحكومية، التي اصبحت مطمع لكل من يرغب بالغنى وتكوين الثروة خلال سنوات قليلة جدا، وبدون اي جهد يذكر، كل ما تحتاجه هو واسطة ثقيلة و "فهلوة" كبيرة، واتقان "لعبة" القفز على الحبال المشدودة، ومداهنة كبار المسؤولين لتصبح بينهما كبيرا، وأخيرا تقفز بين ليلة وضحاها وتصبح في موقع مسؤول درجة أولى في نهب وامتصاص قوت الوطن والمواطن، لهذا يحبون "لعبة" الوظيفة الحكومية، ففيها الشهرة والمال، وبعدها يعيش في راحة بال، لكن ضميره يؤنّبه ان قص يوما لاحفاده من أين بدأ والى أين المآل؟ هذا ان كان لديه ضمير !!
اسوق لكم حقيقة ما مضى بأدلة من واقعنا القاسي، حتى يفهم المقال من واقع المثال:
1- مسؤول أردني سابق، تقلب في المناصب من ادناها الى اعلاها في غضون سنوات تعد على الاصابع، دخول وخروجه اثار اشكاليات ولغط كبير في الاردن، وبعد برهة تبين للجميع ان ثروته تتجاوز (400) مليون دينار، وقبل فترة باع قصره الضخم باكثر من عشرة مليون دولار !! فهل وظيفة الحكومة تمطر ذهبا !!
2- مسؤول عن مؤسسة وطنية ما زال على رأس عمله لليوم، في ظل شد الاحزمة ورفع الاسعار على الغلابى والفقراء، يتقاضى هذا المسؤول من عدة وظائف حكومية وبطرق ملتوية رواتب حكومية قيمتها شهريا (20) الف دينار اردني لا غير، مع العلم ان هذا المسؤول عينه مسؤول سابق دارت حوله لليوم شبهات فساد متوالية حتى خرج من الحكومة وبرصيده مئات الملايين .
3- طالب أحد النواب قبل ايام من الحكومة بفتح تحقيق بخصوص تعيين شقيق وزير حالي كملحق اقتصادي في دولة غربية براتب 6 الاف دولار شهريا!!! ربما يكون شقيقه الوحيد ومعفى من خدمة الوطن فلا بد ان يخدم وطنه من أوروبا بضمير وبراتب يفوق راتب النائب نفسه !! وحب الوطن انواع، واهمها بالدولار!
4- مسؤول كبير يتم تعيينه في منطقة حساسة وحرة، وبالمناسبة تجنس بالاردنية حديثا، المهم ان مجلس الوزراء قرر بتاريخ 19/1/2010 تعيين المهندس المسؤول في منصبه الحساس، الامر عادي الى هنا، رغم اعتراض الكثير على سر تعيين شخص اردني تجنس حديثا بمنصب هام رغم وجود طاقات بشرية اردنية تفوقه بكثير، المهم ان وثيقة تسربت قبل ايام توضح بلا شك ان مجلس الوزراء يطلب منه بعد تعيينه بنصف شهر-لاحظوا بعد التعيين- يطلب منه تزويد الحكومة باوراقه وملفاته وسيرته الذاتية وصورة شخصية لضمه لملفات كبار موظفي الدولة!!
طبعا القضية فيها شبهة قانونية بلا شك، اذ كيف تعين مسؤولا قبل ان تتطلع على مؤهلاته وتطلب اوراقه وسيرته الذاتية، فهل اصبح التعيين في الاردن مثل الزواج في أوروبا! يعين اولا ثم نرى ان كان يصلح للوظيفة ام لا ثم نطلب اوراقه للتعيين !!
كان من المفترض قبل التعيين ان ينظر مجلس الوزراء في اوراق صقر كما يجب ان ينظر في اوراق جميع من يقوم بتوظيفهم الا ان مجلس الوزراء قام بالتعيين ثم ارسل كتابا بتاريخ 3-2-2010 اي بعد صدور قرار مجلس الوزراء باربعة عشر يوما بطلب فيه من صقر تزويد رئاسة الوزراء بهذه الوائق الرسمية.
5- مدعي عام الفساد أسند في عام 2010م تهمتي الرشوة والاستثمار الوظيفي لمتهمين أربعة في قضية عطاء مصفاة البترول الأردنية . وما خفي اعظم .
6- قضية اختلاسات وزارة الزراعة العام الماضي بمبلغ مليون و423 ألف دينار أردني .
7- تعاملت هيئة مكافحةا لفساد عام 2010م مع (890) قضية مقابل (834) قضية في العام 2009م، أن قضايا الفساد بشتى انواعه تزداد لا تنقص رغم وجود الهيئة!!. القضايا التي تعاملت معها الهيئة توزعت بين الاخلال بواجبات الوظيفة والاحتيال واستثمار الوظيفة بالمئة والاختلاس والتزوير. وغالبية حالات الفساد التي تشهدها مؤسسات الدولة تشكل جرائم اساءة استعمال السلطة والاخلال بواجبات الوظيفة العامة والتربح.
8- وزير سابق يقوم بتجيير عطاء سكن كريم لصالح شركة مقاولات يملكها! القضية اكيد لا شبهة فساد فيها بل مجرد خطأ، نسي انه وزير واعتقد انه مدير شركة لا اكثر.
9- نواب سابقون حصلوا على عطاء مبادرة سكن كريم من تحت الطاولة! حقهم فهم ممثلي الشعب والسكن للشعب وبالتالي اموال الشعب اموالهم! فليس بالامر فساد !
10- مسؤول كبير في منظقة حرة كبيرة ايضا أحال عطاءات بالجملة لمكتب له ولكن مسجل باسم زوجته، والعطاءات طبعا من هيئة ضخمه كان يديرها! فهل بالامر فساد ام ايضا خطا لانه لم يميز بين خدمة الوطن وتجارة الوطن !
11- مؤسسة موارد بمجلسها الاداري الذي يمثل اغلب مؤسسات الدولة تم تحويلها لمكافحة الفساد قبل فترة، بتهمة نهب ملاييين الدنانير من مشاريع وطنية استراتيجية، وبعض موظفيها تعيّن بقدرة قادر براتب ضخم ، وبدل ان تكون في مقدمة مؤسسات حماية البلد تصبح اولى مؤسسات النهب للبلد والعباد !!
هذه امثلة منشورة ما خفي كان أكثر مما نعلم وكل يوم تطالعنا وسائل الاعلام الاردنية بقضايا تربح وفساد مالي جديدة، الامر الذي يفسر سر لماذا يحب الكبار لعبة الوظيفة الحكومية؟ لانها الاسهل للثراء والتربح والغنى والشهرة.
فان جمع شخص ما المجد من أطرافه وكوّن ثروات طائلة دون أن يساله احد من أين لك هذا !! فاعلم يا عزيزي انه لم يقامر في "لاس فيغاس" أو يضارب في بورصة "وول ستريت" ... بل كان يجيد "لعبة" الوظيفة الحكومية في الأردن.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المطلوب -عقد اجتماعي- جديد في الأردن
- ما يرى وما لا يرى في السياسات التدخلية للحكومات العربية
- تركيا وإسرائيل .. حسابات الفرص والمخاطر
- مستقبل تطبيع العلاقات الخليجية – الإسرائيلية : المقومات والم ...


المزيد.....




- مسؤول يتحدث عن مشروع ضخم للحبوب الروسية في الإمارات
- سناتور روسي: القوى الاقتصادية الجديدة ستغير الوضع الجيوسياسي ...
- -روساتوم- تسجل إيرادات قياسية في 2023
- شركات عالمية تتنافس على 30 مشروعا للطاقة في العراق.. ما أهمي ...
- تويوتا تحقق مستويات إنتاج ومبيعات قياسية
- الين بأدنى مستوى في 34 عاما وبنك اليابان المركزي يتدخل
- دراسة تحدد سلعة التصدير الرئيسية من الهند إلى روسيا
- شركة تعدين روسية عملاقة تنقل بعض إنتاجها إلى الصين
- شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة
- اشتريه وأنت مغمض وعلى ضمنتي!!.. مواصفات ومميزات هاتفRealme ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ياسر قطيشات - الفساد و-لعبة- الوظيفة الحكومية