أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله بوفيم - هيجان المدن في المغرب العربي














المزيد.....

هيجان المدن في المغرب العربي


عبد الله بوفيم

الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 00:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عرفت دول المغرب العربي ثورات لم يسبق للمنطقة أن عرفتها منذ أزيد من عشرين سنة تقريبا, بل وبلغت حدة الثورات الأخيرة مستوى عدواني خطير جدا.
لم يكتفي الثائرون بالمطالبة بحقوقهم بل هاجموا في اغلب دول المغرب العربي ممتلكات الدولة التي طالها الحرق والتخريب, تثور مدن بشبابها ورجالها ونسائها.
ما الذي حرك تلك الثوراث في الدول الثلاث في وقت متزامن تقريبا؟ هل يعتبر الفقر والعوز والبطالة وحدها المحرك لذلك الهيجان الشعبي؟ أم أن له مبررات ودوافع أخرى؟ هل انهارت الحالة الاقتصادية والمعيشية لبلدان المغرب العربي على ما كانت عليه سابقا؟ هل اصبحت العديد من المدن تضم الكادحين فقط؟ اين يكمن الخلل؟
الذي تغير بالدرجة الأولى في دول المغرب العربي هو رغبة المواطن في قطع المراحل وبسرعة, والسعي الحثيث لتحسين وضعيته, ومقارنة واقعه بواقع أقرانه ممن غامروا بقطع البحر والحصول على دخل مرتفع في دول أوروبا, هذا من جهة.
من جهة أخرى عرفت العشر سنوات الأخيرة, سعي الحكومات لتقنين كل شيء, لدرجة تدخلت معها في قطع أرزاق المواطنين. كمثال بسيط, يشغل قطاع البناء مئات الآلاف من المياومين في كل دولة وأحيانا في بعض الجهات داخل الدولة الواحدة, ومع تقنين البناء وقطاع العقار عموما, قطعت أرزاق المياومين الذين لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع قطاع البناء.
التقنين المتسارع والغير المواكب لقطار التنمية, حرم أولائك المياومون من مورد رزقهم, ولم يجدوا ملاذا لهم غير الصبر حتى فاض صبرهم وتحول إلى نار محرقة ومستعدة لإهلاك كل من يقف في طريقها.
عرف المغرب مثلا انتشار أحياء الصفيح في أغلب المدن المغربية الكبيرة, كالدار البيضاء والرباط ومراكش وفاس ومكناس وأكادير وغيرها, تعايشت تلك المدن مع أحياء الصفيح التي تأوي ساكنة هي أقرب لثلث سكان المدينة.
كان ساكنو أحياء الصفيح عمالا في المعامل والأوراش, واستفادوا من تعليم أبنائهم الذين ولجوا المدارس والجامعات والمعاهد, وحسنوا من مستواهم المعيشي والأسري.
مع ازدياد وثيرة التقنين, صادق المشرع على قوانين زاجرة لأحياء الصفيح, فعوض البعض من ساكنيها والبعض قبل على مضض مساحة ضيقة رغم أنه كان يقطن هو وأسرته المتكونة من زوجات وأبناء وزوجاتهم وأبنائهم, منحوا ما لم يرضيهم.
قنن قطاع البناء, قنن قطاع النقل, قننت الأحوال الشخصية, وقنن كل شيء تقريبا, أحس المواطن أنه مضيق عليه في كل شيء. برزت قوانين لا تتوافق مع الحالة المادية والمعنوية والواقعية لمجتمعات المغرب العربي.
المنطقة تعرف تعدد الزوجات بشكل كبير, اصبح التعدد شبه محرم حاليا, تعرف زواج الفتاة من سن الخامسة عشر, وحاليا أصبح ممنوعا, تعرف الزواج في يوم واحد أو حتى في ساعات, وحاليا أصبح الزواج شأنه شأن الطلاق من لم يكن ذا نفس طويل لا يمكنه أن يتزوج.
مدونة السير, طبقت القانون السويسري على المغرب, حيث لا يصح أصلا وجود قانون في بعض مناطقه التي تعرف طرقا غير صالحة للمرور, تعرف انعدام المواصلات. شبكة طرقية مهترئة في الغالب, وسائل النقل العمومي هي الأخرى محطمة ومهترئة, الشاحنات لقيت التضييق.
أما أوراش العمل بجميع اصنافها, فكانت تعرف نشاطا وحيوية جد مرتفعة, كان كل ورش يشغل ويعلم العديد من الشباب, اليوم أصبح مالك الورشة لا يقبل أحدا معه, ولو لأقل من شهر, بعد أن تناسلت القوانين الزاجرة, قوانين حوادث الشغل, قوانين الضمان الاجتماعي. أفرغت أوراش العمل, ولم يبق بها إلا ذووا الخبرة والعمال المنتجون بحق.
كان المواطن يتعلم ويتدرب لدى المقاولة, ويتلقى أجرا منها وينتج في نفس الوقت. لكنه فقد مورد رزقه ومكان تعلمه بعد تناسل القوانين الغير المتوافقة أصلا مع واقعنا.
أصبحت الدولة تنفق أموالا لكي يقبل أرباب العمل المتدربين, بعد أن كان التدريب يتلقى عنه المتدرب نفسه مقابلا وترتاح الدولة من حمله.
اصبحت اليوم تتحمله ورغما عنها, لأنها تدخلت في كل شيء, وضيقت كل شيء فضاقت هي درعا بهيجان من سعت لتنظيمهم, فدمرتهم من حيث لا تعلم.
الحركية القانونية التي افرزتها السنوات العشر الأخيرة, كانت كابوسا على اليد العاملة النشيطة, التي لم تعد تجد مكانا للتدريب ولا للعمل, ولم يبق أمام الشباب غير المخدرات والتسكع في المقاهي والشوارع. صحيح أنه كلما سعى المشرع لحماية فئة على حساب أخرى, يكون مهلكا للتي يريد حمايتها.
برز بعض الشباب الحاصل على الشواهد, والغير المستعد والغير المتقبل للواقع المزري الذي اصبح يعيشه الشباب المغاربي, فحركوا الجماهير ووعدوها بانتزاع الحقوق والمكتسبات, فلبى الجميع النداء, الأمهات قبل ابنائهن والآباء والأبناء, الكل خرج ويخرج للشوارع منددا متوعدا, مستعدا للموت والحرق.
لقد فقد الأمل وتبدى للجميع أن الأمس خير من اليوم واليوم خير من الغد, لذلك يريد الجميع أن لا يعيش ذلك الغد الذي يبدوا كئيبا.
وجب على الحكومات أن تراجع نفسها, وتساير الحقوق مع الواجبات. المواطن يستحق حقوقه كاملة قبل أن يطالب بالواجبات. لا يمكن أن تطبق قوانين وجدت لحل مشاكل مدن تضم ملايين البشر, على مناطق تسعى الحكومة نفسها لتجد من يقبل السكن فيها.
لا يعقل أن يطالب ساكن "انفكو" مثلا بضرورة الحصول على رخصة الترميم لإعادة سقف منزله الذي تهدم بفعل التلوج أو المطر. كما لا يعقل أن تتطبق مدونة السير على سيارة لاندروفير التي هي الوسيلة الوحيدة لربط بعض مناطق المغرب النائية بأماكن التسوق.
الامتعاض اصبح الاحساس الغالب لدى أغلب المواطنين, رجال المال والأعمال يتوقعون الشر في كل وقت, ضرائب ومراجعات ضريبية, والحال أن ما كان مستحقا للدولة من ضرائب عليهم, حصله منهم بعض رجالها على اختلاف درجاتهم, على شكل خدمات مجانية وأعطيات.



#عبد_الله_بوفيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاسوس أم جواسيس مصر؟
- جوليان اسانج يبتز العرب


المزيد.....




- الأردن يحذر من -مجزرة- في رفح وسط ترقب لهجوم إسرائيلي محتمل ...
- روسيا.. النيران تلتهم عشرات المنازل في ضواحي إيركوتسك (فيديو ...
- الرئيس الصيني في باريس لمناقشة -التجارة والأزمات في الشرق ال ...
- بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية رداً على تصريحات غربية وصفته ...
- المكسيك تحتفل بذكرى انتصارها على فرنسا عام 1862
- ماكرون يؤكد لشي أهمية وجود -قواعد عادلة للجميع- في التجارة
- المفوضية الأوروبية تسلم مشروع الحزمة الـ 14 من العقوبات ضد ر ...
- الإعلام العبري يتحدث عن -خطة مصرية- بشأن أراض فلسطينية وموقف ...
- المتحدث باسم القبائل العربية: مصر لن تتورط في -مهمة قذرة-
- أوكرانيا.. مهد النازية الجديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله بوفيم - هيجان المدن في المغرب العربي