أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - مأزق في كوريا الجنوبية بسبب -رؤوس الأخطبوط-














المزيد.....

مأزق في كوريا الجنوبية بسبب -رؤوس الأخطبوط-


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 3171 - 2010 / 10 / 31 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تختلف الدول الآسيوية وتتباين كثيرا في أنواع الأطباق التي يحتويها مطابخها. فبعض هذه الأطباق نالت شهرة عالمية وذاع صيتها في أرجاء المعمورة، كالأطباق اللذيذة في المطابخ الهندية والصينية والتايلاندية والماليزية واليابانية. ومن ضمن هذه الأطباق ما صار محل نزاع بين أصحابها الأصليين والمستعمرين السابقين كما هو الحال مع أطباق "البرياني" و"السمبوسة" و"الكاري" التي صارت ترد في قوائم المطبخ الإنجليزي فيما هي هندية الأصل والجذور. في المقابل هناك أطباق آسيوية تشمئز منها النفس بفعل مكوناتها الغريبة التي تتراوح ما بين أمخخة القرود، والأخطبوط الحي غير المطهي كما في المطبخ الياباني، ولحوم الكلاب كما في المطبخ الكوري، ولحوم القطط كما في مطبخ جنوب الصين، وبيض البط المحتوي على جنين غير مكتمل النمو، لكن بريش وأظافر كما في طبق "بالوط" الفلبيني، والسحالي والثعابين وفئران الحقول وصراصيرها، وديدان الخشب، والعقارب، كما في المطبخين التايلاندي والفيتنامي اللذين يقدمان كل هذه الأصناف من بعد شوائها ورشها بالملح والفلفل والليمون الحامض.
ففي فيتنام مثلا، تستخدم فئران الحقول، ولاسيما تلك المصطادة من منطقة دلتا نهر "الميكونغ"، في التصدير إلى الخارج مجمدة بواسطة نحو خمسين شركة متخصصة يعمل بها ما لا يقل عن ألفي رجل. كما تستخدم في إعداد "مرقة الفئران" المكونة من الطماطم والبصل والبهارات، والتي تؤكل مع الخبز أو بدونه، بل وتستخدم أيضا في إعداد الوجبات الشعبية الخاصة بحفلات الزفاف، إلى الدرجة التي إتضح معها أن منطقة مثل "باك ليو" تستهلك يوميا أكثر من مائة طن من هذه الفئران.
أما في المطبخ الكمبودي – وإلى حد ما في المطبخ الفلبيني – فإن أطباق الثعابين لها أهمية كبيرة. لكن هذه الأهمية تسببت في تناقص أعداد الثعابين بصورة حادة، الأمر الذي سمح بتكاثر الفئران التي تعد الغذاء الأساسي للثعابين، وهو ما دفع رئيس الوزراء الكمبودي "هون سين" إلى إصدار قرار بحظر أكل لحوم الثعابين والقطط أو تصديرها إلى الخارج كحل لمعضلة تكاثر الفئران. هذا علما بأن التايلانديين يشاركون الكمبوديين والفلبينيين إهتمامهم بالثعابين، لكنهم يحرصون تحديدا على شق بطونها بمشرط من أجل إستخراج الدماء التي يتناولونها في فنجان ويتبعونها بملعقة من العسل، وذلك إعتقادا منهم بأن دم الثعبان مجلب للقوة والصحة و طول العمر.

على أن كل ما سبق ذكره قد لا يثير الإشمئزار والشعور بالإستفراغ بقدر ما يثيره طبق الحساء اللزج المصنوع من رأس وأجنحة الخفاش (الوطواط)، والمشهور عند الكوريين. هذا الطبق الذي يماثل في لزوجته وصمغيته إلى حد ما طبق حساء أنف الوعل المعروف في ألاسكا.
والحقيقة أن الكثيرين في العالم لئن عرفوا وتذوقوا بعض الأطباق الكورية اللذيذة مثل طبقي"بلكوكي" و"كلبي" اللذين يدخل في إعدادهما شرائح لحم البقر المنقعة طويلا في صلصة الصويا وكمية كبيرة من الثوم والزنجبيل، قبل شويها أو طبخها في مقلاة، إضافة إلى طبق "الكيمشي"(من أنواع المخلللات ويصنع عادة من الكرنب الصيني أو الفجل أو الفلفل الأحمر أو الأطعمة البحرية) الذي تعادل شهرته في كوريا شهرة "السوشي" في اليابان، فإنهم لم يسمعوا من قبل بطبق حساء الوطواط.
وبالمثل، ربما لم يسمع الكثيرون عن لهفة الكوريين الكبيرة على أكل رؤوس الأخطبوط تحديدا، (خصوصا بعدما إعتبرها مؤسس كوريا الشمالية الرفيق "كيم إيل سونغ" غذاء قوميا، يساعد الطبقة العاملة على أداء الأعمال الشاقة، وينعشهم صيفا) وبالتالي إستهلاكهم لكميات كبيرة منها يوميا، لإعتقادهم بأنها تنشط الرغبة الجنسية ، لولا ما حدث مؤخرا في سيئول حينما دخلت السلطات البلدية من جهة في نزاع مع أصحاب المطاعم المتخصصة في تقديم رؤوس الأخطبوط، ونواب البرلمان، وقطاع الصيد البحري من جهة أخرى على خلفية محاولة الطرف الأول تحديد عدد رؤوس الأخطبوط التي يمكن للفرد الكوري تناولها في اليوم الواحد دون أن تتسب له في مشاكل صحية. حيث إتضح أن رؤوس هذا الحيوان تحتوي على كميات كبيرة من مادة "الكادميوم" الخطيرة. والأخيرة مادة مسرطنة تسمم الكبد والكلى، الأمر الذي دفع بمجلس مدينة سيئول والسلطات الصحية إلى القيام بحملة تستهدف إقناع الكوريين بعدم تناول أكثر من رأسين في اليوم، وهو ما أغضب الناس والصيادين ومعهم النواب الممثلين للدوائر الإنتخابية الساحلية، بل جعلهم يصعدون القضية ويهددون بمقاضاة الحكومة، خصوصا وأن التحذير الحكومي أدى إلى إنخفاض أسعار الأخطبوط إلى النصف، وتسبب بالتالي في تدهور دخول الكثير من الصيادين.
والجدير بالذكر أن هذه هي المرة الثانية التي تصطدم فيها حكومة سيئول مع مواطنيها من أصحاب المطاعم. فحينما إستضافت كوريا الجنوبية – شراكة مع اليابان - قسما من فعاليات دورة الألعاب الأولمبية لعام 1988 منعت مطاعمها من تقديم لحوم الكلاب، تفاديا لغضب وإستنكار الجماعات الأجنبية المدافعة عن حقوق الحيوان، وأيضا حفاظا على سمعة البلاد، ومنعا لحدوث إشمئزاز في أوساط الزوار الأجانب من المطبخ الكوري، خصوصا وأن الكوريين عـُرف عنهم تحبيذهم شراء الكلب حيا، والقيام بقتله بأنفسهم من بعد تعذيبه بضربه ضربا مبرحا بالعصا، قبل سلخه، وذلك لإعتقادهم بأن أكل لحوم الكلاب المعذبة تقويهم جنسيا. أما القطط، فعلى الرغم من أنها تعامل أيضا معاملة شرسة من قبل الكوريين الذين يصطادونها، ويضربونها داخل أكياس محكمة الإغلاق، قبل أن يسلقونها وهي حية في قدور ضغط كبيرة، فإنها لا تؤكل وإنما تطبخ فقط بهدف إستخراج بعض الأدوية الشعبية منها.
ونختتم بمقولة "أن للناس في ما يأكلون مذاهب". فإذا كانت البطون الآسيوية تعشق تناول الأطباق التي سردناها دون أدنى درجة من الإشمئزاز، فإنها قد تأنف من بعض أطباقنا بنفس القدر الذي نأنف نحن من أطباقها.



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهند تدخل عصر بطاقات الهوية البيومترية
- ردود فعل بكين على منح نوبل للسلام لمنشق صيني
- -شمس القرن 21- يختار ولي عهده
- في الأزمة المتفجرة بين ثاني وثالث أقوى إقتصاديات العالم
- كارثة الفيضانات تعزز نفوذ العسكر في باكستان
- إقتصاد باكستان الكسيح بعد كارثة الفيضانات
- أعين الجماعات الإرهابية مصوّبة على قرقيزستان
- صناعة المركبات كوسيلة للإدعاء بالتفوق الصناعي
- كيف ترى الصين نفسها؟
- في اليابان أيضا .. -ما بيصائب للحكم إلا صائب-
- تحديات جمة تنتظر زعيم الفلبين الجديد
- صعود آسيا و حراك القوى الإعلامية (2 من 2)
- صعود آسيا وحراك القوى الإعلامية (1 من 2)
- آخر معقلين للماويين في آسيا
- حكاية ذوي القمصان الحمراء في تايلاند
- عند البعض نفايات، وعند البعض الآخر مناجم للذهب
- الحيرة ما بين النظامين الرئاسي والبرلماني: باكستان مثالا
- دييغو غارسيا .. صاحبة الدور المحوري في حرب الخليج القادمة
- الصين كعقبة وحيدة أمام عقوبات أممية على طهران
- حول عملي الروائي الأول


المزيد.....




- ترامب يتحدث عن تقدم بشأن غزة مع مقتل العشرات في قصف جديد
- رصد مجموعات شبابية يمينية متطرفة في ألمانيا
- هل فيديو قصف إسرائيل لسجن إيفين حقيقي؟ جدل حول الصور التي تظ ...
- فرنسا: ملف التقاعد يشعل الخلافات من جديد فهل باتت حكومة باير ...
- ابن المقريف: والدي بدأ معارضة القذافي بـ3000 دولار وإيمان لا ...
- كيف فشلت إسرائيل في إيران؟
- بين الدعاية والحقائق جدلٌ بين المغردين حول فاعلية ضرب النووي ...
- مستوطنون يقتحمون الأقصى والاحتلال يهدم منازل بمخيم نور شمس
- -ملحمة نارية-.. كمين القسام المركب بخان يونس يتصدر منصات الت ...
- ضغوط داخلية بإسرائيل لإنهاء الحرب على غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - مأزق في كوريا الجنوبية بسبب -رؤوس الأخطبوط-