أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - اللغة والأمة














المزيد.....

اللغة والأمة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3125 - 2010 / 9 / 15 - 13:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأمة كيان حي يؤسس تاريخاً وحضارة على أرض الوطن وتعدّ أحد مكونات بناء الدولة، لها لغة وديانة واحدة وقد تتعدد مكوناتها ومن ثم لغاتها ودياناتها المتباينة لكنها تشترك بحضارة واحدة صنعتها أجيالها المتعاقبة عبر التاريخ لذلك تسعى خلال وحدتها وتماسكها الحفاظ على شبكة صلاتها الأخلاقية والثقافية.
إن صلات المشاعر والعواطف بين أبناء الأمة، الأمم ، ليست وليدة الحاضر وإنما تمتد عبر التاريخ بعدّها شبكة المصالح المتبادلة المعززة لوجود الدولة الصانعة لحضارة الأمة المعزز بالقوة للحفاظ على ديمومتها وكيانها من الانهيار، فالقوة وحدها لا تصنع دولة وإنما الوحدة والتلاحم بين أبناء الأمة تعدّ الإرادة الخفية لتعزيز وجود الدولة لتنجز رغبات الأمة وأهدافها المنشودة عبر الزمن.
يعتقد (( هيردر )) " أن الأمة تسبق تشكل الدولة وترسخها بالوحدة والتلاحم الأخلاقي والثقافي وبغيابها تصبح الدولة آلة اصطناعية هشة تعتمد القوة المادية الفجة للحفاظ على كيانها وديمومتها ".
إن الخلاف الذي يدب بين مكونات الأمة من قوميات وأثنيات مختلفة يضعف الدولة على نحو كبير مهما حازت وسائل عنف وقوة لفرض وجودها وترقيع صلات المشاعر والعواطف بين مواطنيها، لن يكون في مقدورها الحفاظ على تماسكها وقوتها لأمد طويل.
إن نزوع أحد مكونات الأمة الأكبر عدداً أو الأكثر سطوةً على فرض نهجها بالعنف على بقية مكوناتها المختلفة بالقومية والأثنية قد يحقق أهدافها على المدى القريب لكنها على نحو مؤكد ستفشل الحفاظ على ديمومة نهجها العنفي على المدى الطويل لأنها ستواجه حتماً بالعنف المضاد من بقية المكونات الأخرى الساعية لاثبات وجودها ورفضها الانصياع القسري بوسائل الدولة العنفية على نحو تعسفي وغير شرعي بحجة التمسك بالوحدة الوطنية وحفاظاً على الوطن من التجزئة.
إن قيمة الوطن ليس بوحدة أراضيه وإنما بوحدة شعبه ولا تقاس مشاعر الانتماء للوطن بالشعارات الفارغة والأناشيد الوطنية العاطفية وإنما ما يحمله كل فرد من مشاعر وأحاسيس كامنة تجاه الآخر من أبناء وطنه المختلف معه بالقومية والأثنية والأحساس العميق أن أرض الوطن حاضنة لأبنائه جميعاً من دون استثناء وليس سجناً يحرسه سجانين من قومية واحدة أو ديانة واحدة يفرضون نهجهم قسراً على الآخرين.
يعتقد (( سلمان رشدي )) " أن القومية هي ذلك التمرد ضد التاريخ الذي ينشد إقفال ما لم يعد ممكناً إقفاله بعد اليوم وذلك ببناء سياج حول ما يجب أن يكون بلا حدود ".
كما أن لغة الأمة ليست مجرد أداة تواصل بين أبناء الأمة باختلاف مكوناتها الاجتماعية وإنما طريقة تفكير فلكل مفردة لغوية ذاكرة تخزن ليس صورة المفردة لتظهرها في ذهن المتلقي بل أسلوب فك شيفرتها في ذهن المتلقي، فلا يمكن فهم الآخر وإدراك كلامه من دون فهم آلية تفكيره وإدراكه لأن الفهم المجرد الخالي من حالة التشخيص لطريقة تفكير الآخر يؤدي إلى فهم غير صحيح وإدراك مشوب بالخطأ.
لأن المفردة اللغوية ذاتها محمولها الحسي لا يقود إلى معنى واحد وإنما إلى معاني كثيرة ما يؤدي إلى اضطراب ذهني لدى الآخر لتحديد أي المعنى المقصود بالمفردة اللغوية، فالسياق اللغوي في إطار الجملة الواحدة غالباً ما يُغيب المعنى المقصود حين تكون الجملة اللغوية عائمة بقصد ترك تفسيرها للآخر ليدرك معناها من دون أن يتحمل الطرف الأول تبعات تحديد المعنى العلني المقصود للجملة اللغوية، تحديداً عند هذه اللحظة الزمنية من فك شيفرة المفردة أو الجملة اللغوية في ذهن المتلقي يتطلب قراءة طريقة تفكير المتكلم ليصار إلى ادراك معناها.
ولا يرتبط ذلك إطلاقاً بالقدرة على إجادة قواعد اللغة وأساليبها وإنما فهم محمول اللغة وإدراكه المختزن للمشاعر والأحاسيس والروابط اللامرئية لجس نبض إحساس الآخر وعاطفته عند نطقه بالكلام، فالمفردة اللغوية قد تكون ذا طابع عاطفي لكنها تلفظ بطريقة تنم عن معنى معاكس تماماً لا يمكن إدراكه من دون معرفة طريقة تفكير الآخر وما تحمله الذات من مشاعر وأحاسيس كامنة قادرة التمييز بين المفردة اللغوية الخالية من العاطفة الصادقة والمفردة الغوية ذي العاطفة الصادقة.
يقول (( هيردر )) : " إن كل أمة تتحدث كما تفكر، وتفكر كما تتحدث ولغتها مخزن أفكارها ومشاعرها وذكرياتها وآمالها ومخاوفها. والأداة التي تشكل عقول متحدثيها وقلوبهم بطريقة خاصة وواجهة محددة ، ترتبط مع المتحدثين بها بروابط راسخة وغير ملموسة قوامها الذكريات والعواطف والتقاليد والاحساس المشترك بالعزة والفخر ".
تعدّ اللغة الأصرة الحسية غير المرئية بين أبناء الأمة تختزن ذاكرتها محمولاً من المشاعر والعواطف والذكريات على أرض الوطن بعدّه قدراً مجهولاً لكائنات بشرية مختلفة تعايشت مدى قرون من الزمن وأسهمت في صناعة حضارة مشتركة يسعى أشرار الحاضر إلى هدمها خلال بث الفتنة والعداوة بينها ليسهل عليهم إحكام السيطرة عليها ومحو أرثها الحضاري المشترك ومن ثم رسم معالم طارئة لوجودها بعدّها شريكة في الوطن مع الآخرين.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهية الكلام ( الوظيفية والمدلول )
- ماهية اللغة
- التفكير الخلاق لإنتاج الفكرة
- التفكير والزمن
- إنتاج الفكرة والنسق الفكري
- الفكر والمعتقد
- الذاكرة والاستيعاب
- الذاكرة وآلية الإدراك والوعي
- الذاكرة والإرادة العمياء
- الذاكرة والإرادة القوية
- الذاكرة والروح
- الذكاء والذاكرة
- ماهية الذاكرة
- آليات الجنون الإرادي والعقل
- الجنون وعقلانية مجتمع اللاعدالة
- حقائق العقل وزيفها في الجنون
- اختلال آليات العقل والجنون
- العقل والجنون
- العقل والتفكير
- موجبات الانصياع للعقل


المزيد.....




- زفاف -ملكي- لحفيدة شاه إيران الراحل و-شيرين بيوتي- و-أوسي- ي ...
- رواج فيديو لـ-حطام طائرات إسرائيلية- على هامش النزاع مع إيرا ...
- -نستهدف برنامجًا نوويًا يهدد العالم-.. هرتسوغ يبرر الضربة ال ...
- إجلاء واسع للإسرائيليين و-الحيوانات- من بيتح تكفا بعد الهجوم ...
- رئيس النمسا يعترف بعجز بلاده عن تقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- الخارجية الأمريكية والروسية توجهان نصائح لمواطنيهما المتواجد ...
- -سرايا القدس-: أوقعنا قوة إسرائيلية في كمين محكم شمال خان يو ...
- إسرائيل - إيران: في أي اتجاه تسير الحرب وإلى متى؟
- نتانياهو: قتل خامنئي -سيضع حدا للنزاع- وإسرائيل -تغير وجه ال ...
- كيف تتخلصين من -كابوس- البثور العميقة في الوجه؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - اللغة والأمة