أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رندا قسيس - و في البدء كان الحيوان الطوطمي_الجزء الأول














المزيد.....

و في البدء كان الحيوان الطوطمي_الجزء الأول


رندا قسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3199 - 2010 / 11 / 28 - 15:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


"من أجل التحرك و القضاء على كل ما يعيق مسار التقدم و يشل الذكاء العصري، علينا أن نساهم جميعاً في توضيح جذور المعوقات المتبقية لدينا من فترات تاريخية قديمة تعود بنا إلى حقبات ما قبل التاريخ. توضيحنا لهذه الأعراف ليس رغبة في احترامها، بل هي الوسيلة الضرورية لتوضيح منشأها الوحشي و تشعبها في عقول أفراد وكتل مازالوا يؤمنون بها".
هكذا عبر عالم الآثار و اختصاصي في مجال التاريخ "سالومون رينا" عن ضرورة تفكيك المتبقيات العالقة في ثقافات متعددة، لهذا اقتطعت هذه الفقرة الصغيرة من كتابه و اخترتها ان تكون مقدمة لمقال كي نغوص من خلاله في أصول الآلهة.

بعد الإطلاع على البحوث الأنتربولوجية، الأسطورية...، نستطيع أن نكتشف الجذور الأصلية للأديان و التي سبقت منشأ الآلهة لتمهد لها أرضية خصبة للظهور، و تغذت من خيالاتنا الطفولية من أجل أن تترعرع لتصبح الآمر الناهي لعقولنا.

سأتطرق إلى مفهوم الإله البدائي المشتق من فكرة الطوطم، و كما يميل الكثير من الانتربولوجيين إلى اعتبار أن النظام الطوطمي نظاماً عالمياً، فلم يكن حكراً على سكان البلدان الأصلية في أمريكا أو استراليا... بل امتد إلى بقاع الأرض المستوطنة من قبل مجموعات بشرية.
دعونا، في البدء، نقوم في القاء نظرة سريعة على النظام الطوطمي، لنجده نظام قبلي قائم على مجموعة من التابوهات و الملخصة في عبادة معينة من قبل جماعة ما لحيوان في معظم الأحيان، أو نبات في حالات نادرة، أو عبادة مادة غير حية في حالات استثنائية، على حسب الكثير من الاختصاصيين ك ايميل دركهيم، جيمس فريدزر و سالومون رينا...
.
يقوم أساس الطوطم على وجود عقد أو عهد غير واضح التعريف ذو طبيعة عقائدية بين جماعة ما و بين بعض الحيوانات المنتمية لهذه الجماعة، من هنا لاحظ "رينا" ان النظام الطوطمي تواجد في مرحلة الإنسان البدائي السابق للإنسان الراعي للحيوانات.
و اعتماداً على البحوث التي تناولت هذا النظام، نستطيع لمس اثاره عند الكثير من الحضارات؛ الإغريقية، المصرية، السورية*(التوضيح في أسفل الصفحة)...ففي النظام الطوطمي يعتبر حيوان القبيلة تابو، فلا يمكن ذبحه إلا في يوم جماعي في السنة حيث تقام له مراسم خاصة مصحوبة بالبكاء و النحيب.

بعد مراجعة ما قدمه "سبينسر و جيلين" من دراسات كثيرة حول هذا النظام و ما رافقه من تنظيم للزواج خارج العشيرة و المسمى ب "ايكزوغامي" الذي ساهم في تحريم العلاقات الجنسية بين أفراد العائلة الواحدة بطريقة تدريجية. وجد "رينا" أن فكرة تجسيد الإله، في حقبة متقدمة، بفرد ما لتقديمه قرباناً للسماء، في بعض الحضارات، لإعادة عملية البعث و الإحياء من جديد قادمة من تقديس القبيلة لحيوان و التضحية به. فإذا راجعنا ما كتبه "فريدزر" عن عادات بعض القبائل الوحشية و المستمرة إلى وقتنا هذا من خلال الطقوس مع اختفاء المشاعر الأولى التي رافقتها و المبنية على اعتقادات خرافية كالاعتقاد بميزات الحيوان الطوطمي و أكله، فمن نظرة أنتربوبوجية، قامت هذه الطقوس على أساس الاعتقاد بأن لحم الحيوان الطوطمي الحامي للقبيلة يمنح آكلها قوة و خصائص مميزة، و هذا ما نراه حتى وقتنا الراهن عند بعض الشعوب كالصينيين الذين يأكلون، على سبيل المثال، العضو الجنسي الذكري لبعض الحيوانات من أجل اكتساب قوة جنسية.
ربما علينا أيضاً تذكير القراء إلى أن ما تمثله الأعضاء التناسلية في قبيلة "ماوريس" و تمثيلهم للعضو الجنسي الذكري على انه الحياة بينما يمثل العضو الجنسي الأنثوي الموت، و على غراره عند الصينيين الذين يعتقدون بإكتساب عناصر حياتية كالطاقة و الحيوية عند التهامهم الأعضاء الجنسية الذكورية، و هنا لابد لنا أن نشير إلى تلك العلاقة الجدلية ما بين المحركات و الدوافع النفسية الداخلية و بين التجارب الخارجية التي أدت بمجموعها إلى تكوين هذه المعتقدات.
لا بأس أن ننوه أيضاً أن جهل الإنسان الأول لأسباب التناسل و الانجاب أدى إلى تخصيب فكرة تناسخ الحيوانات و الكائنات من خلاله ، فالنظرية الأولى لتفسير نشأة الطوطم استندت إلى مبدأ تبادل الأرواح بين الإنسان و طوطمه، فالحيوان الطوطمي هو فرد من أفراد العشيرة المنتمي إليها و المقدس في آن واحد.

لننتقل إلى عملية القتل الجماعي للحيوان الطوطمي، في ذلك العهد، فلم يكن انعكاساً لعملية تقديم القربان للآلهة، حيث ان الآلهة لم تكن قد وجدت بعد.
إذاً مفهوم القربان للآلهة تطور تدريجياً مع انتقال الإنسان من المرحلة الوحشية إلى مرحلة رعي الحيوانات حيث بدأت تفقد الحيوانات شيئاً فشيئاً قدسيتها، لا بل أكثر من ذلك بدأ شعور القرف يتنامى عند الإنسان تجاه بعض الحيوانات.
بعد مراجعة روبيتسون سميث و سالومون رينا عن قدسية الحيوانات عند الشعوب اليونانية، الرومانية، السورية و المصرية، وجد، على سبيل المثال، أن الخنزير البري كان يعتبر حيواناً مقدساً في سوريا، و ربما من هنا نستطيع استيعاب منشأ تحريم أكل الخنزير عند اليهود و المسلمين و التي تعود جذوره إلى الشعوب الأولى في هذه المنطقة، فقد تم استبدال المشاعر المرتبطة بتقديس الحيوان شيئاً فشيئاً بمشاعر مضادة مع استمرارية معتقد تحريم أكل لحوم بعضها، فعلينا أن لا ننسى أن مشاعر الكراهية والقرف تأتي أحياناً كضرورة حاسمة لإلغاء المشاعر الأولى.

لم أنته من اعطاء الأمثلة على تغلغل النظام الطوطمي في جذورنا الثقافية، فالتتمة في الجزء الثاني... يتبع



* الحديث عن سوريا و الشعوب السورية ليس لها علاقة بالجغرافيا السياسية الراهنة و ليست بكلمة مستحدثة، بينما ورد ذكرها في عديد من الدراسات الأنتربولوجية، فلها مدلول حضاري واسع لهذا نجدها معتمدة عند جميع المؤرخين و الأنتربولوجيين.



#رندا_قسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين موقع الثقافة العربية من العلمانية؟
- حق الاختلاف في منهجية التفكير
- نحو يوم وطني لفض غشاء البكارة!
- العصاب لدى رجال الدين
- الدين: المسبب الأول للعجز الادراكي
- ذروة النشوة و انسجام الذات
- الدين و علاقته بالتعنيف اللفظي
- الدين...اسقاطات الغرائز الطفولية-2
- الدين...و اسقاطات الغرائز الطفولية-1
- احياء الاله من الصراعات الداخلية
- عداء -الانا- للحرية
- الجماع و لحظة العودة الى الرحم
- عدوانية الصور الابراهيمية
- متلازمة الجنس و الموت
- لا حرية لسارقي الحريات
- انتعاشات باريسية حرة-2
- انتعاشات باريسية حرة-1
- ابناء الخطيئة
- الفكر، الدين خطان منفصلان
- هذيان الرسل


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رندا قسيس - و في البدء كان الحيوان الطوطمي_الجزء الأول