أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شهد الدباغ - معاناة انسانية لاتنتهي فصولها 2 -















المزيد.....

معاناة انسانية لاتنتهي فصولها 2 -


شهد الدباغ

الحوار المتمدن-العدد: 3254 - 2011 / 1 / 22 - 10:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا نظرنا إلى المجتمع البشري، أي مجتمع كان, نجد الناس في فئتين : فئة تسير عن فهم ووعي وإرادة وتعرف طريقها، سواء كانت مصيبة في اختيارها أم لا، وهذه فئة الخواص.
وفئة لا تفكّر فيما هو الطريق الصحيح ولا يهمها أن تحلّل لتعرف بل تتبع الجو السائد والهوى العام، وهذه هي فئة العوام.
بعض الناس من طبقة العوام، إذا صادف أن كانوا في زمن يتصدّى لزمام الأمور فيه الخواص من المؤمنين ويسيروا بهم إلى الجنّة فخيرٌ على خير، هؤلاء يسوقهم الصالحون، لكن إذا صادف أن عاشوا في زمن من يصفهم القرآن بقوله: {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّار} أو {أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوار * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرار}، فسيكون مصيرهم النار.
تكمن أهمية الخواص في أنّ لهم الدور الكبير في تثبيت العوام على الخط الصحيح، كما أنّ لهم التأثير الخطير في انحراف الناس، وعلى الأقل في اضطرابهم وزعزعة أفكارهم، وتقديم النموذج للتبرير والتخلّف عن العمل بالتكاليف ، وإن كان هذا التأثير سيبقى مقتصراً على ضعاف الإيمان والبصيرة، وهذه مشكلة كانت بارزة في المجتمع عموماً في كل العصور حتى عصرنا الحاضر.
عاملان هما أساس للضلالة والانحراف العام، أحدهما الابتعاد عن ذكر الله والذي يتجلّى في الصلاة والعبادة، والذي يعني الغفلة عن الله والمعنويات وفصل الحياة عن المعايير المعنوية، وإهمال التوجه إلى الله تعالى والذكر والدعاء والتوسل وطلب التوفيق منه، والتوكل عليه وفصل الحسابات الإلهية عن الحياة.
والعامل الآخر هو إتباع الشهوات والملذات وبعبارة واحدة السعي وراء الدنيا والاشتغال بجمع الثروات والمال والوقوع فريسة للشهوات الدنيوية واعتبارها أساساً ومبدأً , ونسيان الأهداف الحقيقية.
هذا مرض رئيس وخطير ويمكن أن نبتلي نحن به أيضاً، فلو أن الحالة المبدئية تزول أو تضعف عندنا وكل منا يفكر بأن ينتزع حصته من الغنيمة حتى لا نتخلف في دنيانا عن الآخرين.
ويقول في نفسه أن الآخرين قد جمعوا لأنفسهم ويجب أن نذهب نحن أيضاً لنجمع لأنفسنا ونضع مصالحنا فوق مصالح المجتمع,ومن هنا تظهر أهمية التمسك بالدين والتقوى والمعنوية والورع والعفة.
ولكن عندما تتبدل المعايير الإلهية فسوف يستلم الأمور كل من هو أحرص على الدنيا وأشدّ في أتباع الشهوة وتحصيل المنافع الشخصيّة وأبعد عن الصدق والحقيقة.
من البديهي أن تتقاتل جبهتا الحق والباطل وتوجهان الضربات إلى بعضهما البعض ( عند محاربة النفس)، فكما أن جبهة الحق توجّه الضربات إلى الباطل، كذلك الباطل يوجّه الضربات إلى جبهة الحق، وتظهر النتيجة عندما تتعب إحدى الجبهتين، فالجبهة التي تتعب أسرع تنهزم.
حينما يدعوا الإنسان ربّه: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾ يوضح بعدها معنى ذلك الصراط المستقيم في قوله: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ﴾ والنعمة الإلهية لا تختص بالأنبياء والصالحين والشهداء:
((وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)) هؤلاء أيضاً نالوا النعمة .
السؤال المطروح هو: لماذا آلت الأمور إلى ذلك المآل الذي يجعل الخواص يتخلون عن الحق ؟
وما هو السر الذي يدعو بعض الخواص للعدول عن الحق، واتخاذ موقف اللامبالاة أو العداء له؟
فما أكثر أولئك الذين شهد لهم التاريخ بالبصيرة وتمييز الحق عن الباطل، بيد أنهم ما لبثوا أن ركلوا بصيرتهم بأقدامهم، وانضموا إلى الجبهة التي تقف بوجه الحق.
إن السر الذي غير بعض الخواص هو حب الدنيا فحريّ بنا التنقيب عن هذا السر في (حب الدنيا)، فإذا ماتحولت الدنيا إلى غاية ومعبود لدى الإنسان حينذاك علينا توقع حصول مثل هذا الانحراف.
وواضح أن المراد من الدنيا هو مجموعة التعلقات، من حبّ الرئاسة و حبّ الشهوات وحب المال، و... ألخ.
إن حب الدنيا يمثل سر الأسرار في الإعراض عن الحق، وهو السبب الرئيس في التقاعس عن نصرة الحق"عندما يصبح حال الخواص من أنصار الحق في المجتمع بغالبيتهم الساحقة منكبّين على دنياهم، فيكونون على استعداد لقبول حكم الباطل، خوفاً على أرواحهم وأموالهم ومناصبهم، وخشية النفور والعزلة، ولا يقفوا بوجه الباطل ويناصروا الحق، ولا يلقوا بأنفسهم في المخاطر,فلذلك يرجح الدنيا على الدين.
أن قرار الخواص ورؤيتهم الصائبة للأمور في الوقت المناسب وتجاوزهم عن الدنيا في اللحظة المناسبة، وموقفهم في سبيل الله في الفرصة المؤاتية، هو الذي يستنقذ التاريخ ويصون القيم، وهذا ما يوجب اتخاذ الموقف المناسب في اللحظة المناسبة، أما إذا فات الأوان فلا جدوى في ما وراء ذلك.
لوأن الخواص شخّصوا ما ينبغي عمله في الظرف المناسب، وطبّقوا ذلك لتغير وجه التاريخ.
إن من أهم العوامل التي تفضي إلى عدول الخواص عن جبهة الحق والركون إلى جبهة الباطل هو تهاون الخواص عن أداء رسالتهم ومسؤوليتهم بسبب تعلقاتهم الدنيوية.
لذلك ينبغي النظر لأحداث الماضي على أنها مرآة للمستقبل كي لا نقع فيما وقع فيه السابقون من هفوات ومزالق.
إن المرء لا يقف على حقيقة مثل هذه التطورات الاجتماعية إلا بعد مرور وقت طويل، وهذا ما يوجب علينا الانتباه والحذر والمراقبة، وهو معنى التقوى.. فالتقوى معناها أن يتحرّز على نفسه من ليس له سلطان إلا على نفسه وان يتحرز على نفسه وعلى غيره من له سلطان على غيره أيضاً.
أما الذين يقفون على رأس السلطة فيجب عليهم التحرّز على أنفسهم وعلى المجتمع كلّه لكي لا ينزلق نحو التهافت على الدنيا والتعلّق بزخارفها، ولا يسقط في هاوية حب الملذات الدنيوية.
وهذا لا يعني طبعاً الانصراف عن بناء المجتمع، بل يجب بناء المجتمع والاستكثار من الثروة ولكن لا لأنفسهم!!!!!!!؟؟؟؟؟؟(العاقل يفهم من غمزة والجاهل يفهم من رفسة).
إن العامل الرئيس في وقوع هذه القضية هو استشراء حب الدنيا والفساد والفحشاء، بحيث سُلِبت الغيرة الدينية والشعور بالمسؤولية الإيمانية. سبب التاكيد على قضية الفساد والفحشاء، والجهاد والنهي عن المنكر وأمثال هذه الأمور، فإن أحد أسبابها الرئيسية هو تسببها في تخدير الخواص والعوام.
لهذا يجب الحذر من الوقوع في مثل هذه المنزلقات،وإذا انعدم الحذر ينحدر الانسان تدريجيا نحو التخلي عن القيم ويبلغ مرحلة لاتبقى له فيها سوى القشرة الخارجية .
إذ من الواضح جلياًّ أن هذه الحياة الفانية سجناً ودار مصائب للمؤمن ، وإذ يحتمِلُ هذه المخاطر على فداحتها بقوة الإيمان وبالصبر واليقين ، فإنه يلاقي بعد أن يُنقل من هذه الدار وهذه الحياة عالماً رحباً من الألطاف الإلهية .
بينما غير المؤمن تتسم حياته بالدعة والسعة والراحة ، وكما يقال : "حظ الكافر وافر" ويعيش حياة الإنفلات والحرية واللامبالاة .
فأن نفس المؤمن سجينة في قلعة الإيمان ، ومقيدة بأغلال التكاليف الشرعية ، وقيود العبودية ، واداء المسؤولية , إذ هو يضع نصب عينيه وفي كل لحظاته وشؤونه من حركاته وسكناته ، قوله تعالى :وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى,فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (النازعات 40-41).
أكبر جريمة ترتكبها الشخصيّات الواعية المتميزة (الخواص) في المجتمع هو انحرافها , لأنه يؤدي إلى انحراف كثير من الناس,لإنّ العوام يتّبعون الخواص ويسيرون وراءهم.
ولعل السبب في عديد من المشاكل المستعصية التي تعاني منها أمتنا اليوم هو معيار اختيار القائد اوالمسؤول وإسناد المهام إليهم . ولكننا لا نستطيع إغفال الحقيقة المهمة، وهي أن غالبية الناس يعيشون اليوم دون أن يفكروا في التخطيط للقيادة والارتقاء بالنفس إلى مراتب القياديين. وكيف نلومهم وهم غارقون في البحث عن الاحتياجات الدنيوية وكيفية تأمين المستلزمات لها ! لقد وافق الإنسان على حمل أمانة عظيمة هي قيادة الكون حين كلّفه الله بها، ورفضت السماوات والأرض والجبال تحملها، قال تعالى:
(إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَات وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْن َأَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ ) سورة الأحزاب ,إن هذه المهمة الثقيلة تدعوه ليتفكر كثيراً في كونه قائداً مكلفاً من قبل رب العالمين ومن ثم يقوم بدوره القيادي في عمارة الأرض وإصلاحها.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاناة انسانية لاتنتهي فصولها - كتابات شهد الدباغ


المزيد.....




- مسلسل -Severance- يتصدر قائمة ترشيحات جوائز -إيمي- الـ77
- لبنان.. 12 قتيلاً بغارات إسرائيلية على مواقع لقوات النخبة في ...
- جيل المهارات الجديدة: الذكاء الاصطناعي في حياة الشباب العربي ...
- حكمت الهجري: المرجع الديني الذي تحوّل إلى خصم للشرع
- قص شوارب وتحريض طائفي.. انتهاكات بحق أهالي السويداء رغم الت ...
- كيف تدخّلت الحكومة السورية لمحاصرة أزمة السويداء؟
- من القائل -قل للمليحة في الخمار الأسود-؟ وما قصته؟
- أكثر دلالا وأنانية.. العلم ينفي الخرافات حول الطفل الوحيد
- مقررة أممية للجزيرة: إسرائيل وأميركا تحاولان إبادة الشعب الف ...
- برقيات تقنية.. -آيفون 17? بمعالج غير متوقع و-تيك توك- تقتحم ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شهد الدباغ - معاناة انسانية لاتنتهي فصولها 2 -