أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم موسى الحميداوي - ابن عباد الملك الاسير يبكي الفردوس المفقود















المزيد.....

ابن عباد الملك الاسير يبكي الفردوس المفقود


كاظم موسى الحميداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3149 - 2010 / 10 / 9 - 20:10
المحور: الادب والفن
    


ابن عباد الملك الأسير يبكي الفردوس المفقود
كاظم موسى الحميداوي

بعد أن تمكن طارق بن زياد من النزول بجيشه على أطراف جبل اخضر سمي باسمه إلى يومنا هذا والتقى ملك القوط (لذريق) الذي كان قائداً للجيش ودارت معركة ضارية انتصر فيها طارق بن زياد وهزم أعدائه شر هزيمة تمكن على أثرها من فتح بلاد الأندلس وإقامة دولة عربية هناك امتدت إلى مايقارب ثمانية قرون قسمها المؤرخون إلى ست عصور (عصر الولاة، عصر الدولة الأموية ، عصر الطوائف ، عصر الموحدين ، عصر غرناطة ) والى جانب تمتع هذه البلاد بالطبيعة الخلابة والمياه الوفيرة فإنها لم تسلم من الفتن والحروب والويلات وهذا بالتأكيد لم يثني عزيمة أبنائها الذين عرفوا بشغفهم بالشعر والأدب والموسيقى حتى برز للأدباء والنقاد مايسمى بالأدب الأندلسي الذي لا يبتعد في مضمونه عن أدب أهل المشرق ، وكان الأندلسيون ينسجون شعرهم على نمط أسلافهم الأقدمين ومعاصريهم في المشرق بل أنهم تأثروا كثيرا في الأدب الذي ساد آنذاك في العراق وبلاد الشام والجزيرة العربية فكان شعرهم وأدبهم صدى صادقا لحياة قبائل العرب في الاندلس المتمسكة بعاداتها وتقاليدها وأخلاقها ومثلها العليا التي حملتها معها من المشرق فازدهرت الحياة في الأندلس وشهدت تطوراً حضاريا ومعمارياً وثقافياً وعم الأمن والأمان في هذه البلاد التي قال عنها الشاعر :

يا أهل أندلس لله دركم ماء وظل وأشجار وانهار
ماجنة الخلد إلا في دياركم لو تخيرت هذا لكنت اختار

للأسف سرعان ما هبت ريح الفرقة ونشبت روح الفتنة وقوى التنافس بين الملوك والأمراء على السلطة وزاد الشقاق والنفاق وهذا بحد ذاته امراً طبيعياً أمام من انشغلوا بملذاتهم الدنيوية وابتعدوا عن طريق الهدايا والصلاح فتكونت دويلات صغيرة متناحرة ومتحاربة وانتشر الفساد واخذ القادة يتقاسمون المدن الكبار الأمر الذي مكن جيوش الإفرنج إن تنظر بجدية إلى إزاحة هؤلاء والسيطرة على كل ما يملكون فجهزوا حملة عسكرية اتجهت صوب إمارة الأندلس فما كان من الشعوب الأندلسية إلا أن تستنجد بملك المرابطين في المغرب( يوسف بن تاشفين) الذي لبى الدعوة وجهز حملة عسكرية استطاعت أن تلحق بجيوش الإفرنج هزيمة كبرى نالت إعجاب الأندلسيين وملوكهم إلا أن نشوة النصر لم تكن لتفارق هذا القائد فعمد إلى خلع الملوك (ملوك الطوائف) ومن بينهم المعتمد بن عباد ملك اشبيلية والذي كان أديبا وشاعرا بارعا فجاءوا به أسيرا إلى حيث دولة المرابطين في المغرب وأودعوه السجن مع عياله وعدد من رجاله وكان مكان سجنه في منطقة يقال لها (اغمأت) فأخذ هذا الملك يئن لفراق السلطة والمال والشعر والأدب والسخاء والكرم الذي لازمه وهو يحكم بلاده فحلت به التعاسة والشقاء والأسى والحسرة يعاني الغربة حتى مات سنة (488هـ) جاء في كتاب( الحلة السيراء لابن الابار )الجزء الثاني ص55 يصف ابن عباد: (كان له في الأدب باع وساع ينظم وينثر, وفي أيامه نفقت سوق الأدباء فتسابقوا إليه وتهافتوا, وشعره مدون موجود بأيدي الناس ولم يكن في ملوك الأندلس قبل اشعر منه ولا أوسع منه )يقول المعتمد بن عباد في تقلبات الدهر:

قبح الدهر فماذا صنعا كلما أعطى نفيساً نزعا
من إذا الغيث همى منهمراً أخجلته كفه فانقطعا
قل لمن يطمع في نائلة قد أزال اليأس ذاك الطمعا

ويضف حاله في الأسر والقيود تثقل كاهله وهو ذليل مسكين بعد أن كان في عز وملك وكيف تحول هذا الحديد من حاجز يمنع عنه الأعداء إلى أكبال تقيد حركته وتأسر حريته فيقول:

تبدلت من عز ظل البنود بذل الحديد وثقل القيود
وكان حديدي سناناً ذليقاً وغضباً رقيقاً صقيل الحديد
فقد صار ذاك وذا ادهما يعضُّ بساقي عضَّ الأسود


يقول ابن خالكان في وفيات الأعيان الجزء الخامس ص 35 إن بنات المعتمد بن عباد دخلن على أبيهن السجن لزيارته وكان يوم عيد وكنَّ يغزلنّ للناس لكي يسدنَّ حاجتهن من المال وكان موقع إقامتهم بالقرب من السجن حتى إن إحدى بناته غزلت صوفا لصاحب الشرطة الذي كان في يوم من الأيام في إمرة أبيها وهو في سلطانه وملكه فرآهن أبوهن في حاله يرثى لها فانشد يقول:

فيما مضى كنتَ بالأعياد مسرورا فساءك العيد في اغمأت مأسورا
ترى بناتكَ في الاطمار جائعة يغسلن للناس مايملكن قطميرا
برزنَ نحوك للتسليم خاشعة أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافيةً كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا
قد كان دهرك إن تأمره ممتثلا فردك الدهر منهيا ومأمورا
من بات بعدك في ملك يسره فإنما بات بالأحلام مغرورا

ولعل أروع ماقاله هذا الشاعر والملك الأسير حينما يرثي نفسه وهو في السجن طالبا إن تكتب هذه البيات على قبره فكتبت يقول فيها :

قبر الغريب سقاك الرائح الغادي حقا ظفرت بأشلاء ابن عباد
بالحلم بالعلم بالنعمى إذا اتصلت بالخصب إن أجدبوا بالري للصادي
نعم هو الحق وافاني به قدرٌ من السماء فوافاني لميعادي

وذكر المؤرخون إن مشهد ركوب ابن عباد وعياله السفينة التي اتجهت بهم إلى سواحل المغرب كان مؤلماً ومؤثراً تجمعت حولهم الناس وهي تبكي لرحيلهم فاثر ذلك في الشاعر( ابن ا للبانه) الذي قال:

تبكي السماء بمزن رائح غادي على البهاليل من أبناء عباد
على الجبال التي هدت قواعدها وكانت الأرض منهم ذات أوتاد
لما دنى الوقت لم تخلف له عدة وكل شي لميقات وميعاد
سارت سفائنهم والنوح يصحبها كأنها ابل يحدو بها الحادي
كم سال في الماء من دمع وكم حملت تلك القطائع من فلذات أكباد

وراحت دويلات الطوائف تتساقط الواحدة تلو الأخرى ليبدأ عصر جديد عرف بعصر المرابطين.




المصادر :
- تأريخ ابن خلدون
- الحلة السيراء لأبن الابار
- وفيات الاعيان لأبن خلكان
- مختارات من الشعر الاندلسي لشاكر الفحام



#كاظم_موسى_الحميداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة للاحتفاء باللغة العربية
- مدارسن بين الواقع والطموح
- منظمات المجتمع المدني ودورها في البناء التنموي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم موسى الحميداوي - ابن عباد الملك الاسير يبكي الفردوس المفقود