تونس الياسمين

نادر غانم

الحوار المتمدن-العدد: 3257 - 2011 / 1 / 25 - 14:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

انطلقت ثورة تونس البعيدة عن الأضواء, وحققت في وقتٍ مِثاليّ وبأقل ضرر, ما لمْ نتصوّره – الإطاحة بديكتاتور مستبد وسط فؤاد العالم العربي. “ثورة الياسمين” دون شك إنجاز في التاريخ الحديث لمْ ترتسم معالمه بعد.
لذا ننوّه هنا إلى نقاط ذات صلة بالحدث:

أوّلاً, ساهم الإنترنت بدور مهم في إشعال انتفاضة تونس, على الرغم من اتباع رقابة صارمة [بلا مفاجأة عربيّاً] على مستخدميه. وبهذا وجب النظر بالإيجاب إلى فرص استغلال التكنولوجيا الحديثة بشكل عام ونظام الإنترنت خاصةً, وتعزيز قدرتها على نشر وترسيخ الحقائق (نذكر تسريبات وثائق ويكيلكس نظراً لتشابه الأثر وتقارب الفترة الزمنيّة, رغم اختلاف وقع الحدث وحيثيّاته).

ثانياً, في حين تدّعي الأنظمة العربيّة الصرامة وترتدي قناع الصلابة, أطاحت بـ“بن علي” انتفاضة ناعمة لتثبت مدى هشاشة تلك الأنظمة وعدم فاعِليّة القمع في أساليب الحكم السياسي الحديث إن توافرت بيئة مُجتمعيّة يقظة. أو بصيغة مُبسّطة ذات منظور عاطفي؛ بان مبدأ “القوّة بيد الشعب” كأنه نضج بالفعل.

ثالثاً, مهما أمست نتائج الحدث فإن ثورة التونسيّين فخر حصده جُلّ العرب أينما كانوا. من جانبٍ آخر, تجلى تواطؤ الجوار عبر صمت أوروبي مُستغرَب, ﻻ بل ساد قلقٌ خفي من قبل فرنسا حول ما يجري هناك. أما الولايات المُتحدّة فقد فضلت التعليق متأخرة بعد وقوع الإطاحة, باحترام خيارات الشعب التونسي – سعياً لكسب أسهم “حارس قيم الليبراليّة” (الزائفة).

رابعاً, انتفاضة تونس لمْ يتنه مخاضها بل ابتدأ للتو وستجرّ عجلتها أحداثاً طِوال, فغياب رأس الأفعى أو تفاحة العفن ﻻ يعني تفكّك جسد الفساد ذاك أو مَن يقوم عليه ويتكل به. ناهيك عن حسابات لأطراف خارجيّة ستحاول ملء الفراغ التونسي الشاغر كما تشتهيه مصالحها.

خامساً, حُبكت مكائد سياسيّة عدّة منذ بداية الأزمة أملاً في خداع الشعب بتمويه شكل النظام قالباً واسماً دون مسّه جوهراً. غير أن الجماهير التونسيّة تصدّت لها بيقظة. ولولا ما وصل إليه التونسيّون من نضج فكري لما استطاعوا الوقوف -يداً واحدة- في طرح مطالب واضحة ﻻ تراجع عنها في انتفاضتهم.

سادساً, تجنباً لتفاؤل العاطفة الجيّاشة فإن قابليّة امتداد تجربة الياسمين إلى دول أخرى تحتم النظر إلى مجتمعاتنا العربيّة عن كثب, وشهد ما تعانيه من معضلات تعليميّة وأزمات في مجالي الفكر والعمل. كما أن الهوّة الأعمق نسيج تلك المجتمعات المُمزق اجتماعياً وسياسيّاً, وبالتالي فإن إشعال فتيل انتفاضة كالتونسيّة يتطلب إعداداً مُجتمعِيّاً ينهض بمستوى الفرد تعليميّاً وفِكريّاً -ولو على نسقٍ عشوائي- بما يقوده نحو انتفاضة ذات بديهة واعية.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل