أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - القيم الدينية والثقافية في المجتمع














المزيد.....

القيم الدينية والثقافية في المجتمع


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3127 - 2010 / 9 / 17 - 01:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعدّ الدين العنصر الأساس في منظومة القيم الاجتماعية، يؤدي دوراً تربوياً كبيراً لأفراد المجتمع لاحتكامه إلى ضوبط روحية تحاكي العاطفة لا العقل وتبشر بالقصاص في العالم الآخر على عكس آليات التحكم والضبط الدنيوية التي تحاكي العقل لا العاطفة كونها تبشر بقصاص العالم الدنيوي. إن المجتمعات المستسلمة لأقدارها غالباً ما تؤول مظاهر الجوع، والفقر، والجهل، والأمراض، والكوارث وتنسبها إلى قوى غيبية تفرض أحكامها على البشر ويكون وجدانها مثقل بالأفكار الغيبية فتميل إلى عالم الروحانيات أكثر من عالم العقلانية لاعتقادها ليس في مقدوره إنقاذها من بؤسها.
لذلك تعدّ تأثير القيم الدينية على البشر أكثر من القيم الأخرى فهي تشغل حيزاً كبيراً من الثقافة الكامنة ليس في وسع الفرد إنكارها بعدّها غرساً تربوياً في لاوعيه، مع عدم إغفال إمكان تأويل القيم الاجتماعية وفصل مكوناتها الثقافية لاستبعاد جذرها الديني.
يعتقد (( جوزايا رويس )) " أن للوعي الديني مكانة خاصة في وجدان الفرد كونه يبحث عن قوة خارقة ترشد روحه البائسة والحائرة إلى مسارات الحياة الصحيحة وتنقذها من ضعفها البشري واحساسها بالفشل والاحباط ".
ليس سهلاً فك مكونات الثقافة العامة للمجتمع لتحديد جذرها الأساس لإعادة صياغة المناهج التربوية التي تتطلب غرساً لمبادئ جديدة في وجدان أجيال فتية أو اجتثاثها، بعدّ الثقافة العامة للمجتمع جملة الأعراف والتقاليد والقيم الضاربة جذورها في عمق التاريخ، توارثها الفرد في اللاوعي وأصبحت جزءاً من سلوكه وممارسته اليومية.
فعلى الرغم من أنها لا تشكل لغير المؤمن بها أهمية بالغة في عقله الواعي، فلا يمكن إنكار تأثر عقله اللاواعي وانعكاسها على سلوكه وممارساته اليومية وبغض النظر عن التأويل الفكري لردها إلى جذر فكري آخر. وطالما تعدّ القيم الدينية ركناً أساسياً من مبادئ النهج التربوي في اللاوعي الاجتماعي فإن قابلية اكتسابه تمثل حجم منظومة قيمه الخاصة الظاهرة على سلوكه وممارسته اليومية في المجتمع. وحين تتغير منظومة القيم المكتسبة على نحو مفاجئ كأن يغير الفرد دينه أو طائفته يتأثر سلوكه وممارسته اليومية في اللاوعي لحدوث شرخ في ركن أساس من منظومة قيمه الخاصة والمشكلة تاريخياً لأن قيم الدين الجديد ستأخذ مكانها ما ينعكس سلباً أو ايجاباً على سلوكه وممارسته اليومية. وبكل تأكيد يحدث خللاً ما لارتهانه المباشر لقيم أخرى في اللاوعي تقسر الذات على تبني قيم جديدة وعدّها خطأً أفكاراً من خاصة العقل الواعي يمكن استبدالها بمجرد الاقتناع بها.
يقول (( بيخو باريخ )) : " إن الدين منظومة المعتقدات الثقافية وممارساتها تفرض طرق تفكير لحياة الجماعات والأفراد، وبتغيرها تتأثر ثقافتهم العامة وطرق تفكيرهم وممارستهم للطقوس والشعائر الدينية ومن ثم سلوكهم وممارساتهم اليومية في المجتمع ".
لابد من التسليم أن القيم الدينية والاجتماعية ليست قيماً ثابتة عبر المراحل التاريخية من حياة المجتمعات البشرية وإنما قيماً متغيرة ومستجيبة إلى حد ما إلى متطلبات الحاضر بدليل ما هو محرماً أو محذوراً في الماضي على الفرد لم يعدّ كذلك في الحاضر. وهكذا فإن القيم الاجتماعية تشذب نفسها بنفسها مع الزمن، والقيم الدينية تؤول نصوصها على نحو دائم لتصمد أمام تحديات الحاضر، ويستغرق ذلك زمناً طويلاً لغرس مبادئ تربوية جديدة في ذهن الأجيال الفتية.
هذا التشذيب للقيم الاجتماعية والدينية لا يجري اعتباطاً وإنما يعدّ حاجة ملحة تفرضها متغيرات الحاضر حيث تفك ارتباط المكونات الثقافية للمجتمع إلى مكونات الاجتماعية مثل الأعراف والتقاليد الموروثة وعزلها لعدم توافقها مع الحاضر والإبقاء على المكونات الأخرى، كذلك الأمر مع المكونات الدينية مثل المحرمات يؤول قسماً منها ليكون أكثر استجابة للحاضر.
يعتقد (( بيخو باريخ )) " أنه يمكن الفصل بين الدين والثقافة فكرياً وعملياً على الرغم من ارتباطهما الوثيق ومثلما نستطيع تجريد المعاني والأسس الثقافية لأحد الممارسات وننسبها إلى قيم اجتماعية بحتة، يمكن تجريد أسسها الدينية وإرجاعها إلى جذر ثقافي أو اجتماعي ليصبح تغيرها أكثر سهولة ".
تعدّ القيم الاجتماعية والدينية تراكماً ثقافياً للمجتمع عبر أجيال متتالية لذلك ليس سهلاً إحداث تغييرات جوهرية سريعة بها لارتباطها بالسلوكيات والممارسات العامة للمجتمع، ومن الخطورة القصوى استخدام القوة لإجبار المجتمع على تغيير أحد قيمه وأعرافه أو طقوسه الدينية الخاصة لأنه سيتمسك أكثر بها بعدّها جزءاً من موروثه في اللاوعي يخل بمنظومة معتقداته الخاصة وتشكل تهديداً لوجوده في الحياة. إن النهج التربوي الطويل الآجل في غرس مبادئ جديدة في وجدان الأجيال الفتية كفيل بإنتزاع سلوكيات وممارسات غير مستجية للحاضر.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة والأمة
- ماهية الكلام ( الوظيفية والمدلول )
- ماهية اللغة
- التفكير الخلاق لإنتاج الفكرة
- التفكير والزمن
- إنتاج الفكرة والنسق الفكري
- الفكر والمعتقد
- الذاكرة والاستيعاب
- الذاكرة وآلية الإدراك والوعي
- الذاكرة والإرادة العمياء
- الذاكرة والإرادة القوية
- الذاكرة والروح
- الذكاء والذاكرة
- ماهية الذاكرة
- آليات الجنون الإرادي والعقل
- الجنون وعقلانية مجتمع اللاعدالة
- حقائق العقل وزيفها في الجنون
- اختلال آليات العقل والجنون
- العقل والجنون
- العقل والتفكير


المزيد.....




- في خطوة غير مسبوقة... غواصتان نوويتان أمريكيتان تتحركان نحو ...
- الولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تغمر الشوارع وتشل حركة السف ...
- إيران تعيد 1.5 مليون أفغاني إلى بلادهم، وتتهم بعضهم بـ -التج ...
- ماذا قال ترامب عن بوتين والعقوبات على روسيا بعد نشر الغواصتي ...
- اتهامات أمميّة لإسرائيل بتحويل نظام المساعدات إلى -مصيدة موت ...
- باريس توقف إجلاء غزيين بعد كشف تصريحات معادية للسامية لطالبة ...
- هل ستمنح غيسلين ماكسويل الشريكة السابقة لجيفري إبستين عفوا ر ...
- كامالا هاريس تكشف عن موقف -لم تتوقعه- في ولاية ترامب الثانية ...
- ايه آي2027: هل يمكن أن تكون هذه هي الطريقة التي قد يدمر بها ...
- مصادر أممية: إسرائيل قتلت في يومين 105 من الباحثين عن المساع ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - القيم الدينية والثقافية في المجتمع