أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كريم الهزاع - الثقافة والحرية في الوطن العربي والكويت .. إلى أين ؟















المزيد.....

الثقافة والحرية في الوطن العربي والكويت .. إلى أين ؟


كريم الهزاع

الحوار المتمدن-العدد: 3145 - 2010 / 10 / 5 - 15:27
المحور: المجتمع المدني
    


الثقافة جزء مترابط مع الحالة العامة فهي انعكاس لحالة المجتمع والعوامل المختلفة التي قد تؤثر على وضعه في مستويات مختلفة . الأزمة الثقافية تولدت من أمور مختلفة فأول العناصر جاءت من التحول العالمي إلى العالم الإلكتروني ليصبح الإنسان منفصلاً بين الهوية التقليدية للقارئ والمبدع والهوية الإلكترونية الأكثر سهولة وتحرراَ. وبعد ذلك لعبت التقلبات السياسية دوراً كبيراً في التأثير السلبي على الوضع الثقافي حول العالم وفي دول العالم الثالث بشكل خاص لأن الناس فقدوا إيمانهم بالثقافة والحضارة كطريق لخلق التغيير وخضعوا لآلة البراغماتية التي تقدم الإطار المادي الجميل . حتى القادة في بلاد العالم الثالث غير مؤهلين لحماية الثقافة ويجدون أن التفاصيل الأخرى هي مشاغل ذات أهمية أكبر من الهم الثقافي .

في الحالة الكويتية ، هنالك الكثير من التفاصيل التي لعبت دوراً في تراجع الثقافة في الكويت . من الواضح جداً أننا نملك العناصر الشابة والمبدعة التي مازالت تظهر كل يوم إلا أنها لا تملك مؤسسات ترعاها سواء حكومية أو خاصة ، فالقطاع الحكومي غارق بالشكليات والبيروقراطية والخاص غير ملزم بالمساهمة في دعم الثقافة في الكويت . فرض قوانين جديدة تساعد على دعم الثقافة هو أمر لا مفر منه أثبت جدارته في المجتمعات الغربية.

وليس الثقافة وحدها تراجعت ، يبدو لي بأن مؤشر حرية الرأي والتعبير في المنطقة العربية والعالم الثالث بالذات في تراجع أيضاً بالرغم ما يشهده الإعلام في هذه المنطقة من تطور ملموس على صعيد التقنيات الاتصالية الحديثة فضلا عن البرامج الحوارية المتعددة وورش العمل المتنوعة ، على اعتبار كل ذلك بمثابة الرافعة للفعل الإعلامي العام إلا أن هناك بعض المعوقات ، لكننا سنظل نُفاخر بالبلدان العربية التي تبوأت مكانة متقدمة في مضمار حرية الصحافة حسب التقرير العالمي للحريات ، راجين أن تحذوا باقي الدول العربية الأخرى حذوها . فالجدير بالالتفات بأن بلدين كالكويت أو كلبنان وتدافعهما باتجاه الحريات المدنية ، وحرية الصحافة على وجه التحديد ، ما كان إلا انعكاس ناجز لما ينعمان به من نظام ديمقراطي متطور، بمعنى أكثر دقة ؛ إن الأثر الإعلامي الملموس ما هو إلا نتيجة للمضمون الديمقراطي المتجدد . والعكس صحيح أيضا . لكن أن يتراجع المؤشر فيعني ذلك بأن هناك إعاقة للديمقراطية ، وعطب كبير أصاب جمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني وأن حراكها بطئ في الفعل السسيولوجي و السسيوثقافي ، لذا عليها أن تنشط أكثر وتطلق صرخة " لا " بشكل أكثر قوة وفاعلية لتحافظ على هذه المكتسبات وتسعى للحصول على المزيد منها .

لقد قال غوبلز وزير الدعاية النازية أيام هتلر : " كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي" وماذا عن الآن؟ البعض ينظر لمشوار هتلر بأنه كفاح بينما هو ليس أكثر من مشوار طويل للدم مشاه هتلر بغروره ومشيته المشهورة مشية الأوزة العسكرية والعنجهية ، والتي قلدوه فيها العسكر الألمان وأعجبت موسوليني فيما بعد ، تلك المشية التي داست على القيم الأخلاقية والثقافية والانسانية وبوسائل عصره ، والآن تتم صناعة الدكتاتور في العالم بشكل متطور ، وبشكل لامرئي يتنامى ببطء وعبر مجموعة من الحبال التي تلتف حول عنق الشعب ومن أنواعها الاقتصادية وعسكرة الشعب والمواريث القبلية والدينية التي تساعد على تخدير وتنويم الشعوب بدلاً من تثويرها ، وتفريغ الآنسان من معانيه الكبيرة ، وتفليش وتفريغ كل الإيدلوجيات والنظريات والمناهج من محتواها لكي لايجد الإنسان جدار يستند عليه لكي يقول لا ، وهكذا يظل المثقف والثقافة مبهمة وعبارة عن رموز لايعيها الفرد البسيط ، وتظل للنخبة القابعة في أبراجها العاجية والتي تدور في حلقات مفرغة مما سيقودنا مستقبلاً إلى أنتكاسات ثقافية متكررة لاتحمد عقباها ، وحالة قطف وردة من كل بستان لاتجدي إذا لم نسمي الأشياء بأسماءها ، فمثلاً في أوروبا والدول الاسكندنافية الطريق واضح وضوح الشمس ليبرالية أشتراكية ومؤسسات مدنية ترعى حقوق الفرد والأقليات ، وحقوق الأنسان بشكل عام وهي أس التنوير قبل كل شيء والبرلمان هناك يعي ذلك ويفهم لغة الدساتير المتطورة .

تحضرني الآن كتابات محمد عابد الجابري من جهة ، ومن جهة أخرى كتابات محمد أركون وكلاً منهما في مجاله ، لكن مايوحدهما هو البحث عن تشخيص لتلك الانتكاسات الثقافية المتكررة والتي تعود إلى بنية العقل العربي والأسلامي وسلفيته وجموده الفكري في أستشراف النصوص وتأويلها ، أن تكرار هذا النوع من الانتكاسات يقودنا إلى العدم والنسيان وإلى وضعنا في المتحف التاريخي للفرجة علينا من قبل الآخر المتطور والمنفتح على الأفكار الجديدة ، وهذه الانتكاسات بحاجة إلى ايقافها بأسرع وقت ممكن ، وهذه المسئولية تقع على عاتق المثقف والمؤسسة الثقافية .

في الحالة الكويتية لايوجد لدينا مؤسسات ثقافية ، يوجد لدينا فقط مبان وديكورات ، وفيما يخص المثقفين فهم يعدون على أصابع اليد الواحدة ، إلا إذا أعتبرنا كل من كتب قصيدة أو قصة أو رواية أو مسرحية أو غيره من الفنون مثقف حينها سنقول لدينا مثقفين " على قفا من يشيل " ، لكن علينا أن نفرق بين المبدع والمثقف ، أن نفرق بين حرقة كلاً منهما ، دور المثقف أعلى بكثير من المبدع أو الأديب ، والمثقف أو المثقف العضوي دوره أن يدافع عن المجتمع ويجس نبضه ، بينما الآخر يدافع عن إبداعه ، عن أناه ويجس نبض نصوصه ومنشغل بهويته الكتابية أو الأبداعية الفردية أكثر من الوعي الجمعي ، هذا الوعي الذي يجعل المثقف خارج كل هذه التصنيفات ، ونعود إلى صميم الحالة ونقول بما أنه ليس هناك مؤسسات ثقافية والمثقفين يعدون على الأصابع فإذاً ليس هناك تناغم ، أو حوار من أساسه . لكن في نهاية الأمر علينا أن نهتم بالفرد ، إذ كما يقول إينشتاين " الفرد مايعوّل عليه ، بينما القطيع ليس لهم سوى أحلام العصافير " . إذ أن فعل المحسوبيات هو فعل قطيع فعلاً ، بينما الفعل الجمعي الذي يدافع عن المجتمع وقضاياه الكبرى هو خارج مفهوم القطيع وغسيل الأدمغة .

كنا سنعوّل على الصحافة في تلك القضايا ، لكن لي أن أضيف بأن الصحافة في الكويت مازالت في قبضة السلطة ومازالت هناك خطوط حمراء لم تتجاوزها ، وتكتفي بالخبر الذي يتم توزيعه على كل الصحف وينشر دون نقاش حتى وأن كان هذا الخبر كذبة كبيرة وعلى شكل نعامة تدفن رأسها بالرمل ، إلى جانب أنها لم تناقش التابوهات السياسية والدينية ، والمقدس والمسكوت عنه ، ومفهوم الديمقراطية وحقوق الإنسان بشكل جرىء ، ولم تتخلص من الوصاية بعد ، ولم تنحاز للفرد على حساب الدولة إذا ما استثنينا بعض الأقلام الجريئة وضميرها الحي ، أما فيما يخص الصحافة العربية فحدث ولاحرج إذا ما تجاوزنا الحالة اللبنانية وهي تشبه بشكل أو آخر الحالة الكويتية .

وإذا لم يتم تطوير آليات الديمقراطية وعلمنة المجتمعات وتطوير التعليم من ديني إلى نهضوي ومواكب للعصر سنظل متخلفين عن العالم الذي يقفز قفزات كبيرة نحو المدنية والحريات واحترام حقوق الإنسان والفرد والأقليات وسيأخذنا المد الأصولي إلى ثقافة الكهوف وإعاقة الفكر والعقل العربي . إذ أنه في السابق لم تُعطى مشاريع التنوير العربي الفرصة الكافية لتطوير آلياتها حيث تم تصفيتها بشكل سريع واستبدالها بمد ديني يخدم السلطة السياسية في الوطن العربي ، وبعد أين أكتشف هذا السياسي بأن هذا المد معوق رئيسي لمشاريع التنمية والحياة المدنية ، وبالرغم من كل ذلك لم يهتموا من بيدهم القرار السياسي بتلك المشاريع التنويرية والثقافية وظل كل هاجسهم هو الهاجس الاقتصادي ومحاولة تبادل الأدوار عبر سياسة فرق تسد ، إذ مرة يكون التحالف السياسي مع القبيلة ثم بعد ذلك مع الأصولي وتارة أخرى مع ديمقراطي متواطئ معها باللعبة ثم إزاحة كل هؤلاء ليتحالف مع شاهبندر التجار وتشديد القبضة على الشعوب عبر عسكرة المجتمعات .

و في ظل هكذا واقع يشعر المثقف أحياناً بحالة اللا جدوى ، و ينتابه هذا الشعور حينما لا يجد من يصغي لخطاب التنوير ، لذا عليه أن يلعب دوره كمثقف لآخر المشوار ولا يرمي بأسلحته حينما تتم محاصرته بشكل أو آخر ، وليظل الأمل يحدوه بأن التغيير آت لا محالة ، ولهذا علينا أن نتخلص من التشنجات واستعراض العضلات ودور حراس الفضيلة والأفكار ونساهم في تطوير مجتمعاتنا والدفاع عنها ، ونشر ثقافة الحوار والاعتذار والتسامح والغفران في ظل مجتمع مفتوح يقبل تلاقح الأفكار . وفعلاً نحن بحاجة لمشروع حقيقي للارتقاء بهذا العقل ، وبحاجة إلى مؤسسات مجتمع مدني حقيقية وفاعلة . فهل من منصت ؟



#كريم_الهزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي السبتي : السياب قبل حالات الهلوسة كتب رسالة وطلب مني أن ...
- المخرج المسرحي سليمان البسام : حتى المهرجانات اخترقت من قبل ...
- هل مات كرومويل ؟ فلنشنقه أذن ! ..
- وداعاً الطاهر وطار ... صرختك باقية للأبد
- عرس البغدادي
- نستولوجيا الحضور والغياب
- الجذمور والمسامرة الدولوزية النيتشوية
- مسامرة دولوزية
- مسامرة نيتشوية
- نعم .. الأرز للكويتيين فقط
- نعم صحيح يا دخيل الخليفة
- افعل للغير ما تودّ أن يفعله الغير لك
- المثقف العضوي ومعنى الضمير
- قوة الفرد في التغيير والحتمية التاريخية
- دور الفرد في التغيير والوعي الجمعي
- شهادة ميلاد للأطفال - الكويتيين البدون - وحالة الإحباط
- قوة التغيير والخلاص من قوة سطوة الجبرية الدينية
- قوة التغيير : الفرد بين فهم العالم ومعنى الضرورة
- قوة التغيير والفاعلية الواعية
- قوة التغيير.. متى تتحقق ؟ وكيف ؟


المزيد.....




- شيكاغو تخطط لنقل المهاجرين إلى ملاجئ أخرى وإعادة فتح مباني ا ...
- طاجيكستان.. اعتقال 9 مشبوهين في قضية هجوم -كروكوس- الإرهابي ...
- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كريم الهزاع - الثقافة والحرية في الوطن العربي والكويت .. إلى أين ؟