أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير خلف - ..عندما تقود الثقافةُ السياسةَ














المزيد.....

..عندما تقود الثقافةُ السياسةَ


بشير خلف

الحوار المتمدن-العدد: 3157 - 2010 / 10 / 17 - 12:20
المحور: الادب والفن
    


العلاقة بين السياسي والمثقف دائمًا هي علاقة يشوبها التوتر، وعدم الوفاق حيث كلاهما ينظر إلى الآخر بعين الريبة، وبما أن السياسي بحكم موقعه يحتلّ الصدارة الآنية، والإمكانات التي تجعله دومًا ينجح في صدّ المثقف، وإزاحته من الصدارة، فشدّ الحبل بينهما منذ القديم إلى أيامنا هذه يتلخّص في الآتي: " صراع الإزاحة "..هي نتيجة لحلقة، بل حلقات مفقودة تُوصل بينهما قمينةٌ بالتغيير.
ولعل أهم الجوانب التي تستحق التغيير في رأيي ينبغي على المثقف أن يكون أوّلاً صادقًا مع نفسه،وأن لا يكون مزدوج السلوك، كأن يكون إمّا منكفئا على ذاته يحلم بعالمٍ ورديٍّ، دعائمه المثالية، وفضاؤه المدينة الفاضلة، أو متزلفًا، ذليلاً، تابعًا لأصحاب النفوذ، والمال والسياسة، في سبيل الحصول على مآرب ذاتية تحطّ من كرامته، وتحوّله من متبوعٍ إلى تابعٍ..كما نشاهد ونعايش في أكثر من حادثة، وواقعة حينما يتحوّل بعض أشباه المثقفين إلى أبواقٍ منحطّة تمدح هذا السياسي، أو ذاك نفاقًا، وتنعي رحيله من منصبه، أو تعيينه في منطقة أخرى، وتصفه بكل أوصاف الشهامة، والرجولة، والإخلاص للمنطقة والوطن، وأنْ لا أحد شبيهٌ له لا من السابقين،ولا من الحاضرين،ولا من المستقبليين،والواقع الميداني يكذّب ذاك..أنصاف مثقفين كهؤلاء يهرولون تجاه كل قادمٍ جديدٍ، يقدمون له آيات الولاء، وتجدهم كفراشات الليل يحومون حوله، واجدين لهم مكانا في الصفّ الأول أينما حلّ هذا القادم، وتتفتح قرائحهم المريضة بقصائد عصماء كلّما أتيحت لهم الفرص في مناسبة، أو غيرها في حضوره.
إن هذا النوع من أشباه المتعلمين المحسوبين على الثقافة كذبًا هم سبب بلاء الثقافة، والمثقفين الحقيقيين، وهم من العوامل التي جعلت السياسي يُقصي الثقافة من اهتماماته، وينظر بعين الازدراء إلى المثقف كيفما كان تخصّصه، ومهما كانت درجته العلمية والإبداعية، وهم سبب التصدّع الأزلي بين السياسي والمثقف، تصدّعٌ تولّد عنه، ويتولّد هذا الصراع الظاهر حينًا، والخفيّ تارات.
لكن هذا الصراع قد تنهار دعائمه في فلتات يجود بها الزمان قد تظهر هنا وهناك، ولعلّ ما سنورده لاحقًا هو من هذه الفلتات التي دوّنها التاريخ الجزائري المعاصر بحروفٍ من ذهبٍ.
في كتابه " مذكرات جزائري" الجزء الثاني للدكتور أحمد طالب الإبراهيمي ..الوزير المثقف نجْــــــل الشيخ العلاّمة البشير الإبراهيمي رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، يتحدث عن مواقف محرجة بين واجباته كمسؤول في الدولة الجزائرية، ووزير،وبين مبادئه التي يؤمن بها، ويدافع عنها كمثقف، يوم أن كان وزيرا ومقرّبًا للراحل هواري بومدين.
لقد حدث أن الرئيس الراحل هواري بومدين اغتاظ ذات مرّة بعد ما قرأ قصة " الزنجية والضابط "للروائي المرحوم الطاهر وطّار، وطلب من أحمد طالب الإبراهيمي بصفته وزيرًا للإعلام والثقافة أن يردّ الطاهر وطّار إلى جادّة الصواب.
فكان ردّ الدكتور الإبراهيمي ردّ الرجل المثقف، لا ردّ الوزير :
« إن رقابة الدولة على الأعمال الأدبية والفنية ينتهي بها الأمر دائمًا، وأبدًا إلى أن تنعكس آثارها سلبيا عليها.أنظرْ إلى ما حدث في مصر عندما أريد منع كتاب علي عبد الرازق" الإسلام وأصول الحكم " وإلى ما حدث في فرنسا عندما أريد محاكمة " أزاهير الشرّ" و " مدام بوفاري"
لم يقلّلْ ذلك أبدا من شأن علي عبد الرازق، ولم يمنع بودلير، وفلوبير من أن يُعتبر الأولُ منهما أكبر شاعر، والثاني أكبر روائي في فرنسا، وأرجوك أن تُصدّقَ بأنه بعد ثلاثين سنة، فإن قليلاً من الجزائريين سيتذكّرون أسماء الوزراء الحاليين، بل على العكس من ذلك سوف يواصل الناس قراءة روايات الطاهر وطّار، والإعجاب بلوحات الفنان محمد راسم، وترديد أغاني المطرب رابح درياسة؛ وفي النهاية فإن الفنون والآداب هي الوحيدة القادرة على قهْر الموت.»(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الأستاذ: صالح السعيدي. مذكرات جزائري.



#بشير_خلف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب الديني بين الغلوّ والاعتدال
- نعمة الطبيعة وجمالها
- الفنون الجميلة من رؤى إسلامية
- المبدع ومحنة الامتثال
- التراث والهوية ..التماهي والتكامل
- الفيلسوف المفكر مالك بن نبي ..في ذكرى مولده ووفاته
- التنمية الثقافية ..البعد الباهت !!
- تنمية الحجر قبل تنمية البشر
- اختلف الناس في فهمهم للجمال
- متى نثمّن العلم ونوقّر العلماء؟
- لا إبداع بدون حرية
- إشكالية الحداثة في القصيدة العربية الحديثة
- الإبداع الأدبي أهو نقمة أم نعمة على مبدعه ؟
- الكتابة : متعة المعاناة في البوح والإمتاع !!
- ثقافة الطفل ليست هي التعليم
- الكتابة للطفل بين العلم والفن
- الطفولة ومعوّقات الإبداع
- ثقافة الطفل ومنجزات العصر
- الحس الجمالي ونعمة التذوّق
- مجتمعٌ مدني هشٌّ .. غيرُ مُؤثّرٍ !!


المزيد.....




- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير خلف - ..عندما تقود الثقافةُ السياسةَ