أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي العزاوي - الذكرى والابداع بعد مئة عام















المزيد.....

الذكرى والابداع بعد مئة عام


علي العزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3204 - 2010 / 12 / 3 - 22:04
المحور: الادب والفن
    


الذكرى و الإبداع بعد مئة عام
ليف تولستوي
و
اراء نقاد تولستوي
ليس هناك في أي مكان وفي أي زمان ظهر ((الإنسان الطبيعي )) بمثل هذا الصدق وهذا التعري كما يظهر في إبداعات تولستوي ،هكذا قال (ديمتري ميرشكوفسكي ).ليس هناك فنان أخر أحب كلا من الحياة ومعنى الحياة بمثل الفرح والاستيئاس كما فعل تولستوي،وهذا ما قاله (رالف ئي ماتلو ).ولد تولستوي 1828 في ياسنايا بوليانا ،عمره عامين و توفيت أمه ومن ثم تنتقل الأسرة إلى موسكو، وفي التاسعة من عمره توفي والده وفي سنة 1844 يدخل تولستوي جامعة قازان ،قسم اللغات الشرقية ومن ثم ينتقل إلى كلية الحقوق ،ومن ثم يترك الجامعة في سنة 1847 ويعود إلى ياسنايا بوليانا،ومن كتاب تولستوي للمحرر رالف ئي ماتلو يذكر أن تولستوي في الثاني والعشرين من شهر تموز سنة 1910 حينما كان تولستوي في خضم ما صار بعدئذ أزمته النهائية ذهب تولستوي إلى الغابات بصحبة ثلاث أصدقاء من اجل استنساخ الوصية التي أعدت وفقا لتعليماته والقيام بتوقيعها ، أملا بذلك أن ينهي كلا من المشكلات الروحية التي كانت تعذبه والخلافات الكريهة مع زوجته و أسرته وقد أثارها تنازله عن ثروته وحقوقه.وبينما كان تولستوي يشرع في استنساخ الوثيقة فقد أخطأ في تهجي كلمة ((عشرين)) واخذ يصلحها فتناول ورقة جديدة ثم بعد ذلك ابتسم وقال ((حسنا ،دعوهم يظنوا أنني أمي)) و استطرد مضيفا ((سأضع الرقم بجوار الكتابة حتى لا يكون هناك أدنى مجال للشك)). ويمكننا تفسير هذه الملاحظة على أنها رمز لعناية تولستوي بإجادة الصناعة والدقة فيها ،مثلما يمكننا تفسير المكان اتخذ للوصية وهو غابة بأنه رمز للتواصل العميق مع الطبيعة الذي نستكشفه في اللحظات الحاسمة من حيوات شخصيته .ذلك أن عددا قليلا من الكتاب،لاسيما في القرن التاسع عشر ،قد كان هذه الدرجة المستديمة من الوعي بالعلاقة بين الشكل والمحتوي ،وبعدم استطاعه العمل الفني أن يصير شيئا أخر و الامكانت التقنية المتاحة للكاتب المحترف،كما أن كتابا قلائل قد عبروا عن أنفسهم على مثل الدرجة المتكاملة التي عبر بها تولستوي في هذا المضمار.فليس مجرد الحجم الضخم لما أنتجه تولستوي (في الأقل حجم روايته الكبيريين وهما الحرب والسلم وأنا وكارنينا )هو الذي يجعل مثل هذا التقليد صعب التناول ،ولكن هناك أيضا صفة تستغرق خيال القارئ وتقود إلى تأملات نقدية من نوع أخر .وهذه الصفة اختصرتها كلمة الناقد ماثيو أرنولد غير الموفقة والتي أراد بها أن تكون أقصى درجات الثناء و الإطراء حين قال أن رواية ((انا كارنينا )) لا ينبغي أن ينظر إليها كعمل فني بل كقطعة من الحياة ،وهذه النقطة حصلت على تخصيص بليغ في دراسة ايسايا بيرلين الرائعة بعنوان ((القنفذ والثعلب ))
إذ قال ما يلي :
((ليس هناك من كاتب على الإطلاق قد أبان تولستوي عن قوة البصيرة في صنوف الحياة ـــ الاختلافات الموجودة فيها والتناقضات والتصادمات التي تحدث بين الأشخاص بعضهم ببعض والتي تحدث في المواقف،وكل هذه الأمور يدرك بكل ما فيه من تفرد مطلق وينقل درجة من المباشرة والدقة عبر تخيل ملموس لا يمكن في العثور عليه عد أي كاتب أخر .وما احد أفاق تولستوي في التعبير عن المذاق المخصوص والنوعية المضبوطة للشعور ــ ودرجة تذبذبه ومده وجزره ، والحركات البالغة غاية الرهافة (التي سخر منها تورغنيف واصفا أيها بأنها مجرد حيلة وخدعة من قبل تولستوي ) وكذلك النسيج الخارجي والداخلي والملمس الخاص بنظرة ما، أو فكرة ما ،ولذعة شعور ما ،وتستقى مشابهة الحياة الذائعة عن تولستوي في وصف كل شيء وكل شخص يقع في عالمه من هذه القدرة المذهلة على عرض كل المقومات التي فيه حتى يصل إلى جوهره الفردي الكامل ،وبكل أبعاده المتعددة ،ولا يعالجه بوصفه مجرد مقولة ،شئ معطى،مهما يكن حيويا تخطيطيا تلخيصيا أو ضلا من الضلال أو عرضا انطباعيا لا غير ،ولا يفعل تولستوي بالأشياء والأشخاص ما يجعلها تحتاج إلى،وتعتمد على ،عملية فكرية تجرى في ذهن القارئ ،ولكن يقوم الدوام بعرضها على أنها مواضيع متينة تامة البنيان،متطورة من القرب ومنظورة من البعد ،في نور النهار الطبيعي الذي لا يغير المنظورات ،ومن كل زاويا النظر الممكنة ،واضعا أشخاصه و أشياءه في سياق مضبوط ضبطا مطلقا من حيث الزمان والمكان ـــ خالقا من ذلك حثا حاضرا كل الحضور لدى الحواس أو الخيال بكل أوجهة مع التعبير تعبيرا واثقا ومؤكدا حادا عن كل ظل من ظلاله))وأيضا موقف أخر عندما قدم ناقدا سؤال إلى تولستوي بشأن رواية (انا كارنينا) كتب تولستوي إجابة قائلا فيها ((إنني فخور جدا بمعمارها ــ إن قناطر بنيانها متصلة بعضها ببعض اتصالا خفيا بحيث إن المرء لا يستطيع حتى أن يلاحظ أين توجد حجارة الارتكاز .وهذا ما حاولت أقوم به أكثر من أي عام أخر .وتماسك البنيان لا يستند على الحبكة وعلى العلاقات (أو التعارف) بين الشخصيات ،ولكنه يستند على تماسك (داخلي) ومجاز والمعمار هذا ،هو يشابه مشابهة غريبة لمفهوم مارسيل بروست حين وصف تحفته الرائعة بأنها كاتدرائية ))هذا المجاز قد قال شرحا مفصلا في مقالة البيرت كوك تحت عنوان ((الوحدة في رواية الحرب والسلم ))وهي عرض للطرق العديدة و التدرجات الكثيرة التي بموجبها يصير مجرد الوضوع في أطار الحبكة مؤثرا أو محتما ورود المعاني المطلوبة حالما يكون المغزى الداخلي لكل قسم في هذه الرواية قد جرى فهمه فالوحدة في هذا العمل الكبير تتم وفقا لذلك .وغالبا ما توضع مبهمات لا تستطيع مناقشته اشد عمومية أن تحل لها حلا في كثير من الأحيان ولكن ملاحقة مثل هذا الأنساق في أعمال تولستوي ما زالت حتى الآن بعيدة عن أن تكون محور الانشغال النقدي الذي هي جديرة به.وكان تولستوي واحدا من أعظم الكتاب تأملا فهو يعبر في كل لحضه عن شخصيته من خلال فنه ويعبر في كل لحضه عن فنه من خلال شخصيته ومن ثم نرجع إلى مسودات رواية ((الحرب والسلم )) يسوغ تولستوي اختياره لمجتمع عليه القوم كمركز لروايته واجدا تماثل هويته مع هوية الارستقراطية أفضل سبب لذلك الاختيار ،ولكنه يختم كلامه بأشد نقد من حيث بلاغة الإيجاز وروعة الإشارة كتب على الإطلاق بشان وجهة من وجهات الأدب الروسي ((إنني ارستقراطي لأنني لا استطيع أن اصدق برفعة العقل ونقاوة الذوق أو بالأمانة المطلقة لدى رجل يلعب بأنفه أو يتجشأ)) وهذه كلها وظائف تقوم بها أمانته الأخلاقية و نبالته الفطرية.ولا يظهر غضب تولستوي إلا حينما تصير المكونات الارستقراطية الخارجية أشكالا فارغة كما يفعل بحق نابليون والقيصر نيقولا الأول أو الآخرين الذين اعتبرهم مشعوذين أو أوسع مشعوذين .ومن يرغب في معرفة الحقيقة عليه أولا أن يتعلم من قراءة الأعمال الأدبية .وهو فن عسير .فان يعرف المرء كيف يقرأ ليس أمرا كافيا .ولهذا السبب فان المسودات الأولية و الملاحظات الملقاة إلقاء عاجلا على الورق هي على هذه الدرجة العظمى من الأهمية .فكثيرا ما يخبرنا تخطيط اولي أو كلمات قلائل أو فكرة مكونة نصف تكوين ،تخبرنا كلها أكثر مما يستطيع أن يفعل عمل متكامل منته،فالرجل لم يكن لديه الوقت الكافي لتكييف رؤاه مع متطلبات المجتمع .والمقدمة التي كان يراد منها أن تهئ الطريق والخاتمة التي تنهيه غير موجودين في العمل الناقص .فالحقيقة الخشنة العارية تبرز بكل قامتها مثل صخرة تبرز فوق المياه،وليس هناك من احد حتى ذلك الحين يحاول ((تسويغ)) خشونتها و وحشيتها ،لا المؤلف نفسه و لا كاتب سيرته المجد اثر ما فعله المؤلف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : كتاب تولستوي تحرير رالف ئي ماتلو ،وترجمة نجيب المانع ، دار الرشيد للنشر.



#علي_العزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فالنعمل...من أجل سعادة اكبر
- سأتكلم عن حزبا


المزيد.....




- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي العزاوي - الذكرى والابداع بعد مئة عام