أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنا زيادة - فتاة من الرقة














المزيد.....

فتاة من الرقة


حنا زيادة

الحوار المتمدن-العدد: 3202 - 2010 / 12 / 1 - 09:51
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


فتاة من الرقة
الرقة، شمال سوريا
"إنه ظلي"، ردت املة على سؤال صديقاتها وهن يمازحنها "هل أنت التي تمشين في الحقول مع ذلك الشاب الأشقر الوسيم؟". وما هو إلا أنا - شاب لبناني له شعر أسود وعلى وجهه الكثير من الكريم الواقي من الشمس‏.
لم تخرج هذه الكلمات الحزينة من بين شفاهها إلا على مضض ومثلها مثل الكلمات القليلة الأخرى التي تتفوه بها. إنها فعلاً مجرد ظل لصورة الفتاة الجميلة المرحة التي التقيت بها قبل أشهر قليلة، أي قبل "فرحها".
كاملة لا تزال في التاسعة عشرة من عمرها وهي متزوجة من شهرين والآن حامل ولا تبدو كأنها شابة سعيدة حديثة الزواج.
لقد وافقت املة وأختها راحة، ابنتا السيد الذي استضافني، على دعوتي غير العادية للتنزه في الحقول. وبينما نمشي في الحقول الخضراء، التي يرويها نهر الفرات، في الصحراء السورية، تحكي املة قصة نهاية حياتها كفتاة بريئة حالمة وليست نهاية سعيدة.
"لا يعجبني" كانت إجابتها عندما سألتها عن زوجها الجديد.
وبعد لحظة تابعت املة حديثها، "أنا لا أطيق هذا الرجل الذي زوجوني منه ولم أكن أرغب في الزواج منه أبداً". فسارعتُ بسؤالها، "ولكن كيف تزوجت منه؟ وكيف وافقت على الزواج من شخص لا تحبينه؟ لقد وعد والدك بأنه لن يجبرك على الزواج من دون رضاك". ولأول مرة تدفقت الكلمات من فم املة، القليلة الكلام عادةً: "لا تتصور الضغوط التي تعرضتُ لها. عملت العشيرة كلها على إقناعي، يوم بعد يوم على مدى شهور عديدة، وفي مقدمتهم أخي الأكبر. فعلوا كل ما استطاعوا لانتزاع مني كلمة "نعم" ولكن قلبي كان يقول "لا" طوال الوقت".
"كان أخي الأكبر يريد تزويجي من ابن عمي حتى يتمكن من الزواج من أخته. إنه مجرد تبادل تجاري! في النهاية وافقت على الزواج فبدأ ابن عمي المساومة على المهر الذي عليه دفعه. فقد أرسل رسولاً إلى والدي ليقول إن 3000 دولار مبلغ كبير ويطلب تخفيض المهر بمقدار مائة أو مئتين دولار - كأنني كيس بطاط”ا.
حكت املة قصتها الحزينة بلهجة واثقة وهي تنظر في الأرض معظم الوقت، لكنها كانت ترفع عينيها مرات قليلة فتنظر إليّ بابتسامتها الساحرة. لا يظهر عليها شيء من الإشفاق على الذات ولكن حالة من الاستسلام التي أثارت غضبي وإعجابي بها في نفس الوقت.
قصة املة هي قصة العديد من الفتيات العربيات، ربما ما عدا وعي املة الحاد بالظلم الذي تعرضت له. مغزى قصة املة ليس أن الزواج المرتب يحكم بالتعاسة على الفتيات، فهو قد ينجح في حالات كثيرة.
إنما تكشف قصة املة عن مسألتين بخصوص المرأة العربية. الأولى أن الزواج يبقى قدراً مكتوباً على المرأة في معظم المجتمعات العربية. الثانية أن الرجل هو الذي يقرر قدر المرأة.
كثيراً ما، ومثل ملايين من النساء العربيات الأخرى، تقف املة وحيدة في تفاوضها مع أهلها الرجال حول مصيرها. قد تتحدى العديد من النساء سلطة الرجال فيرفضن الزوج المختار لهن أو يرفضن أن الزواج خيارهن الوحيد.
وللأسف حالات النجاح قليلة وتقابل كل منها مئات من الهزائم.
تكشف قصة املة عن مسألة أخرى، فعندما كانت في أمس الحاجة إلى مساعدة مؤهلة من نساء أخريات فلم تجد أحداً. ففي قريتها قرب مدينة الرقة، كما هو الحال في الكثير من القرى والضواحي العربية الفقيرة، لم تجد أية من منظمات المساعدة أو منظمات حقوق الإنسان أو المنظمات غير الحكومية أو الجمعيات النسائية التي تزدحم بها قاعات الاستقبال في بيروت والقاهرة ودمشق والرباط وعواصم عربية أخرى.
في هذه المدن، وأنا في طريقي إلى الرقة، جلستُ في قاعات أنيقة مع العديد من الخبراء والنشطاء الحسنو النية واستمعت إلى تحاليل طويلة عن كيفية تمكين المرأة.
قد تكون التحاليل مقنعة وقد تبدو التوصيات معقولة إلا أنها بعيدة جداً عن واقع المرأة العربية.
إذا أردنا فعلاً مساعدة النساء العربيات، علينا ألا نرسل المال لدعم مشاريع في المدن الشهيرة أو لمنظمات تفهم فن الترويج عبر الإنترنت والمؤتمرات الحوارية، وعلينا أن نرسل المال للمشاريع الصغيرة في الميدان. ينبغي أن نخصص المال لمشاريع خاصة بالفتيات والنساء في قرى صغيرة أو في الأحياء الفقيرة من العواصم حيث يكدح معظم النساء العربيات من أجل بناء حياة كريمة.
يجب علينا نقل مالنا من المشاريع الفخمة في المدن المريحة السهلة الوصول إليها إلى المقاطعات حيث يساوي الدولار الواحد عشرة أضعاف قيمته في المدن ، وإلا فسنستمر في تحصيل الحاصل.
يجب علينا الانتقال من قاعات استقبال المدن إلى مطابخ المقاطعات وإلا سيكون الأمل الوحيد بالنسبة لاملة وأخواتها ما قالته لتطمئنني عندما ختمت قصتها: "مع الوقت، لعلني أتعلم كيف أتحمل الألم".



#حنا_زيادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار عالمي من خلال قصة عن الزواج القسري
- حرب من الأكاذيب صنعاء، اليمن


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنا زيادة - فتاة من الرقة