أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نقولا الزهر - مجلة الهلال المصرية بين اليوم والأمس














المزيد.....

مجلة الهلال المصرية بين اليوم والأمس


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 09:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مجلة الهلال المصرية بين اليوم والأمس
نقولا الزهر
بين فترة وأخرى، لا أنسى على الإطلاق أن أمر على أعداد قديمة من مجلة الهلال المصرية كنت قد اقتنيتها في ستينات القرن الماضي. ففي تلك الفترة كنت أقرأ هذه المجلة بشغف شديد وألتهمها كما يقولون من الجلدة إلى الجلدة، لكونها مجلة منوعات وثقافة عامة بامتياز، فيها من السياسة والفكر والأدب والتاريخ والفن. وكانت المجلة بالفعل كما كتب على غلافها : "موسوعة الآداب والفنون الشعبية".
في الأسبوع الماضي، تناولت صدفة العدد السابع/ الصادر في تموز من عام 1968، وقد استرعى انتباهي غلافه. الغلاف الأول كان تفصيلاً من لوحة للفنان الإيطالي انجولو برونزينو(1502-1572)، تصور قبلة رائعة بين فينوس وكيوبيد. وعلى الغلاف الأخير كامل لوحة الفنان برونزينو ويظهر فيها كيوبيد وفينوس عاريين بكامل تفاصيلهما الإنسانية الجميلة. وطبعا لا يمكن أن يصدِّقَ واحد من الأجيال الجديدة أن مثل هذا المشهد كان يمكن أن ينشر على غلاف مجلة مصرية في تلك الفترة، وخاصة حينما يسمع الآن بعد نصف قرن أن بعض التماميين، وما أكثرهم في هذه الأيام، قد رفع دعوى قضائية يطالب فيها السلطة المصرية بمنع طباعة ونشر الموسوعة العربية الأدبية (ألف ليلة وليلة) بحجة أنها تحوي الكثير من الفحش والقصص والمشاهد المنافية للأخلاق والعادات والتقاليد الإسلامية!!!
لكن ما دفعني أكثر إلى الكتابة عن مجلة (الهلال المصرية) التي أسسها جرجي زيدان عام 1892، مقال في العدد السابع ذاته بعنوان "الدين والفن والجنس" للكاتب محمود الشرقاوي الذي كان أحد كتابها في تلك الفترة. يعلق هذا الكاتب في مقاله على مقالٍ آخر للدكتورة (سهير القلماوي) عن الفن والجنس نشر في العدد الرابع في أبريل من العام ذاته، يشكر الكاتبة على مقالها لكونه موضوعاً يشغل إلى حد كبير أذهان الكتاب بشؤون التربية والشباب في العالم كله.
يقول محمود الشرقاوي: "لقد أحسنت الدكتورة سهير القلماوي حينما استشهدت بسماحة الفكر والحرية في الأداء عند أسلافنا من الفاقهين والعلماء حين كانوا يفرقون بين الدين والفن(والأدب جزء منه). وتستشهد الدكتورة سهير دفاعاً عن هذا الفرق بالناقد وعالم اللغة المشهور (عبد القادر الجرجاني) الذي يقول: " لو كانت الديانة عاراً على الشعر، وكان سوء الاعتقاد سبباً لتأخر الشاعر، لوجب أن يمحى اسم أبي النواس من الدواوين... ولكن الأمر متباين والدين بمعزل عن الشعر". وهذا ما أكده بقوة فيما بعد طه حسين حينما دعا إلى الفصل بين العلم والدين وكذلك بين الدين والأدب.
ثم يقول محمود الشرقاوي: "من يقرأ شعر أبي النواس، ورسالة الجاحظ "المفاخرة بين الجواري والغلمان" يدرك إلى أي مدى كان أجدادنا المسلمون قبل ألف عام أو أكثر، حينما كانوا أصحاء وأقوياء، يؤمنون بكلمة الجرجاني هذه: الدين بمعزل عن الشعراء وأن الشعر لون من ألوان الفن.
وبعد ذلك ينتقل الكاتب ليتكلم على فيلسوف المعرة (أبو العلاء) الذي بلغ في شعره، وخاصة في "لزوم مالا يلزم"، شوطاً بعيداً في شكه وجرأته؛ فيقول: "رغم إمعانه وشططه في الشك نجد الناس والعلماء يحفظون شعره هذا ويتداولونه ويتدارسونه ونجد صاحبه عزيز المكانة بارز الصدارة وافر الحرمة عند أهل عصره". ويستشهد بما قاله ناصر خسرو الرحالة الفارسي: "كان في المعرة يوم زرتها رجل اسمه ابو العلاء المعري، ومع أنه أعمى فهو سيد مدينته".ويقال ان المعري لما مات مشت في جنازته جموع غفيرة، وقام على رثائه أربعة وثمانون شاعراً.
وفي الوقت الذي نرى في أيامنا فتاوى غريبة حول إرضاع الكبير، أو حرمان المرأة من النوم قرب الجدار لأنه مذكر، أو اعتبار كامل جسد المرأة من شعر رأسها إلى أصابع قدميها عورة بالتمام والكمال، يكلمنا محمود الشرقاوي في مقاله المنشور في تموز 1968، نقلاً عن منصور رجب أستاذ الأخلاق في كلية أصول الدين الذي سمع بدوره الأستاذ (محمد عمران الزغواني) وهو من كبار جامعة الزيتونة في تونس وهو يلقي محاضرة موضوعها "أدب المسألة الجنسية". ويقول منصور رجب أن المحاضرة كان يسمعها الرجال والنساء معاً، وأن هذا العالم الكبير في جامعة الزيتونة لم يكن يلامس المسألة الجنسية من أطرافها وإنما يتكلم بكل صراحة في أداب الفراش والخلوة بين الزوجين بكل تفاصيلها ...
يبدو من هذا العرض أن أسلافنا كانوا أكثر رحمة وسماحة من علماء وفقهاء هذه الأيام، وأنهم أكثر قدرة على الفصل بين الدين من جهة والأدب والفن والجنس من جهة أخرى. وهذا دفعني لأن أؤكد مجدداً نقطة منهجية هامة وهي أن السلفية والأصولية مفهومان مفارقان للتمامية. فهنالك أسلاف لا يزال منتوجهم الفكري راهناً، وهنالك أصول قديمة لا تزال واقعية وعقلانية رغم قدمها؛ أما التماميون(Integrstes) فهم لا عقلانيون ومتطرفون سواء كانوا يعيشون في الماضي أو معاصرين، و القضية هنا تتعلق بمنهج التماميين القائم على عبادة النص وتقديسه بكامله وتمامه دون زيادة أو نقصان؛ وهم لا يقبلون له نقداً ولا تأويلاً ولا تبديلاً. وفي نظرهم أهم جريمة ارتكبها نصر حامد أبو زيد هي نظرته الجديدة إلى النص المقدس باعتباره نصاً لغويا يمكن إعادة قراءته وتأويله مع تغيرات المكان والزمان. والتهمة التكفيرية ذاتها كانت قد وجهت للمفكر الجزائري محمد أركون الذي رحل منذ يومين، الذي يركز دائماً على مشروعية إعادة قراءة النص المقدس ومفاعلته مع الواقع المتغير زماناً ومكاناً.
دمشق في 18/9/2010



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغطية وجه المرأة في سورية... بين ماضٍ وحاضر
- نصر حامد أبوزيد وتراب الغرباء
- خنق إسرائيل للسلام واحتدام الصراع على تعبئة الفراغ العربي
- حجر الزاوية لدى نصر حامد أبوزيد الحرية وفتح الشبابيك
- كل تحديد نفي
- من حكايا الطب
- قُرَنٌ شهيدة
- عن السادس من أيار وخابية النبيذ واستطرادات من الذاكرة
- ثقافة الكم والحجوم
- التنوع الديموغرافي موضوعة اجتماعية والطائفية موضوعة سياسية؟. ...
- ايديولوجيا اليونيفورم تحيل إلى التفكك والتأخر
- الوضع في اليمن بين مسؤولية النظام والتدخل الإقليمي
- هل من فرق بين الأصولية والتمامية؟
- الحوار المتمدن إناء فسيح للثقافة والتقدم
- بقايا صور من الحياة اليومية 3/النول
- إلغاء الآخر... لا يقتصر على دين أو مذهب بعينه
- قراءة في رواية أسلاف/لزميل السجن الدكتور خالد الناصر
- حول العودات الفكرية وإعادة التأسيس ونفي النفي
- الحريات والحقوق حجر الزاوية في احتجاجات طهران
- مداخلة في العامية السورية(1)


المزيد.....




- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف هدف حيوي صهيوني ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن قصفها هدفا حيويا في إيلات ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف هدف حيوي إسرائيل ...
- استقالة -مدوّية- لموظفة يهودية بإدراة بايدن لدعمه إسرائيل
- المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: منع الرموز الدينية بالمدارس ...
- -إف بي آي- يستجوب -مؤرخا يهوديا-!
- الفيلسوف الإيطالي أندريا زوك: الحرب على غزة وصمة عار والإسلا ...
- الكنيسة الأرثوذكسية الروسية تعلق على اتهام وزير الداخلية الإ ...
- دولة إسلامية أكبر مستثمر في جمهورية تتارستان الروسية
- بناء أول كنيسة للمسيحيين الأرثوذكس الإثيوبيين في الإمارات


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نقولا الزهر - مجلة الهلال المصرية بين اليوم والأمس