أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - أسف فرنسي على بن علي تم سريعا لحسه















المزيد.....

أسف فرنسي على بن علي تم سريعا لحسه


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 3252 - 2011 / 1 / 20 - 13:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس بالجديد أن تساند الحكومة الفرنسية الأنظمة الدكتاتورية والدكتاتوريين في العالم الثالث, وان تتدخل لإنقاذهم من أزماتهم , في كل مرة تقتضي مصالحها الآنية أو المستقبلية ذلك , ولكن الجديد في سياسة تدعي أنها تفهم أكثر من غيرها شؤون مستعمراتها السابقة أن ترتكب أخطاء سياسية وأخلاقية لا تضر فقط بالنخب الحاكمة الحالية, وإنما كذلك بفرنسا التي تدعي أنها تحافظ على ميراث عريق في مساندة حقوق الإنسان والمواطن والدفاع عنها.
ارتبكت النخبة الحاكمة الفرنسية في تقديراتها للانتفاضة أو الثورة التونسية ضد نظام صديقها وصنيعها زين العابدين بن علي. فحسب تقديراتها الأولية اعتبرت أن ما جري في الأيام الأولى لا يتعدى كونه احتجاجات ليس بمقدورها الخروج عن سيطرة نظام متمرس في القمع منذ 23 عاما ــ حتى لا نتحدث عما قبل بن علي ــ فأرادت التمسك بالدكتاتور إلى النهاية (لأنه كالعادة سيخرج منها خروج الشعرة من العجين). عرضت عليه, حسب ما أعلنت وزيرة خارجيتها أمام الجمعية الوطنية في 11 جانفي, المساعدة الأمنية البوليسية, و جاء العرض متأخرا. نعم المساعدة الأمنية, لنظام عزيز على فرنسا, مهدد من شعب خارج على القانون, قانون ابن علي ومستشاريه. شعب حاضره ومستقبله لا يهم فرنسا ومصالحها في شيء. كما لا يهمها أن يسقط قتلى بالعشرات وجرحى بالمئات, وان يحرق الشبان أنفسهم احتجاجا على القهر والظلم والقمع والفقر والعوز, فهذا يمكن إصلاحه ببيانات ودعوات لعدم الإفراط في استعمال العنف من الطرفين. لا يهمها انتهاك ابسط حقوق الإنسان والحريات الأساسية منذ 23 عاما متواصلة (عهد زين العابدين بن علي فقط). إنها غاية الأمانة على ميراث حقوق الإنسان المنحدر عن الثورة الفرنسية !!!. وتريد للشعوب المقهورة تصديق ذلك!!!.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تعرض فرنسا مساعدات أمنية على أنظمة دكتاتورية فهي معتادة ليس فقط على مجرد عرض مثل هذه المساعدة, وإنما على تقديمها وتنفيذها بحماس, وهذا ما تعرفه القارة الأفريقية, وتسجلها شعوبها في سجلات غير مشرفة لبلد حقوق الإنسان!!!.
بعد أن تأكد للسلطات الفرنسية أن بن علي أصبح في وضع ميئوس منه بدأت تعدل تصريحاتها فتحاول تصحصح الفاضح منها, فالمساعدات الأمنية البوليسية كان المقصود بها وضع الخبرة الفرنسية تحت تصرف الأمن التونسي لوضع حد لإراقة الدماء من الطرفين في مثل هذه الأوضاع. وان من الممكن توسيع المساعدات المادية المقترحة ليساهم بها الاتحاد الأوروبي, وفي هذا حل سحري لتحسين أوضاع الفقراء الناقمين, وبالتالي استتباب الأمن الذي يوفره النظام وبأدوات النظام .
بعد خطاب بن علي ــ المتظاهر فيه بحفاظه على تماسك أعصابه ــ حامل الوعود "الديمقراطية" والمتنازل كرما عن حقه الطبيعي في الرئاسة مدى الحياة, مكتفيا بما تبقى له منها أي إلى عام 2014 , أعلنت الرئاسة الفرنسية إن هذه العروض ايجابية وفاتحة لعهد ديمقراطي في تونس ومبشرة بالخير. وإنها تشجع السلطات التونسية على السير في هذا الاتجاه وتعميقه مستقبلا, والمستقبل حافل بالغيث.
وحين تجاوزت الأحداث التصريحات الفرنسية المرتبكة, أعلنت خارجيتها " أن ليست مهمة فرنسا أن تقول أن على بن علي أن يرحل, نحن أردنا أن نساعد تونس على حل مشاكلها .. أردنا مساعدة السلطة للتقدم في مجال الديمقراطية. لقد حاولنا فعل ذلك". نعم حاولوا فعل ذلك حاولوا اقتناص فرصة قد لا تتكرر بالوعود بالديمقراطية لتونس. فقد نضجت الظروف الآن لتحقيقها. نضجت الظروف وحان قطافها. نضجت على نار لم تكن دائما هادئة, كان لفرنسا نفسها شرف المشاركة والتواطؤ على إبقائها حامية متقدة يكتوي بها الشعب التونسي طيلة 23 عاما. نضجت الآن ويجب أن لا يرحل أحد. وان لا تقع القطيعة وخاصة أن التغيير غير مضمون العواقب, لأنه غير مؤسس على نصائح أو دعم الحلفاء التاريخيين و الشركاء الدائمين في تقرير مصير البلاد والعباد.
بعد السقوط والرحيل أعلن هنري كاينو المستشار الخاص لساركوزي في الاليزيه, سوء التقديرات "للأحداث التونسية" قبل السقوط والرحيل, محاولا تبرير ذلك بالعلاقات الوثيقة القائمة منذ القدم بين باريس وتونس إلى لحظة "ثورة الياسمين". " إذا كان علينا في هذا العالم عدم التحدث إلا إلى الحكومات التي تتجاوب مع معاييرنا في الديمقراطية, فعندها لا يمكننا التحدث إلا إلى عدد قليل من العالم". مستشهدا بقول ديغول " فرنسا تعترف بالدول وليس بحكوماتها". معتبرا, في محاولة تلطيف تصريحات وزيرة خارجية بلده, مجرد تقديرات بعد تحليل توصلت إليه بدون سوء نية.
لم يستطع المستشار المذكور بعد السقوط والرحيل إلاّ القول وكأنه يكتشف للمرة الأولى أن " تونس دولة بوليسية, لاشك في ذلك, صيغة من دكتاتورية علمانية. وفي نفس الوقت بأنها الدولة التي بذلت جهدا كبيرا في مواد ثقافة المرأة". أليس هذا الجهد جهدا في حماية حقوق الإنسان؟. وكأنه يريد القول: نكران هذا فيه تجن كبير على تونس وخاصة إذا ما صُنّفت منتهكة بالكامل لحقوق الإنسان !!! انه منطق مستشار. منطق ينسحب على من عين المستشار مستشارا خاصا.
لم تستطع النخب الحاكمة بعد السقوط والرحيل إلا لحس تصريحاتها ومواقفها الانتهازية المرتبكة, والادعاء بمساندة "ثورة الياسمين". معترفة بسوء تقديرها لغضب التونسيين من النظام الدكتاتوري لزين العابدين بن علي.
ومع ذلك فان أقوال وزيرة الخارجية الفرنسية بإرسال قوات امن بوليسية لتونس لمساندة قوات الأمن التونسية لم تكن قابلة للتبرير. طالبتها المعارضة في الجمعية الوطنية بالاعتذار, وبالاستقالة من منصبها. وصفت سيغلين رويال المرشحة الاشتراكية السابقة لرئاسة الجمهورية تصريح الوزيرة بأنه "فضيحة" جاءت لمساندة الدكتاتورية, وبأنه "خطيئة خطيرة". كما أعلن النائب بيير موسكوفيسي " اشعر بالعار من دبلوماسيتنا". وطلبت سيسيل ديفلوت السكرتيرة القومية لحزب أوروبا البيئة والخضر من الوزيرة الاعتذار من التونسيين. واعتبر جان ـ جاك كانديليه النائب الشيوعي في الجمعية الوطنية الفرنسية أن تصريحات وزيرة الخارجية بإرسال قوات امن فرنسية إلى تونس"عار" وعليها أن تستقيل.
لم يحصر العديد من الخبراء ورجال السياسة خطأ السياسة الفرنسية وسوء التقدير فيما يتعلق بتونس بتصريحات وزيرة الخارجية الحالية, مشيرين إلى انه منذ ميتران وصولا إلى نيقولا ساركوزي كانت فرنسا تساند بن علي معتبرة إياه القلعة في وجه الإسلاميين.
وفي الواقع أن مثل هذه الحجة الأخيرة ليست إلا تبريرا للسياسات الغربية الانتهازية الظالمة بحق الشعوب أمام الرأي العام الغربي للوقوف في وجه أية تغيرات في تركيب الأنظمة الدكتاتورية التي هي صنيعة تلك السياسات.
وأخيرا, اتخذت فرنسا, أو أوهمت باتخاذ, خطوات في تصحيح موقفها بالإعلان عن عدم قبول طلب بن علي على أرضها كلاجئ ــ كذبت مصادر عديدة فرنسية وتونسية ما ادعته فرنسا من أن بن علي كان يريد التوجه إليها للإقامة وطلب اللجوء ــ وبالعمل على النظر في إمكانية تجميد الأموال المشتبه بها المودعة في بنوكها. وعدم استضافة أفرادا من عائلته وحاشيته. ومع ذلك لم يثمن عاليا أحرار تونس, في تونس نفسها وفي فرنسا, مثل هذه الإجراءات.
مساندة الشعوب المظلومة في تصديها للدكتاتوريات وانتهاكات حقوق الإنسان ليست واردة في إستراتيجية السياسات الغربية. فكيف يمكن تصور عكس ذلك في ظل نظام عالمي يُخضع الحقوقي للسياسي, ويتاجر بالمبادئ والقيم لفائدة المصالح التي غالبا ما يتم الوصول إليها بطرق غير قانونية وغير أخلاقية؟.
تحية لأحرار تونس الذين استوحوا في ثورتهم رائعة شاعرهم أبو القاسم الشابي.



#هايل_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدي بوزيد.. العصابات الملثمة .. والضرب بالرصاص ..
- في الحماية الدولية لحقوق الانسان 4
- على أبوب عام جديد
- في الحماية الدولية لحقوق الإنسان 3
- مؤسسة البناء المتمدن
- في الحماية الدولية لحقوق الإنسان 2
- في الحماية الدولية لحقوق الإنسان 1/2
- لا تسمحوا بإطفاء القناديل في شرقنا
- في رسالة المحاماة
- الانتخابات البرازيلية
- سرقات أدبية فنية, و أخرى قسرية
- من الاخطاء الكبرى للقضاء الفرنسي 4
- المساواة. تلك النكرة في دنيا العرب
- الحوار المتمدن فضاء -لجوء للفكر الحر-
- المرأة. تاريخ طويل من اللامساواة
- من الأخطاء الكبرى للقضاء الفرنسي 3
- العلمانية الفرنسية وحرية المعتقد الديني
- في الكرامة الانسانية
- -تنويريون- 2/2
- -تنويريون -


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - أسف فرنسي على بن علي تم سريعا لحسه