رياض العصري
كاتب
(Riad Ala Sri Baghdadi)
الحوار المتمدن-العدد: 957 - 2004 / 9 / 15 - 09:51
المحور:
اليسار والقوى العلمانية و الديمقراطية في العالم العربي - اسباب الضعف و التشتت
قبل الخوض في اسباب الضعف والتشتت التي تسود الاوساط العلمانية في العالم العربي من احزاب وقوى وافراد مستقلين , ينبغي في البداية ان نعرِف العلمانية لكي نكون على بينة في تحديد مسارنا على خارطة البحث عن هذه الاسباب , فالعلمانية وحسب ما نفهمه ونعلمه منها هي مبدأ فصل الدين عن الدولة , اي بمعنى اكثر دقة فصل المؤسسة الدينية عن مؤسسات الدولة, وهذا يترتب عليه ان تكون قوانين الدولة ومن ضمنها قانون الاحوال الشخصية ليست مستمدة من احكام الشريعة الاسلامية , وانا هنا اذكر الشريعة الاسلامية لكونها الديانةالرسمية لمعظم الدول العربية عدا لبنان , فالدولة العلمانية تقوم بصياغة القوانين الخاصة بشؤون الافراد والاسرة والمجتمع وفقا للقوانين الدولية مع مراعاة الظروف الموضوعية في بلدها دون الرجوع الى احكام الشريعة , وهذه القوانين تسمى ( قوانين وضعية ) , كما ان علمانية الدولة تعني عدم السماح للمؤسسة الدينية بالتدخل في الشؤون السياسية وان تكون واجباتها محددة في الوعظ والارشاد ذو الطابع الانساني والاجتماعي وفي اماكن العبادة فقط , وان لا تستخدم اماكن العبادة للاغراض السياسية , هذه هي العلمانية كما نفهمها , ولكن السؤال هنا هو هل مثل هذه المباديء تحظى بتأييد واسع من الرأي العام العربي ؟
ان المراقب للساحة السياسية في الدول العربية يلاحظ ان الاحزاب والقوى العلمانية ليست فاعلة ومؤثرة في المجتمعات العربية بينما نلاحظ ان الاحزاب والجماعات الدينية قد احرزت انتشارا ملحوظا مستفيدة من اماكن العبادة لكسب المواطنين العاديين البسطاء الى صفها والظهور امام وسائل الاعلام والرأي العام على انها القوة الجماهيرية الفاعلة وعادة ما يكون اظهار القوة والاستعراض بعد صلاة الجمعة مباشرة من خلال استغلال المناسبات الدينية والاحداث السياسية وهي كثيرة في عالمنا العربي , ومن المعروف ان هذه الحركات والجماعات تجيد استغلال الاحداث واستغلال المواطنين البسطاء الذين اصبح ذهابهم الى اماكن العبادة بشكل يومي لأداء الصلاة اشبه بنوع من العرف الاجتماعي او ما يسمى بالموروث وهذه العملية يمكن تشبيهها بعملية غسيل المخ , وفي الحقيقة ان المجتمعات التي تتمسك بموروثها بشدة حتى وان كان هذا الموروث قد انتهت صلاحيته انما هي مجتمعات جامدة ساكنة فاقدة للحيوية أستمرأت العبودية لهذا الموروث , وان التيار العلماني يواجه صعوبة بالغة في شق طريقه في مثل هذه المجتمعات , وانا ارى انه لابد من صدمة قوية تهز هذه المجتمعات وتزيل هذا الموروث الذي افسد النفوس وحجر العقول واعمى البصائر . واستطيع ان احدد بشكل عام الاسباب التي ادت الى ضعف وتشتت القوى العلمانية في العالم العربي بالنقاط التالية : ـ
1 ـ غياب الديمقراطية وحرية التعبير والمعتقد وحرية النشر .
2 ـ ظاهرة المد الديني في السنوات الاخيرة ادت الى تراجع وانحسار تأثير القوى العلمانية في الساحة السياسية , وهذا التراجع ليس عن عدم صلاحية الفكر العلماني وانما عن الفرص المتاحة للاحزاب الدينية في استغلال اماكن العبادة والمناسبات الدينية بالاضافة الى الامكانيات المالية الكبيرة بينما لا تتوفر مثل هذه الفرص للاحزاب العلمانية .
3 ـ اسباب تتعلق بالقوى العلمانية نفسها حيث ضعف امكانياتها وعدم قدرتها على ايجاد الوسائل للوصول الى عقل ووجدان الانسان العربي العادي .
ولكي تتمكن القوى العلمانية العربية من تجاوز هذه الحالة والانتشار بين الجماهير بمختلف شرائحهم فانه ينبغي ان يكون هناك تعاون وتنسيق وتضامن بين مختلف القوى العلمانية من احزاب وجمعيات ثقافية وشخصيات مستقلة للقيام بحملة توعية وتثقيف بالفكر العلماني وخاصة بين الشباب , ومن هذا المنطلق اقترح ان يتم تأسيس تجمع يسمى ( التجمع من اجل العلمانية ) لغرض العمل المشترك وتنسيق الفعاليات بين القوى العلمانية مثل اقامة الندوات والمشاركة بالمهرجانات الثقافية والتظاهرات الشعبية وكذلك في الترشيح الى المجالس البلدية والبرلمان والدعاية للفكر العلماني من خلال القنوات التليفزيونية الفضائية والانترنيت . ان القوى العلمانية مطالبة بان تبرز الى الساحة السياسية ككتلة موحدة متراصة رافعة شعار ( العلمانية هي الحل ) امام الجماهير وامام وسائل الاعلام , وفي النهاية لابد من التأكيد على ان المناخ الذي تنمو فيه وتنتشر الافكار والمباديء العلمانية هو مناخ الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير والنشر , وكذلك في انتشار الثقافة العلمية والاطلاع على حضارات الشعوب الاخرى من خلال وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية
#رياض_العصري (هاشتاغ)
Riad_Ala_Sri_Baghdadi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟