أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ست الملك ولغز الحاكم بأمر الله الفاطمى















المزيد.....

ست الملك ولغز الحاكم بأمر الله الفاطمى


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3163 - 2010 / 10 / 23 - 17:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حكم الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله مصر والشام وأجزاء من العراق مع الحجاز وشمال أفريقيا في المدة ما بين (386ـ 411) هـ الموافق (996 ـ 1020م) ..
كان الحاكم في الحادية عشرة من عمره حين تولى الخلافة في يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من رمضان سنة 386هـ ،وفي ذلك الوقت كانت أخته غير الشقيقة ست الملك قد أتمت عامها السابع والعشرين ، أي كانت تدرك الأمور أكثر من أخيها الصبي ، مع ما اتصفت به ست الملك من ذكاء وعبقرية نلمسها من سيرتها التي بدت بين سطور تاريخ أخيها الحاكم وبعد مقتله .
ووقع الحاكم تحت سيطرة ابن عمار ، ولم تتحمل ست الملك ذلك الوضع فتآمرت مع أخيها على عزل ابن عمار . وكانت ست الملك تشارك أخاها سعادته ظناً منها أن خادمهم برجوان سيكون أفضل من ابن عمار .. ولقد أهدت ست الملك أخاها الخليفة ثلاثين فرساً مرصعة بالذهب والبللور وعشرين بغلة وخمسين خادماً ومائة تخت ثياب وتاجاً مرصعاً وأدوات ثمينة وتحفة فنية عبارة عن بستان من فضة مليء بالأشجار ، وذلك ابتهاجاً بالنصر .
ولكن أفراح الحاكم وأخته لم تطل ، إذ ما لبث أن استبد برجوان الخادم بالأمر بعد أن كون لنفسه حرساً خاصاً وعقد صلحاً مع خصومه السابقين ومنهم ابن عمار في مقابل اعترافهم بسلطانه، وبعد أن تمكن له الأمر أصبح برجوان الخادم السابق يستخفّ بالخليفة ويسيء معاملته وينهب الأموال حتى بلغت ثروته أكثر من مائتي مليون دينار وخمسين أردباً من الدراهم والفضة واثني عشر صندوقاً من الجواهر بالإضافة إلى الممتلكات العينية . وفي غمرة فساده وطغيانه نسي برجوان أن الخليفة الصبي أصبح شاباً وأن أخته ست الملك معه تخطط له ، وفي النهاية نجح التخطيط فاستدعى الخليفة خادمه برجوان وقتله.وكانت ست الملك وأم الحاكم تراقبان الموقف خوفاً على الحاكم ، وبعد التخلص من برجوان رجعتا في اطمئنان ، ولا تزال إحدى حارات القاهرة تحمل اسم برجوان ، وبعد التخلص من برجوان صفا الأمر للخليفة ، ومعه أخته ست الملك ، وكان من الطبيعي أن يبدأ النزاع بينهما بعد فترة من الوئام.
ويبدو أن الحاكم كان يعاني من نوع من الوسواس القهري يخيل إليه أن كل الناس يتآمرون عليه ، وربما يرجع ذلك إلى ما عاناه من بدايته من استبداد ابن عمار وبرجوان به .. وزاد في الوسواس لديه اقتناعه بأن أخته ست الملك تتآمر على حياته وأنها أقدر من الآخرين على الكيد له.
ولذلك أكثر الحاكم من قتل أعيان الدولة بتهمة أنهم أعوان ست الملك ، ثم بدأ العداء بينهما يأخذ صورة علنية ، إذ اتهمها بإقامة علاقات آثمة محرمة مع أولئك الأعوان ، وكان أظهر من قتله الحاكم بتلك التهمة قاضي القضاة مالك ابن سعيد ، وكانت هناك إشاعات تقول أن مالك بن سعيد يذهب إلى قصر ست الملك ويخلو بها بحجة قراءة صفحات الدعوة الشيعية ، وكان معروفاً أن الحاكم يحب القاضي مالك بن سعيد ويثق فيه ، إلا أن تلك الإشاعة أوغرت صدره وأثارت شكوكه ، فاختبر الحاكم ذلك القاضي ، فأمره أن يقطع ألسنة الذين ثبت ترديدهم لتلك الإشاعة ، فلم يستطع القاضي تنفيذ الأمر فأمر الخليفة بقتل صديقه القاضي مالك بن سعيد سنة 405هـ . ويذكر المقريزي في تاريخه (إتعاظ الحنفا فى سيرة الفاطميين الخلفا ) عن الفاطميين أن السبب في قتل الحاكم للقاضي مالك بن سعيد أنه اتهم بموالاة سيدة الملك ، وكانت تلك أول إشارة علنية لانتهاء فترة الوئام بين الخليفة وست الملك..
ويذكر المؤرخون أن الحاكم قال لأخته في مقابلة عاصفة بينهما : أنت حامل ، وأنه رماها بالفجور ، وكان ذلك سنة 410هـ أي في وقت تجاوزت فيه ست الملك الخمسين من عمرها ، وحين تأتيها هذه التهمة صريحة واضحة من أخيها الذي شاركت في تربيته فإننا نتوقع أن الأمور وصلت بينهما إلى حد القطيعة الدائمة..
وكانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقولون ، لأنه بعدها بقليل تم اغتيال الحاكم بطريقة الجريمة الكاملة.
فكرت ست الملك في قائد ينفذ لها مهمة الاغتيال فوقع اختيارها على الأمير ابن دوَّاس الذي كان يعيش في رعب متخوفاً من غدر الحاكم به ، فأرسلت إليه أن يأتيها ، ولكنه خاف على نفسه من مكائدها أو من عيون أخيها ، وتردد ولكنه فوجئ بها تأتي إليه متنكرة وتدخل عليه ، فانكب على الأرض يقبلها أمامها ، ودخلت في الموضوع مباشرة، فعرضت عليه أن يقتل الحاكم قبل أن يقتله واطمعته في أن يكون مدبر الدولة لابن الحاكم الذي سيتولى الخلافة بعده .. وأن شئون الدولة ستكون بينهما وبينه ، ورضي ابن دوَّاس إذ ليس له خيار آخر ، فلو رفض لاستطاعت ست الملك التخلص منه ، ولو حتى عن طريق الإيحاء والتأثير على الحاكم بوجود علاقة تآمرية بينهما ، واجتهد ابن دوَّاس في التنفيذ بعد أن أعــدّت له ست الملك الخطة ، وكانت تعرف مواعيد خروج أخيها من القصر متنكراً وعليه ثياب الرهبان راكباً حماراً ، وفي ليلة الاثنين السابع والعشرين من شوال خرج الحاكم بعد أن ودع أمه ، وانتظرت أمه وأهل القصر رجوعه فلم يرجع ، وبذلك نجحت خطة ست الملك في اغتياله..
وفي هذه الأثناء كانت ست الملك قد أعدت عدتها للإمساك بكل الخيوط ، فأمرت الوزير خطير الملك باستدعاء الأمير الفاطمي ابن إلياس بدمشق دون أن تعلمه بما حدث للحاكم ، وحين أتى إلى الحدود المصرية قتلوه حتى لا يطالب بالعرش ، وفرقت في الجنود مليون دينار ، وأعلنت للناس غيبة الحاكم وأنه يراسلها وأمرت الناس بالكف عن الكلام ، وأمرت بقتل من يتزيد في الكلام ومن يتخلف عن بيعة ابن الحاكم وهو الظاهر ـ بالخلافة..
وتمت البيعة للخليفة الظاهر الفاطمي في يوم الأضحى سنة 411هــ ، وكان عمره وقتها ست عشرة سنة وثلاثة أشهر ، وهي التي ألبسته تاج الخلافة المرصع بالجواهر وجعلت على رأسه مظلة مرصعة وأركبته فرساً رائعاً بمركب ذهب مرصع بالجواهر ، وأخرجت بين يديه الوزير وكبار الدولة ، فلما تقدم الموكب هتف الوزير في الناس : يا عبيد الدولة مولاتنا ست الملك تقول لكم هذا مولاكم أمير المؤمنين فسلموا عليه ، فارتمى ابن دوَّاس بين يديه يقبل الأرض وتتابع بعده القواد والزعماء يعطونه العهد والميثاق ، وهمس أحد الغلمان قائلاً : لا أبايع حتى أعرف خبر مولاي الحاكم ، فأخذوه لوقته وغرقوه في النيل ، فارتعب الجميع ، وتم الأمر لست الملك والخليفة الصغير الذي ليس له من الأمر شيء..
وأظهرت ست الملك الود الزائد لابن دوَّاس شريكها في المؤامرة ، فزارته في منزله وجعلته يثق فيها ، وبعد أن تم لها الأمر أشارت إلى عبيد الحاكم بأن بن دوَّاس هو قاتل سيدهم الحاكم فدخلوا عليه وقتلوه ، وقتلوا كل من شارك في المؤامرة وبذلك نجحت في تنفيذ الجريمة الكاملة ..
وظلت ست الملك تدبر شئون الخليفة الصغير وتتحكم في كل صغيرة وكبيرة فأعادت للدولة هيبتها وملأت الخزائن بالأموال واصطنعت الأكفاء من الرجال إلى أن ماتت في مستهل جمادي الآخرة سنة 614هـ وهي في السابعة والخمسين من عمرها..



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكل نفس بشرية جسدان ( 6 ): كيفية بعث الجسد الآخر
- ( العباسة أخت الرشيد) هل كانت السبب في نكبة البرامكة.؟
- ثقافة العار وعقدة الخواجة :
- الخوارج
- لكل نفس بشرية جسدان ( 5 ): الكون : تنظيم ثم تدمير ثم بعث
- عبد الله بن المبارك : أحد صنّاع الدين السّنى .
- أخلاق عشوائية
- لكل نفس بشرية جسدان ( 4 ) بعث الجسد الآخر: خلق وموت وبعث الك ...
- لقمة العيش
- تعليق على مقال ( الخليفة الذى مات من التخمة )
- الخليفة الذى مات من التخمة
- سلطان
- تعليقا على ما قاله الأب بيشوى
- الشيخ الشعراوى : رؤية اقتصادية
- لكل نفس بشرية جسدان (3 ) التداخل بين عالمى الشهادة المادى وع ...
- لكل نفس بشرية جسدان (2 ) : شياطين البرزخ وعلاقتها بالنفس
- الخليفة المعتضد العباسى .. والحائك
- الدين المغشوش
- الدواء المغشوش
- زيارة السيدة العجوز ..!


المزيد.....




- الاحتلال يهدم غرفة زراعية ويواصل إغلاق مداخل سلفيت ومستعمروه ...
- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...
- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...
- العراق يدعم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في إسطنبول ب ...
- ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين
- وزير خارجية إيران يدعو الدول الإسلامية للتحرك ضد إسرائيل
- هل عارض ترامب خطة إسرائيلية لقتل المرشد الأعلى الايراني؟
- “ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على جميع ا ...
- إعلامي مصري شهير يتهم الإخوان المسلمين بالتعاون مع إسرائيل
- إيران تفتح المساجد والمدارس للاحتماء من ضربات إسرائيل


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ست الملك ولغز الحاكم بأمر الله الفاطمى