أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجي عقراوي - هناك فرق شاسع بين قوة الحضارة وحضارة القوة















المزيد.....



هناك فرق شاسع بين قوة الحضارة وحضارة القوة


ناجي عقراوي

الحوار المتمدن-العدد: 206 - 2002 / 7 / 31 - 00:41
المحور: القضية الفلسطينية
    


  

بعض الاخوة من العراقيين يفهمون حرية التعبير ، بأنها لهم ولصالحهم وينسون ما عليهم ، فيشتمون ويجرحون ومن ثم يداوون ، كأننا لم نستوعب معنى الحرية ،  أحد الاخوة اتهمني بإهانة التاريخ الآشوري ، مدعيا باني عنصري ، وبما انه يجافي الحقيقة  ولغرض الإيضاح أقول :

مع الأسف يعمل بعض الاخوة الآشوريين ، بطريقة يخسرون فيها أصدقاء شعبهم  بدلا من كسب المزيد منهم ، و منهم من هو جالس  في المهجر  ، مشاعرهم العاطفية تؤثر فيهم وهم بعيدون  عن الواقع الكردستاني المعاش ،  و على صفحات الانترنيت يكيلون  التهم يمينا ويسارا، ويشطبون الشعوب والقوميات حتى السامية منها ، ويشتمون تاريخ الآخرين ورموزهم ، ويتهمنا أحد هؤلاء  بالعنصرية دون أن يراجع نفسه وأقواله وكتابات زملائه ، ولا يقرون  بان الحرية لا تنحصر في شعب أو أمة دون أخرى ، في الحقيقة أن هؤلاء الاخوة لا يعرفون من الحرية سوى توزيع التهم وتحويل كل اختلاف في الرأي إلى خلاف ، لا نعرف لماذا يخاف البعض من نقل الحقيقة بسلبياتها وإيجابياتها ، ولا سيما إذا أصبحت جزء من التاريخ بمرها وحلوها ، ولماذا يحق للبعض أن يفتخروا بماضيهم التاريخي في احلك صفحاته سوادا بالنسبة إلى الشعوب الأخرى ، ولا يحق للمقابل التقرب من حافاتها ، في حين ما نقلته كانت من نقوش وكتابات ملوك الآشوريين ومن كتابات كتابهم ، نقلتها نصا و كما افهمها ، وإذا كانت هذه الآثار لا تعود لهم فهذا بحث آخر وللناس رأي آخر في ما طرحناه  .

الولوج في باب التاريخ ينطوي على تفرعات شائكة وحساسة ، تختلف فيها الآراء وتتضارب النزعات والميول ، وللحقيقة أقول إن التفاعل بين الأمم والشعوب ضروري ، وخاصة في منطقتنا الإقليمية الموغلة في القدم ، وأحداثها ووقائعها كثيرة ومتنوعة ، وهي ليست ملك جهة دون أخرى ، حيث سادت في المنطقة دول وأمم ثم بادت ، وحدثت  فيها هجرات وحروب وكوارث عبر التاريخ ، تركت بصماتها على المسار التاريخي والتراثي بل وحتى الروحي لشعوبنا ، ومما يؤسف له أن البعض ( منا ) ، جعلوا من السفاحين والقتلة أبطالا ، ومن سيرتهم تاريخا مشرفا لصالح تاريخ شعوبهم ، الرجوع إلى التاريخ يحتاج إلى التحليل العلمي والمنطق السليم والصادق ، واعتماد التسلسل التاريخي للأحداث والوقائع ، وفق الاستكشافات والتنقيبات الأثرية ، والرجوع إلى دراسات المختصين والمستشرقين ، الذين كتبوا عن شعوب المنطقة بدون تعصب وبصورة موضوعية ... 

أن اخطر ما يقوم به بعض الاخوة من الآشوريين ومعهم آخرين ، هو تعميم التهم على الشعب الكردي بصورة مطلقة ، وخاصة في الآونة الأخيرة ، متصورين بان الهجوم في هذه المرحلة ، قبل تبلور الأحداث ، هي أنجع الوسائل للوصول إلى غايات وأغراض معينة ، كأن الكرد هم الحلقة الأضعف في المنطقة ، ناسين بأننا قوة موجدة على الأرض ، ونستطيع أن نكون المعادلة الصعبة في سياسة المنطقة  وضد توجهاتهم ، وهذه الحقيقة يجب أن يدركها المعنيون . 

يردد البعض دائما استشهاد المرحوم فرنسو الحريري على يد ( الأكراد) وكذلك المرحوم المهندس فرنسيس ، ويعممون ذلك على كل الأكراد لغرض معروف ، وهم يعرفون حق المعرفة من هم الذين قاموا بعملية الاغتيال ، هي نفس الجماعة الذين يقتلون من الأكراد أضعافا مضاعفة ، في الوقت الذي نشجب كافة عمليات الاغتيال ، إلا أن مثل هذه العمليات تحدث حتى في الدول المتقدمة اجتماعيا ، وكلنا سمعنا قبل اشهر مقتل بيم فيرتون   وهو زعيم حزب في هولندا ، والمرحوم الحريري لم يكن شخصية عادية ، كان أحد أعضاء اللجنة المركزية لحزب كردي له رصيده ، وعملية الاغتيال استهدف حزبه قبل أن يستهدف قوى الظلام شخصه ، وشخصي المتواضع مثل غيري من الأكراد ، شجبنا تلك العملية الجبانة ،  وحضرت مجلس فاتحته في البلد الذي أقيم فيه ، وسافرت مع بعض الاخوة إلى لندن لتقديم التعازي لوالدته وأسرته ، وكان صديقا مقربا جدا لكثيرين منا ولدينا معه ذكريات أيام  النضال ، أما الأخ المرحوم المهندس فرنسيس لم يكن أيضا شخصا عاديا ، كان عضوا في المجلس الوطني الكردستاني ، حضرت مجلس التعزية التي أقيمت على روحه في دهوك ، و كان صديقا وكنا نتسامر في داره  الذي استأجره بصورة موقته ، في محلة روناكي في اربيل ، كان يشاركه السكن أحد السادة مسؤول حزب آشوري ، وكان حينما يصل اربيل لحضور اجتماعات المجلس يهاتفني ، وتأثرت لمقتله كثيرا ، لان الإنسان هو كتلة من المشاعر ، ومع الأسف قتلته يمرحون ويسرحون في الساحل الأيسر بالموصل ، تحت رعاية الأجهزة الأمنية العراقية  ، أما اغتيال المرحومة هيلين ، كتب كتاب الكرد في الداخل والخارج عن اغتيالها ، وشجبوا تلك العملية وطالبوا بالتحقيق ، وشاركت زملائي وكتبت عن تلك العملية المجرمة في جريدة الحياة اللندنية عدد 13461 في 18/1/ 2000 ، فأين عنصريتي وحقدي ، لا تهمني التهم لان ضميري مرتاح ، ويعرف الكثيرون بأنني حافظت على أرواح عدد من الاخوة المسيحيين المحسوبين على النظام أثناء الانتفاضة ، رغم تحفظاتي على البعثتين ، لأني  أؤمن بان  الإنسان هو جوهر الحياة ، إني حين اسرد هذه الوقائع وسوف اذكر أيضا غيرها ، دلالة باني حينما أدافع عن الكرد ، أدافع بنفس القوة عن العرب والتركمان والآشوريين وغيرهم من العراقيين وصولا إلى الفلسطينيين ، لان الظلم واحد أينما حصل .

ليست لدي عقد وحقد مثل غيري  ، أني منذ صغري فتحت عيني مثل كل المجتمع الكردستاني ، وجدت المسيحي بجانب المسلم ويعيش معهم اليهود وغيرهم  ، دخلت روضة كاثوليكية في عقره ، في الكنيسة التي يذكرها أحد الاخوة ، وكانت تعلمنا  ماسيرات من الفرنسيات  ، وبالقرب من بستاننا كانت تعيش عائلة اسحق مردخاي وزير الدفاع الإسرائيلي السابق لاحقا ، وكان زميل الطفولة قبل هجرتهم ، وحينما حدثت بعض التجاوزات على الفلسطينيين أثناء توليه حقيبة الدفاع ، هاجمته في اكثر من جريدة عربية ، لأني  أؤمن بان الحقيقة هي واحدة لا تتجزأ .

 كان لنسيبي قريتين جنوب عقره هما قرية خرجاوة وقرية باراك جميع فلاحي القريتين كانوا من العوائل المسيحية ، لم نوافق أن يعيش معهم أية عائلة مسلمة خلال عقود ، وكانت القريتان مشهورتين على مستوى العراق ، الأولى كانت تنتج رز عقره المهبش المشهور ، والثانية كانت مشهورة بزراعة التبغ ذات الرائحة ، وبعد اتفاقية آذار /1970 ، قام الجيش بالتواطؤ مع بعض الجحوش بحرق عدة قرى ومن ضمنها القريتان المذكورتان  وكنيستها ، وحين اجتماع لجنة السلام في عقره لدراسة مشاكل عقره وسنجار والشيخان ، عرضت موضوع القريتين بحضور الجانب الحكومي المتكون من عبد الخالق السامرائي ومرتضى الحديثي وعبد الجبار ألا سدي وخالد عبد الحليم وعبد العزيز الكيلاني واسحق جبرائيل والمرحوم عزيز شريف ، ومن الجانب الكردي السادة سامي عبد الرحمن ونوري شاويس وعلي السنجاري وحسو ميرخان ، دافع الجانب الكردي عن القريتين وأهاليها اكثر من دفاعهم عن بقية القرى ولا سيما كانت كنيسة القريتين قد تم حرقها ، وحينما تهرب سعدون غيدان واسحق جبرائيل من مسؤولية الحكومة ، طالب الجانب الكردي بالكشف الموقعي ، وتضامن مع الجانب الكردي المرحوم عزيز شريف ، وبالفعل ذهبنا إلى القريتين للتحقيق موضوعيا ، كان يمثل الجانب الحكومي عبد الكريم الحمداني ضابط استخبارات الفرقة الرابعة ، وأنا من الجانب الكردي ، والمرحوم الرائد زيا الآشوري مدير شرطة عقره كمحقق ، ولما قدمنا الأدلة الدامغة ، ولم نصل إلى قرار تعويض أهالي القريتين وبناء الكنيسة ، كتب الحديثي رسالة إلى المرحوم البارزاني ، لأنه كان يعلم بان المرحوم البارزاني متأثر كثيرا لما آلت  إليها أوضاع القريتين ، واخذ الرسالة المرحوم عزيز شريف بطائرة هليكوبتر ، وكانت أحداث القريتين بالنسبة لنا ، دليل على ما يخططه النظام ضد الكردستانيين من غير الأكراد ، لأن مواقف أكثرهم كانت مع الحركة الكردية ، والجدير بالذكر  بان المرحوم زيا الذي كان من عائلة آشورية معروفة اصبح فيما بعد مدير عام شرطة المرور ، واعدم لاحقا لأنه أثناء سفرة سياحية له إلى استنبول ، شاهد صدفة الرئيس العراقي الأسبق عبد الرحمن عارف ، فاخذ له التحية وصافحه ، وحين رجوعه وشى به زميله في السفر واعدم المرحوم بدون محاكمة .

إن تهمة العنصرية والحقد كلمة كبيرة ، فكيف احقد على المسيحيين ، وان لعائلتي كانت علاقات مع المرحوم بولص شيخو بطريرك الكلدان في العراق والمشرق حتى وفاته ، وكيف أنسى  جلسات المرحوم تانو القيم على أملاك الكنيسة في عقره وزيارته لنا في الأعياد وهو الحاصل على وسام من بابا الفاتكان ، وكيف أنسى ذكرياتي في ثورة أيلول وجل البيشمركة معي كانوا من الاخوة المسيحيين ، وكذلك ذكرياتي في قرى دفري وجم سني وديبري وهيزانك ، حينما كنت مسؤولا في منطقة نهلة وزيبار أثناء ثورة أيلول ، والتي كانت من أعقد المناطق بالنسبة للنظام العراقي  ،و كيف ينسى الإنسان من عاشر اسحق سياسي وحرصه على الحركة وزملائه القس سورو والاخوة يلدا ومر قس وبنيامين وشليمون ابن مام ريحانة الذي لم يفارقني عدة سنوات  وعشرات غيرهم ، وكيف ننسى الشهداء حنا العقراوي  وهرمز الذين تصدوا لدبابات البعث بصدورهم ، وكيف ينسى كل شريف ضحايا قرية صوريا ، ومن اجل تلك المواقف لا زال رجال الدين المسيحيين الذين يزورون رعيتهم في أوربا ، يزورونني أو يهاتفونني  واخرهم كان قبل سنة رجل دين آشوري من عينكاوة زارني في بلد إقامتي ، وأنا ذلك العبد الفقير لربه ،  قبل اكثر من سنة و في إحدى أهم اجتماعات المعارضة العراقية في لندن ، هذا الاجتماع الذي حضره ممثلي كافة الأطياف الشعب العراقي ، من عسكريين ومدنيين  وحضرها أيضا ممثلي عدة دول كبرى بالإضافة إلى الاتحاد الأوربي ، في إحدى مداخلاتي قلت هكذا نريد عراق المستقبل ، أن يكون زاهيا بألوانه ، وجمعينا  ضحية الاستبداد ، ولكلنا الحق في العراق للآشوري قبل الكردي ،وللتركماني قبل العربي ، ولا نقبل أن يساومنا أحد على عروبة اخوتنا الشيعة وعلى أكثريتهم ،   ويشاركني آلاف المؤلفة من الأكراد نفس المشاعر ، فأين جاءنا الحقد والعنصرية ، أما خلط الأوراق والذم وسب الموتى فلا تحجب شمس الحقيقة ، أنني لست في مجال تقديم التبريرات ، إذا كان قول الحقيقة عنصرية فأني أتقبلها برحابة صدر واعتبرها وساما على صدري  ، ولكن يجب على الذي يتوخى الحقيقة أن يتحقق قبل توزيع التهم  ، وإلا يضع نفسه في مطبات ومغالطات لا يستطيع الخروج منها .

نحن الكرد لا نريد أن نزرع اليأس والخيبة في مجتمعاتنا ، لكن لا يزال البعض يطلق على العراق وكردستان وأذربيجان اسم ارض  أشور ، ويسمون الأكراد قردو مدعين بان كلمة كردو مشتقة منها ، حتى البعثتين رغم جرائمهم لم يكنوا  لنا مثل هذا الحقد والكراهية .

يدعي أحد الاخوة بوجود كنائس مسيحية في كردستان ، ليس معنى ذلك بان المنطقة كلها آشورية بل هي دلالة على التسامح والألفة والعيش المشترك ، ومن جعل من الآشوريين قيمين على الدين المسيحي ، دين المحبة والسلام ، ويقع آخر  في مغالطة أخرى حينما يريد أن  يقول بان المسيحية يعني الآشورية ،  وما اعرفه من التاريخ ، بان المبشر الأول بالمسيحية في بلاد الرافدين ، كان القديس ( توما الرسول ) وتلاه القديس ( بطرس الرسول ) الملقب بالصخرة ، حيث يقول في رسالته ( بطرس 5- 13 ) – تسلم عليكم الكنيسة المختارة في بابل – في مستهل المسيحية كان الحواريون والرسل الأوائل يتبعون طقوس الشريعة اليهودية ، كما جاء في أعمال الرسل 3-1 / 10-4 /21-24 / ، وكان بالإضافة إلى ذلك هناك طقسين خاصين بهما ، المعمودية والرسامة ( افسس 4-6 )  من أعمال الرسل 0 13- 3 ) ، وكما هو  معروف من أن اللغة السريانية لم تتداولها كل الشعوب المسيحية ، بل كانت تتلى بها الشعائر الدينية ، حتى الغساسنة كانوا يتكلمون في حياتهم اليومية اللغة العربية ، والسريانية في حياتهم الكنسية ، والاخوة السريان يعتبرون اللغة الآشورية لهجة غير مكتوبة باللغة السريانية ، لان اللغة السريانية ( الآرامية ) انحصرت داخل الكنيسة النسطورية ، ولم يتكلمها الآشوريون في حياتهم اليومية ، والآراميون لا يمتون بأي صلة إلى الآشوريين ، وعلاقتهم مثل علاقة الكنعانيين بالعبرانيين أ والفينيقيين وغيرهم من الساميين ، والسريانية  أطلقت من قبل اليونانيين على سوريا ، أي على الجزء الغربي من نهر الفرات ، والبابليون وكذلك الآشوريون لم يتداولوا اللغة الآرامية في محافلهم الاجتماعية ، بل كانوا يتكلمون  كل منهم بلغتهم الخاصة بهم ، فقط استبدلوا الحرف المسماري بالحرف الآرامي ، مثل ما فعله الأتراك الذين استبدلوا الحرف العربي بالحرف اللاتيني وبقيت لغتهم التركية ، وكذلك الفرس الذين يتكلمون الفارسية ويكتبونها بالحرف العربي.

في الموسوعة الأمريكية لسنة 1962 م  صفحة 554 كتب البرفسور بيري يقول ( ابتلع البابليون السومريين القاطنين في القسم السفلي للبلاد ، وخلال حقبة طويلة اصبحوا شعبا هجينا ، يضم ساميين وغير ساميين ، بالإضافة إلى عناصر عيلامية وكسية... وكذلك اختلط البابليون مع الفرس وغيرهم من الشعوب المجاورة )  .

يقول البرفسور ماير بان البابليين قد ابتلعوا من قبل الفرس والميديين وغيرهم ، ويضيف إلى ذلك مار توما اودو قائلا : بان البابليين قد اختلطوا واندمجوا أخيرا مع العرب ، وانصهروا في بوتقة الشعوب المجاورة .

يقول الدكتور بيرة سرمس : بان المؤرخين يذكرون أن الأكراد ظهروا على المسرح ، قبل اكثر من ألفي عام قبل الميلاد ، وان للأكراد نسابة قريبة جدا مع الكيسيين واللوريين الذين ارتقوا عرش بابل لأكثر من ستة قرون .

ومع هذا يذكر أحد الاخوة بان الأكراد ليسوا أصحاب ارض وانهم أجانب ، بهذه السهولة يشطبون  الشعوب .

من المعروف بان صيغة كلدواشور روج لها الاخوة في  الحزب الشيوعي العراقي ، بعد احتدام الجدل بين الشعبين الشقيقين ، والتاريخ الغابر يذكر عائلتين من الكلدان ( عائلة سابيا )  و ( عائلة   بيت ياقين  ) ، وشيدوا عاصمة لهم فوق جزيرة عند مصب نهر الفرات ، أصبحت مدينة تجارية مزدهرة ، وكان رؤساء الكلدان يطلقون على أنفسهم لقب الأشراف المنحدرين من سلالة الملوك السومريين لتميزيهم عن غير البابليين ، ومن ملوك الكلدان نبوخذ نصر الأول – مر دوخ بلادان – نهيد مردوخ – نبو شمش كين – نبو بل زقري – اوكنزر – سيزيب – ميشباز مردوخ – نبوبلاصر -  نبوخذ نصر الثاني – أميل مردوخ – نرغال شر اوزور – لاوش ملدوخ .

وعلى ذمة الدكتور بيرة سرمس وهو آشوري حيث يذكر ( بان الأوضاع والظروف العصيبة خلقت لدى الآشوريين روح الجرأة والبسالة ، في حين اتهمهم الآخرون بأنهم أشرار وقساة قلوب وشرسون وسفاكو دماء (( نحن هنا لا نشارك الكاتب في ما ذهب إليه من نعوت ))  ، ويقول عن البابليين كانوا مرهفي الإحساس و ودعاء ، وذوي  سلوك حسن وحميد ، لديهم روح مسالمة وعلاقات طبيعية ، وصرفوا أوقاتهم في البحث والتنقيب في جميع فروع العلوم والفلسفة والفلك والفيزياء ، وهكذا برع البابليون في مضامير المعرفة والعلوم ، بينما لم يكن للآشوريين أدنى رغبة تجاه الأشياء المعنوية ، حيث كان التطور المادي أهم بالنسبة لهم ) .

ورد في كتاب ( من نحن ) في الفصل الثاني تحت عنوان – اختلاط الشعوب - :

أدرك ملوك الآشوريين ، منذ 1200 سنة بأنه من الصعب المحافظة على الأمن والسلام في ربوع إمبراطورية شاسعة تضم شعوبا وأمما تختلف عن الآشوريين من حيث العرق واللغة والتقاليد والعلم والثقافة والمعتقدات ، وحاولوا استعمال شتى الوسائل لإخضاع تلك الشعوب كإلقاء الرعب والخوف في قلوب الأمم المغلوبة ، وإقامة جيش عرمرم وقوي في البلاد المستعمرة، ولكن كل ذلك لم يجد نفعا ، ويذكر أيضا : بعد تفكير وامعان نظر ، توصل الملوك الآشوريون إلى رأي صائب ، ويتضمن ذلك الرأي دمج وخلط الشعوب ونشر اللغة الآشورية بينها ، ونفث الدم الآشوري في شرايين الأمم الخاضعة لسلطانهم ، واعتبروا ذلك أنجع سبيل لتحقيق أهدافهم ، وقاموا  بإجلاء عدد كبير من الشعوب ، إلى بابل وأشور ، وإحلال مجموعات آشورية مكانها ، لكي تؤثر الجاليات الآشورية في الشعوب الأخرى ولتتعلم تلك الشعوب اللغة والعادات الآشورية ، ومع مرور الزمن ستنسى أصولها وتصبح آشورية .

أن اكثر ملوك الإمبراطورية الآشورية مارسوا سياسة التهجين ،  وترحيل الشعوب غير الآشورية ، ووسعوا مملكتهم على حساب أوطان الآخرين ، وهذا ما يذكره الملوك أنفسهم ، ومدونة في نقوشات  على الصخر ، وأكد ذلك الأخوة الكتاب من  الآشوريين ، وحينما ننقل ما جاء في تلك الكتابات ليست غايتنا الطعن في التاريخ الآشوري ، الذي هو جزء أساسي من تاريخ المنطقة ، بمرها وحلوها ولا  يستطيع أن ينكرها منصف ،  ومن ملوكهم الذين مارسوا تلك السياسات ، والمنقولة من مصادر آشورية هم : تغلات فلاسر الأول 1114- 1070 ق.م / اشور ناصر بال الثاني 881 – 859 ق.م / وتغلات فلاسر الثالث 727 ق. م / سركون الثاني 722 – 705 ق. م / سنحريب 705 – 681 ق . م / اسرحدون 680 – 669 ق . م /اشوربانيبال 669 – 626 ق . م .

هنا يكون من حق المراقب أن يتساءل ، هل تعتبر هذه الإجراءات إنسانية أم لا  ؟ !!! ، أليست هذه حضارة القوة ، في حين تستمد الشعوب القوة من حضارتها الإنسانية  ، لان الحضارة التي  لا تقف موقفا إنسانيا من  البشر ، تفقد مقومات حضارتها تحت أية يافطة أتت والى أي شعب  أنتمت .

أحد الأخوان يحاول تبرير تلك السياسة ، من حقه أن يبدي وجهة نظره ، ويقول ناسين أن من مبادئ التاريخ أن يكون الحكم على كل عصر ،  وفقا لقياسات الزمن الذي كان فيه .... وليس بمقاييس القرن الواحد والعشرين ، اتفق مع الكاتب في ذلك ، واني ذكرت في إحدى مقالاتي قبله ذلك في جريدة المؤتمر عدد 312 في صفحة الدراسات ، وقلت ( لذلك نجد في التاريخ أن العادات والتقاليد والمفاهيم السائدة في عصر ما ، كانت إيجابية لتلك الحقبة من التاريخ ، وبتطور الحياة وحركتها نحو الأفضل ، تصبح هذه العادات والتقاليد والمفاهيم  ، لا تنسجم مع روح العصر الذي يليه ، وهذه سنة الله في خلقه ) ، وما لا اتفق معه هو كيل بعض الاخوة من الآشوريين ذلك بمكيالين ، يطبقون ذلك في الحالة الآشورية ، وحينما يتعلق ذلك بالأكراد أو الشعوب الأخرى تصبح جريمة وإبادة بحق الآشوريين .

اغتيال المرحوم مار شمعون الذي قام به المرحوم سمكو شكاك ، لا يمكن تبريره وهي جريمة بحق شعب جاور الشعب الكردي  خلال آلاف السنيين ، ولكن الخطأ الذي يقع فيه بعض الآشوريين ، هو تعميم الحادثة المفجعة على الأكراد جيلا بعد جيل ، الفاتكان برأت اليهود من دم المسيح عليه السلام ، ولا زال الأكراد محاصرون بأقلام البعض ، إننا لا نبرر  هذه العملية بأي شكل من الأشكال ، ولكن الحقيقة تفرض على الطرفين ، دراسة خلفية هذه التداعيات ، في 28/2/1918 م كان الوضع قد توتر بين الحكومة الإيرانية  والاخوة الآشوريين ، الذين كانوا ضيوفا على حكومتها ، حينما طالبت إيران منهم وبضغط تركي ، تسليم أسلحتهم التي حصلوا عليها من روسيا ، إلا انهم امتنعوا من تسليمها لأنهم اعتبروها من أسلحتهم ،  ولأنهم كانوا في حالة حرب مع تركيا ، وكانت في مدينة اورمي مجموعة مسلحة آشورية بقيادة أميرهم كوزمين ، وكان في تعداد هذه المجموعة ، كل من اغا بطرس وملك خوشابا وبعض ضباط الروس ، وبأمر من البطريرك المرحوم مار شمعون ، وزع  قائد لواء المدفعية الاشورية العقيد الروسي سوكولوف ، أسلحة المدفعية على جبل جار باش ، وعلى مسافة 3 كم من اورمي ، وصوبت بعض المدافع الأخرى على بوابات ديك ألين ، وفتح النار على المسلمين الذين تجمعوا أمام معسكرات الآشوريين ، وبعدها اخترقوا الأحياء الإسلامية في اورمي ، وبدأت القوات الآشورية هناك بقتل السكان والسلب والنهب ، الذي استمر حتى أن تدخلت الإرسالية الإنكليزية لدى المرحوم مار شمعون ، فأصدر المرحوم أمرا إلى آغا  بطرس والقادة الروس ، بإيقاف  التدمير والقرصنة ، واشرف نائب القنصل الروسي ف . ب . نيكيتين ( المستشرق المعروف ) وبمعيتة القوات الآشورية على أمن المدينة ، ورغم ذلك  في مساء ذلك اليوم قامت مجموعات آشورية  بقيادة الملازم فاسيلييف   (آشوري من مقاطعة قارص ) ، ومجموعات أرمنية بقيادة اسطيفانيان القضاء على الأكثرية الباقية من المسلمين الأحياء ، وهرب قليل منهم للاختباء لدى الإرساليات الدينية وتحت حماية العلم الإنكليزي ، وعندما علم محافظ تبريز المدعو مهدي الشمس بهزيمة المسلمين ، بعث مباشرة برسالة إلى المرحوم سمكو شكاك ، يطلب منه التعاون ضد البطريرك المرحوم مار شمعون ، ويقول العقيد الروسي كوندراتييف الذي كان مستشارا للزعيم الروحي والدنيوي  للآشوريين ، بان سمكو شكاك كان يحترم البطريرك ويقبل يده ، والسؤال  المحير الذي لم يتطرق إليه الأكراد والآشوريون ، لماذا حصلت عملية الاغتيال ؟ وما هي دوافعه وأسبابه ؟ كيف يقوم شخص باغتيال الشخص الذي يبجله ويقبل يده ،  ومن ثم يقوم باغتياله وهو في  ضيافته ؟ عندما احتلت القوات الآشورية ، التي قادها الأمير كوزمين وداو يد أخ البطريرك والملوك برخو وخوشابا واوشانا قرية كوهنه شهر ، عثرت في منزل سمكو شكاك على قليل من الوثائق ، وما تسرب منها في حينه  رسالة تشير إلى تآمر الحكومة الفارسية للإيقاع بين الجانبين ، ومهما كانت الأسباب فالحادثة مدانة ، هنا نسأل هل من المعقول أن نعمم المجزرة التي حصلت في اورمي بحق المسلمين على جميع الآشوريين  ، طبعا لا نقبل  ذلك  ، ولكن لماذا لا يقف بعض الاخوة من الآشوريين نفس الموقف من أحداث التاريخية التي حصلت في المنطقة .

بعد أن يشفي أحد الاخوة غليله بشتم العرب والآخر بشتم شيوخ المحمرة ، ويقع في مغالطة أخرى ، ويقول بان حرب الإنكليز ضد المرحوم الشيخ محمود الحفيد في السليمانية ، كانت حربا نظيفة ( نضيفة ) ، لا ندري هل توجد في تاريخ البشرية حرب نظيفة وأخرى وسخة ، وان وجدت مثل هذه الحالة هل يمكن تبرير تصرفات المحتل ، وبعد ذلك يضيف بان الإنكليز فضلوا الآشوريين في قوات الليفي على العرب والأكراد لشجاعتهم ، والشجاعة في الحرب يعني الاستعداد للقتل والتدمير اكثر من الآخرين .

بعد أن يهاجم رموز كردية في التاريخ الكردي ، ويقول إسماعيل شكاك ( الغدار ) وبدر خان ( السفاح ) ، ويجعل الكرد من الأجانب وهم أصحاب الأرض ، يطالب بتبديل كتب التاريخ المدرسية في كردستان ، ولكن نريد أن نساله هل يوافق الاخوة الآشوريون أن لا يدرس تاريخ ملوك الآشوريين ؟ التاريخ ليس وفق القياسات ، والذي يدافع  عن حقوق بني جلدته ، عليه سلك الطرق الصحيحة ، لتفعيل الحقوق والحريات ، ولا يكون ذلك بوضع مظلة ملونه على راس كل كردي واشوري وتركماني ، ليشير كل لون إلى قومية معينه ومعتقد معين .

مارس حكام العراق ممارسات ظالمة بحق  جميع أطياف العراقية ، والنظام الحالي ظلم الآشوريين كثيرا وبدل قوميتهم وقتل منهم ، مؤخرا قام بتشييد سد مائي على أماكن أثرية للآشوريين  ، لم نسمع كلمة من هؤلاء الاخوة في شجب تلك الممارسات  ، وليل نهار يتكلمون عن هجرة الآشوريين بسبب الأكراد ، كأن الأكراد وغيرهم من العراقيين لا يهاجرون ، وليل نهار نسمع اسطوانة استشهاد ثلاثة أو أربعة أشخاص ، الذين اغتيلوا على أيدي ظلامية وبأيد مجرمة ، ونعتبر هؤلاء شهداؤنا قبل أن يكونوا  شهداء الاخوة الآشوريين ، وهم يعرفون أيضا ملابسات تلك الحوادث المؤسفة ، وحينما نتصرف ديمقراطيا معهم يقولون بان الحرية التي يتمتعون بها هي نتيجة خوف الأكراد من الغضب الآشوري !!!! ، المجمعات السكنية القسرية التي بناها النظام المجرم على ارض قراهم وقرى الأكراد ، يتهمون الأكراد بها أيضا  ، وبما أننا على يقين بان الحقائق لا تدفن ، والوشاية لا تقطع الحبل المتين للكردستانيين ، ومع هذا نقول بأنه لدينا الجرأة لنعتذر من كل ما أصابهم تاريخيا من سوء من قبل الأكراد ، حتى وان كانت من تحريض الحكام ، ولكن هل يملك هؤلاء الاخوة الجرأة للاعتذار، من شعوب المنطقة وخاصة  من الأكراد على ما اقترف البعض منهم تاريخيا بحقنا ، وإلا يعتبرون أنفسهم أبناء الست ونحن أبناء الجواري  ، قتلاهم مقدسين وقتلانا إلى الجحيم لأننا من البهائم ومن قردو ، وإلا لماذا كل هذه الانفعالات والصخب والضجيج  ، أننا أيضا نعرف التاريخ ونتذكر الوقائع ، وفي جعبتنا الكثير .

نحن الكرد وبدون مجاملة  نؤمن بان لكل إنسان له الحق في الحياة والحرية  والتمتع بحقوقه وبكرامته  ونتقبل الآخر ، وفي نفس الوقت نقول نحن لسنا مشروع برسم الذبح ، ليأتي الحاكم التركي أو الفارسي أو العربي ليقرر متى وكيف يجري ذبحنا ، ومن ثم يأتي القومي التركماني والآشوري ليدمغ لحومنا بختمه ، ليثبت صلاحيتنا  للأكل أم لا ، ومن ثم يضعوا الخرائط ويقرروا ماذا نلبس وماذا نأكل وكيف نعلم أطفالنا ، والذي يتصور انه ينبش قبورنا ليجعل  سكاكينه  تنهش جسدنا ، ويعتبر ذلك من حقه ومن باب الحرية والديمقراطية ، فإننا لا بد أن ننحاز إلى شعبنا .

        



#ناجي_عقراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركة مسجلة .... أحذروا التقليد
- شئ من التأريخ
- السياسة التركية تتعارض مع تطورات ومستجدات العصر
- رسالة وشكر ومحبة من كردي لشقيقه العربي من سني لأخيه الشيعي
- الديمقراطية بين الواقع والتطبيق.... كلنا في الهم شرق


المزيد.....




- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجي عقراوي - هناك فرق شاسع بين قوة الحضارة وحضارة القوة