أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جدعون ليفي - جُبْن صفدي عفِن














المزيد.....

جُبْن صفدي عفِن


جدعون ليفي

الحوار المتمدن-العدد: 3170 - 2010 / 10 / 30 - 17:20
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


هآرتس- مقال – 28/10/2010: فكّروا في بلدة في النمسا أو ربما في فرنسا. مدينة لواء جبلية قديمة، في مركزها معهد. وبين الطلاب غير قليل من اليهود ايضا. يُنظم كاهن البلدة "اجتماعا طارئا"، يُنفق عليه من ميزانية الحكومة ويتم في "قصر الثقافة" للبلدة، بمشاركة 400 مواطن موالٍ فيهم 18 كاهنا من المحيط المجاور تحت الدعوة الى عدم ايجار الطلاب اليهود شققا.
يؤيد نائب رئيس المدينة الاجتماع. ويقول الكاهن بكلام عذب: "ليس عندي شيء على اليهود لكن لا يسكنن بلدتنا. ليتعلموا في مدارسهم الدينية لا عندنا". يشكو سكان البلدة قائلين: "لا يحترم اليهود المكان في ايام الاحد"؛ وقد أصبحت الحديقة العامة التي يجتمعون بها "وكرا"، وأصبح المشفى الذي يعملون فيه "مكانا خطرا". إن ايجار اليهود الشقق كما يهدد الكاهن سيُفضي الى خفض قيمتها وثمة خطر أن يُبدل أبناؤنا الأطهار دينهم. يُنكل عدد من الشبان باليهود ويضربونهم. ويقول اليهود انهم يعيشون في خوف كبير.
يبدو هذا بالفرنسية وبالالمانية سيئا. لكن كل هذا حدث في صفد في وجه العرب. لو أن هذا حدث في اوروبا، لأقامت المنظمات اليهودية العالم ولم تُقعده، ولكانت اسرائيل أعادت سفيرها للمشاورة. ولكان يسارع رئيس الدولة الفرنسي أو النمساوي الى زيارة البلدة الموبوءة، ويخرجان عن طوريهما لتسكين النفوس. ولكانا اعتذرا للطلاب اليهود وأمرا الشرطة بأن تهتم بأمنهم. ولكان الكاهن حوكِم بسبب معاداة السامية.
قبل نحو من عشر سنين دُفعت الى صفد لاحتفال بلوغ. فجأة ظهر إزائي رجل قوي وقال لي بنغمة تهديدية: "لمصلحتك، أُخرج من المدينة، لا نريدك هنا". منذ أن زرت صفد عند قصفها في حرب لبنان الثانية وفي مهرجان الغناء الحسيدي الحبيب إلي، أخذ الوضع في المدينة يزداد سوءا.
إن خليطا قابلا للانفجار من الفقر والتدين، والخواء والشعور القومي القوي، جعل المدينة الجميلة أقبح مدن اسرائيل. وتحولت من قرية الفنانين الى قرية القوميين. وأصبح الجُبن الصفدي الشهير عفناً، لقد أصابه عفن فظيع. انها مدينة مختلطة في الماضي، اضطر سكانها العرب الى الهرب منها في 1948 بلا عودة، وفيهم اللاجيء محمود عباس، تاركين وراءهم بيوتهم الحجرية الجميلة التي أصبحت حوانيت بيتزا وخِربا، وأصبحت المدينة الأكثر عنصرية في البلاد.
هكذا تكون الحال عندما نصمت ونغفر. قبل نحو من اربع سنين ألغت الدولة لائحة اتهام على حاخام المدينة، شموئيل الياهو، الذي اتُهم بالتحريض على العنصرية، بعد أن دعا الى عدم ايجار العرب شققا والى عدم تمكين الطلاب العرب من الدراسة في كلية صفد. طُلب الى الحاخام آنذاك أن يعود عن كلامه. قبل عدة ايام عاد اليهم وعلى نحو كبير في "الاجتماع الطاريء" الذي أنفق عليه المجلس الديني وتم في "قصر الثقافة" باسم يغئال ألون – وهو رجل عرف شيئا أو شيئين ايضا عن طرد العرب. أصدر الحاخام الياهو فتوى وحذّر من "انخفاض قيمة الشقق" ومن "الذوبان في غير اليهود"، مع هتاف الجمهور المُحرَّض.
يمكن أن تظل صفد تتعفن في عنصريتها فليست هي جوهر المشكلة. ففي دول كثيرة توجد مراكز أورام خبيثة كهذه. المشكلة هي في رد المجتمع والحكومة في اسرائيل. لا يوجد للعرب "رابطة مقاومة التشهير" ولا يوجد مُشترون لنضال العنصرية الواقعة عليهم مثل التحذير من معاداة السامية الذي يهز القلوب في العالم.
تصمت اسرائيل إزاء دنس صفد. لا يخطر ببال رئيس الحكومة أن يزور المدينة وأن يعتذر للطلاب العرب، واتحادات الطلاب الجامعيين مشغولة بنضال الهِبات المالية لطلاب المدارس الدينية، ولا وقت عندها ايضا للخروج في نضال تعاطف مع نظرائهم ضحايا الكراهية. وبقي حاخام المدينة في عمله، بغير اعتبار لمقدار القذارة التي ينثرها.
اليوم صفد وغدا رمات أفيف. ففيها ايضا سكان يشكون في مسامع أصحاب الحوانيت في الحي من أن المُرسَلين الذين يأتونهم بمشترياتهم الى بيوتهم عرب. إنتظروا قليلا، وستخرج من صفد نظرية، نظرية العِرق.



#جدعون_ليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن فك الارتباط
- أيها العرب انصرفوا
- يحل لنا فقط
- في الطريق اليك؟
- الفزاعة
- نتنياهو أعمى يقود طائفة من العميان
- الديمقراطية الوحيدة
- لو كنت عنات كام
- التجار من القدس
- شكرا يا رفيق
- مفاوضات اللاشيء
- كل شيء شخصي
- شهادة وفاة لحزب العمل
- أيام الظلام - وجهة نظر صحفي من ها آرتس حول الحرب


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جدعون ليفي - جُبْن صفدي عفِن