أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - أكاد أرى سراويل مبللة!















المزيد.....

أكاد أرى سراويل مبللة!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 3247 - 2011 / 1 / 15 - 14:25
المحور: حقوق الانسان
    


ينبغي أن يكون العيدُ القوميُّ لأيِّ بلدٍ هو ذكرى سقوط طاغية، فإذا هرب الزعيمُ المُفَدَّى فالعيدُ يومٌ واحدٌّ. وإذا تم القبضُ عليه، ومحاكمته مُحاكمة عادلة، فالعيدُ يومان. وإذا سحله أبناءُ شعبِه لجرائمِه الدمويةِ في حق من كان خادمـَهم، فأجبرهم أنْ يصبحوا خَدَمَه، فالعيدُ ثلاثةُ أيام!
أما إذا تمكن الشعبُ من القبضِ علىَ كل أفراد عائلته، ولصوصه، وكلابه، وضباط الأمن المتَّهَمين بالتعذيب، وحيتان حُكمه المتورطين في الفسادِ، فالعيدُ القومي يمتد لأسبوع كامل!
لمْ تصبح تونس خضراءَ إلا بدماء حمراء، ونقصُ وزنِ الرئيسِ بدا كأنَّ دودَ الأرض تعَجَّل رحيلَه، فلم يصبر، وقام بزيارتِه في قصر قرطاج.
أعود إلى مقال لي في عام 1987 تحت عنوان ( دود الأرض ينتظر الحبيب)، وبعدها بشهرين كان بن علي ينقلب على المجاهد الأكبر الذي أقنعوه بأنه رئيسُ مَدَىَ الحياة حتى لو كاد العَدُّ التنازلي لأيام عُمره المتبقية يقترب من الصفر!
لن ينفع أيَّ طاغيةٍ عربي فِراشٌ وثيرٌ من ريش النعام بعد تلك الليلة التي حَلَّقَتْ طائرةُ طاغيةِ تونس السابق فوق جزيرة مالطا وسط متابعة هستيرية من رسول الصحراء، ولكن ماذا عن خيمة العقيد؟
الملك عبد الله الثاني يتابع المشهدَ عن كَثَب، فغضبُ الأردنيين في (معان) قد يتكرر تونسياً ، ويعيدُ الشعبُ قراءةَ اتفاقية وادي عربة، ويكتشف الأردنيون أنَّ سجونَ ومعتقلات الأسرة الهاشمية ابتلعتْ في جوفها كلَّ من ظن أنَّ لسانـَه أطول من سوط ضابط الأمن.
العقيد علي عبد صالح لن يتمتع بحُلم الزعامة مدى الحياة، فقد وقف من قبل وأقسم لأبناءِ شعبه أنه لن يجدد بعدما قضى ثمانية وعشرين عاما في الحُكم، فأخرج له كرسي السلطة لسانَه، ليحنث الرئيسُ بوعدِه، ويستجيب لمداعبات قيلولة جاءت بعد جلسة تخزين القات، فإذا بالنبات الأخضر يتحول إلى برسيم يأكله من ظن أن زعماءَنا لا يكذبون، وأن منافقينا لا .. ينهقون.
هل يثور اليمنيون أم يمضغون أو يخزنون؟
الاجابة في شوارع عدن وأبيّن والحُدَيّدة وحضرموت و .. صنعاء!
مساء يوم سقوط طاغية قرطاج همس مساعدٌ في أذن الرئيس السوري ليخفف من توتره، ولعله قال له: لا تخف، سيدي الرئيس، فالسوريون منشغلون بمتابعة الشأن اللبناني، وأجهزة استخباراتِنا تسمع دبيبَ النمل في الجولان كما تسمعها في ( آخن ) الألمانية حيث يُنصت الاخوان المسلمون إلى صفير الوطن بعد ثلاثين عاما من مغادرته.
ويتابع الهامس بشفتين مرتعشتين: لو أردتَ، زعيمنا الشاب، أن نحفر حفرة كتلك التي حفرتها سرايا الدفاع ودفنت فيها مئات السوريين، ونخفي كل أفراد الشعب في باطن الأرض، فلن يصيح ديكٌ في فجر دمشق قبل أنْ تصبح شوارعُ قلب العروبة النابض خاويةً على عروشها.
ويلقي الرئيسُ رأسَه علىَ وسادة ناعمة، ويحلم بيوم يخاف فيه السوري من مرآته، وتتم برمجةُ كل أجهزة الكمبيوتر بحيث يتعطل الجهازُ كلما كتب أحد كلمة: تونس!
العراقيون يغضبون في حالتين: الأولى لدىَ اكتشافهم أن عراقيا من طائفة أخرى حصل على مقعد في مجلس نواب يظن أصحابه أن تراجع القوات الأمريكية عدة أمتار إلى الخلف يعني انسحابا يانكياً من بلاد الرافدين، والسبب الثاني هو تأخير تشكيل حكومة المنطقة الخضراء عدة أشهر عن الموعد المحدد.
لكن الحمد لله، هكذا يقول العراقي لنفسه، فطائفتي تحميني، ولن يقوم انقلاب في بغداد لأن الرجال الذين ختمت قوات الاحتلال على أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم تقاسموا الكعكة، وأخذ كل واحد نصيبه من ثروات العراق، وأرسلوا أبناءهم للدراسة في جامعات متروبوليتان، وهارفارد، وإلينوي، وأقنع عمرو موسى زعماءَنا بقمة عربية يحميها سيد البيت الأبيض، وسيد قُم، وسيد الشام!
في أول اجتماع برجاله لاحظ طاغية مصر أن سراويلهم مبللة كأن( العملية) لم تكن مرة واحدة، لكن مبارك نزع الخوفَ من قلوبهم مؤكدا أنه، أي الخوف، يجب أن يسري في نفوس أبناء الشعب، وأن ثلث ميزانية فقراء مصر تذهب إلى أكثر من مليون رجل أمن ومخبريهم وبلطجيتهم، وأن المصريين يحتاجون لقرني ثور حتى يهيجوا، وقرني زمن حتى يغضبوا!
لأول مرة لا يصدّقوه، فقد اعتادوا أن يديروا له أقفيتَهم قبل أن يصفعها، ويبصموا على نتائج الانتخابات قبل أن يعلنها حبيب العادلي، أما هذه المرة فربما تكون الروح التونسية مختبئة خلف الخوف المصري المحنط منذ عهد رمسيس الثاني، فالمصريون يغضبون لو نزع الطاغية نقاب مسلمة، لكنهم يصمتون لو نزع كرامة الشعب كله.
ترى من الذي سهر حتى الفجر، الأب أم الأم أم علاء أو جمال، متقلباً على فِراشِه؟
رنينُ الهاتف لم يتوقف في قصر العروبة، وكل مُتَصل يريد أن يتأكد من الرئيس نفسه بأن الجماهير لن تسحله في شوارع أم الدنيا، ويكرر الرئيسُ نفس الكلمات التي تبدأ بوصفه المصريين أنهم جبناء، واستحالة ثورتهم، كما قال له حبيب العادلي.
سراويل مبللة في الخرطوم فالانفصال أهّوَن من ثورة السُمر، وكل الدلائل تشير إلىَ قُرب الغضب الشعبي السوداني، لكن المجرم الهارب من العدالة الدولية يؤكد لكلاب قصره أنه سيُكمم أفواه الشعب بقوانين الجلد والرجم وقطع الأيدي، وأن رجال الدين يستطيعون أن يستخرجوا من كل الكتب المقدسة تبريرات إذا قيلت من فوق المنبر نام السودانيون طوعا وكرها، فجعفر النميري كان يقتل، ثم يلقي محاضرة عن التسامح في الاسلام، تماما كما كان الحسن الثاني يستمع لعلماء العالم الاسلامي في الدروس الحسنية، وينصت إلى صرخات المعذبين في سجون الرعب على مبعدة دقائق من مسجده و .. مسبحةٍ تدور بين أصابعه.
لم يحدث في التاريخ العربي أن تبللت سراويل زعماء ووزراء ورجال أعمال وضباط كبار كما حدث ليلة سقوط الجنرال، والآن يبكي بوتفليقة أمام العسكر، لكنهم يؤكدون لتلميذ بومدين، رحمه الله، أن غضب الجزائريين لا يدوم إلا في الملاعب الخضراء، وأن أحلامَهم في السفر إلى مرسليا أكبر من أحلامهم في رحيل أحذية العسكر.
الديكتاتور الثاني سيسقط قريبا، وستكون المفاجأة مضاعفة، فالطاغية القادم من ورق، ورجاله سيلعقون أحذية الغاضبين قبل أن يغادر القصرَ بمساعده زعيم دولة عربية أخرى.
الرئيس (السابق) لم تعد كلمة تونسية فقط، ومن ينتظر أمام الشاشة الصغيرة فسيراها مرة أخرى .. في القريب العاجل.
سيداتي سادتي،
حرمُ الزعيم تُعِدّ الحقائبَ، وتحصي المجوهرات، وترجو زوجَها أنْ لا يرسلها الآن إلى مكان فيه ليلى بن علي الطرابلسي لئلا تَشْمَتْ فيها، ثم تطلب، السيدة الأولى (حاليا)، من زوجها الذي سيكون( السابق) أن لا يتأخر عليها فلدينا، كما تؤكد، من الأموال في الخارج ما يجعل قارون يحسدنا.
القدر ينتظر شعبا عربيا آخر يريد الحياة، والزعيم يُقْسِم لرجاله أن الفئرانَ أشجع من أفراد شعبه.
لكن السراويل المبللة للمستبد الكبير، والطغاة الصغار توشي بأن الأرض تهتز، وتتحرك، وتميل يمينا ويسارا، و لا يدري أحد من أين ستندفع الجماهير!



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض العزاء قتل جديد
- التونسيون ينتفضون قبل المصريين!
- حيرتي مع الدكتور البرادعي!
- الحلقة التي أزعجت عائلة مبارك
- خطاب مبارك في مجلس الشعب
- رد من الرئيس مبارك على دود الأرض
- رسالة من دود الأرض إلى الرئيس مبارك
- مقطع من يوميات شاب سعودي
- مقطع من يوميات مواطن قبطي
- روح العرب تصعد في فرانكفورت
- أنا حمار لأنني أحرّض المصريين!
- برقية عاجلة للدكتور محمد البرادعي
- مواطنون في الغربة و .. مغتربون في الوطن!
- مقطع من يوميات مواطن نوبي
- مناقشة البيان النهائي للاطاحة بعائلة مبارك
- لماذا يهتم المتديّنون بالتفاهات؟
- مقطع من يوميات شاب إنترنيتّي
- رسالة اعتذار من مصري إلى الرئيس مبارك!
- مقطع من يوميات ضابط شرطة مصري
- مقطع من يوميات طفلة عربية


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - أكاد أرى سراويل مبللة!