|
مقارنة الحرية والإعلام لدينا و لديهم
خليل الفائزي
الحوار المتمدن-العدد: 3224 - 2010 / 12 / 23 - 08:21
المحور:
الصحافة والاعلام
* بقلم لسنا بصدد التطبيل بهدف إرضاء او تهديد اي من الحكام و المسئولين ولا ننوي مزاحمة جوقة المهرجين الإعلاميين الذين يطبقون دوماً القول المعروف "الإعلاميون على دين ملوكهم!" و لا نريد الوقوف في طوابير استجداء المزايا و الهرولة وراء عطايا الحكام والمسئولين و لكن نذكرهم فقط من ان جميع القادة التاريخيين و أئمة المسلمين لم يركزوا قط على أخطاء خصومهم و لم يشهروا بعيوب منافسيهم و لم يغطوا على ضعفهم بتضخيم معضلات أعدائهم او انهم وراء جميع الكوارث و الأخطاء و لم نسمع عنهم لا في خطبة و لا حديث انهم ظلوا يفضحون مساوئ معارضيهم و لا الزعماء من نظرائهم في جبهة الأعداء بل كانوا يدعون دوماً لاصلاح أنفسهم و الآخرين و يعملون لخير شعوبهم و أوطانهم و يبذلون مساعيهم لاستقواء ذاتهم و لعزة الأمة و لم يستخفوا بقدرة أعدائهم و لم يستهينوا بإمكانيات خصومهم بل كانوا يحترمون اصل التنافس و الندية معهم و لم نسمع عنهم انهم أضاعوا أوقاتهم بالتكابر والتحدث عن ضعف منافسيهم او الانتقاص من قدرتهم و التشهير بهم بهتانا او بعيداً عن الواقع
ربما ان الخصوم والأعداء قد يسلكون شتى السبل الخبيثة للتشهير و التشويه و الإساءة لمنافسيهم و خصومهم الا ان هؤلاء ليسوا أسوة لنا و لا يمكن التعامل معهم باقتباس خبث سلوكهم و لا دناءة مواقفهم و بذاءة خطابهم
و نظراً لعقيدتنا و أخلاقنا و تربيتنا تعودنا دوما على قول الحق حتى و ان كان ضدنا او لا يرضى أنفسنا و لا يحقق مصالحنا، فلا تأخذنا بقول الحق لومة لائم و لا نخشى المساوئ والانتقادات التي قد تثار ضدنا. .
فمن المفارقات اننا في الدول العربية و الإسلامية ندعي دفاعنا عن حقوق الإنسان و نتهم الآخرين بالوحشية والضلالة و الاستبداد و قد أقمنا الدنيا و لم نقعدها في أجهزة إعلامنا بهذا الشأن واتهمنا مثلا الحكومة البريطانية بقمع الحركة الجامعية التي اندلعت اعتراضاً على رفع رسوم الجامعات 3 أضعاف مما كانت عليه في السابق و نقرأ في الأخبار ان الشرطة البريطانية نشرت 1300 عنصراً فقط لاحتواء و مواجهة الاعتراضات الجامعية التي قدرتها أجهزة أعلامنا بـ 300 الف جامعي و ان العديد من الجامعيين تمكنوا من مهاجمة السيارة الملكية التي كانت تنقل ولي العهد الأمير تشارلز و تمت مهاجمة مكتب رئاسة الوزراء و العديد من الوزراء بعد وصول الجامعيين الى المكاتب والمباني الحكومية و الأكثر من ذلك نتهم في أجهزة إعلامنا الحكومية البريطانية بقمع الجامعيين وانتهاك حقوق الإنسان! و تجتمع حكوماتنا و مجالسنا التشريعية ليس لدراسة انتهاك الحقوق في بلداننا و البحث في أمور دنيانا و آخرتنا بل للدفاع عن حقوق الجامعيين و انتقاد قمعهم في بريطانيا! قطعاً ان الدفاع عن حقوق جميع الناس مطلوب و هدف إنساني و رسالي و لابد من إدانة قمع اي حركة جامعية او نهضة مدافعة عن الحقوق القانونية والجماهيرية، و لكن نتساءل بالمقابل لماذا لا تعترف دولنا و أنظمتنا بحقوق الإنسان و لا حقوق الجامعيين في بلداننا و مجتمعاتنا و إذا ما اندلعت اي حركة جامعية يشارك فيها حوالي الف جامعي في بلداننا فان أنظمتنا التي تتباكى على حقوق الجامعيين في بريطانيا و كندا و اليونان و إيطاليا تنشر في شوارع و ساحات بلداننا اكثر من 300 الف عنصر أمنى و حرس جمهوري او ملكي اي 300 عنصر أمنى لكل طالب جامعي واحد لمحاصرة و قمع الجامعيين و جميع هؤلاء مدججون بأنواع الأسلحة من الرأس حتى أخمص القدم و يتم قمع و الجامعيين و قتل العديد منهم و دهسهم بالشاحنات بذرائع مختلفة و توجه ضدهم التهم بالكيلو و بالجملة و يتهمون بمحاربة الله والأنبياء و الأوصياء و لا يسمح لهم حتى بحق الاعتراض و لا بحق بيان وجهة النظر و لا حتى بأخذ شهيق من أنفاس الحرية . . و يا ترى هل يستطيع الجامعيون او المواطنون العاديون و ليس أنصار السلطة المنظمين في بلداننا من رؤية او مخاطبة اي من المسئولين في الدول العربية و الإسلامية من اجل مهاجمة سياراتهم بالحجارة او حتى إطلاق الشعارات ضدهم او الاعتراض عليهم حتى بالنظرات و كبت الاعتراض على الخطأ والمنكر من أفعال المسئولين في القلوب و هو اضعف الأيمان؟!
و في دولة مثل الكويت التي تزعم إنها الأولى في الديمقراطية بين دول المنطقة يتم قمع نواب المعارضة بشكل وحشي و تكسر أضلعهم و تقطع أوصالهم بواسطة قوى الأمن الحكومية، و ظن الكثيرون ان أمير الكويت سوف يعتذر من النواب المعتدى عليهم و يعامل الجميع من منطلق أبوي، لكنه يتفاخر من انه القائد العسكري و السياسي العام و التام وهم في الواقع من اصدر شخصيا قرار مهاجمة النواب و قمعهم و تكسير عظامهم لانهم كانوا قد انتقدوا الحكومة بشكل سطحي جدا، و بعد ذلك نقرأ في الصحف من ان الأمير حاكم البلاد الوحيد الأوحد هو فوق القانون و لا يجوز الاعتراض عليه هما فعل ومهما انتهك من بنود الدستور . . و يصفق له المهرجون الإعلاميون و عبدة الدينار و الدولار و تنتهي القضية و يغلق ملف قمع النواب بهذه السهولة..
و في السويد يرد ناكرو الجميل على الدولة التي أعطت من خيراتها و احتوتهم في احلك الظروف ومهدت لهم ظروف العيش الكريم في وقت فقدوا هذه الظروف في أوطانهم ، ردوا عليها بعمل إرهابي حقير و جبان حاول من خلاله الإرهابي العميل لتنظيم القاعدة " تيمور عبد الوهاب" تفجير سيارته المفخخة بمئات كيلوغرامات من المتفجرات وسط العاصمة استكهولم ، لكن الله كان دوماً مع الحق و الإنسانية و افشل هذا العمل الإجرامي الذي ان كان قد تحقق لقتل فيه مئات من الأبرياء و العزل باسم الدين، و الدين براء من الجهلة و القتلة و الإرهابيين، و يقول بعضنا في بلداننا رحم الله هذا البطل الشهم شهيد الدين الذي خطط لقتل آلاف من خلق الله الأبرياء و العزل في الغرب!
و في مصر يفتخر رئيس الجمهورية حسني مبارك ان نظامه و بفضل التزوير و التلاعب بنتائج الانتخابات أوصل جميع أعضاء الحزب الحاكم الى عضوية مجلس الشعب و كافة مراكز السلطة ليضمن من جهة استمرار حكمه دون معارضة واقعية داخل المجلس و من جهة أخرى يهيئ الظروف لقمع المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان و عدم السماح لاي من المنافسين السياسيين لاسيما الدكتور محمد البرادعي من ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة و تهديده حتى بالقتل و دس السم له في حالة إصراره على التنافس السياسي و الانتخابي حيث ان جميع الحقائق تؤكد تفوق البرادعي على جميع المنافسين و المرشحين بما فيهم جمال مبارك حيث يسعى مبارك لفرض ظاهرة التوريث في الحكم على النظام الجمهوري المزعوم في مصر
و بالمقابل نرى و نسمع عبر قنوات الأخبار اندلاع الاعتراضات العارمة في اليونان حيث شارك في هذه الاعتراضات على خلفية سياسة التقشف الحكومية ملايين المعترضين الذين اشتبكوا مع قوات الأمن و الشركة لعدة ايام متواصلة، و تقر هذه القنوات من ان حصيلة هذه الاشتباكات و المواجهات العنيفة بعض الجرحى الذين عولجوا سطحياً و اعتقال 5 او 9 أشخاص و نقلهم الى مخافر الشرطة للتحقيق معهم، لكن من جهة اخرى نسمع و نرى القمع الرهيب الذي تقوم به أنظمة عربية و إسلامية ضد مجموعات قليلة من المعترضين حيث يتم قتل او قمع او اعتقال معظم المعترضين على بعض الأمور السياسية او الاقتصادية او حتى الثقافية و الاجتماعية و نلاحظ بعد ذلك ملاحقة قوى الأمن و القضاء و الاستخبارات للمعترضين و ذويهم و أقارب أقاربهم و أصدقاء أصدقائهم و محاصرة محل سكنهم و طردهم من الجامعات وإقصاؤهم من العمل و إلصاق شتى التهم بهم و تكفيرهم و الزعم انهم حاربوا الله و رسوله و وقفوا ضد إرادة الحكام المنتخبين من قبل الله مباشرة لمجرد انهم شاركوا في اعتراضات عادية جداً او انهم طالبوا بحقوقهم الدستورية
و نقرأ في التقرير الدوري للأمم المتحدة ان الدول العربية و الإسلامية و للأسف هي الأولى و الأبرز في مجالات انتهاك الحريات الشخصية و غياب حرية الصحافة واتساع ظاهرة تكميم أفواه المعارضة و عدم احترام حتى القوانين و الدساتير التي سنتها و أصدرتها تلك الأنظمة و الدول، و بالطبع ان مبررات القمع و الاستبداد و الدكتاتورية تكون دوماً الدفاع عن الدين او الحفاظ على الوحدة الوطنية و ضرورة احترام شأن و مكانة الزعماء و المسئولين ، في حين انه لا يوجد اي دليل و لا وثيقة و لا مستند و لا مبرر واحد لكي يكون اي نظام او حكم أحادي التوجه او أحادى السياسة و يتحكم في مصيره شخص واحد و حتى ان جميع الأنبياء و الرسل كانوا يستشيرون غيرهم و لا يستبدون بحكمهم مطلقا، و خير ما ننقله عن الرسول الأكرم (ص) قوله الشهير: اختلاف أمتي رحمة. اي انه كان يعتز و يطالبنا جميعاً باحترام و جهة نظر و رأي الآخرين و يؤكد لنا انه من خلال تضارب الأفكار و نضوجها عبر احتكاكها بعضها ببعض يولد نهج الحقيقة و تنار طرق الصواب، و خلاف ذلك فان احتكار السلطة و التفرد بالحكم لا ناتج عنه سوى الاستبداد و الجهل و ارتكاب الأخطاء و مصادرة حقوق الناس
اننا دعاة إرساء المجتمعات المدنية لا نطالب قادة أنظمة الدول العربية و الإسلامية باقتباس مناهج الحريات غير المحدودة او تطبيق الديمقراطية الغربية في دولهم او التعامل بالمثل في مجال احترام القانون و حرية الصحافة و الحريات الشخصية و السماح للجميع بالتعبير عن أفكارهم و آرائهم وفقاً للقانون ، بل ندعو هذه الدول على الأقل لاحترام حقوق المعارضة و عدم قمع المعترضين بشكل استبدادي حتى و ان كانوا على خطأ بل السماح لهم بامتلاك أجهزة إعلام مثل الصحافة و الأجهزة المرئية للتعبير عن آرائهم و بيان وجهة نظرهم و من حق المواطنين اختيار مواقف النظام او مطالب المعارضة و لا يمكن لاي نظام مهما كانت قدرته و سلطته ان يستمر بالتفرد بالسلطة و تكميم أفواه المعارضة لفترة طويلة، وان مثل هذه الأنظمة قطعا ستشهد اعتراضات جماهيرية حاشدة ضدها نظراً لحالة الكبت و القمع و الإرعاب و ان مصير هذه الأنظمة التي تمارس الظلم و الاستبداد و مصادرة حقوق الآخرين و التفرد بالسلطة قطعاً سيكون و السقوط و الاندثار و الزوال تطبيقاً لارادة القدر المحتوم و في إطار القول المأثور: الملك (الحكم) يبقى مع الكفر و لا يبقى مع الظلم
#خليل_الفائزي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفاخر الدول العربية في ألعاب القوى
-
النظام السعودي و خطة الجيوب المنفتحة
-
الحرب على الأبواب ، وهذه هي الدلائل
-
حقيقة اختيار الملك عبد الله قائداً يحترمه العالم
-
هذه هي الجهة التي اغتالت الحريري
-
الطريقة الأمثل لحل الأزمة السياسية في العراق
المزيد.....
-
إسرائيل تعلن شنها غارات -واسعة النطاق- على مواقع عسكرية في إ
...
-
الحرس الثوري يعلن استهداف مركز استخبارات إسرائيلي رداً على ا
...
-
+++ دخول الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران يومها الرابع++
...
-
إذاعة -يوم القيامة- تبث رسالة جديدة غامضة وسط الصراع الإسرائ
...
-
إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلف
...
-
رئيسة المفوضية الأوروبية تصب الزيت على نار الحرب المدمرة بين
...
-
الجيش الإسرائيلي يشن هجمات استباقية على منصات صواريخ إيرانية
...
-
مستشار خامنئي يهدد بحرمان دول المنطقة من استخدام المنشآت الن
...
-
إيران: هذا شرطنا للعودة إلى الدبلوماسية
-
هجمات ليلية جديدة.. غارات إسرائيلية وصواريخ إيرانية
المزيد.....
-
مكونات الاتصال والتحول الرقمي
/ الدكتور سلطان عدوان
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
المزيد.....
|