أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد بودواهي - النظام الرأسمالي وسيرورة التطور نحو الحتف















المزيد.....

النظام الرأسمالي وسيرورة التطور نحو الحتف


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 23 - 04:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بعدما تمكنت الراسمالية من ازاحة النظام الاقطاعي من مركزه ونفوده وسطوته , وقضت على اشكال تقليدية من العمالة مثل فلاحي الاقطاعيات وتحويلهم الى عمال زراعيين مأجورين , واحلت الدولة الوطنية القومية أو الدولة _ الأمة محل دولة الاقطاعيات أو دولة _ المدن , وبعد أن استطاعت الطبقة البرجوازية توطيد سلطتها , استعانت بالعلم والتجربة والخبرة والاكتشافات فأخدت تنهج مختلف السبل علمية كانت أو تقنية أو اقتصادية لاستدرار الخيرات والثروات والمكاسب .
والجدير بالذكر أن مواجهة ماركس للنظام الرأسمالي لم تجعله يتجاهل أو يتعامى عن الانجازات التاريخية التي حققتها خصوصا في مراحلها الاولى والسابقة , أي في فترة المانيفاكتورة ومرحلة الراسمالية التنافسية حيث يرجع لها الفضل في الحسم مع النظام الاقطاعي الابوي ووضع نهاية له , وقطعت كل روابط الاستعباد التي قيدت الانسان المستعبد بسيده , وفتحت المجال واسعا للمصلحة الخاصة بأن تكون هي الصلة الوحيدة بين الانسان وأخيه الانسان . يكتب لينين :" لقد كانت تمة في الماضي حقبة شهدت وجود " رأسمالية سلمية " نسبيا , وذلك حين استطاعت هذه الراسمالية قهر الاقطاع في أوربا المتقدمة , وكانت في وضع يسمح لها بالتطور بصورة " هادئة " ومنسجمة نسبيا , وبالانتشار " سلميا " في مناطق شاسعة من اراض غير محتلة بعد, واقطار لم تكن قد دخلت الدوامة الرأسمالية بعد , بصورة نهائية ..." .
الا أن الراسمالية وخلال تاريخها الطويل الذي تجاوز مائتي وعشر سنوات لم يستهدف أبدا اشباع الحاجيات الاساسية للجماهير الشعبية , بل عملت على استخلاص الأرباح والفوائض الهائلة من خلال استغلالها المكثف للعمال والعاملات ولشعوب الدول المستعمرة والتابعة . فلقد كان ماركس ينتقد العلاقات الانسانية التي تفرضها الرأسمالية حيث تتحكم في الانسان وتمنعه من الوصول الى ممارسة ارادته الحرة , وعدم السماح له باخراج كل الطاقات والامكانات المبدعة والكامنة فيه .
وبمجرد ما تطورت الراسمالية وقفزت من المرحلة التنافسية الى المرحلة الاحتكارية , بمجرد ما بدات تكشر عن انيابها وتظهر على حقيقتها الطبيعية كنظام عدواني دموي وتوسعي استعماري حيث لجأت الى غزو الشعوب المستضعفة بقوة الحديد والنار من أجل نهب ثرواتها وموادها الأولية وخيراتها الفلاحية والغابوية والبحرية , وفتح أسواقها لتصريف منتوجات معاملها من بضائع وسلع , وعبدت الطرق وأقامت سكك الحديد لتسهيل المواصلات , ووضعت قوانين وتشريعات تتلاءم مع مصالحها الآنية والاستراتيجية , وأسست الشركات ومؤسسات الاستثمار , ونزعت الأراضي الخصبة للفلاحين وأدمجتهم في تعاونيات كعمال زراعيين ....الخ ,هذا اضافة الى العمل على تقسيم المجتمعات الى طبقات حيث جمعت الثروة الفاحشة بأيدي حفنة قليلة من الخونة والمتعاونين معه على حساب الاغلبية من أبناء الشعب الدين يعيشون حياة البؤس والتخلف والأمية .
ومباشرة بعد نهاية الحرب الكونية الثانية , وعلى إثر الانهيارات الشاملة لاقتصاديات الدول الأوربية بسبب هذه الحرب وبسبب تواصل واتساع نضالات ومقاومة الشعوب المستعمرة في إفرقيا وآسيا وأمريكا الاتينية وحصولها على الاستقلال , أصبح من الضروري القيام بإحذاث إصلاحات شاملة اقتصادية واجتماعية وسياسية في بنية النظام الراأسمالي , فكانت الدولة هي المصدر الأساسي في إحذاث هذه الإصلاحات بحيث أصبحت تقوم بدور الوسيط والمنظم للمصالح المتضاربة وللسوق وأسندت لها عمليات الإنتاج والتوزيع عوض أن تبقى متروكة لحرية السوق , وحمت النظام الراسمالي والرأسماليين أنفسهم من تحطيم بعضهم البعض , وانتهت الى أن تحول الاقتصاد الراسمالي من اقتصاد حر يتحكم فيه السوق الى اقتصاد تديره الدولة وتخططه , وهي صفات وخصائص جديدة اتخدتها الراسمالية مما يسمى برأسمالية الدولة . إن هذه السياسات الاقتصادية الجديدة هي التي أدت الى ظهورما يسمى بدولة الرفاهية أو ما يسمى بالدولة الكينزية والتي استمرت لأكثر من ثلاتين سنة سميت بالثلاثينية المجيدة , والتي كانت تتدخل فيها الدول والحكومات بإيجابية في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها من أجل ضمان حد أدنى من الحياة والعيش الكريمين وتوفير مقاييس عامة لها , واستطاعت الدولة بفضل ذلك استيعاب حركات العمال النضالية وذلك بتقديم الخدمات الاجتماعية لهم والسماح بتأسيس النقابات والأحزاب الخاصة بهم .
ومع نهاية السبعينيات من القرن العشرين , ومع مجيء كل من ريغان وتاتشر للحكم دخلت الراسمالية منعطفا آخر واتخدت مسارا مختلفا , فكانت نهاية رأسمالية الدولة ومعها دولة الرفاه بسبب هبوط معدلات الربح نتيجة توسع الاستثمار الراسمالي وتقدم التيكنولوجيا ووسائل الانتاج , وكذلك بسبب توقف الحرب العالمية الثانية في منتصف الاربعينات وحروب التحرر الوطني في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات التي شكلت المناخ المناسب لازدهار اقتصاد راسمالية الدولة الذي هو اقتصاد حرب بشكل أساسي , فتفاقمت مشكلة البطالة واستفحل الكساد وتعمقت الازمة وتوقف الاستثمار وانحسر رأس المال . وبهذا بزغ من جديد خطاب الليبرالية القديمة في ثوب الليبرالية الجديدة المعولمة , والذي رأى أن الخلاص من الازمة يتمثل في الرجوع الى الاقتصاد الحر والتخلص من تدخلات الدولة وأجهزتها البروقراطية وبالتالي العمل على التحرر من كل الالتزامات الاجتماعية السابقة والدخول في عملية الخوصصة والتخلي عن تعويض البطالة والتعامل مع دول العالم الثالث وفق استراتيجية جديدة يتم من خلالها نقل رؤرس الاموال في شكل قروض واشتثمارات عن طريق المؤسسات المالية الدولية كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية .
وفي هذا الاطار تم ارتهان اقتصاديات الدول المدينة لمشيئة البلدان الراسمالية الدائنة , وبالتالي أدت الى إلزامها بتنفيد سلسلة من الإجراءات المخلة بسيادة ومصالح البلدان المدينة فأجبرتها على فتح أسواقها لتصريف البضائع الراسمالية الكاسدة بأسعار مرتفعة وخلق الشروط الكفيلة بتحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد مفتوح في وجه الراسمالية الجشعة ومنتوجاتها واستثماراتها وشركاتها , وتخفيض قيمة عملتها النقدية مقابل عملات الدول الامبريالية كي تصبح المواد الاولية المصدرة رخيصة الثمن , والتخلي عن الدعم المالي للمواد الاساسية والضرورية في حياة المواطنين والتي تشكل قوتهم اليومي كالسكر والزيت والخبز والحليب ... وتقليص الانفاق على القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية , وزيادة الضرائب وتوسيعها على قطاعات الخدمات كالاتصالات والنقل والكهرباء والمياه وغيرها , وفرض أنواع المنتوجات الزراعية التي سيتكفل بها القطاع الفلاحي بهدف تأمين المواد الأولية التي تحتاجها الصناعة الراسمالية لاستمرار تدفق منتوجاتها السلعية , كما أرغمتها علي تقليص التوظيف الحكومي وإصدار القوانين التي تضمن مصالح القطاع الخاص الأجنبي والمحلي , وإعفاء الاستثمارات الأجنبية من الضرائب , وقبول تحويل أرباح الشركات إلى الخارج وبالعملات الأجنبية , وتخفيض قيمة العملة الوطنية .... ولقد أنتجت سياسات التقويم الهيكلي هذه و المدبرة من قبل هذه المؤسسة الدولية كوارث اقتصادية واجتماعية إضافية حيث زادت من الاعباء الثقيلة على كاهل البلدان الغارقة في عباب الازمة وزادت من مديونيتها الخارجية .
إن الإنتاج الراسمالي ليس إنتاجا يهدف إلى الربح فقط بل هو إنتاج من أجل تراكم الرأسمال . وجميع التناقضات الملازمة له تنفجر دوريا في أزمات فيض الانتاج , وهو واقع حتمي في النظام الراسمالي . وفيض الانتاج في الراسمالية يسبب في انخفاض المداخيل وانتشار البطالة والفقر , وذلك ليس لأن الإنتاج المادي قد انخفض بل على العكس لأنه ازداد بصورة تخطت بكثير القوة الشرائية المتوفرة , فينخفض النشاط الاقتصادي لأن المنتجات لم يعد بيعها ممكنا وليس لأنها نقصت ماديا . ولقد أوضحت روزا لوكسمبورغ في كتابها "تراكم رأس المال : مساهمة في التفسير الاقتصادي للامبريالية " أن التناقض الاساسي في النظام الراسمالي يكمن في " القدرة غير المحدودة لقوى الانتاج على التوسع " من جهة و" القدرة المحدودة للاستهلاك الاجتماعي " من جهة ثانية , وهوما جعل الراسمالية تفكر في غزو الاسواق الخارجية بعدما أصبح الانتاج الراسمالي يستخرج من فائض القيمة نسبة كبيرة جدا تفوق بكثير حاجيات المجتمعات الراسمالية الاستهلاكية.
إن الاحتكارات في الرأسمالية المعولمة تريد الانفراد بالمستهلكين والا تقف الدولة كحامية للحقوق وراعية للعلاقات المتوازنة بين المستغلين ومستغليهم من مالكي وسائل الانتاج , بل إنها تسمي ذلك سلطوية وبروقراطية وتدخلا سافرا وفجا في الاقتصاد وفي الحريات والديموقراطية , وتقاومها بواسطة سلطاتها وبالوسائل التي أقامتها كالصحافة وقانون الملكية الخاصة وقانون الاستثمار وغيرها من القوانين التي أنشأتها لهذا الغرض .إن المعضلة الكبرى هي في كون المجتمعات الحالية في كل أنحاء العالم تدار من قبل هذه النيولبرالية الجشعة التي تدبر أزماتها الاقتصادية وإفلاس بنوكها وشركاتها بتخصيص آلاف ملايير الدولارات للمؤسسات الرأسمالية بينما الصناديق التي تتعلق بالشعوب والاجراء والعاطلين على العمل تبقى دوما خالية . إن هذه الاجراءات التي تتخد في توزيع الثروات ولأكثر من ثلاتين سنة مضت يجب أن تنقلب إلى ضدها , وأن تخصص هذه الملايير للخدمات العامة والضمان الاجتماعي وللرفع من أجور الشغيلة وخلق فرص الشغل للعاطلين وليس للمضاربات المالية . هكذا يجب أن تكون المقاربة : إنقا د الفقراء وليس الاغنياء . فبعض الاجراءات التي اتخدتها بعض الدول الغربية كالولايات المتحدة لمواجهة الازمة الحالية كتأميم البنوك ليست إشارة جادة بعودة رأسمالية الدولة إلى نظام الحكم بقدر ماهي عمليات مؤقتة وجزئية لاتنفع سوى في المشاركة في الخسائر . ليس هناك أي عودة للسياسة الكينزية كالتي سادت الوضع في العلاقات السياسية بعد الحرب العالمية الثانية .
إن الأزمات الدورية تتوالى وتتقارب , وتعتبر الأزمة الراهنة أهم نوعيا لأنها أصابت مركز النظام الرأسمالي وليس أطرافه . وكونها أزمة منظومة متعددة الأبعاد ستجعل الصراع بين الطبقات المتناقضة أكثر حدة , وهو ما يقود حتما إلى هلاك الراسمالية . والراسمالية نظام محكوم عليه بالزوال ليس لكونه نظاما استغلاليا ولا إنسانيا , وإنما لأن تناقضاته الداخلية ستقضي عليه . إن الازمات الاقتصادية تفاقم التناقضات الاجتماعية وتجعلها أكثر فأكثر انفجارا وهو ما يعطي إشارات إلى أن النظام الرأسمالي أصبح قابلا للاستبدال بنظام أكثر إنسانية ولا يبدر الموارد المادية والبشرية , إلا أن ذلك لا يأتي بشكل تلقائي وفجائي بل يتأتى عن طريق العمل النضالي الواعي والمنظم من قبل الطبقة العاملة وحلفائها الطبقيين . ولا يمكن للبرولتاريا أن تخوض بنجاح نضالها للتحرر إلا إذا اتحدت وتنظمت بصورة تؤكد التضامن الطبقي والوحدة على صعيد كل المأجورين .





#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استقلالات الوهم في ظل الاستعمار الجديد


المزيد.....




- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد بودواهي - النظام الرأسمالي وسيرورة التطور نحو الحتف