أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف علوان - ساركوزي الذي خذلته أوربا، وقف ضد الميوعة















المزيد.....


ساركوزي الذي خذلته أوربا، وقف ضد الميوعة


عارف علوان

الحوار المتمدن-العدد: 3132 - 2010 / 9 / 22 - 13:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توجد قوانين تحكم المجتمعات، تجعلها تميل إلى الدفاع عن نفسها لتحمي ما توصلت إليه من تطور بطئ، وتتنافس مع مثيلاتها للترقي به إلى مستوى واحد من التحضر، ويحدث هذا من دون وعي ولا مقصودية إلا لدى النخب التي تدرس الظاهرة، التي تخرج بالتوصيات الداعمة للمؤشرات!
كان التحضر واحداً من السمات العامة لدول أوربا، وبدت الستون سنة الأخيرة تدفع بهذا الاتجاه حثيثاً، بينما ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم التطور الأوربي بصفتها الراعية له، لاستخدامه في حربها الباردة مع الروس (الاتحاد السوفييتي آنذاك) فظهرت منظمات حقوق الإنسان، كجزء من تلك الحرب، وجزء من المجتمع المدني، لحماية ذلك التطور وعدم الإخلال بمقوماته، وكان التطوع أساس العمل فيها.
بعد انتهاء الحرب الباردة، كثرت وتشعبت منظمات حقوق الإنسان وبدأت نفسها الإخلال بمفهوم التحضر. أصبحت مؤسسات ضخمة تدفع الرواتب الكبيرة لمستخدميها، وراحت تختلق الأسباب لأداء واجباتها.
الآن، وفي ظل تشعب منظمات حقوق الإنسان وانقلابها على مبادئها الأساسية، وتزاحمها على قضايا لا تعنيها، ظهرت مشكلتان انقسم العالم حولهما، وبدأ النظر إليهما بعين تفتقر الموضوعية والإنصاف، هما الإرهاب الإسلامي، ثم برزت قضية الغجر الرومان، فقد أساءت منظمات حقوق الإنسان إلى مفهوم الدين ومفهوم المواطنة في بحثها عن قضايا جانبية تعطي الحق لنفسها في تولي الدفاع عنها، فأخفقت في ذلك، وأعطت مردوداً سلبياً انعكس على الأصول القانونية لتلك القضايا، ووجهت الرأي العام في أوربا وأمريكا ليغدو ضدها.
لعل انبعاث الأحزاب اليمينية، التي كانت مجرد أفكار تدور في أذهان الأفراد لا يجرؤن البوح بها منذ اندحار النازية والفاشية في الحرب الثانية هي واحدة من تلك السلبيات الخطيرة التي قادت إليها تصرفات منظمات حقوق الإنسان غير المسؤولة، والمستفزة لمشاعر أعداد كبيرة من الناس، تراكمت لديهم الانفعالات والمخاوف على حقوقهم ولفترة طويلة، ثم تبلورت في أصوات واحدة عبّر عنها اليمين، ثم اليمين المتشدد، كما هي الحال في هولندا، وبلجيكا، والسويد وبريطانيا، ودول أخرى سيظهر فيها الصوت الواحد الجديد، ليكتسح في طريقه التساهل والتسامح الذي اتسم به الغرب!
ربما تكون للغجر طبيعة متشردة، بكل ما يلحق بالتشرد من عادات قبيحة تمجها المجتمعات المتحضرة، حمل في النهاية الرئيس الفرنسي ساركوزي على اتخاذ قرار بإعادتهم إلى بلدانهم لأنهم يرفضون الانخراط في هيئات مدنية منضبطة، فتكون بذلك قضيتهم قابلة لنقاش يشترط فيه أن يكون متوازناً، إلا أن دفاع منظمات حقوق الإنسان عن سجناء الإرهاب الإسلامي، والمطالبة لهم بحقوق متساوية مع المواطنين في الغرب، رغم أنهم خارجين على القانون، ويهددون الناس بحياتهم، هو الأمر الذي جعل الغربيين يتساءلون في النهاية: كيف أرفع من يهدد حياتي بالخطر ويختبئ في بلدي، الذي استضافه، يتحين الفرص، إلى مستوى المظلومية؟
لقد طالبت المنظمات المذكورة بمعاملة سجناء كوانتانامو كسجناء رأي، ومحاكمتهم في دوائر قضاء مدنية، ثم راحت تعارض نقلهم إلى سجون في أوربا، وتدعو لهم بالحقوق التي تضمنها العدالة للسجناء المدنيين، وهي تعرف أن البعض ممن أطلق سراحه عاد إلى ساحات الإرهاب من جديد، وإنهم يمثلون خطراً حتى على الدول الإسلامية ويرفضون الرأي الآخر، ويهتفون من وراء القضبان، وهم يحملون القرآن، الله أكبر، الله أكبر!
ولم تكتف بهذا، بل وقفت مع الإرهابيين الذين قاموا، أو قبض عليهم يقومون بتفجيرات شنيعة في قطارات الأنفاق ببعض دول أوربا، وراحت تدقق في الإجراءات القانونية التي أحيل بموجبها ممن قبض عليهم متلبسون بالإرهاب، وطالبت لهم بمحاميين غير حكوميين باعتبار صوت هؤلاء المجرمين غير مسموع! بينما كانت الجماعات المؤيدة لهم تعلن فيما يشبه الصراخ في الإذاعات والصحف الأوربية
أنهم يردون بالتفجيرات على احتلال أفغانستان والعراق من قبل الغرب، وظل الأوربيين يسمعون هذا الهراء غير مصدقين، ولكنه أصبح يقترب من حياتهم، ويهدد الحرية الفردية التي اعتادوا عليها، لأن الحكومات بدأت تحاصر الناس بقوانين المراقبة (الفيديو) وتسمح لنفسها بالتدخل في شؤونهم الخاصة تحت ذريعة وجود الإرهاب!
أكثر من هذا، سمعنا عن منظمات منضوية تحت لافتة السلام في الشرق الأوسط، (كارنيجي)* على سبيل المثال لا الحصر، تتدخل باسم الديمقراطية للدفاع عن الجماعات الإسلامية، وهي المصدر الرئيسي للإرهاب، وتطالب بمساواتهم بالمواطنين العاديين في حق المعارضة وخوض الانتخابات البرلمانية، وتراهن، بعد تجربة حماس السيئة الصيت في غزة، على ديمقراطية الإخوان المسلمين في مصر، وبذلك تهدد استقرار بعض الدول الكبيرة!
هناك حقيقة تعرفها الأحزاب الاشتراكية في أوربا، وتعظ إصبعها ندماً، وهي أنها استمالت الإسلاميين وبنت لهم الجوامع والجمعيات بأموال دافعي الضرائب، وتجاهلت ردود أفعال المواطنين الأصليين وشكاواهم عن وجود أغراب يهددون بإشاعة تقاليدهم وعاداتهم المتخلفة في مجمعات منفتحة، ولم ينتبه الاشتراكيون إلا بعد فوات الأوان، وفقط حين تساقطت بعض قوائمهم في الانتخابات، وفي الواقع تمثل هذه النتائج التحولات المنتظرة الأولى، وهي مقدمة للأسوأ!!
إن غالبية المسلمين المقيمين في أوربا وأمريكا واستراليا لا ينتبهون إلى التطورات السابقة، فهي تمر عليهم وهم في غفلة من أمرهم، منشغلون بأمور الحجاب والنقاب والمساجد ليبقوا في قلب الأوطان الأصلية التي تركوها وجاءوا يبحثون عن العيش الكريم في دول الغرب، من دون أن يعطوا هذه الدول حقها في المواطنة، أكثر من ذلك جهلهم بالدوافع السياسية التي تقف وراء شعارات مثل حق المرأة في ارتداء النقاب والحجاب، وزيادة أعداد الجوامع لتساوي الكنائس في بلدان مسيحية يمثل مواطنوها الأغلبية، لكن ما إن تضجر تلك الدول من البالغة في البطر الإسلامي المتخلف، ويشددون الخناق عليهم حتى يبدأ الصراخ والعويل، ويومها لن يجدوا المدافعين التقليدين عنهم، لا الاشتراكيين ولا منظمات حقوق الإنسان، لأن الزمن سيتجاوزهما وبلا عودة!
* انظر مقالنا عن كارنيجي: http://www.arifalwan.com/study01.htm
___________
للمزيد راجع: http://www.arif-alwan.blogspot.com//







ساركوزي الذي خذلته أوربا، وقف ضد الميوعة
توجد قوانين تحكم المجتمعات، تجعلها تميل إلى الدفاع عن نفسها لتحمي ما توصلت إليه من تطور بطئ، وتتنافس مع مثيلاتها للترقي به إلى مستوى واحد من التحضر، ويحدث هذا من دون وعي ولا مقصودية إلا لدى النخب التي تدرس الظاهرة، التي تخرج بالتوصيات الداعمة للمؤشرات!
كان التحضر واحداً من السمات العامة لدول أوربا، وبدت الستون سنة الأخيرة تدفع بهذا الاتجاه حثيثاً، بينما ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم التطور الأوربي بصفتها الراعية له، لاستخدامه في حربها الباردة مع الروس (الاتحاد السوفييتي آنذاك) فظهرت منظمات حقوق الإنسان، كجزء من تلك الحرب، وجزء من المجتمع المدني، لحماية ذلك التطور وعدم الإخلال بمقوماته، وكان التطوع أساس العمل فيها.
بعد انتهاء الحرب الباردة، كثرت وتشعبت منظمات حقوق الإنسان وبدأت نفسها الإخلال بمفهوم التحضر. أصبحت مؤسسات ضخمة تدفع الرواتب الكبيرة لمستخدميها، وراحت تختلق الأسباب لأداء واجباتها.
الآن، وفي ظل تشعب منظمات حقوق الإنسان وانقلابها على مبادئها الأساسية، وتزاحمها على قضايا لا تعنيها، ظهرت مشكلتان انقسم العالم حولهما، وبدأ النظر إليهما بعين تفتقر الموضوعية والإنصاف، هما الإرهاب الإسلامي، ثم برزت قضية الغجر الرومان، فقد أساءت منظمات حقوق الإنسان إلى مفهوم الدين ومفهوم المواطنة في بحثها عن قضايا جانبية تعطي الحق لنفسها في تولي الدفاع عنها، فأخفقت في ذلك، وأعطت مردوداً سلبياً انعكس على الأصول القانونية لتلك القضايا، ووجهت الرأي العام في أوربا وأمريكا ليغدو ضدها.
لعل انبعاث الأحزاب اليمينية، التي كانت مجرد أفكار تدور في أذهان الأفراد لا يجرؤن البوح بها منذ اندحار النازية والفاشية في الحرب الثانية هي واحدة من تلك السلبيات الخطيرة التي قادت إليها تصرفات منظمات حقوق الإنسان غير المسؤولة، والمستفزة لمشاعر أعداد كبيرة من الناس، تراكمت لديهم الانفعالات والمخاوف على حقوقهم ولفترة طويلة، ثم تبلورت في أصوات واحدة عبّر عنها اليمين، ثم اليمين المتشدد، كما هي الحال في هولندا، وبلجيكا، والسويد وبريطانيا، ودول أخرى سيظهر فيها الصوت الواحد الجديد، ليكتسح في طريقه التساهل والتسامح الذي اتسم به الغرب!
ربما تكون للغجر طبيعة متشردة، بكل ما يلحق بالتشرد من عادات قبيحة تمجها المجتمعات المتحضرة، حمل في النهاية الرئيس الفرنسي ساركوزي على اتخاذ قرار بإعادتهم إلى بلدانهم لأنهم يرفضون الانخراط في هيئات مدنية منضبطة، فتكون بذلك قضيتهم قابلة لنقاش يشترط فيه أن يكون متوازناً، إلا أن دفاع منظمات حقوق الإنسان عن سجناء الإرهاب الإسلامي، والمطالبة لهم بحقوق متساوية مع المواطنين في الغرب، رغم أنهم خارجين على القانون، ويهددون الناس بحياتهم، هو الأمر الذي جعل الغربيين يتساءلون في النهاية: كيف أرفع من يهدد حياتي بالخطر ويختبئ في بلدي، الذي استضافه، يتحين الفرص، إلى مستوى المظلومية؟
لقد طالبت المنظمات المذكورة بمعاملة سجناء كوانتانامو كسجناء رأي، ومحاكمتهم في دوائر قضاء مدنية، ثم راحت تعارض نقلهم إلى سجون في أوربا، وتدعو لهم بالحقوق التي تضمنها العدالة للسجناء المدنيين، وهي تعرف أن البعض ممن أطلق سراحه عاد إلى ساحات الإرهاب من جديد، وإنهم يمثلون خطراً حتى على الدول الإسلامية ويرفضون الرأي الآخر، ويهتفون من وراء القضبان، وهم يحملون القرآن، الله أكبر، الله أكبر!
ولم تكتف بهذا، بل وقفت مع الإرهابيين الذين قاموا، أو قبض عليهم يقومون بتفجيرات شنيعة في قطارات الأنفاق ببعض دول أوربا، وراحت تدقق في الإجراءات القانونية التي أحيل بموجبها ممن قبض عليهم متلبسون بالإرهاب، وطالبت لهم بمحاميين غير حكوميين باعتبار صوت هؤلاء المجرمين غير مسموع! بينما كانت الجماعات المؤيدة لهم تعلن فيما يشبه الصراخ في الإذاعات والصحف الأوربية
أنهم يردون بالتفجيرات على احتلال أفغانستان والعراق من قبل الغرب، وظل الأوربيين يسمعون هذا الهراء غير مصدقين، ولكنه أصبح يقترب من حياتهم، ويهدد الحرية الفردية التي اعتادوا عليها، لأن الحكومات بدأت تحاصر الناس بقوانين المراقبة (الفيديو) وتسمح لنفسها بالتدخل في شؤونهم الخاصة تحت ذريعة وجود الإرهاب!
أكثر من هذا، سمعنا عن منظمات منضوية تحت لافتة السلام في الشرق الأوسط، (كارنيجي)* على سبيل المثال لا الحصر، تتدخل باسم الديمقراطية للدفاع عن الجماعات الإسلامية، وهي المصدر الرئيسي للإرهاب، وتطالب بمساواتهم بالمواطنين العاديين في حق المعارضة وخوض الانتخابات البرلمانية، وتراهن، بعد تجربة حماس السيئة الصيت في غزة، على ديمقراطية الإخوان المسلمين في مصر، وبذلك تهدد استقرار بعض الدول الكبيرة!
هناك حقيقة تعرفها الأحزاب الاشتراكية في أوربا، وتعظ إصبعها ندماً، وهي أنها استمالت الإسلاميين وبنت لهم الجوامع والجمعيات بأموال دافعي الضرائب، وتجاهلت ردود أفعال المواطنين الأصليين وشكاواهم عن وجود أغراب يهددون بإشاعة تقاليدهم وعاداتهم المتخلفة في مجمعات منفتحة، ولم ينتبه الاشتراكيون إلا بعد فوات الأوان، وفقط حين تساقطت بعض قوائمهم في الانتخابات، وفي الواقع تمثل هذه النتائج التحولات المنتظرة الأولى، وهي مقدمة للأسوأ!!
إن غالبية المسلمين المقيمين في أوربا وأمريكا واستراليا لا ينتبهون إلى التطورات السابقة، فهي تمر عليهم وهم في غفلة من أمرهم، منشغلون بأمور الحجاب والنقاب والمساجد ليبقوا في قلب الأوطان الأصلية التي تركوها وجاءوا يبحثون عن العيش الكريم في دول الغرب، من دون أن يعطوا هذه الدول حقها في المواطنة، أكثر من ذلك جهلهم بالدوافع السياسية التي تقف وراء شعارات مثل حق المرأة في ارتداء النقاب والحجاب، وزيادة أعداد الجوامع لتساوي الكنائس في بلدان مسيحية يمثل مواطنوها الأغلبية، لكن ما إن تضجر تلك الدول من البالغة في البطر الإسلامي المتخلف، ويشددون الخناق عليهم حتى يبدأ الصراخ والعويل، ويومها لن يجدوا المدافعين التقليدين عنهم، لا الاشتراكيين ولا منظمات حقوق الإنسان، لأن الزمن سيتجاوزهما وبلا عودة!
* انظر مقالنا عن كارنيجي: http://www.arifalwan.com/study01.htm
___________
للمزيد راجع: http://www.arif-alwan.blogspot.com//
ساركوزي الذي خذلته أوربا، وقف ضد الميوعة
توجد قوانين تحكم المجتمعات، تجعلها تميل إلى الدفاع عن نفسها لتحمي ما توصلت إليه من تطور بطئ، وتتنافس مع مثيلاتها للترقي به إلى مستوى واحد من التحضر، ويحدث هذا من دون وعي ولا مقصودية إلا لدى النخب التي تدرس الظاهرة، التي تخرج بالتوصيات الداعمة للمؤشرات!
كان التحضر واحداً من السمات العامة لدول أوربا، وبدت الستون سنة الأخيرة تدفع بهذا الاتجاه حثيثاً، بينما ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم التطور الأوربي بصفتها الراعية له، لاستخدامه في حربها الباردة مع الروس (الاتحاد السوفييتي آنذاك) فظهرت منظمات حقوق الإنسان، كجزء من تلك الحرب، وجزء من المجتمع المدني، لحماية ذلك التطور وعدم الإخلال بمقوماته، وكان التطوع أساس العمل فيها.
بعد انتهاء الحرب الباردة، كثرت وتشعبت منظمات حقوق الإنسان وبدأت نفسها الإخلال بمفهوم التحضر. أصبحت مؤسسات ضخمة تدفع الرواتب الكبيرة لمستخدميها، وراحت تختلق الأسباب لأداء واجباتها.
الآن، وفي ظل تشعب منظمات حقوق الإنسان وانقلابها على مبادئها الأساسية، وتزاحمها على قضايا لا تعنيها، ظهرت مشكلتان انقسم العالم حولهما، وبدأ النظر إليهما بعين تفتقر الموضوعية والإنصاف، هما الإرهاب الإسلامي، ثم برزت قضية الغجر الرومان، فقد أساءت منظمات حقوق الإنسان إلى مفهوم الدين ومفهوم المواطنة في بحثها عن قضايا جانبية تعطي الحق لنفسها في تولي الدفاع عنها، فأخفقت في ذلك، وأعطت مردوداً سلبياً انعكس على الأصول القانونية لتلك القضايا، ووجهت الرأي العام في أوربا وأمريكا ليغدو ضدها.
لعل انبعاث الأحزاب اليمينية، التي كانت مجرد أفكار تدور في أذهان الأفراد لا يجرؤن البوح بها منذ اندحار النازية والفاشية في الحرب الثانية هي واحدة من تلك السلبيات الخطيرة التي قادت إليها تصرفات منظمات حقوق الإنسان غير المسؤولة، والمستفزة لمشاعر أعداد كبيرة من الناس، تراكمت لديهم الانفعالات والمخاوف على حقوقهم ولفترة طويلة، ثم تبلورت في أصوات واحدة عبّر عنها اليمين، ثم اليمين المتشدد، كما هي الحال في هولندا، وبلجيكا، والسويد وبريطانيا، ودول أخرى سيظهر فيها الصوت الواحد الجديد، ليكتسح في طريقه التساهل والتسامح الذي اتسم به الغرب!
ربما تكون للغجر طبيعة متشردة، بكل ما يلحق بالتشرد من عادات قبيحة تمجها المجتمعات المتحضرة، حمل في النهاية الرئيس الفرنسي ساركوزي على اتخاذ قرار بإعادتهم إلى بلدانهم لأنهم يرفضون الانخراط في هيئات مدنية منضبطة، فتكون بذلك قضيتهم قابلة لنقاش يشترط فيه أن يكون متوازناً، إلا أن دفاع منظمات حقوق الإنسان عن سجناء الإرهاب الإسلامي، والمطالبة لهم بحقوق متساوية مع المواطنين في الغرب، رغم أنهم خارجين على القانون، ويهددون الناس بحياتهم، هو الأمر الذي جعل الغربيين يتساءلون في النهاية: كيف أرفع من يهدد حياتي بالخطر ويختبئ في بلدي، الذي استضافه، يتحين الفرص، إلى مستوى المظلومية؟
لقد طالبت المنظمات المذكورة بمعاملة سجناء كوانتانامو كسجناء رأي، ومحاكمتهم في دوائر قضاء مدنية، ثم راحت تعارض نقلهم إلى سجون في أوربا، وتدعو لهم بالحقوق التي تضمنها العدالة للسجناء المدنيين، وهي تعرف أن البعض ممن أطلق سراحه عاد إلى ساحات الإرهاب من جديد، وإنهم يمثلون خطراً حتى على الدول الإسلامية ويرفضون الرأي الآخر، ويهتفون من وراء القضبان، وهم يحملون القرآن، الله أكبر، الله أكبر!
ولم تكتف بهذا، بل وقفت مع الإرهابيين الذين قاموا، أو قبض عليهم يقومون بتفجيرات شنيعة في قطارات الأنفاق ببعض دول أوربا، وراحت تدقق في الإجراءات القانونية التي أحيل بموجبها ممن قبض عليهم متلبسون بالإرهاب، وطالبت لهم بمحاميين غير حكوميين باعتبار صوت هؤلاء المجرمين غير مسموع! بينما كانت الجماعات المؤيدة لهم تعلن فيما يشبه الصراخ في الإذاعات والصحف الأوربية
أنهم يردون بالتفجيرات على احتلال أفغانستان والعراق من قبل الغرب، وظل الأوربيين يسمعون هذا الهراء غير مصدقين، ولكنه أصبح يقترب من حياتهم، ويهدد الحرية الفردية التي اعتادوا عليها، لأن الحكومات بدأت تحاصر الناس بقوانين المراقبة (الفيديو) وتسمح لنفسها بالتدخل في شؤونهم الخاصة تحت ذريعة وجود الإرهاب!
أكثر من هذا، سمعنا عن منظمات منضوية تحت لافتة السلام في الشرق الأوسط، (كارنيجي)* على سبيل المثال لا الحصر، تتدخل باسم الديمقراطية للدفاع عن الجماعات الإسلامية، وهي المصدر الرئيسي للإرهاب، وتطالب بمساواتهم بالمواطنين العاديين في حق المعارضة وخوض الانتخابات البرلمانية، وتراهن، بعد تجربة حماس السيئة الصيت في غزة، على ديمقراطية الإخوان المسلمين في مصر، وبذلك تهدد استقرار بعض الدول الكبيرة!
هناك حقيقة تعرفها الأحزاب الاشتراكية في أوربا، وتعظ إصبعها ندماً، وهي أنها استمالت الإسلاميين وبنت لهم الجوامع والجمعيات بأموال دافعي الضرائب، وتجاهلت ردود أفعال المواطنين الأصليين وشكاواهم عن وجود أغراب يهددون بإشاعة تقاليدهم وعاداتهم المتخلفة في مجمعات منفتحة، ولم ينتبه الاشتراكيون إلا بعد فوات الأوان، وفقط حين تساقطت بعض قوائمهم في الانتخابات، وفي الواقع تمثل هذه النتائج التحولات المنتظرة الأولى، وهي مقدمة للأسوأ!!
إن غالبية المسلمين المقيمين في أوربا وأمريكا واستراليا لا ينتبهون إلى التطورات السابقة، فهي تمر عليهم وهم في غفلة من أمرهم، منشغلون بأمور الحجاب والنقاب والمساجد ليبقوا في قلب الأوطان الأصلية التي تركوها وجاءوا يبحثون عن العيش الكريم في دول الغرب، من دون أن يعطوا هذه الدول حقها في المواطنة، أكثر من ذلك جهلهم بالدوافع السياسية التي تقف وراء شعارات مثل حق المرأة في ارتداء النقاب والحجاب، وزيادة أعداد الجوامع لتساوي الكنائس في بلدان مسيحية يمثل مواطنوها الأغلبية، لكن ما إن تضجر تلك الدول من البالغة في البطر الإسلامي المتخلف، ويشددون الخناق عليهم حتى يبدأ الصراخ والعويل، ويومها لن يجدوا المدافعين التقليدين عنهم، لا الاشتراكيين ولا منظمات حقوق الإنسان، لأن الزمن سيتجاوزهما وبلا عودة!
* انظر مقالنا عن كارنيجي: http://www.arifalwan.com/study01.htm
___________
للمزيد راجع: http://www.arif-alwan.blogspot.com//



#عارف_علوان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد سعيد ناود، الصامت الذي حفزني على كتابة الرواية
- عبد الرحمن الراشد، الشخصية المنفتحة التي ضاقت بها الوهابية
- تيري جونز والتهديد بحرق القرآن!
- المنَقَبون العرب، وأصحاب الجدائل اليهود، رفضوا السلام!
- هارت، وتقديم النصوص مجاناً على الإنترنت
- سيارة تمشي بطاقة الإنسان الذي يركبها
- عن باكستان، قل الحقيقة كلها، أو اخرسْ
- ماذا لو قام جهادي تركي بعملية إرهابية في الغرب!
- التسامح والإرهاب
- سوريا طلبت التخلص من الحريري، وحزب الله نفذ، وبدأ الخلاف باغ ...
- لا تقتربوا من الروح المعنوية في سوريا
- لماذا يبقى بلير مبعوثاً للجنة الرباعية بعد أن لطخت الشبهات ا ...
- دبي والفايننشال تايمز: بوابة إعادة التصدير لإيران
- الحلّ الذي ينهي مشكلة حماس
- حزب الله وتصريحات البطريرك صفير
- تخيلوا أن تسلم طهران إلى حزب الله أو حماس صاروخاً نووياً!
- تركيا تكشف عن وجهها الأصولي
- ارفعوا الحصار، وسنرى من الخاسر!
- اوباما يعترف بأنه أحرق أصابعه في الشرق الأوسط
- السعوديات بحاجة إلى ثورة على هيئة الأمر بالمعروف


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الطائرة الصينية التي أسقطت الرافال الفرنسية في ...
- الفلسطينيون يهجرون منازلهم قسرًا بعد هدم مبانٍ في مخيم نور ش ...
- من طالبة في معهد تعليمي إلى البرقع الأفغاني.. قصة ميرا الغام ...
- حلفاء كييف الأوروبيون يوافقون على إنشاء محكمة لمحاكمة بوتين ...
- 8 عقود على انتهاء الحرب: هل تترك واشنطن أوروبا في مهب بوتين؟ ...
- سوريا.. تغريدة وزير الطاقة حول اتفاق مع تركيا تثير تفاعلا
- -واشنطن بوست-: حضور زعماء الدول عرض النصر في موسكو يمثل فشلا ...
- ترحيب حار وحديث بين السيسي وشي جين بينغ في موسكو
- المغرب.. مقتل 9 أشخاص بانهيار مبنى سكني في مدينة فاس
- حتى لو استسلموا أبيدوهم!


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف علوان - ساركوزي الذي خذلته أوربا، وقف ضد الميوعة