أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صالح نعيم الربيعي - حكاية على قضبان السكك الحديديه















المزيد.....

حكاية على قضبان السكك الحديديه


صالح نعيم الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3163 - 2010 / 10 / 23 - 11:10
المحور: حقوق الانسان
    


=حينما يمر العمر هدرا
حكاية على قضبان السكك الحديدية
في يوم ممطر , من ايام هولندا المعروفة بمناخها الممطر دوما , حيث اعتاد شعبها بتجهيزاتهم الدائمية من البرد و المطر كالجندي البريطاني في ساحة الحرب..
في ذلك كنت مسافر الى مدينة ماسترخت الهولندية المتاخمة للحدود مع المانيا من الجنوب ,هي مدينة جميلة مترامية الاطراف يسبقها تأريخها المعروف , علما انها قاست وعانت ما عانت من الدمار والاذى ابان الحرب العالمية الثانية من الجيش الفاشي الهتلري ...
ما ان بدا القطار ان يجر بعرباته ببطء منطلقا من أمستردام العاصمة الهولندية القديمة البناء بأتجاه الجنوب.. واذا برجل يحمل ملامح الرجل الشرقي يرمي بجسمه المتثاقل على المقعد المقابل لي متأفأفا , متعبا .. وبدت تجاعيد العمرتاركتا بصماتها الستينية على وجهه المتعب جدا , و ما ان جلس حتى راح يهز بيده متجهما بعدما اطل من نافذة القطار على ملامح المدينة التي بدأت تختفي عن الانظار حيث تتمتع العين بمساحات خضراء شاسعة طأطأ رأسه منخفضا قليلا وراح يلك بلحيته باصبعين .. منزعجا .. في حين راحت اذني لتسمع منه مفردات عراقية تنم عن تمتمات تشير الى جنسيته حينما قال و باللهجة العراقية :(تهي بهي) ... رحت محدقا فيه عمدا او فضولا , لا اعرف بالضبظ لماذا لكني احسست ان هذا الرجل امتداد لمأساة كبيرة , و ما ان رفع رأسه محدقا بي هو الاخر حتى رايت أسنانه بعد ان فتح فمه ليرسم ابتسامة أظن قد اجبر عليها . ثم اردف قائلا :السلام عليكم اعذرني و الله دايخ ... رديت عليه السلام بالمثل .. ثم تقصدت ان اقول له التحية العراقية : (الله بالخير) فز مسرعا .. خويه انت عراقي ؟؟ مبين عليك !! اجبته :بنعم. ثم ردد منفتحا بالحديث , الصباحات العراقية الجميلة بفطرته الطيبه و كأنه واحد من افراد العائله _صباح الخير.. اشلونك اغاتي.. اشلونهم الأهل.. انشالله كلكم بخير.. رديت له متشكرا...استمر بالحديث وكانه يعرفني من عشرات السنين ثم سالني انشالله اهلك وياك؟؟؟ .اجبته لاخفف عن كاهله بعض الشيء من عناء الاسئلة قائلا : لا و الله بس اني وعائلتي ... أما أهلي جميعهم في العراق . قال انت هم مثل حالي !!! قالها بحسرة ,, معقبا بس يله هم احسن وياك عائلتك تتونس وياهم. ...ثم سرعان ما القيت عليه سؤالا : ليش و انت وين زوجتك واولادك ؟؟؟ .قال لا و الله خويه اني ماعندي لا مره و لا اطفال. ...سالته هل انت مطلق ام ارمل..ضحك قائلا خويه لاهاي و لا هاي قلت له اشعجب قال والله ما صار لي حتى وقت اتزوج.. ثم رماني بسؤال سريع قاطعا حديثي واسترسالي ..كم سنه صارلك اهنا في هولندا ؟؟ اجبته 12 سنه قال الله ايساعدك زين و الله (ماتخبلت)اني صارلي سنتين و شويه وراح(الكًف) يعني اتخبل..اجبته قول (يالله ) عمي الدنيا بعدها بخير..بعد ذلك اخذنا اطراف الحديث وفي لحظة سألته عندنا في العراق الشاب عندما يصل الى 18 سنه او 20 سنه يتزوج ... قال موكتلك خويه ماصارلي وقت اتزوج...سألته كم عمرك ؟ قال هذا سؤالك خوش سؤال .عمري 41 سنه صرخت في داخلي أأأأأأأأأأأه كم اتعبك الدهر قسما كنت اتوقعه اكثر من ستين سنه .. اشاهد وجهه وقد رسمت وخطت التجاعيد وجه كانها تشير له ```````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````````من احد القبائل الافريقية التي يتوسمون بها لمعرفته من اي قبيلة هو.
المهم قال اتريد تحسب عمري قلت نعم ..ضحك قائلا اني ماعرفت اسمك ..اجبته صالح بعد ان مددت يدي قال اتشرف اني فلان الفلاني... تشرفت به اردفني قائلا حتى نتحاسب عندك قلم و ورقة. ؟؟ . ضحكت واتفقنا على الحساب ..بدأ يسرد سنين عمره المتصحرة بكلمات يلوكها حزن مر,, لخصت احزانه وانا اكتب باصابع صعب عليها مسك القلم لتدون تلك المعاناة ....انكفا على نفسه متحدثا عن سنين خلت حينما قال كان عمري 8 سنوات ودخلت المدرسة و الله يرضى على--- جارنا ابو محمد --- الذي اجبر والدي واقناعه على دخولي المدرسة بسبب الفقرالموروث!! و من بعد 6 سنوات نجحت بامتياز ثم انتقلت الى المتوسطة يعني الان عمري 14 سنه كنت ايامها اشتغل مع -- جارنا ابو محمد -- بالمحل ..و من ارجع من المدرسة و اخطف لقمة الغداء الخفيفة الوزن ..علما يؤكد على خصامه مع --اللحمة -- لاننا عائلة فقيرة وحتى اساعد والدي الذي اتعبته الحراسات الليلية علما كان تعداد العائله 9 نفرات عندي اخ واحد و خمس اخوات و الحجي و الحجيه طبعا بس الاسم اصلا ماشايفين -- بيت الله حتى في الصوره --و بعد حديثي هذا لن تكهكه ضجرا عيني صالح.
و بعد مرور سنتين نجحت في المتوسطة وكنت ثاني على المحافطة و الاول في المدرسة بعدها دخلت الرابع الاعدادي وكان عمري 16 سنة ...وما ان بدأت الدراسة ...التحق والدي في الجيش بعد استدعاء مواليد الاحتياط ساعتها تركت المدرسة واشتغلت ( فول تايم ) في مقهى شعبي حتى اسمح لاخي الصغير ان يعمل عند جارنا الطيب ابو محمد بدلا مني بعد ان ينتهي دوام مدرسته.
كنت اهتم باخي جدا و احرص على دراسته. مرت سنين الحرب بعد ان راحت رحى الحرب تلوك شبابنا واحد تلو الاخر... اصبحت يومها 18 سنه حين تم استدعائي للخدمة الاجبارية نفظت غبار الهم و الحزن و توكلت على الله ان يحيط بي شرف الدفاع عن الوطن الذي لايصدني عنه شيئ مطلقا .التحقت في القاطع الجنوبي في البصرة بعد ان اكملت دورة التدريب على السلاح اتذكرها جيدا 45 يوما كان تدريبا عنيفا ... كانت ساعتها الحرب تحصد الاخضر و اليابس .و الرعب و الخوف يملئ القلوب بصراحه(بيني و بينك حتى في الافلام ماشيفها).رجعت باول اجازه مسرعا صوب البيت .مادخلت الشارع والا صوت المكبر يتلو ايات من القرآن الكريم حيث شاهدت الخيمة المنصوبة كباقي الخيام التي غصت بها الاحياء و الازقه حتى احسست المنظر الذي بدأ يضايقني وانا اتباطئ في السير.. تمنيت ان لااصل المكان ضاق نفسي .وجه صديقي الجميل اعتلاه الحزن و بعينين دامعه ... قال له : البقاء في حياتك صديقي,, ويحك .. ما تقول ؟؟ قال لايخلد الا وجه الكريم !!! صرخت حساااااااااااااان افصح ؟؟ قال والدك استشهد في ساحة المعركه !!! سعتها وجدت حالي مرميا في ساحة البيت و حزن أمي يغطيني واخواتي الخمسه يتوكئن على دموعهن ...هاجس غريب وقفت مبتسما ويحكم محدثا اياهم : للوطن حق و لنا الشرف بشهادة والدنا البطل الذي ذاد بالدفاع عن ارضنا.. توسط الفاتحة مرفوع الرأس ..كان يغص فيه اخي الصغير مرددا بين خاطري ماذا سيفعل و ماذا باستطاعتي ان افعل له حتى يستمر بدراسته..هاجس هنا وهاجس هناك لامفر له .ترك مدرسته و اتجه الى ان يعمل عامل بناء-- اشويه افلوسها احسن -- و الطيبين ايشغلوه فيها ...التحقت بالعسكرية بعد ان انهيت اجازتي الثقيله مشاركا اخوتي الحرب .في شهري السادس من الخدمة جرحت اثناء المعركة في ساقي الايمن هذا وهو يشير الى الى قدمه مؤكدا : راحت ضحيته الاصابع الاماميه. !!!!اصبحت مقعدا في البيت و ثم رجعت اعمل مع جاري في المحل وكنت ايامها اتنقل من مستشفى الى اخرى وشبح البتر يراودني .
انتهت الحرب وكان عمري اكثر من 20 سنه ما ان سددت ديونيالتي اثقلتني كاهلها بسبب اجراء العمليات و لقمة العيش حتى اندلعت الحرب الثانية مع الكويت و اول ماراح ضحيتها كان اخي الصغير و التي ساعتها صعقت الارض بي تماما....و جرى ما جرى من نكبات متتالية للعائلة كانها تتسابق سباق الخيول..بعد ذلك جاءنا الحصار الجائرالذي فعل فعلته حتى سائت صحتنا تماما .. اضطررت ان اعمل في التهريب مع جماعه يشترون ملابس و عطور من السعودية و نبيعها في بغداد .ما صدقت صار عندي كم فلس و انا سعيد رغم صعوبة و مخاوف العمل و كوني معوقا ..حتى مسكونا جماعة الاستخبارات العسكرية وادخلونا زنزانات التعذيب.اعترفو انكم جواسيس للسعودية.غلفت الحياة علينا بحليتها الزنزانية و توقفت الساعةو اليوم و الاسبوع و انتهى عندنا الليل و النهار..في الفطور كنانلوك رغيف الخبز المتحجر .. وفي يوم من الايام واذا بتكبير يملئ فضاءات السجن عاليا الله و اكبر الله و اكبر سقط الطاغية أخرجوا بسرعه اخرجو لانعرف ساعتها نسحب اقدامنا التي نست الركض منذ سنين. ...مرت سنين القحط و بعد سقوط صدام حسين توفرت مجالات للعمل جمعت ساعتها مبلغ من المال رغم صعوبة العمل بسبب الانفجارات و الحرب الطائفيه ووووو.
ثم قررت ان اريح نفسي و اهاجر الى اوربا حتى يمكنني العلاج هناك.سالته وهل مازالت قدمك تؤلمك.قال بلا في موسوم الشتاء يرعبني الالم .سالته و الان هل حصلت على اقامه ؟؟؟..اجابني نعم ولكن .قلت وماذا ؟؟ قال اتخذت اللجنة الطبية في امستردام قرار بتر قدمي !!!!.لااعرف ساعتها ارد بشئ غير ان ابتسم بوجهه فائلته خيرا بان انشالله اتصير احسن..ضحك قائلا شر البلية مايضحك(اكله راح ايبترون قدمي ايكول انشالله اتصير أحسن)اغلقت التحقيق الفضولي و الذي عكر أماله ... كنت ارسمها عندما قال العراقي يولد و الحزن و الالم بجنبه..كم اصبح الان عمري_قلت بلا 41 سنه_رد متسائلا هل وجدت به وقت للزواج او للفرحة التي لا اعرف الوانها و اشكالها ؟؟ ابدأ..لكن نسيت أن أقول لك الحمد لله و الشكر أني افضل بكثير من غيري .قلت ويحك فلان اهناك اسؤ من حالك هذا ؟؟؟..قال الالاف المؤلفه.رد قائلا المهم اشلونك انت و اشلون العائله(يله خويه و لا يهمك خلصنه خوش وكت وهسه وصلنه)انتهت الرحله ساعتها حمدت الله على الذي انا فيه وقلت بيني و بين نفسي انا وضعي افضل بكثير من الاخرين.......اذن هكذا يمر العمر 41 سنه في سفرة قطار تختصر فيها الالام والماساة نعم لكل عراقي الف قصة وقصة ....

صالح نعيم الربيعي
هولندا



#صالح_نعيم_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تضامنا مع السجناء الكورد
- كلمة حزب الخضر الوطني العراقي
- يامن تعب يامن شكه يامن على الحاضر لكه
- بيان صادر عن حزب الخضر الوطني العراقي
- من يحاسب من


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صالح نعيم الربيعي - حكاية على قضبان السكك الحديديه