أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بودواهي - رد على مقال السيد طلعت : تاريخ العلمانية















المزيد.....

رد على مقال السيد طلعت : تاريخ العلمانية


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 3119 - 2010 / 9 / 8 - 08:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من الواضح جدا أن العديد من المفاهيم والمصطلحات التي يتم تداولها سياسيا وإيديولوجيا لا زالت لم تجد طريقها إلى ذهن السيد طلعت خيري بشكلها السليم والصحيح . وحتى التقسيم والتنوع الحاصل على مستوى الأنظمة السياسية وتبنيها للمذاهب الإيديولوجية المختلفة لا زال يكتنفها الغموض والالتباس لديه .
فمن خلال قراءة موضوع - تاريخ العلمانية - للسيد طلعت ، الذي حاول فيه كثيرا أن يستفيض في مناقشة موضوع العلمانية من جوانبه التاريخية والسياسية والإيديولوجية ، أسقط في سياق حديثه مراحل تاريخية متعددة دار فيها صراع سياسي براكماتي شرس تغلف بغطاء الدين ، في هذه السيرورة للعلمانية التي لم تعرف تلك الانطلاقة الفعلية والعملية إلا بعد الثورة الفرنسية وما تبعها من إرهاصات قوية لمكاسب سياسية واكتشافات علمية وإبداعات أدبية وفنية وفلسفية عملت كلها على الحد من نفود الكنيسة السياسي وإرغامها على عدم تجاوز المجال الديني في اشتغالها وأعمالها .
وعند سرده للأحداث التاريخية منذ عهد الرومان حتى استعمارات العصر الحديث التي قامت بها الأنظمة الرأسمالية والإمبريالية مرورا بالغزوات التي قام بها العرب المسلمون لمناطق متعددة ، يصر السيد طلعت في إضفاء الصبغة الدينية عليها رغم أنه يعترف في العديد من فقرات مقالته بأن استراتيجية النهب والسلب واستنزاف الخيرات هي التي كانت تتحكم في الأنظمة الاستعمارية سواء كانت دينية أو غير دينية ، وهو ما يعني أن الهدف من الغزو والاستعار هو هدف اقتصادي - سياسي وليس هدفا دينيا . وحتى في الغزو الإسلامي ، الذي يحاول المتأسلمون بشتى أنواع مذاهبهم وطوائفهم التملص والتنكر للأعمال الوحشية والعنصرية التي مارستها الجيوش الإسلامية الإستعمارية في الشعوب المستعمرة من نهب وسلب وسبي وقتل وتعذيب إلى ذاك الحد الذي دفع ببعضها إلى الأخد بالثأر ، وبنفس الطريقة الوحشية ، كما فعل التتار في بغداد ، تم استغلال الشعوب المستعمرة ونهبت خيراتها واستنزفت ثرواتها بل واستوطنت أوطانها أيضا .
وباعتبار السيد طلعت أصولي حتى النخاع ، فمن الطبيعي جدا أن ينظر إلى الثورة الفرنسية بمنظور أسود قاتم عوض النظر إليها كحدث تاريخي إنساني عملاق كان له الأثر الكبير على البشرية في التحرر من السيطرة المطلقة للكنيسة ورجال الدين على أمور الدنيا والدين على السواء ، ومن الانعتاق من الفكر اللاهوتي والكهنوتي المقيت الذي وصلت به الفجاجة والفضاضة حد تبخيس عقل الإنسان حتى درجة رهنه بخرافة صكوك الغفران .
ومن الفضيع جدا أن ينتقد المرء ثورة تاريخية عملاقة من حجم الثورة الفرنسية التي كانت عبارة عن نقطة تحول محورية في حركة التاريخ الإنساني حيث فصلت بين عهد ظلامي أسود كانت تسود فيه الكنيسة بفكرها الديني اللاهوتي الكهنوتي الظلامي ، والسياسي الملكي الشمولي القمعي الديكتاتوري ، ونمطهما الإنتاجي الإقطاعي الاستغلالي الاستعبادي ، وعهد العلمانية المتنورة التي ساد فيها النظام الجمهوري الانتخابي البرلماني والديموقراطية السياسية وما أتت به من قيم الحرية والعدالة والمساواة والتعدد والاختلاف والتنوع وكذا نمط إنتاجها الرأسمالي التجاري المتقدم . إلا أن السيد طلعت نراه يستميت في الدفاع عن الكنيسة البغيضة وعن النظام السياسي الشمولي الذي كان يحميها وهو الرجل الذي يكن العداء لهذه الثورة مادام يكن العداء للعلمانية ولكل قيم الحداثة والحرية والديموقراطية والحضارة والتطور . فالثورة السياسية ضد الشمولية والاستبداد والديكتاتورية تكتمل بالثورة العلمانية على الدين الظلامي المتزمت .
وقبل الرد على السيد طلعت بخصوص موضوع العلمانية ( حيث طرح العديد من المغالطات وسقط في العديد من الأخطاء التي تستوجب الرد والتصحيح بقدر ما تستوجب الكشف عن ميولاته الذاتية في طرح الأفكار عوض الاعتماد على الموضوعية والأمانة العلمية ) ، لابد من التأكيد بداية على الخطأ الفادح الذي سقط فيه بتقسيمه للنظام السياسي إلى ديني وقومي . فكما هو معروف سياسيا واقتصاديا وعلميا وإيديولوجيا أن النظام السياسي لا يمكن أن يخرج عن نظامين رئيسيين هما الرأسمالية والإشتراكية . وبالتأكيد توجد أنظمة حكم عديدة تتخد من عنصر الدين أو القومية ، الفيدرالية أو الكونفدرالية ، الديموقراطية أو الديكتاتورية مصدرا أو شكلا أوصيغة ، غير أنه لا يمكن أن يخرج بتاتا عن أحد النظامين الإنتاجيين السياسيين والاقتصاديين الرئيسيين السابقين ، بل إن هذه الأشكال من الحكم تندرج في غالبيتها العظمى في إطار الدول التابعة للسياسة الراسمالية الإمبريالية من خلال انصياعها التام لتوصيات وقرارات المؤسسات الاقتصادية العالمية كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي . إلا أن هناك حالات استثنائية قليلة جدا والتي تحاول الانفلات من قبضة الغول الرأسمالي وبالتالي الاستقلال بسياساتها وتوجهاتها الاقتصادية والاجتماعية كتلك البلدان التي تطبق نظام رأسمالية الدولة أو النظام الإسلامي أو النظام شبه الاشتراكي ( الاشتراكية الديموقراطية مثلا ) .
إن تعريف العلمانية بالمختصر الشديد ، كما يعرفه الخاص والعام ، هو فصل الدين عن الدولة . وهذا التعريف الواضح والفاضح والصارم لا يترك أي حيز ولو كان ضيقا لمن يريد أن يتلاعب بالألفاظ أو للذي يلجأ إلى لي أعناق الكلمات والمفاهيم ليخرج منها ما ليس فيها . والعلمانية بهذا المفهوم ليست نظاما سياسيا يمكن محاسبته عن الإنجازات والإخفاقات التي يمكن أن تحدث في سيرورة الحكم ، كما أن ليس من اختصاصها التدخل في النقاش الديني أو أن تجيب عن مفاهيم ومصطلحات روحية وعقائدية بل هدفها تنظيم العلاقات بين الأفراد ومؤسسات المجتمع بما يحقق حرية الأفراد والجماعات والأحزاب في ظل قانون محدد وواضح . فالعلمانية أداة دستورية وقيمة ثقافية لا تحمل مضامين إيديولوجية أو فكرية أو سياسية أو أخلاقية ، وإنما تضع حدا فاصلا بين التداخل الذي يمكن أن يحدث بين الدين والسياسة وتجعل كل واحد منهما مستقلا عن الآخر استقلالا تاما ونهائيا ، وبهذا الفصل تكون السياسة للدولة والدين للكنيسة ولا مجال للجمع بينهما أبدا .
غير أن الأصوليين ، ومن ضمنهم السيد طلعت ، يمارسمون أساليب خبيثة للغاية لتشويه صورة العلمانية وقيمها المتنورة . فهو مرة يعتبر العلمانية والدينية الصليبية نفس الشيء ، ومرة يعتبرها من نتاج القومية والفكر القومي ، ومرة يقسمها بشكل تعسفي إلى علمانية تدعو إلى فصل الدين عن مؤسسات الدولة وعلمانية تدعو إلى فصل الدين عن السياسة ويعتبر الأولى أحسن من الثانية . بل أكثر من هذا فهو يتعسف عن حقائق التاريخ حين يقول أن العلمانية لم تظهر على إثر صراعات دينية حدثت في أوربا بل ظهرت عند القوميين الفرنسيين على إثر ضعف الدين السياسي الكاثوليكي على إنشاء قوى سياسية قادرة على الاستعمار فكان ما سماه بالانقلاب السياسي في الثورة الفرنسية بأخد السيف من الدينيين الكاثوليكيين ليكون بيد القوميين العلمانيين . وبهذا تختلط المفاهيم لدى السيد طلعت حيث تختلط العلمانية بالقومية ويختلط التعصب الديني بالمصلحة الاقتصادية الاستعمارية .....
إن الهوس الخرافي الذي تمكن من عقل السيد طلعت في ظل مرجعيته الإيمانية العقائدية ذات التوجه الظلامي المتزمت جعله يعرف العلمانية بتلك التعريفات المزاجية والانتقائية التي تخلص إلى تلك النتائج التي يريدها هو لا كما هي في الواقع و الحقيقة . ومع ذلك فله أن يتصور العلمانية كما شاء له التصور ، وأن يحرف مفهومها كما شاء له التحريف ، غير أننا لا يمكن أن نسمح له باستبلاد عقولنا وإغلاق أعيننا عن كل هذا الثراث الضخم الناتج عن الثورة العلمية والعقلية الناتجة عن العلمانية والأخد بما يأتي به من ترهات أكل الدهر عليها وشرب .



#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على مقال السيد مدبولي : هاجم وانتقد....
- الحركات الاجتماعية واليسار أية علاقة ؟
- النظام الفدرالي وبناء صرح الديموقراطية
- الفشل المنتظر
- الإسلام السياسي مصائب ومآسي
- بعض أوجه الخلاف بين الديموقراطية والشورى
- اوربا وتطور النزعة الإنسانية
- الإيجابيات المزعومة للعولمة وسياسة التضليل
- مصر والجزائر رياضة وإعلام
- الحوار المتمدن منبر كل المحاصرين
- الدولة غير العلمانية وسياسة الإجحاف الديني
- الإنماء الاقتصادي رهين بالإنماء الثقافي
- الإقصاء والتمييز الهوياتي و سياسة التخلف
- النظام الرأسمالي وسيرورة التطور نحو الحتف
- استقلالات الوهم في ظل الاستعمار الجديد


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بودواهي - رد على مقال السيد طلعت : تاريخ العلمانية