أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سالم النجار - قصة سقوط الدجاج















المزيد.....

قصة سقوط الدجاج


سالم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 3108 - 2010 / 8 / 28 - 15:35
المحور: كتابات ساخرة
    


البعض يسأل إذا كان ادم قد عصى الله وسقط من الجنة مع زوجته حواء، فما ذنب الحيوانات أن تؤخذ بجريرة ادم وهي بريئة من فعلته؟؟
للإجابة على هذا السؤال الذي في مظهره الحق ويراد به باطل عدت إلى أساطير أجدادي الأولين للبحث والتنقيب عن إجابة كاملة شافية تقطع الشك في اليقين، فكان أول ما وقع بين يدي قصة خلق الطيور تقول الأسطورة بعد أن فصلت الاله الأرض عن السماء واكتملت تضاريسها، خلقت الشمس ووهبتها النور والضياء ثم نثرت النجوم والكواكب لتزين السماء، وخلقت القمر ليضيء عتم الليل يساهر الشعراء ويواسي المحبين ويكتم أسرار العاشقين. وبعد أن استقرت المياه في البحار والمحيطات واستعدت الأسماك لخوض أولى تجاربها بالغوص عميقاً بالمياه وبعد أن نمت فوق البسيطة الشجيرات والأعشاب. قرر مجلس الاله إرسال مندوب عنها على دراية كافية وقدرات إبداعية خلاقة ليتفقد أحوال الأرض والتأكد إذا ما استقرت الأشياء حسب ما هو مخطط له.
بدأت المباحثات الجادة والاستشارات والمداولات المطولة والتي قادها اله السماء بحماس في النهاية إلى تكليف اله الطيور بهذه المهمة العظيمة للنزول على الأرض وتفقد ما صنعت أيديهم . استجاب اله الطيور على الفور لرغبة الاله ونزل على الأرض بزلاجته مستعيناً بقوس قزح -وسيلة المواصلات المتاحة آنذاك- وبدأ يتفقد أنحاء المعمورة هنا وهناك ويضيف بعد النواقص ويتخلص من الزوائد، فلاحظ أن المسطحات المائية كبيرة جداً على حساب اليابسة فقام بتجفيف بعض المساحات من المياه لتوسيع رقعة اليابسة كما قام بإعادة الشمس إلى مجراها بعد انحرافها عن مسارها الأصلي وهيئ لها العين الحمئة التي ستبات بها لحين خروجها من جديد، وأبعد الأقمار والكواكب عن بعضها ورسم لها أفلاكها, وزرع الرواسي والأوتاد في أطراف المعمورة كي يحميها من السقوط أو الانزلاق. ثم اصدر تعليماته للشمس والقمر بالتناوب لإضاءة الأرض. وفي النهاية صبغ النباتات والورود بالألوان المختلفة ومنح البحر اللون الأزرق.
وبعد أن أنهى المهام الموكولة إليه, بدأ يفكر بخلق الطيور لتزين بأشكالها السماء وتطرب السامعين أصواتها، فصنع البيض مستعيناً بالماء والتراب وأضافه بعض الكلس ليعطيها الصلابة واللون الأبيض الجميل، لكنه لم يستطيع أن يبعث فيها الحياة فتوجه بطلبه إلى اله السماء أن يهبها الروح ويرسل بعضاً من ملائكته ترقد على البيض وتعلمهم الطيران، وبعد أن تدارس اله السماء مع مستشاريه حول أهمية هذا الخلق الجديد والجدوى العبادية منه، وصل إلى قناعه تامة بالموضوع ووافق على طلبه وأرسل ملائكته في مهمة استثنائية لمدة ثلاثة شهور مدفوعة الأجر.
بعد أن رقدت الملائكة إحدى وعشرين يوما على البيض خرج الفوج الأول من ذكور الطيور وما أن اشتد عودهم حتى أخذت الملائكة تعلمهم الطيران وفن التحليق في الجو عالياً كما دربتهم على فنون القتال جواً وأرضا وأساليب المتابعة والانقضاض على الفرائس، ولم تعد إلى السماء السابعة إلا بعد أن اجتازت الطيور جميع الامتحانات المقررة وتم تقسيمها إلى فئات حسب إمكانياتها وقدراتها الطيرانية والقتالية وأطلق على كل فئة اسماً محدداً ورفعت الأسماء إلى اله السماء للتصديق عليها ونيل مباركته. نظر اله الطيور إلى السماء واخذ يراقب الطيور وهي تحلق عالياً فاستحسن ما صنع، فأراد أن يكرر صنيعة لزيادة عدد الطيور، لكن هذه المرة تم رفض طلبه من اله السماء بحجة أن للملائكة أعمالا أخرى كثيرة تقوم بها فعملية الرقود ليست من الأعمال المنوطة بها وهي تثقل عليهم وتشغلهم عن صلواتهم على المرسلين، فقد كانت عملية رقودها على البيض في المرة الأولى استثنائية ويجب أن لا تتكرر، ونصحه كإله بابتكار طريقة جديدة أكثر تطوراً ونفعاً والابتعاد عن الطرق التقليدية في الإنتاج. تقبل اله الطيور موضوع الرفض بكل صدر رحب دون معارضة أو تحفظ ولم يستغل علاقاته الشخصية القوية مع مجلس المستشارين للتأثير على قرار اله السماء حرصاً منه على تماسك مجلس الاله وقطع الطريق أمام أية فتن قد تحدث وتؤدي في النهاية إلى انشقاق المجلس. فعمل حسب نصيحته واعتكف في صومعته يفكر في طرق سهلة ودون تكلفة زائدة توصله لهدفه المنشود.
كانت الأفكار تتسابق في ذهنه فما أن تقفز فكرة حتى تطفو على السطح فكرة جديدة لكنه لم ييأس واستمر في عمله وجمع الأفكار وعالجها ونقحها حتى تمخضت فكرة جديدة. فكور البيض من جديد وطلب من اله السماء النفخ فيها ليهبها الروح. قال اله السماء: لا أستطيع أن أهبها الروح قبل أن تخبرني ماذا صنعت؟؟ قال اله الطيور: لقد وضعت في كل بيضة ريشة من ريش الطيور الذكور... إله السماء (مقاطعاً): وهل سيؤثر ما أخذت من الريش على قدرات الطيور الطيرانية؟؟ إله الطيور: كلا لقد توخيت الحذر فالريش الذي انتزعته اعوج قاصر عن تقديم أية مساعدة أثناء التحليق ... لذلك ستكون المخلوقات الجديدة وهنة ضعيفة قاصرة غير قادرة على تدبير شؤون حياتها, جسمها معد للتفريخ والرقاد على البيض والاعتناء بالصغار فقط وهذه رسالتها بالحياة، فلا حاجة بعد اليوم لخلق بيض جديد أو رقود الملائكة عليه.
استحسن اله السماء الفكرة واستجاب لطلبه ونفخ من روحه في البيض. بعدها استدعى اله الطيور الذكور وطلب منهم الرقود على البيض فترة الحضانة ووعدهم بجائزة كبيرة بعد إنهاء المهمة. تقبل الذكور طلب الاله على مضض وبدت عليهم علامات الانزعاج والاستياء وعلامات وعدم الرضا مرسومة بشكل واضح على قسمات وجههم من هذا الطلب الغريب الذي لا يليق بكبريائهم الذكورية، وكان سبب قبولهم بالدرجة الرئيسية تلك الجوائز التي وعدهم بها. بعد الرقود وبعد انتهاء فترة الحضانة خرجت الإناث من البيض بكل رشاقة ودلال وملء حسنهن وجمالهن القلوب , عندها أدرك الذكور قيمة الجائزة التي وعدهم بها فانفرجت أساريرهم وغمرت السعادة قلوبهم، واتخذ كل طير زوجة له وحلق بها عالياً في السماء.
لم يرق للغراب المكانة الرفيعة والمرموقة التي وصل إليها الدجاج بفعل عمله وجده واجتهاده ونشاطه المتواصل واحترامه للقوانين والأنظمة ، فكان يرى نفسه الأنسب والأحق باعتلاء منصب نائب صقور السماء فهو الأقوى وصوته الأجمل، وما الدجاج إلا مجموعة من الطيور البليدة القبيحة التي وصلت إلى ما وصلت إليه بفضل الدعم المباشر من اله الطيور الذي ميزها عن باقي الطيور دون الصقور. كان الحقد والحسد قد ملأ قلبه وأعمى بصره وبصيرته، فكان يضمر لها الشر دوماً ويقضي جل وقته يفكر ويخطط لشرك أو مكيدة يوقع بها الدجاج ويسطو بها على مكانته.
في إحدى الأيام وبينما كانت الدجاجة تراقب أفراخ الصقور وهي تحلق في السماء، استغل الغراب الفرصة واقترب منها وطرح عليها السلام، نظرت إليه بازدراء للحظات وأشاحت بوجهها عنه وتابعت مراقبة أفراخ الصقور.
قال الغراب: أنت محقة فانا لا أستحق أن تنظري في وجهي وهذا بسبب غروري وحقدي عليكم، لكني اليوم جئت لأعرب لكم عن مدى أسفي وندمي على ما اقترفته بحقكم.
نظرت الدجاجة إليه باستغراب ودهشة وتأملته من رأسه حتى قدميه كأنها تريد التأكد من هوية المتكلم!
الغراب: لك الحق أن تستغربي قولي هذا لكني أعدك أن أكون لكم الأخ والصديق المخلص والأيام ستثبت لك، وأرجو إبلاغ زوجك الديك كلامي هذا. وبعد أن انهي كلامه فرد جناحيه وهم بالطيران، لكنه عاد وضمهما إلى جسده من جديد وتابع قوله: أحقا ما يشاع بين الطيور؟؟
الدجاجة: وما ذلك الذي يشاع بين الطيور؟؟؟
الغراب: إذاً لم يبلغك الخبر بعد، اعتقد انه كلام فارغ ولا أساس له من الصحة لا عليك ولا تشغلي بالك.
الدجاجة: منذ لحظات كنت تقول انك ستكون الصديق الوفي، فلماذا تخفي عني ما يشاع وقد يمس سمعتي وشرفي!!
الغراب: حسناً ...حسناً سأخبرك سمعت البعض يقول على لسان البوم الحكيم أن اله الطيور اخبره سر عظيم يخص مملكة الطيور.
الدجاجة: وما هو السر العظيم أيها الغراب؟
الغراب: يقال... ولست أنا من يقول. لو نكح الديك زوجة الصقر لأصبح الديك ملك السماء وفقدت الصقور قوتها ومكانتها بين الطيور، ولكني لا ادري كيف استطيع الوصول إلى الحقيقة فالبوم يكتم الأسرار، ولا احد منا يجرؤ أن يسأل اله الطيور!!! أكمل كلامه وصفق بجناحيه وانطلق في رحاب السماء.
عندما عاد الديك إلى المنزل, أخبرته زوجته بتفاصيل الحديث الذي دار بينها وبين الغراب وعن مدى أسفه وندمه على الماضي، وأخبرته كذلك بالسر الخطير الذي يشاع بين الطيور. نفش الديك ريشه ونفخ صدره وقال: الحقيقة أن زوجة الصقر جميلة ولطيفه وكلما رأيتها اترك عيناي تهيم في محاريب جمالها وكانت أحيانا ترمقني بنظرتها الساحرة والابتسامة على شفتيها....
قاطعته الدجاجة ونار الغيرة بدأت تلتهمها صدرها رويداً رويدا.
الدجاجة: يكفى .. يكفي لعلمك إذا سمحت لك هذه المرة فقط لأنها مصلحة عامة تخصني وتخصك وترفع من شأني وشأنك. لكن كل ما أتمناه أن لا تصبح الخيانة عندك عادة تجري في دمك.
الديك مبتسماً: يا عزيزتي لن أجد بين الطيور من يفوقك حسناً وجمالاً ودلالاً فأنت زوجتي ومعشوقتي وأجمل الحان حياتي، لكن ما باليد حيلة فهذا هو قدرنا وما كتب لنا لنرتقي فوق معشر الطيور.
قالت الدجاجة باستحياء: صدقت، فهذا ما كتب لنا، والزوجة الصالحة لا تغضب زوجها ولا تقف ضد إرادة الاله.
ويبدو أن الدجاجة قد اقتنعت بكلام زوجها فلا بأس أن يعاشر جميع نساء الطيور إذا كان أمراً ألاهيا وحقاً مشروعاً يرفع من قدرها وقدر زوجها.
بعدما سمع اله الطيور الشكوى التي تقدمت بها زوجة الصقر ضد الديك بمحاولة اغتصابها والدموع تملأ عينيها وأنفاسها تكاد أن تتقطع وتتحجرش الكلمات داخل صدرها. هاج وماج واستشاط غضباً فاستدعى على الفور الديك والدجاجة والغراب.
قال للديك: لقد خنت عهدي وتماديت في شهوتك وغرورك، خذ زوجتك واهبط بها على الأرض فلا متسع لأمثالك في السماء، منذ اليوم لا تطير أبدا، وتبقى تحمل جناحيك على جسدك ليوم القيامة علامة لغدرك وخيانتك، وأسلط عليك وعلى نسلك من بعدك الوحوش الضارية والطيور الجارحة فلا تنعم بعد اليوم بالسكينة والراحة والأمان. ثم التفت إلى الغراب وتابع: أما أنت منذ اليوم يصبح لون ريشك اسود وصوتك يدعى نعيقا يحمل الشؤم لسامعيه تلعنك الملائكة والبشر طوال حياتك وتطرد من كل مكان حللت به.

وما أن أنهى كلامه حتى أرسل إليه اله المطر قوس قزح ليركبه ويعود من جديد إلى السماء السابعة



#سالم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الخرفان أصلها عربي؟؟
- انا والحمار في جنة الرضوان
- بابا بابا الله خذلني
- سالم والحمار
- هروب ميت
- شيخ وخوري وحاخام ...وحوار الأديان مع سالم النجار
- اجدادي الأنبياء... النبي والديمقراطية
- اجدادي الأنبياء... النبي الأمين
- اجدادي الأنبياء... النبي والضباع
- اجدادي الانبياء....مولد نبي
- قصص اجداد سالم النجار .....الجزء الخامس والأخير
- اجداد سالم النجار......الجزء الرابع
- معاً للدفاع عن حقوق حور العين.........
- قصص اجداد سالم النجار .....الجزء الثالث
- قصص اجداد سالم النجار .....الجزء الثاني


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سالم النجار - قصة سقوط الدجاج