أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وهيب أيوب - - قشورٌ ولُباب -














المزيد.....

- قشورٌ ولُباب -


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 3216 - 2010 / 12 / 15 - 15:26
المحور: المجتمع المدني
    


"الإنسان الذي لا يتغيّر، يكون قابِلاً للاختفاء"
جونسون سبنسر
في أحد أفلام الممثّل الكوميدي الراحل إسماعيل ياسين، مشهد يظهر فيه وهو يأكل موزاً، فكان يقشّر الموزة فينظر إلى اللّب ثُمّ يرميه ويقوم بأكل القشرة. هكذا أراد المُخرج على طريقته إظهار جهل هذا الرجُل بتلك الثمرة، حيث لم يسبق له معرفتها.
استحضرتُ هذا المشهد من الذاكِرة واستسغته مقدّمة لكيفيّة تعامل مجتمعاتنا العربيّة مع منتجات الحضارة الغربيّة، لاهثين خلف القشورِ منها مُبتلعينها بنهم، تاركين اللبّ للمصدر التي جاءت منه..!
وما يثير استهجاني أكثر، هو العدد الهائل من خرّيجي الجامعات الغربية من أبناء مجتمعاتنا، الذين عادوا بعد إنهاء دراساتهم في مختلف الميادين العلمية والأدبيّة والفنيّة مُحمّلين بشهادات عُليا.
لكن المُفاجِئ بالأمر أنّ هؤلاء، وبعد ارتحالهم مسافات طويلة، وقضاء سنواتٍ عديدة، واختلاطهم بمختلف الحضارات والثقافات، ومعايشتهم لأساليب الحياة الحديثة، واحتكاكهم بأفكارها التي أنتجتها عقول المفكّرين والفلاسفة في الغرب، وهي التي أنتجت تلك الحضارة وأدواتها التي نستخدمها نحن كما الغرب في مجتمعاتنا يومياً.
صحيحٌ أنّ مُجتمعاتنا قد استفادت من التحصيل العلمي في المواضيع المختلفة التي نالوا شهاداتهم بها، لكن المُحيّر في الأمر، هو عدم استفادتهم من الأفكار والأساليب والنُظم التي عايشوها سنواتٍ طوال، كالنظام والالتزام واحترام الوقت والمواعيد، وحتى النظافة العامّة، ومفاهيم الحريّة والديمقراطيّة، واحترام الرأي الآخر والحريّة الشخصية، والأساليب الحضاريّة للحوار.
فنرى الغالبيّة الساحِقة منهم عادوا إلى مجتمعاتهم "يا ربّ كما خلقتني..!": الطائفيّة، المذهبيّة،التعصّب، الإقصاء، الاتّهام. إنّها ذات الذهنية النمطيّة التي حملوها معهم قبل سفرهِم، فمعظمهم يتصرّفون بذات الأساليب المتخلّفة التي اعتاد عليها مجتمعهم: لا نظام، لا التزام، لا صدق، لا استقامة، لا وعد ولا موعِد، ذات السلوك الفوضوي واللاّمبالاة بالمصلحة العامّة، لا شيء تغيّر عندهم سوى حمل الشهادة.
ونتحدّث هنا عن الغالبيّة ولا يصحّ التعميم في أمرٍ نطرحه.
قد تُمضي شهراً كاملاً في أحد المدن الأوروبيّة ولا تسمع "زمّور سيّارة"، لكنّهم عندنا يستخدمونه لمخاطبة الآخرين، ولا يكترثون بمن يُزعج هذا السلوك المُتخلّف..؟
وترى أحدهم، كباقي أفراد مجتمعنا، يركب سيّارة أو جيب آخر موديل، ثُمّ يمد يده من نافذة سيّارته ليرمي علبة سجائره الفارِغة أو أي قمامة أُخرى، ويركن سيّارته في وسط الشارع كما الغالبيّة الساحقة دون الاكتراث بالآخرين. لقد اقتنينا السيّارة ورمينا أخلاق القيادة، كما معظم تعاملنا مع منتجات الحضارة الأُخرى...!
كلّ ما يختصّ بالمصلحة والشأن العام يتم الاستهتار به وعدم المبالاة، وكأن كل شيء ملكه الخاص..!
إنّ فقدان أي مُجتمع إلى نُخبة مُتعلّمة، مثقفّة، وواعية، تأخذ على عاتقها تغيير السلوكيات والعادات والتقاليد المُسيئة للناس والعامّة، ومعيقة للتقدّم والتحضّر، هو مجتمعٌ فاشِل بكل المقاييس، لهذا فإنّك لا تلحظ أيّ تغيير جوهري ذات مضامين حضاريّة تقدّمية في مجتمعاتنا، ولكن يُغشى عليك من كثرة القشور والسفاسف وتوافه الأمور، ثمّ يقولون لكَ إنّنا نتعرّض لغزو ثقافي لسلبنا عاداتنا وتقاليدنا، وكم أشتهي أن أسمع وأرى ما هي تلك العادات والتقاليد المجيدة التي يريدون سلبنا إيّاها...؟
هُم يريدوننا مجتمعات استهلاكيّة نشتري بضاعتهم ومنتجاتهم، وهذا ما نفعله، دون وصيّة من أحد "لا توصّي حريص"...!
فهل الغرب يُصدّر لنا الكذب والنفاق والفساد والاستهتار بالمصلحة العامّة..؟
هل يصدّرون لنا عدم الالتزام والنظام والإخلاص بالعمل وقلّة الإنتاج ..؟
هل يُصدّرون لنا الخضوع والخوف من السلطة والحاكم وتقديس الفرد..؟
هل يصدّرون لنا الطائفيّة والمذهبية والعشائرية والقبليّة والعائليّة والمحسوبيّات...؟
هل يصدّرون لنا نظرتنا البائسة المتخلّفة للمرأة ويفرضوا علينا الحجاب والنقاب...؟
هل هم من يشجّعوننا على "جرائم الشرف"..؟
لقد عادوا بعد غيابٍ طويل، مُحتفظين بذات النظرة الذكوريّة الشرقيّة القاصِرة للمجتمع والمرأة..
ومصرّين على الموروثات والعادات والتقاليد، حتى التي تجاوزتها النظريات العلميّة الحديثة.
إنّها كارِثة حقيقيّة أن يعود المرء، بعد مسافاتٍ وسنواتٍ أو عقود من الزمن، حاملاً شهادة و "خُفّي حُنَين" ..!

الجولان المحتل / مجدل شمس



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخلاق ما بعدَ الفُراق
- قضاء سوري عابر للحدود والبحار..!
- الحارة وشبّاك -أم محمود-
- وُجُوهٌ مَسلوبة
- حَفنَةُ تنويرٍ وكُثبانُ التكفير
- الموتُ الآخر ل نصر حامد أبو زيد
- الهزيمةُ والعقل المأزوم
- مِحنَة القراءة وفَهم المقروء
- قصّة النظام في سوريا مع الجولان المُحتَلْ
- سقفْ الحرية منذ ما قبل وبعد سقيفة بني ساعِدة
- إسلام في خدمة العنصرية والفاشية
- إرضاع الكبير وصحن الحمّص والجلباب...فماذا بعد؟!
- عشتمْ وعاش الجلاء والاستقلال! / حَكي شوارِعْ
- في البدءِ كان الاستبداد
- -سوريا ألله حاميها-
- - ودَقَ العَيْرُ إلى الماء -
- صَدَرَ المرسومْ.. تعالَ واقبَضْ المعلوم!
- شيفرة المتنبي
- -شعراء- و -أدباء- و -كتّاب paste- (copy -
- فلسفة السلطة وعجز المعارضة


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وهيب أيوب - - قشورٌ ولُباب -