أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمدعبدالمنعم - مسرح خيال الظل ..















المزيد.....

مسرح خيال الظل ..


محمدعبدالمنعم

الحوار المتمدن-العدد: 3171 - 2010 / 10 / 31 - 11:59
المحور: الادب والفن
    


ان عروض "خيال الظل" قد مهدت الجمهور المصرى لاستقبال فن المسرح بشكله الأوروبى الذى وفد إلينا مع الحملة الفرنسية نقلاً عن أوروبا، فقد عرف العرب بوجه خاص والشعوب الإسلامية بوجه عام - لقرون طويلة - أشكالاً مختلفة من فنون الأداء الشعبية أشبه بفن المسرح بغرض التسلية والترفيه، ومنها فن "خيال الظل" الذى يُعتبر النواة الأولى للمسرح الغنائى المصرى فى شكله البدائى بما يتضمنه من ألحان وأناشيد منغمة، إذ تضرب الملامح الأولى للمسرحيات الغنائية فى مصر بشكلها البدائى فى عمق التاريخ وتعود إلى العصور الإسلامية الوسطية، حيث كانوا يقدمون عروض خيال الظل مصحوبة بالموسيقى والغناء إلى جانب التمثيل، فكانت هذه الأعمال مصطبغة بالصبغة الغنائية إذ تلعب الموسيقى والأغانى الدور الرئيسى فيها كما فى بابات (طيف الخيال)، (عجيب وغريب)، (المتيم الضائع)، وهى البابات الظلية الثلاث التى تركها محمد بن دانيال الموصلى الذى أخذ خيال الظل شكله النهائى على يديه واستمر على حاله حتى بدايات القرن العشرين.



وفى عروض خيال الظل هذه يلمح الباحث صورة بدائية للمسرحيات الغنائية فى مصر، فإذا كان العرض المسرحى الغنائى يقوم بالضرورة على عناصر الموسيقى والغناء مضفورة بعناصر التمثيل والديكور والأزياء والإضاءة من خلال جهود المخرج الذى يقود هذه العناصر جميعها ويذيبها فى إطار فنى مسرحى موحد، فإن هذه العناصر تتوفر فى عروض خيال الظل بصورة أو بأخرى، وفى مقدمتها عناصر الموسيقى والغناء، ويشير إليها الباحث فيما يلـى:


الموسيقى والغناء فى خيال الظل


تُعتبر الأغنية عنصراً أساسياً فى عروض خيال الظل وهذا ما يؤكده يعقوب لنداو بقوله: "كان الحوار يحوى بعض الأغانى العاطفية المناسبة"،( ) وكانت الجماعة تردد هذه الأغانى من خلال ألحان وكلمات منغمة، فضلاً عن مقدمات البابات التى تجئ مغناة ينشدها (الريس)، لذلك يلعب الغناء دوراً هاماً فى إمتاع الجمهور واجتذابه إلى هذا النوع من الفنون.


لكن الأغانى فى خيال الظل لم تكن مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالموضوع الرئيسيى للبابة، وإنما كانت أغانى وصفية تصف الأوضاع المعاصرة لزمن العرض، مثل الأغانى فى بابة (طيف الخيال) مثلاً وتعليقها النقدى على الأوضاع فى عهد الظاهر بيبرس .


أما عن الموسيقى والألحان فما كانت قوالب جامدة لأنها سايرت الأحداث والمشاعر، والواضح أن ابن دانيال قد اهتم اهتماماً كبيراً بالجانب الموسيقى فى العروض الظلية لدر أنه كان ينص فى ملاحظاته الهامشية للبابات على نوع المقام اللحنى الذى تغنى فيه المقطوعة، فعلى سبيل المثال حدد مقام الراست لافتتاحية (طيف الخيال)، ومقام غراق فى استهلال (عجيب وغريب)، ومقام أصبهان فى بداية (المتيم الضائع)، حدد كذلك الآلات الموسيقية المستخدمة فى البابة الثانية (عجيب وغريب) وهى كما ذكر الدف، والجنك، وغيرها من الآلات الموسيقية المعروفة آنذاك، كما نص على استعمال الطبل والغناء عند ترقيص (ناتو السودانى) فى نفس البابة لملائمة ذلك للإيقاع السريع للمقطوعة المغناة، "وكانت الآلات المستخدمة فى العروض الظلية الرق والناى والطبلة، وكذلك الكاسات والكئوس"، وبذلك كان للموسيقى والغناء دور بارز فى خيال الظل، وهى – كما نعرف – العنصر الأساسى الذى ينبنى عليه العرض المسرحى الغنائى كما شرحنا سالفاً.



الديكـــــــور



بالنسبة لملامح الديكور المسرحى فى عروض خيال الظل، فقد كانت العروض الظلية فقيرة فى إمكانياتها المادية، لا تستهدف أن تبهر بقدر أن توحى وتستثير خيال المتفرج، لذلك كانت تعتمد على الإيحاء بالمناظر والأمكنة المختلفة التى يدور فيها الحدث من خلال الإشارة إليها بالحوار بين الشخوص، أو بواسطة الرسم والتصوير حيث اعتمد الفنان الشعبى على رسم بعض الملامح والمناظر البسيطة المتواضعة بشكل كاريكاتورى لتوحى بالمكان، وتلائم طبيعة التمثيلية من حيث الموضوع والحدث، وتتفق مع وظيفة خيال الظل فى التسلية والترفيه.



الأزيـــــــــاء


لا توجد أزياء بالمعنى المعروف فى العروض الظلية لأن الشخوص الممثلة كانت صوراً، لذلك كانوا يصورون من الدمى ما يشاءون بحيث تتنوع وتلائم الشخوص البشرية بأزيائها مثل (الجندى – المرأة – الفلاح – الشاب) وغيرها، وكذلك الشخوص الجمادية والحيوانية، ثم يصبغونها بالألوان والصبغات المختلفة لإبراز أزياءها وقسماتها بما تقتضيه ألوان الوجوه والثياب.



الإضـــــــــاءة


أما عن الإضاءة فى خيال الظل فليست سوى وسيلة ينعكس بواسطتها ظل الدمى على ستارة شفافة بيضاء اللون أمام الجمهور بحيث يرى الظلال ولا يرى اللاعبين، لذلك كانت توضع بين أيدى اللاعبين والدمى، وكان العرض الظلى الثابت يعتمد فى إضاءته على المصباح، أما العرض الظلى المتنقل فيعتمد على نار قوامها الزيت أو الكتان أو القطن.





التمثيــــــــل


يذكر د. عبد الحميد يونس أن فرقة المخايلة تتألف من أفراد من الموسيقيين يتزعمهم (الريس)، و(المخايل) الذى يحرك الشخوص، و(الحازق) وهو يفتتح البابات ويختتمها، و(غلام) يقلد أصوات النساء، و(رجل ندى الصوت) يقوم بالغناء .
وإذا دققنا فى عناصر الفرقة المخايلة لرأينا أن وجود (المخايل) هو نوع من الإيحاء بالممثل، فبما أن خيال الظل يفتقد الممثل البشرى لوجود دمى تنوب عنه فى التمثيل، فإن التمثيل فى العروض الظلية هو تمثيل غير مباشر أى إنه تمثيل عبر وسيط من الفنون التشكيلية يحل محل الممثل الحى، يصاحبه الأداء الصوتى للمخايل الذى يحرك الشخوص المرسومة ويؤديها، فيقوم بتمثيل جميع الشخوص مما يفرض عليه تلوين صوته بما يتلاءم مع الشخوص المعروضة والمواقف المجسدة، وكثيراً ما يقلد أصوات الحيوانات.


ووجود (غلام) يقلد أصوات النساء إنما يوفر عنصراً آخر من عناصر التمثيل وهو الأدوار النسائية التى يتطلبها العمل المسرحى.


ووجود (الحازق) الذى يفتتح العمل ويختتمه يذكرنا بالراوى المسرحى - فى المسرح الأووربى- الذى يقدم المسرحية ويعلق على أحداثها ثم يختتمها بالتعليق أو إسداء النصح والإرشاد كما كان سائداً فى المسرحيات الأخلاقية فى العصور الوسطى.


ووجود (رجل ندى الصوت) يقوم بالغناء يذكرنا بدور الممثل المغنى الذى يتطلب المسرح الغنائى ضرورة وجوده ليتحمل عبء الأداء التمثيلى الغنائى داخل العمل.


المخرج فى العروض الظلية


إن وجود الشاعر الساخر محمد بن دانيال الموصلى بما دَوَّنَه فى نصوص باباته من إرشادات وملاحظات هامشية حددت اتجاهات الشخوص الممثلة وما تتطلبه من أزياء وحركة وموسيقى وآلات موسيقية وغيرها من المؤثرات المساعدة فى التمثيل، يُذَكِّرنا بنموذج المؤلف المخرج الذى عرفته المسارح الأوروبية منذ المسرح اليونانى، وهذا ما يؤكده سمير عوض حين يقول "كان الحوار يتضمن إرشادات عن أساليب الإخراج والعرض".




ويتوازى مع دور محمد بن دانيال وجود الريس الذى يقود الفرقة الموسيقية والموسيقيين فيذكرنا بقائد الأوركسترا الذى يقود الموسيقى المصاحبة للغناء المسرحى فى العرض المسرحى الغنائى، فضلاً عن دوره فى تنظيم حركة الشخوص والربط بين الأحداث.


وبالتالى فإن وجود (محمد بن دانيال) بملاحظاته الإخراجية و(الريس) باعتباره قائداً منظماً للعمل والمُنَفِّذ الفعلى لرؤى ابن دانيال، يُعدان من الشواهد التى تكشف عن وجود من قام بمهنة المخرج ومهامه الوظيفية فى أبسط صورها قبل أن يدخل المسرح بشكله الأوروبى إلى أراضينا.


وفى هذا الصدد يذكر الباحث أن أسلوب الإخراج فى العروض الظلية يعمد إلى كسر الإيهام عن طريق الاحتفاظ بوعى المشاهد وإيقاظ عقله دون إثارة انفعاله ومشاعره، وهذا ما يؤكده مصطفى منصور بقوله "أسلوب الإخراج سعى منذ الوهلة الأولى إلى تحطيم المسافة النفسية التى تفصل بين الجمهور والعرض الظلى، وأيضاً حقق المشاركة عن طريق الحوار المباشر مع الجمهور"


وبذلك أتاح أسلوب الإخراج الفرصة الكاملة التى يتشارك فيها المشاهدون والممثلون، خاصة حين قدمت هذه العروض فى الميادين العامة وأماكن تجمع المشاهدين الذين يتحلقون وقوفاً حول العرض، ومن ثم خلقت هذه الحلقة الوسط الذى ينتقل فيه الإيقاع الصوتى من الممثل إلى جمهور النظارة بما يدفع بالمشاركة.




•• وينتهى الباحث مما سبق إلى أن فن خيال الظل رغم كونه فن التمثيل غير المباشر، فإنه يُعتبر صورة بدائية لمسرحنا الغنائى وفن التمثيل المسرحى الذى يتوسل بالممثل الحى والوجود المباشر مع الجمهور، إذ يلتقى هذا الشكل المسرحى الغنائى بشكله البدائى مع فن التمثيل المسرحى والمسرح الغنائى البشرى فى أكثر من ناحيـة.

بقلم : د / محمدعبد المنعم
قسم المسرح بكلية الاداب - جامعة الاسكندرية



#محمدعبدالمنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاخراج فى المسرح الملحمى
- مسرح القهوة فى مصر
- مسرح المنوعات ( الميوزيك هول )
- فى المسرح الغنائى ارتباط الدراما بالموسيقى والغناء والرقص.. ...
- من المسرح الموسيقى (الكوميدبا الموسيقية ).. بقلم : د/ محمدعب ...
- من المسرح الموسيقى( الاوبرا العالمية )
- الالقاء هل هوعلم ام فن؟


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمدعبدالمنعم - مسرح خيال الظل ..