أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حنا زيادة - مراجعة لكتابي دوامة الدم















المزيد.....

مراجعة لكتابي دوامة الدم


حنا زيادة

الحوار المتمدن-العدد: 3200 - 2010 / 11 / 29 - 16:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إلـــي أيـــــن يـــا لبنـــــــــــان؟
إذا كان طبيعيا في هذا الزمن العاصف أن يتساءل كل عربي حريص علي مستقبل وطنه "إلي أين؟" فاللبناني وهو يحاول استقراء آفاق المستقبل المتلبدة يبادر بطرح سؤال آخر هو "هل من وطن؟".
ما من بلد عربي آخر ــ باستثناء العراق وفلسطين ــ يطرح فيه هذا السؤال المصيري بمثل هذا الاستمرار. وما من بلد عربي آخر ينظر إليه، مرة، كمثال يحتذي، ومرة أخري، ككارثة توشك أن تنفجر وتفجر المنطقة معها كما هو شأن لبنان.
تصدي الباحث الدانماركي اللبناني الأصل حنا زيادة للبحث عن إجابات علي هذه التساؤلات ولإلقاء الضوء علي الفتن الطائفية في لبنان بداية من انفجارها عام 1841 وإنشاء نظام القائمقاميتين (1843ــ1860) إلي يومنا هذا في كتاب بعنوان "بناء الوطن والمسألة الطائفية في لبنان" الذي صدر عن دار هيرست اندكومباني HURST & COMPANY, LONDON المعروفة. يبدأ الكتاب بالمشهد المروع، مشهد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 ومشاهد الشجاعة المدنية التي توالت بعده عندما اجتمعت طوائف لبنان وممثلوها علي حب الوطن ورفض الإرهاب.
يرصد الكتاب ويوثق المحطات المتتالية للوفاق الوطني قبل اغتيال الحريري وبعده متتبعا تطور النظام اللبناني من نظام الطائفتين في القرن التاسع عشر إلي دولة لبنان الكبير الذي اعتبره المؤلف دولة المسيحيين في الشرق إلي نظام الميثاق الوطني والمشاركة المسيحية ــ الإسلامية التي أمنت الاستقلال 1943 إلي نظامه الدستوري الحالي المبني علي مواثيق التوافق الشاملة لكل الطوائف.
وفي عرضه للأزمات العنيفة المتوالية التي تعرض لها نظام المشاركة الطائفية اللبناني يربط الكتاب بين هذه الأزمات وبين استقواء النخب الطائفية بالقوي الاقليمية ضد الحكومة الوطنية وهو ما أدي إلي اضعاف الدولة المركزية والانتقاص من السيادة الوطنية.
وإذ يدعو الكتاب اللبنانيين إلي الكف عن ارتكاب أخطاء الماضي فهو يدعو العرب إلي الكف عن تحويل لبنان إلي ساحة للصراعات وتصفية الحسابات وتنفيس الاحتقانات الداخلية.
لكن المؤلف يبرز الموقف الايجابي والبناء لمصر والمملكة العربية السعودية باعتبارهما "الثقل الجنوبي" الذين حرص علي حياد لبنان واستقلاله واستقراره مسلطا الضوء علي "الفترتين المشرقتين في تاريخه المضطرب: عندما رعي الزعيم الوطني مصطفي النحاس التوافق المسيحي ــ الإسلامي الذي حقق استقلال لبنان عن فرنسا عام 1943. وضمنت مصر حيادة حتي سقوط الملكية في 1952 وعندما تعالي الزعيم عبدالناصر علي الحسابات القصيرة النظر ورضي بتحييد لبنان عن صراعه مع الغرب وضمن استقراره، عبر مساندته الرئيس فؤاد شهاب بعد احداث 1958 في مسعاه لبناء الدولة الوطنية الخارجة عن سيطرة الطوائف"
ثم يشير المؤلف إلي الموقف التاريخي الفاصل للملكة العربية السعودية عندما رعت اتفاق الطائف عام 1989 ليتساءل: هل ستلقي مصر والسعودية بثقلهما وراء تجنيب لبنان نتائج صراعات المنطقة وتجنيد الطوائف فيها لحساب قوي إقليمية؟ هل ستساعد القاهرة والرياض علي إعطاء لبنان موقعا في منظومة أمنية عربية يجب أن تكون السعودية ومصر حجري الزاوية فيها لكي تكون هذه المنظومة ــ كما يقول المؤلف ــ الضامن للمصالح العربية المغيبة وللأمن العربي المسلوب.
ويري كاتب هذه السطور ان القارئ العربي مطالب بأن ينظر في محتوي هذا الكتاب المهم ليبحث عن اجابة علي تساؤلات المؤلف وليقدم مقترحاته بالنظر إلي ميثاق الدفاع العربي المشترك وجدواه وضرورات تحديثه، إذا كان ذلك ممكنا، وبالنظر إلي الثقل النسبي للعرب في منطقتهم بعد تضخم القوي المحيطة بها في إسرائيل وتركيا وإيران وبعد الحضور العسكري والسياسي الأمريكي الكثيف علي الارض العراقية. أمر مهم آخر يجب ان يأخذه القارئ العربي مأخذ الجد وهو يطالع هذا الكتاب فالمؤلف يرفض النظرة التي نقلها العرب المحدثون عن أوروبا والتي تعتبر الهوية المبنية علي الدين أقل شرعية من الهوية المبنية علي الانتماء العرقي واللغوي وان بناء الوطن الجامع يستوجب إلغاء التعددية أو الانتماء الطائفي.
وإذا كانت النظرة التي يرفضها المؤلف هي من ثمرات الثورة الفرنسية وفلسفتها المحددة لهوية الدولة الوطنية فإن كانت هذه السطور لايرفضها، كما يرفضها حنا زيادة، لكنه يعدلها ويخفف من غلوائها بتبني الهوية كما حددها فيلم قديم لعبت بطولته الممثلة اليهودية المصرية ليلي مراد عندما قالت إحدي شخصيات الفيلم "كلنا مصريون عاش الملك وتحيا مصر".
العصر يفرض ان نطور هذا المنطوق السينمائي الراقي من "الولاء للملك والوطن" إلي الولاء "للنظام الجمهوري والدستور" تجسيداً لوطن مملوك لجميع أبنائه ومالك لهم في الوقت ذاته. ولاء لا يلغي الملامح المميزة للهويات الطائفية باعتبارها هويات فرعية تغذي الهوية الوطنية الجامعة وتتناغم معها وتتغذي عليها. فالهوية الوطنية الجامعة ــ في مصر أو في لبنان أو في غيرهما من أقطار العرب والعجم هو الهوية الضامنة لحياة كل مواطنيها، أفرادا وجماعات الاستقرارهم وازدهارهم دونما طمس لذواتهم الفردية أو الطائفية، وهو ما يحول دون الاستقطاب الطائفي الذي هو خطر علي التكامل الوطني والاستقلال. وينسجم هذا التصور مع الرأي الذي اثبته حنا زيادة في الصفحة 175 من كتابه عندما قال "إن الاستقطاب الطائفي ينطوي، بالضرورة علي بعد غير لبناني يتم من خلاله تأمين تحالفات إقليمية ودولية لتعزيز المواقع الطائفية".
وعندما يطبق المؤلف هذه القاعدة علي لبنان، باعتباره الحالة التي هو منشغل بها وموضوع كتابه، فهو يضع قاعدة قابلة للتطبيق في كل قطر من أقطار المنطقة موضحا أن تصاعد الاستقطاب الطائفي يرتبط ارتباطا شرطيا بتصاعد مواز للتدخلات الخارجية وبهبوط مكافئ للسيادة الوطنية، في لبنان وفي كل أقطار العرب.
وقد كان صوت أنور السادات يرن في أذني بقوة امتزجت بأصداء مأساوية تلح علي عقلي وأنا أقرأ الصفحة 135 التي تحدث فيها المؤلف عن القوي الاقليمية التي أذكت الصراعات في لبنان.
حذر أنور السادات من العبث بالوحدة الوطنية اللبنانية بكلمات عامية مصرية قائلا: الدم هايبقي للركب.
تذكرت كلمات السادات وأنا أقرأ كلمات حنا زيادة عن التدخل العسكري السوري والحضور الديموغرافي والعسكري الفلسطيني والغزوات الإسرائيلية والمساندة المالية السعودية والعراقية والليبية للميليشيات والاستقطاب الثنائي الدولي السوفيتي ــ الأطلسي.
فأين كانت مصر الحريصة علي التكامل الوطني لكل قطر عربي والرافضة لهذا العبث؟ لقد غيبت مصر عن هذا كله بالحصار الذي ضربته حولها الدول العربية انطلاقا من بغداد باسم الصمود والتصدي. وهو الحصار الذي كان مقدمة ضرورية لمأساة لبنان ولكل الكوارث التي تشهدها المنطقة حتي اليوم، الحصار الذي فرضه العرب علي مصر عندما استسلموا لغواية الشيطان الرجيم "صدام حسين".
لكن الغواية تتبدد غيومها وتفقد الشعوذات السياسية سحرها الآسر تحت قوة الضربات التي تنهال علي رؤوسنا لتفرض علينا اليقظة والتعامل العقلاني مع الواقع. فها هو الشارع اللبناني الذي لطالما اقتات علي ايديولوجيات العنف اليمينية واليسارية يصبح اليوم أكبر مبشر عربي بالتعايش بين الطوائف والتصدي السلمي لكل أشكال العنف. وها هي حماس تخرج من هيولي العنف والصخب إلي المسئولية السياسية والقانونية وها هو الشيطان الرجيم يواجه أول محاكمة علنية لسياسي في العراق، بمثل هذا الحجم، منذ 1968 إن لم يكن منذ 1917.
ولهذا فأغلب الظن ان المؤلف لن ينتظر طويلا وهو يرقب انبثاق الوعي العربي وتوافق كافة الطوائف اللبنانية علي طريقة مثلي لبناء دولة القانون التي هي ــ كما قال حنا زيادة ــ ممثلة للكل ومتمثلة في الكل وحاكمة علي الكل بالعدل والتوافق.



#حنا_زيادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاة من الرقة
- حوار عالمي من خلال قصة عن الزواج القسري
- حرب من الأكاذيب صنعاء، اليمن


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حنا زيادة - مراجعة لكتابي دوامة الدم