أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - هل مصر «دولة فاشلة»؟!´-1















المزيد.....

هل مصر «دولة فاشلة»؟!´-1


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 3110 - 2010 / 8 / 30 - 19:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للسنة السادسة على التوالى تصدر مجلة «فورىن بولىسى» الأمرىكىة قائمة «الدول الفاشلة» التى دأبت على إعلانها منذ عام 5002.
وحسب هذه القائمة جاءت النروىج ـ هذا العام ـ فى المرتبة الأولى للدول الأكثر «نجاحا» فى العالم.
بىنما تصدرت الصومال التصنىف ذاته ـ الذى ىشمل 771 دولة ـ باعتبارها الدولة الأكثر «فشلا» فى العالم، تلىها السودان. وعلى العموم فإن دولا عربىة وإسلامىة احتلت المراكز الأولى، والمتقدمة، فى قائمة الدول الفاشلة. وجاءت مصر فى المرتبة الأربعىن فى نفس القائمة.
وقبل أن نستنتج أى شىء من هذا التصنىف، وذاك الترتىب، الذى تضعه القائمة المشار إلىها، ىجدر بنا أن نمعن النظر قلىلا فى خلفىة القائمة ذاتها، ومحتواها، والهدف الحقىقى من وراء إصدارها، ومدى ما تتمتع به من مصداقىة، حتى لا نرقص هنا ـ ونحن معصوبو الأعىن ـ على ألحان ىتم عزفها بمهارة وإتقان من وراء البحار والمحىطات.
ونقطة البداىة هى أن هذا المؤشر، الذى ىحمل اسم «الدولة الفاشلة» ىعتمد على كىفىة تعرىف الدولة وبالتالى فإن التعامل مع هذا المؤشر ىجب أن ىسبقه الاتفاق أولا على المقصود بـ«الدولة»، والاتفاق على المعاىىر التى تجعلنا نقول إن هذه الدولة «فاشلة» أو «ناجحة».
فإذا بدأنا النظر إلى المؤشر من هذا المنطلق ستكون أول مشكلة منهجىة نصطدم بها هى أن مفهوم الدولة مفهوم دىنامىكى متطور، ولىس مفهوما مطلقا أو مجردا وبالتالى فإن ما كان ىعتبره أسلافنا «فشلا» فى عهود سابقة قد لا نراه كذلك فى عصرنا، وما كان ىعد نجاحا فى عصر ثورة الزراعة أو ثورة الصناعة ىمكن أن ىكون فشلا تاما فى عصر ثورة المعلومات.
المشكلة الثانىة التى تترافق مع المشكلة الأولى هى من ىقوم بتصنىف الدول ولأى «هدف» وهل ىتم ذلك لوجه الله وللبحث عن الحقىقة الخالصة أم لغرض فى نفس ىعقوب؟!
هذه التساؤلات تقودنا مباشرة إلى البحث فى تارىخ مقولة «الدولة الفاشلة» وسنجد بهذا الصدد أن تلك المقولة المراوغة لم تظهر لأول مرة فى عام 5002 حىن أصدرت مجلة «فورىن بولىسى» الأمرىكىة أول لائحة أطلقت علىها اسم مؤشر الدول الفاشلة، وإنما ظهرت قبل ذلك بسنوات عدىدة، وبالتحدىد فى فترة الحرب الباردة بالقرن الماضى فى سىاق الصراع السىاسى والإىدىولوجى بىن القوتىن العظمىىن فى ذلك الوقت، الولاىات المتحدة الأمرىكىة والاتحاد السوفىتى «قبل سقوطه وانهيار امبراطورىته».
وفى هذا السىاق دأبت الآلة الإعلامىة الأمرىكىة على وصف الاتحاد السوفىتى والدول الحلىفة له أو القرىبة من سىاساته بأنها دول «فاشلة».
وفى ثمانىنيات وتسعىنىات القرن الماضى انتقلت مقولة الدولة الفاشلة من الحرب الإىدىولوجىة التى تشنها الإدارة الأمرىكىة إلى مؤسسات برىتون وودز وبالذات البنك الدولى وصندوق النقد الدولى اللذين حرصا على تجنب الاستخدام الإىدىولوجى للمقولة ذاتها، ووضعا معىارا اقتصادىا واجتماعىا للدولة الفاشلة هو نسبة عدد السكان الرازحىن تحت خط الفقر.
ثم التقطت الخىط عدة مؤسسات بحثىة وأكادىمىة أمرىكىة، أخذت تصدر تقارىر ومؤشرات ولوائح متعددة تصنف الدول على أساس درجات تعطىها لها من حىث ما تراه نجاحا أو فشلا لها.
وىرى «تقرىر واشنطن» الشهىر أن الولاىات المتحدة بدأت حملتها للتعرىف بأخطار الدول الفاشلة منذ إدارة الرئىس كلىنتون الذى حشد الجهود الدولىة فى التعامل مع قضىة الصومال واستمر الاهتمام الأمرىكى مع الإدارة الىمىنىة للرئىس جورج بوش الابن الذى جاءت نظرته إلى هذه الدول فى إطار حملته على الإرهاب ولم تكن الصومال بعىدة عن هذه النظرة فقد تم إرسال 82 ألف جندى أمرىكى إلىها فى إطار ما أطلق علىه اسم «المهمة الإنسانىة» فى الصومال. وعندما جاء باراك أوباما إلى البىت الأبىض لم ىكن استثناء من ذلك فقد أشار فى إحدى خطب حملته الانتخابىة عام 7002 إلى أن أخطار الدول التى لا تستطىع التحكم فى حدودها والسىطرة على أراضىها أو لا تستطىع الوفاء بالاحتىاجات الأساسىة لشعبها لا تمثل فقط معضلة أخلاقىة أمام الولاىات المتحدة بل هى تمثل تحدىا أمنىا ىجب مواجهته.
وكان الخلاف الوحىد بىن أوباما وبوش فى التعامل مع «الدول الفاشلة» هو أن أوباما ىركز على المنهج التنموى والاقتصادى فى الاقتراب من الدول الفاشلة بىنما كان بوش ىتبنى أجندة «أمنىة» تجاه هذه الدول ولا ىخفى رغبته فى العمل وفى هذا السىاق جاء اهتمام مجلة «فورىن بولىسى» - بالتعاون مع «وقفىة السلام» Fund for Peace وهو مركز أبحاث أمرىكى ىهتم بالصراعات الدولىة وأسباب اندلاعها وسبل إدارتها - باصدار المؤشر الذى نتحدث عنه فى هذه السطور والذى ىقوم بترتىب الدول بحسب درجة إخفاقها فى أداء الوظائف المنوطة بها، حىث تم تقسىم الدول وفقاً للفئات الفرعية ذاتها للفشل التى تعكس درجة ما تمثله الدولة من تهدىد للسلام والأمن الدولىىن وهى - وفقا لـ «تقرىر واشنطن» - كما ىلى:
٭ فئة الدول المستنفرة Alert States «وتشمل هذا العام 73 دولة».
٭ وفئة الدول المنذرة بالخطر Warning states «وتشمل 29 دولة».
٭ وفئة الدول المتوسطة Maderate states «وتشمل 53 دولة».
٭ وفئة الدول المستقرة Stable States «وتشمل 31 دولة».
وىكون الاجمالى للدول التى ىشملها المؤشر 771 دولة.
٭٭٭
ورغم ما ىوحى به هذا التصنىف من أنه ىعتمد على معاىىر «علمىة» و«أكادىمىة» فإن هناك من ىرى أن هذا المظهر «الأكادىمى» لىس سوى قناع ىخفى وراءه أطماعاً استعمارىة.
وفى مقدمة هؤلاء عالم اللغوىات الأمرىكى الشهىر ناعوم تشومسكى الذى صدر له كتاب شهىر ىحمل عنوان «الدول الفاشلة»، خلاصته أن مصطلح الدول الفاشلة لىس أكثر من حلقة جدىدة فى سلسلة طوىلة وقدىمة من التصنيفات الأمرىكىة للدول التى ترىد الإدارة الأمرىكىة التدخل فى شئونها الداخلىة عن طرىق الطعن فى شرعىة سىادتها، فكان ىتم ذلك عن طرىق وصف هذه الدولة أو تلك بأنها «شىوعىة» فى المرحلة الأولى من الحرب الباردة، ثم تطور هذا الوصف إلى اختراع مصطلح الدول «المارقة» فى منتصف عهد كلينتون حتى وصل الحال الآن إلى مصطلح الدول «الارهابية» فى عهد الرئيس رونالد ريجان والمرحلة الأخيرة من الحرب الباردة، ثم اختراع مصطلح الدول الفاشلة».
وىستنتج تشومسكى أن مصطلح الدولة الفاشلة قد نشأ أساساً لخدمة المصالح السىاسىة للولاىات المتحدة، وأن الغرض الأساسى من استخدام هذا المصطلح هو التقلىل من المساواة القانونىة للدول، والطعن فى شرعىة هذه الدولة أو تلك لخلق المبرر للتدخل فى شئونها الداخلىة من خلال فرض رؤىة أحادىة ومجردة لمعىار نجاح الدول وفشلها بصورة مطلقة تضع دولا ذات ظروف تارىخىة واقتصادىة واجتماعىة وسىاسىة مختلفة ضمن قالب واحد بصورة متعسفة، لانتزاع استنتاجات أكثر تعسفاً لىس بهدف البحث العلمى النزىه وإنما بغرض التوظىف السىاسى لخدمة مصالح السىاسة الخارجىة الكونىة الأمرىكىة فى المقام الأول.
٭٭٭
وما نرىد أن نخلص إلىه من هذه التحفظات المنهجىة هو أنه ىجب الحذر الشدىد عند استخدام تلك المؤشرات والمقاىىس «العالمىة».
وهذا الحذر ىجب أن ىكون فى اتجاهىن ولىس فى اتجاه واحد.
بمعنى أن حكومتنا تهلل وتطبل وتزمر للتقارىر والمؤشرات الأجنبىة عندما تكون متضمنة لشهادات حسن سىر وسلوك لها وفى الأغلب الأعم تكون هذه شهادات «مضروبة»، ولا تعكس الحقىقة بقدر ما تعبر عن رضا الهىئات الأجنبىة عن سىر حكومتنا على الخط الذى توصى به «روشتة» الإصلاح الموضوعة من جانب هذه الهىئات الأجنبىة.
ومثلما أن الاحتفاء والاحتفال بمثل هذه التقارىر «الإىجابىة» لىس مبرراً من الزاوىة التى أشرنا إلىها، فإن الاستشهاد بالمؤشرات والمقاىىس المعاكسة - من عىنة مؤشر الدول الفاشلة - من جانب وجهات النظر المعارضة للحكومة وسىاساتها ىجب أن ىتوخى الحذر، لأن الحقىقة الموضوعىة غائبة فى الحالتىن، ولأن الأهداف الحقىقىة لهذه التقارىر - فى حالة المدح وفى حالة الهجاء - للجهات التى تصدر هذه التقارىر لا تتطابق بالضرورة مع مصلحتنا الوطنىة.
وفى كل الأحوال.. فإنه من المفترض أن أهل مكة أدرى بشعابها، وأننا أدرى بشئون مصر، وأننا الأقدر على التمىىز بىن الغث والثمىن فى أحوال مجتمعنا والسىاسات التى تحكمه.. وبالتالى لا ىمكن أن تكون هذه التقارىر الأجنبىة هى مرجعىتنا الأساسىة.
٭٭٭
فى ظل هذا التحفظ المنهجى.. نواصل فى مقالنا القادم قراءة التقرىر الأمرىكى عن الدول الفاشلة ومغزى ترتىب مصر على هذا المؤشر.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل مصر دولة فاشلة؟! (2 -2) .. نكتة أمريكية: جيبوتي أقل فشلاً ...
- البلطجة تخرج لسانها للقانون!
- حكومة »الإظلام التام«.. والموت الزؤام!
- رداً على إحراق القرآن فى فلوريدا .. هل نحرق قلوب أقباط مصر؟!
- أصل الداء دون لف أو دوران: »الساركوسيست« الهندي.. صناعة مصري ...
- المغربي.. في »وادي كركر«
- ملتقى الجونة (2)
- ملتقي الجونة (1)
- رغم تقرير الانجازات: الممارسات الاحتكارية.. تخرج لسانها للمن ...
- تسويق جمال مبارك .. ب -الكردى-!
- -التميمى- فى النار سبعين خريفاً
- دراسة علمية خطيرة تدق نواقيس الخطر
- التعذيب .. بنظام »خدمة التوصيل إلى المنازل«!
- رسالة عاجلة للدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة .. هل وصل التمييز ...
- قمة -أهلية- .. دفاعاً عن وطن فى خطر
- نصر حامد أبوزيد.. والفيروس القاتل
- هل نقول للأوروبيين.. -اشمعني-؟!
- وراء كل -نصر- .. ابتهال
- فيلم الموسم وكل موسم: »الأرض«.. تراجيديا مصرية.. إخراج أمين ...
- احبس صحفياً.. نعفيك من الضريبة العقارية!


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - هل مصر «دولة فاشلة»؟!´-1