أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علاء الخطيب - الواقع والمسؤولية في أدب الطف















المزيد.....


الواقع والمسؤولية في أدب الطف


علاء الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 3242 - 2011 / 1 / 10 - 17:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


عقدت في مؤسسة الابرار في لندن ندوة بعنوان أدب الطف بين الواقع والمسؤولية وذلك في يوم الخميس 6-1-2011 وقد تحدث في الندوة الاستاذ السيد علاء الخطيب وادارها فضيلة الدكتور سعيد الشهابي بدأت في الساعة السابعة والربع
عندما نتحدث عن أدب الطف نعني بذلك كافة جوانب الأدب الحسيني من شعر وقصة ونثر, وكلما يرتبط بالجانب الأدبي . وبما أن المنبر الحسيني هو مكان عرض النتاج الأدبي لأدب الطف فسيكون الحديث مرتبط أرتباطا ً وثيقاً بالمنبرالحسيني .

الواقع والمسؤولية .
وأعني هنا بالواقع هو التقاليد واعني بالمسؤولية هي التعاليم.
وددت ان اطلق هذا العنوان على محاضرتي ولكن لم أكن شجاعاً بشكل كاف.
إن جدلية التقاليد والتعاليم هي جدلية الحق والمصلحة ويمكن أن نطلق عليها مشكلة طغيان التقاليد على التعاليم، وهذه الجدلية لا تنحصر بالادب الحسيني فحسب بل هي جدلية كل الاديان السماوية اليهودية والمسيحية والاسلام، فهناك طغيان للتقاليد على التعاليم, لذا نرى ذهنية التحريف تتسرب الى الأديان عبر التقاليد التي تحاول جاهدة أن تدخل الأديان في بيت طاعتهاوتحرفها بما يناسب المجتمعات وموروثاتها .
فالمعروف أن التعاليم تستمد شرعيتها من الرسالات السماوية وسنن الأنبياء والتي هي عبارة عن إيحاءات سماوية كذلك , اما التقاليد فتستمد شرعيتها من البيئة التي تعيش فيها أي من الأعراف والموروثات الإجتماعية ولهذا يتربى الوجدان الشعبي وهو يدور في مجال التقاليد على الاغلب ، ولهذه إنعكاسات على كافة جوانب الحياة ومنها الأدب باعتباره نتاجا ً إنسانيا ً يتمخض عما ما يجيش في وجدانيات المجتمع المستقات من التقاليد ولكن بعين أكثر نقدا ً وحساسية بالمواضيع فالشاعر وألاديب ليس إنسانا ً عاديا ً بل هو مفعم بالحساسية وعين ناقده للخطأ إذا ما حمل الأدب رسالة إنسانية هامة وهما ً عاما ً .
لذا هناك سؤال يطلقه الأدباء هو ماذا يعني ان تكون شاعرا ً .
إنه يعني فهما ً للأمور بتعمق ٍ كامل وتسليحا ً لذاتك بالرقة والحساسية وأن يعيش المبدأ في دمائك ويغتسل في عروقك
لا ان تكون صاجب بضاعة تعرض وتباع لمن يدفع أكثر , لذا
فالاديب يجب ان يحلق في اجواء القضية وينتزع الاشياء من طابعها السكوني الى دينامكيتها الحركية . لنرى انعكاسات القضية على التناج الادبي من خلال المنبر الحسيني لا ان يكون خاضعا ً ومسايرا ً للتقاليد ويغيِّبْ القضية من خلال خضوعة للموروثات الاجتماعية المخالفة للشرع وكمثال على ذلك الخضوع للتقاليد.

تبرير وتسويغ لعمل المنكر
وجدته في كتاب (نفس المهموم) للشيخ عباس القمي قصصاً كثيرة، ويقول ان الانسان مهما يكون غير ملتزم دينياً فانه يحمل شجاعة وشهامة ويغفر الله إذا ما كتب الشعر في حق الحسين أو أنه خدم الأمام ابي عبدالله وهذا نوع من التبرير للذين يعملون الموبقات ويقلون نحن خدام الحسين يكفينا هذا .
يقول الشيخ القمي عن دعبل بن علي الخزاعي الشاعر الكبير والرواية منقولة عن الشيخ الصدوق ومروية عن ولده علي بن دعبل بن علي(( انه عندما حضرت أبي الوفاة كنت واقفا ً على رأسه، رأيت وجهه يسود، وأسنانه تصطك و وينعقد لسانه وهو يرتجف، فكدت ارجع عن مذهبه اي عن التشيع ، ثم مات وجهزناه وبعد ثلاثة ايام رأيته في المنام وسألته عن حاله وماذا فعل الله به، فقال يابني : رأيت وجهي عند الوفاة قد اسود ولساني قد انعقد، كل ذلك من شرب الخمر. ولكن قبل يوم واحد فقط جاءني رسول الله وهو يرتدي ثياب بيضاء وقلنسوة بيضاء وقال: أنت دعبل؟ قلت نعم، قال: أنشدني شيئاً من الشعر الذي انشدته في اولادي.
فبدأت انشدته

لا أضحك الله سن الدهر غن ضحكت وآل أحمد مغلوبون قد قهروا
مشردون نفوا عن عقر دارهم كأنهم قد جنوا ماليس يغتفرُ
ثم قال لي رسول الله : رحمك الله يا دعبل واعطاني ثيابه وقلنسوته التي تراني بها الان .
هنا في هذه القصة نرى أن التقاليد تحاول أن تبرر عمل المنكر وان هذا العمل لا قيمة له مقابل الشعر الذي قاله الشاعر للحسين عليه السلام وهذا ما لا يقبله الحسين نفسه وهو الاعتداء على التعاليم بحجة الحب له عليه السلام |لأن الحسين لم يخرج إلا من أجل تقويم الاعوجاج والاصلاح وأليس القائل لم أحرج أشرا ص ....... وإنما خرجت من أجل الاصلاح في أمة جدي محمد (ص) . ثم أن دعبل الخزاعي هو شاعر اهل البيت الكبير الذي له مواقف مشرفة والذي نطق على لسانه روح القدس في بيته الشهير من تائته العصماء
وهو : خروج إمامٍ ل محاة حارج يبدد عن الجور والظلمات

فهل يعقل ان اللسان الذي يمدحة الامام الرضا والي ينطق على لسان روح القدس وهو ذاته الذي يتذوق الخمر . لا أدري كيف تنقل مثل هذه الرويات وفي كتبنا المعتبرة وهل هناك تبرير غير تبرير مسايرة التقاليد وطغيانها على التعاليم من أجل التبرير لبعض الذين يمارسون الشعائر الحسينية بعدم الالتزام وهي مسايرة إجتماعية ليس إلا
ثم أن كلمات دعبل أنزلت دموع الامام الرضا (ع) في قصيدته .
مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى * وبالركن والتعريف والجمرات
ديار علي والحسين وجعفر * وحمزة والسجاد ذي الثفنات
ديار عفاها كل جون مبادر * ولم تعف للأيام والسنوات
وهو ذات الشخص الذي وقف أمام المعتصم حينما انكره وتجاهله واراد أستضغاره لأنه من من شيعة اهل البيت ومن منكري الخلافة لبني امية وبني العباس .
وقف وهو يقول له :
ملوك بني العباس في الكتب سبعة وما جاءنا عن ثامن لهم كتب
كذلك اهل الكهف في الكهف سبعة خيار اذا عدوا وتامنهم كلب
ولكن أعلَي كلبهم عنك رفعة لأنك ذو ذنب وليس له ذنب

لما سمع المعتصم بهذا قال: اقتلوه، لما وصل الخبر الى دعبل قال قولة شهيرة: (حملت خشبتي اربعين عاماً لم اجد من يصلبني عليها وها انت قد أتيت لتفعل ذلك).
و قصة دعبل هذه شبيهة بقصة الشاعر جمال الدين علي بن عبدالعزيز الخليعي الموصلي المتوفي سنة 580 للهجرة وهو صاحب البيتين الشهيرين.

إذا شئت النجاة فزر حسينا ً لكي تلقى الإله قرير عين

فان النار ليس تمس جسماً عليه غبار زوار الحسين..

وروى قصته التي قال فيها انه دخل النار ولم يحترق لأن على جسده غبار زيارة الحسين.
قاطع طريق وناصب عداوة وربما لديه كل الموبقات، هل يدخل الجنة بمجرد زيارة الحسين؟
كلا، فهذا من طغيان التقاليد فلا يمكن يقبل الحسين إلا من كان سائراً على درب الهدى والاسلام ومؤمنا بالمبادئ التي نادى بها الحسين, فالحسين ليس بحاجه الى مثل هؤلاء ولعل لقاءه بعبيد الله بن الحر الجعفي يوضح لنا ذلك حينما قال له أما انك بخلت علينا بنفسك ونصرتك - أي للحق- فلا حاجة لنا بكل ما تقدم من مال ودعم .
ومن صور إنعكاسات التقاليد على الأدب الحسيني ما نراه في
صورة العباس في الأدب الفارسي و صورته في الأدب العربي لرأيتم طغيان الثقافة الفارسية التي تهتم بالوفاء والأخوة، في نسخته الفارسية أما فيفي نسخته العربية فتطغى الشجاعة والفروسية وهذا يدلنا أن الإنعكاسات والتأثيرات تختلف من قوم الى قوم حسب تقاليد الشعوب وموروثاتهم الاجتماعية وذا لو نظرنا الى صورة السيدة زينب في البكاستان مثلا او في ايران ونقارنها في الادب العربي فهي مختلفة ومتأثرة بالموروث لتلك الشعوب وهكذا بقية الشخصيات .
ولكن المسؤولية هي التي يجب ان تطغى على الأدب الحسيني لآن الحسين قضية إنسانية كبرى فالحسين رائد الخلود، ولا يكتب الخلود الا بدم كربلاء ولا يصطبغ الفداء إلا بلون كربلاء . كما يقول الشيخ الوائلي رحمه الله .
كربلاء ياهدير الجراح وزهو الدم العلوي الابي
أو كما يصفه السيد مصطفى جمال الدين
إيهٍ أبا الأحرار أي كريمةٍ تبني الخلود وليس منك لها أبُ
حتى إذا التاريخ أرهف سمعه ليعيد من صنعوه فيما يكتب ُ
دوى بآذان الزمـــــــــــــان هديرك الصا فــي وضاءت من سنـــــــــــــــــاه الأحقبُ

مصطفى جمال الدين أراد ان يقول ان المسؤولية قبل التقاليد. وان الواقع الحقيقي يتجاوز العرف, والعرف يجب ان يوافق الشريعة وإلا فنضرب به عرض الحائط .
فقد كان يقول
أنا لست شيعيا لأن على فمي ..... ذكر الحسين أعيد فيه وأطنبُ
ولأن في قلبي عصارة لوعة ..... لأساه تذكرها العيون فتسكبُ
ولأن امــــي ارضعتني حبه .... ولانه لأبي وجدي مذهبُ
لكنني اهـــوى الحسين لأنه .... للسالكين طريق خير ارحبُ
وأحبـــــه لعقيدة يفنى لها وان ... ديس جانبها ودين يغضبُ
ودم يريق لانه يغـــــدو به جوع ... الضمائر اذ تجف فتجدب

لابد ان يكون من يسير على خط الحسين ملتزماً بخطه ومتعلقا ً بقيمه .

الحسين مجرد دمعة.
و مثال آخر لطغيان التقاليد على التعاليم يتمثل بافراغ القضية من محتواها, وربط ثورة الحسين بالدمعة المجردة دون ان تحمل هذه الدموع أي رسالة مع أن الدموع التي ارادها أهل البيت ان تكون رسالة تقض مضاجع الطغاة شأنها شان كل الشعائر الحسينية فهذا الشيخ عبد الحسين الاعسم يستسلم للتقاليد فيقول:
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة لكنما عيني لأجلك باكية
تبتل منكم كربلا بدم ولا تبتل مني بالدموع الجارية
هذا الشاعر الاعسم يقول أنا لا ابكي من أجل الثواب ولا من أجل اي شئ ولكني أبكي لأنه الحسين وهذا منطق يعكس لنا بصورة واضحة تقاليد قبائلية بدوية وهي إنعكاس للبيئة العراقية العربية ترى في الزعيم شخصه دون المبدأ الذي يحمله والقيم التي ينادي بها فعلى الجميع ان يمجدوا الزعيم ويمدحونه دون ان الالتفات الى ما يقدم فكل شئ صادرٌ منه هو صحيح وهذه النظرة التي تسود في نظرية الحاكم والمحكوم في البدان الاسلامية والعربية على وجه التحديد وهذا ما لا يرتضيه الإسلام بتاتا ً ولعلني اتفق مع الشيخ الاعسم في عظمة الحسين وعظمة ثورته العملاقة لكني اختلف معه في جعله دمعةً فقط ويعاود الأعسم الى إستلاف تقاليد مترسخة ومغلوطة إبتدعها الحجاج لتكون تقاليد عربية وهي نفاق العراقيين
وسنرى في قصيدته الشهيرة قد أوهنت جلدي الديار الخالية ..... ارتفاع منسوب التقاليد، ففي البيت التالي:
ورد الحسين على العراق وظنهم تركوا النفاق اذا العراق كما هيه
لماذا نثبت هذه القضايا ونجعلها ثقافة في مجالسنا الحسينية مع انها سنة أموية ؟سؤال يجب ان نجيب عليه

نقل المسؤولية الجنائية من شخص الجاني الى آخرين.

ثم تعال معي الى قضية الثأر العشوائي وهي عملية نقل المسؤولية الجزائية من شخص الجاني الى أشخاص آخرين وهي عادات وتقاليد في المجتمع العربي، ينقل التراث العربي قصة تقول ان الشخص الذي يُقتل يخرج من رأسه طير يسمى الهامة يقول: اسقوني انا عطشان، فلا يهدأ حتى يسقى بقتل القاتل او عشيرته لذا يقول الشاعر العربي .

ياعمرو إن لم تدع شتمي ومنقصتي * أضربك حتى تقول الهـامه أسقوني

هذه الاعراف الثأرية العشوائية يستلفها شاعر كبير من شعراء أهل البيت وهو صاحب البيت العظيم الذي يعتبر غاية في الاحتراف الشعري في صورة قل ان يجيدها شاعر هو السيد حيدر الحلي رحمه الله

ومن أين تخجل أوجه أموية سكبت بلذات الفجور حياءها
يأتي ويقول في قصيدته التي مطلعها الله ياحامي الشريعة أتقر وهي كذا مروعة

وهو يخاطب الامام الحجة (عج) فيصل الى .

و أستأصلوا حتى الرضيع لآل حرب والرضيعة

وهو خلاف ما جائت به التعاليم التي تقول ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
أو السيد جعفر الحلي الذ ي يقول للامام المنتظر عج
فلو أنك استأصلت كل قبيلة قتلاً فلا سرف ولا تبذير
أو يقول سادة نحن والانام عبيد ولنا طارف العلى والتليد
فبايماننا اهتدى الناس طراً وبايماننا استقام الوجود
رغم الاسلام لا يؤكد على مثل هذه التوصيفات وهذا الفروقات التي هي من التقاليد بل القرآن يقول ( أن اكرمكم عند الله اتقاكم) .

لا يمكن ان تختزل التعاليم من اجل الواقع فكيف للسيد الحلي ان يطالب بثأر عشوائي وهو خلاف هدي الأئمة عليهم السلام وعكس ما جاء به القرآن (( والله يحب المحسنين)).
إنسياق النخبة الى التقاليد
ينقل الشيخ مطهري في كتابه الملحمة الحسينية قصة تبين إنصياع حتى العلماء الى التقاليد فيقول :
كان هناك عالم دين كبير في ايران عندما يستمع الى خطباء المنبر ينتفض ضد السموم التي تطرح من على المنبر ويقول 0 ماهذه السموم التي تنفث على المنبر ) . قرر هذا العالم ان يؤسس مجلساً نموذجياً، فدعا احد الوعاظ وقال له: اياك ان تذكر اي رواية بدون ان تحقق فيها، فوافق الخطيب . صعد اول يوم فوجد ان المجلس بارد ولم تتحرك عواطف الناس ، وكذلك في اليوم التالي. فقال صاحب المأتم وهو العالم الديني في نفسه: اي دار صراعا ً داخليا ً بين التقاليد والتعاليم فراح يحاور نفسه فيقول : ماذا سيقول الناس عني؟ سيقولون انه ليس لديه نوايا صادقة , حتى يكون مجلسه ساخناً؟ ثم أنصورتي الاجتماعية ستهتز أمام الناس وبعد ذلك الصراع استقر به الرأي على ان يسمح للخطيب ان يقول ما يريد، فأصبح المجلس ساخناً.

فحينما نجعل المنبر والادب بضاعة خاضعة للعرض والطلب وخاضعة لمن يدفع أكثر ولا نراعي المنهج الذي جاء به الحسين نكون كأبن الرقي حينما دخل على العباس بن محمد عم الرشيد وهو يحمل ابيات مديح يبتغي من ورائها المال فكتب له :
لو قيل للعباس يابن محـــــمد قل لا وانت مخلد ٌ ما قالها
ما أن اعد من المكارم خصلة ً لإلا وجدتك عمها أو خالها
إن الملوك إذا مشوا في قريةٍ كان النجوم وكنت أنت هلالها
ولما لم يحصل منه على ما يريد كتب خلف الورقة يقول :
مدحتك مدحت السيف المعلى لتجري في الكرام كما جريت
فهبها مدحةُ ذهبت هباءُ كذبت عليك فيها وافتريت
فأنت المرء ليس له وفاء كأني مذ مدحتك قد زنيت

أو كما فعل المتنبي مع كافور الاخشيدي.
أبا المسك هل في الكأس شيئا ً اناله فأني اغني منذ حين ٍ وتشرب

وحينما لم ينل نته ما يبتغي هجاه
بقصيدة شهيرة هي :
عيد باية حــــال ٍ عدت ياعيد لما مضى لأم لأمر فيك تجديدُ
حتى يقول: لا تشتري العبد إلا و العصى معه إن العبيد لأنجاس ٌ مناكيد ُ

فهل نشهد يوما ما أن الادباء والشعراء والخطباء يقولون ما يريده صاحب المأتم ؟

الحسين قضية ومبدأ .
الشاعر والخطيب والأديب الملتزم يجب ان لا تطغى التقاليد على التعاليم عنده. وكل ذلك جراء عدم رقابة تنظر بموافقة ما يطرحه هؤلاء مع التعاليم لأن قضية الحسين هي قضية دينية وليست قضية قابلة للاهواءالتقاليد فلو كان هناك نقد او رقابة لما وصل المنبر الى وضعه الحالي.
فالعجيب أن البعض لا يميز ماهو من التقاليد ومخالف للتعاليم وبين المسؤولية التي يلقيها الحسين على عاتقه فينقل ما أعتاد ان يسمعه واصبح جزءا ً من الموروث الاجتماعي وهو في الحقيقية ما هو إلا خزعبلات جاء بها رجل خصب الخيال والقريحة معتمدا ً على تقاليده الاجتماعية وموروثاته البيئية كالدربندي في اسرار الشهادة الذي يطرح شخصيات يسميها بشخوص الذين شاركوا في معركة الطف ولكن في الحقيقية لا تمت لهم باية صلة سوى الاسماء وكل ما ينقل هو روايات لا سند لها ولا اساس تاريخي ولكن المشكلة أعتبرت بعد تقادم الايام من الموروثات المقدسة والمسلمات التي لا يمكن التخلي عنها وهي تتداول على المنابر .
الحسين قضية إنسانية كبرى .
الحسين كان يريد الهداية لقومه ورسالته اكبر من الثأر والقتل.
أعود وأقول لا يمكن لمنهج الحسين ان يختزل بدمعة.
الدمع ضروري ولكن لا يلغي منهجه والتركيز عليه هو إفراغ محتوى القضية الحسينية من قيمها وجعلها في دائرة المذهبية , فقضية الحسين إنسانية بحته .
والذين تفاعلوا مع قضية الحسين كانوا اوسع من اتباعه وحتى الذين اختلفوا معه ايديولوجياً. كبدر شاكر السياب لم يكن منسجماً مع الحسين ايديولوجياً فهو سني المذهب، شيوعي الايديولوجيا، لكنه وقف موقفاً إنسانيا وكتب "رسالة الى يزيد أو الدمعة الخرساء "يقول فيها
إرم السماءَ بنظرة إستهزاء واجعل شرابك مـن دم الاشلاءِ
وأسحق بظلك كـل عرض ناصع ٍ وأبـح لنعلك أعظـم الضعفاءِ
وأسدر بغِّيك يا يزيد فقد ثوى عنط الحسين مقطع الأحشاءِ

وهذ نزار قباني وهو بعيدٌ مذهبيا ً وعقائديا ً لكنه يستلهم الحسين روحا ً وينفعل به وبمبادئه العظيمة حينما يصور غربة الإنسان المظلوم مستلهما غربة الحسين كمثال فيقول
مواطنون دونما وطن
مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن
مسافرون دون أوراق ..وموتى دونما كفن
نحن بغايا العصر
كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن
فهو يلتقي مع
السيد جعفر الحلي حينما يقول
لم يدر اين يريح بدن ركابه فكأنما المأوى عليه محرم
مثل بن فاطمة س يبيت مشردا ص وزيزيد في لذاته متنعم

الحسين ليس ثورة اللطم والبكاء والدموع الخالية فحسب ، لماذا نضع الحسين في هذه الخانة؟

فقصيدة : "سميتك الجنوب" التي تعبر عن حقيقة الانتصار على العدو الصهيوني من قبل المقاومة اللبنانية وهو يستوحي الثورة من اسم الحسين فيقول:
يا لابسا ً عباءة الحسين
يا شمس كربلاء
يا شجر الورد الذي يحترف الفداء ....
أما يصوره لنا في تسخير البكاء واللحزن على الحسين فهو يرى البكاء ثورة ورساله تحملها الدموع وليس بكاءا ًمجردا ً فيقول :

سأل المخـالف حين انـهكـه العـجب هل للحـسين مع الروافـض من نسب
لا يـنـقضي ذكـر الحسين بثـغرهم وعلى امتداد الدهـر يُوقِــــدُ كاللَّـهب
وكـأنَّ لا أكَــلَ الزمـــانُ على دمٍ كدم الحـسين بـكـربلاء ولا شـــــرب
أوَلَمْ يَـحِنْ كـفُّ البـكاء فــما عسى يُـبدي ويُـجدي والحسين قد احــتسب
فأجـبـتـه ما للـحـسين وما لـــكم يا رائــدي نــدوات آلـيـة الطــــــرب
إن لم يـكن بين الحــسين وبـيـنـنـــا نـسبٌ فـيـكـفـيـنا الـرثاء لــــــه نــسب

فالشاعر كاظم الخطيب يلتقي مع القباني في نظرته فيقول:
من أجله لا تريقوا دمعكم بددا بل اجعلوا الحزن وآلآم معتقدا
وحولوا الدمع إيمانا بمذهبه إن الحسين بيوم الطف قد ولدا
أني أرى دمه في الشمس مؤتلقا ً ووجهه في نجوم الليل متقدا
وما أروع قصيدة الجواهري حول الامام الحسين التي يصفها بزاده الى الاخرة.

فداك لمثواك من مضجع تنور بالابــــلج الاروع
وحزنا عليك بحبس النفوس على نهجك النير المهيع
تعاليت من مفزع للحتوف وبورك قبرك من مفزع
تلوذ الدهور فمن سجد علــى جانبيه ومـن ركع
شممت ثراك فهب النسيم نسيم الكـــــرامة من بلقع
وعفرت خدي بحيث استراح خـدٌ تفرى ولـــــم يضرع
وحيث سنا بك خيل الطغاة وجـــالت عليه ولم يخشع
وطفت بقبرك طوف الخيال بصومعة المــــلهم المبدع
هكذا يجب ان نستلهم الحسين اي عن طريق التعاليم وليس عن طريق التقاليد والموروثات الاجتماعية والاسقاطات العشائرية والاعراف التي تناغم الشارع
ائمة اهل البيت يريدون من اتباعهم ان يكونوا ملتزمين بمنهجهم الرسالي وملتزمين بمبادئ الاسلام فلا يجتمع النقيضان في مكان واحد ان تعص الله وتحب الحسين على نظرية
سودت صحيفة اعمالي ووكلت الأمر الى حيدر
التي يتناقلها البعض على المنابر
هنا تطغى التقاليد على التعاليم وهذا مخالف لمنهج اهل البيت .
هناك رواية للامام الصادق (ع)
(اللهم ارحم تلك الدموع التي سالت لأجلنا أهل البيت) أي من أجل أمرنا وإحياءه علومهم وكلامهم لا يمكن ان نبرر اعمال الانحراف امام الشباب ونقول لهم: الطموا وسوف تمحى ذنوبكم. كربلاء هي الخلود، كما يقول الامام الخميني (كل ما لدينا من عاشوراء).

علينا ان نسخر كل ما لدينا على طريق رسالة كربلاء وان نحيا حياة كربلاء ونموت ممات كربلاء لذا جاء في الدعاء اللهم أحينا محيا محمد وآل محمد وأمتنا ممات محمد وآل محمد .


علاء الخطيب/ كاتب وإعلامي



#علاء_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية التغيير الحضاري لدى المسلمين
- الفيدرالية الصراع القادم
- العالم العربي بين عولمة الثقافة وثقافة العولمة


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علاء الخطيب - الواقع والمسؤولية في أدب الطف