أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سالم النجار - انا والحمار في جنة الرضوان















المزيد.....

انا والحمار في جنة الرضوان


سالم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 19:01
المحور: كتابات ساخرة
    


بعد أن انتهينا من وجبة العشاء الدسمة التي تخللها كل ما تشتهي النفس من مشروبات خفيفة وثقيلة ومازات من جميع الأنواع والأصناف، تحلق الأصدقاء من حولي طالبين معرفة أخر أخبار السماء وإذا ما وردت تعليمات أو أية أوامر جديدة تخفف الحمل عن كاهل المؤمنين وتهديهم إلى الطريق القويم. بداية ترددت كثيراً بالإفصاح عن سر الرؤية التي راودتني قبيل اجتماعنا بأيام، وذلك لعدة أسباب كان أهمها توصية زوجتي الحبيبة بعدم التفوه بهذه القصة الغريبة العجيبة أمام الناس رغم إيمانها المطلق بصدق مقالي وحسن سلوكي وقناعتها التامة أن رؤية أجدادي حق، فلم يُخلق على شبههم أربعين للتشويش على المؤمنين ولا تستطيع الجن والشياطين من تقمص شخصيتهم المقدسة. كان سبب تخوفها الرئيس أن اتهم بالجنون والهلوسة فتُجبر من عشيرتها على خلعي. والسبب الأخر الخوف أن يتسرب الشك إلى قلوب أحبائي وأصدقائي وأفقد مصداقيتي أمامهم التي بنيت بالأساس على مبدأ الصدق والمحبة. وما أنقذني من ورطتي تلك إلا صوت هاتف من السماء يقول: أبلغهم الرسالة يا سالم... أبلغهم الرسالة. قلت: ما أنا بمُبلغ. فكرر الهاتف نداءه: أبلغهم يا سالم.. فقلت بصوت عالي استرعى انتباه الحضور: وزوجتي!!. الهاتف: لقد أنزلنا السكينة إلى قلبها وأنا لها لحافظون. خفف كلام الهاتف من الضغط النفسي الذي عانيته طيلة فترة جلوسي بينهم، وفك عقدة لساني وبدأت اسرد على مسامعهم الرؤية بكل تفاصيلها وكلهم أذان صاغية لكل شاردة وواردة وعلامات الدهشة والإعجاب تملأ عيونهم ووجوههم الجميلة. وما أن أنهيت كلامي حتى صرخ الجميع بلسان واحد: صدقت ... والله صدقت.

لم استطع عندها تمالك نفسي من الفرحة وانهمرت الدموع من عيني فخررت على الأرض ساجداً ورفعت يداي إلى السماء شاكراً ربي على نعمة الأصدقاء الأوفياء المصدقين ورجوته أن يزيدهم من نعمه ورضوانه.

اقترح أحد الأصدقاء بضرورة توثيق الرؤية حتى لا تكون عرضة للتشويه والتشويش والطعن والتجريح أو التحريف كما حصل مع ما سبق من وثائق الأجداد. بكل تأكيد رفضت هذه الفكرة جملة وتفصيلا كونها محفوظة في مكان أمين لا تصل لها أيدي العابثين المغرضين، لكن مع إصرار الصحابة على ضرورة التوثيق وكوني أميل للعمل الديمقراطي في اتخاذ القرارات طرحنا الموضوع للتصويت فحصل على نسبة تسعة وتسعون ونصف بالمائة (99.5%). صحابية جليلة واحدة صوتت ضد فكرة التوثيق بحجة أنها تشكك في قدرة صاحب الشأن في الحفاظ على كتبه وأفعاله. ومن ناحية أخرى يعتبر المتوارث والمنقول بالحجة والبرهان ذو تأثير اكبر على نفوس الناس إذا رويت بأسلوب واعي رصين لإقناع السامعين. تم تسجيل اعتراض الصحابية في الخانة المخصصة، لكن حسب الشروط الديمقراطية لا بد من الرضوخ لرأي الأغلبية. واليوم ونزولاً عند رغبة الصحابة أقوم بتدوين الرؤية المباركة عساها أن تعود بالخير والمنفعة على عموم المؤمنين الصالحين.
بتاريخ 22/5/2010 الساعة الرابعة تماماً بينما كنت استعد للاستيقاظ لصلاة الفجر شاهدت رجلاً فارع الطول يقف أمامي متسربلاً بثوب ابيض ناصع البياض وعلى رأسه منديل ابيض تدلى إلى الجانبين ليغطي منكبيه، ووجهه كبدر يشع نوراً وسلاماً وتفيض من عينيه المحبة والحنان، قلت في نفسي لا بد انه النجار الأكبر! ابتسم وهز رأسه قائلاً: نعم أنا جدك النجار الأكبر. قلت: ما أروعك يا جدي وما انصع بياض ملابسك. جدي: نعم يا بني فنحن بالجنة لا نستعمل سوى "برسيل" أبو تركيبة زرقاء لإزالة البقع العنيدة. قلت: إنما حسبت انه يعكس نقاء قلبك وصفاء روحك وصنيع أعمالك. مد يداه الطاهرتان نحوي قائلاً : هيا معي يا بني.

أخفيت عنه يداي خلف ظهري وقلت بصوت مرتعب: شكراً مازلت شاباً ولست في عجلة لمرافقتك. قال: لا تخف ستذهب معي في رحلة قصيرة لتشاهد يوم الحشر وما أعد الله للمؤمنين في الجنة. لم اصدق ما سمعت! فمددت له كفي الأيمن لتلامس كفه الشريفة الطاهر ، فشدني بلطف إليه وسرت جانبه حتى وصلنا باب المنزل، نظرت إلى الساعة فكانت تشير إلى الرابعة وجزء بالعشرة من الثانية.

عندما وصلنا إلى مكان انطلاق المكوك الذي يُحمل على جناحي طائر (ليس البراق) فقد افهمني جدي أن هناك بعض التعديلات والتطوير حصل للبراق فأصبحت جناحاه اقصر وتم توسعته كي يتمكن من حمل اكبر عدد من الركاب وهو ألان يعمل على الريموت كنترول وتم إضافة لوازم السلامة العامة. سألته أذا كنا سنسافر مباشرة إلى السماء أم سننزل ترانزيت في بيت المقدس؟ أجابني ليس لدينا الكثير من الوقت لذلك ستكون الرحلة مباشرة إلى السماء.

بعد صعودنا دراجات المكوك طلبت منا المضيفة عدم التدخين وأكل المكسرات وإغلاق الهواتف النقالة وعدم الوقوف والتنقل أثناء الطيران ثم طلبت منا وضع أحزمة الأمان. بعدها بدأ العد التنازلي من 10 إلى 0 فنظرت إلى ساعتي وكانت تشير إلى الرابعة وجزأين بالعشرة من الثانية.

وفي الساعة الرابعة وثلاثة أجزاء بالعشرة من الثانية كانت المركبة التي تقلنا قد توقفت تماما واخفض الطائر جناحيه، وطلب جدي مني النزول والاصطفاف لأعيش أيام الحشر. وبعد أن وطئت قدماي ارض السماء نظرت حولي فلم أر سوى البقر والجمال والحمير وباقي الحيوانات قد اصطفت بطوابير طويلة تنتظر على ما يبدو الحساب. هالني المنظر وصرخت بأعلى صوتي يا جدي ما هذا هل سأحشر مع البقر والمعيز والحمير وأنا ابن الأكرمين؟ وكنت أظن أني سأحشر مع أجمل نساء الأرض؟ قال جدي: نعم بابني أليسوا أمم مثلكم لهم الثواب وعليهم العقاب ولا فرق هنا بينكم؟ قلت: وهل ستحاسب الفيروسات والبكتريا والفطريات والديدان؟ قال: كلا يا بني فهي مسيرة وليست مخيرة. قلت حتى الايدز لن يحاسب؟ قال: حتى الايدز. قال هذا الكلام ثم انطلقت مركبته إلى مكان غير معلوم. أما أنا فقد توجهت إلى احد الطوابير لاقف خلف احد الحمير كان نوعاً ما مضطرب وعلى قسمات وجهه تبدو علامات الرهبة والخوف. وقفت خلفه وأخرجت سيجارة من بكيت سجائري فاعترضني قائلاً: الرجاء عدم التدخين فالمنطقة محصورة ومضغوطة. استجبت لأمر الحمار واعدت السيجارة إلى البكيت ونظرت إلى الساعة فكانت الرابعة تماما وأربعة أجزاء بالعشرة من الثانية.

في تماما الرابعة وخمسة أجزاء من الثانية كنت أقف أمام الملاك الذي أذن لي الدخول إلى الجنة رغم الشجار الذي حصل بيننا بسبب إصراره على معرفة اسم والدتي وما كنت لأمانع لو أن الحمار لم يدس رأسه بيني وبين الملاك بقصد معرفة اسم الوالدة، لكن والحمد الله مضت الأمور على خير وصعدنا إلى الباص الذي سيقلنا إلى قصورنا في الجنة، خلال الرحلة التي استمرت ملايين الكيلومترات لم يستطع الحمار أن يخفي فرحته بدخول الجنة فقال لي: أتعلم الآن ليس هناك فرقاً بيننا وبين البشر بعد هذا اليوم فها أنا أتكلم اللغة العربية لغة أهل الجنة واصعد معك على متن نفس الرحلة وسأكون لك جاراً ونخرج سوياً نتمشى على جانب انهر الخمر واللبن ونشرب سوياً ونقطف الثمار. وبقدر ما كانت فرحه الحمار كان غضبي. الحمير هي التي تسكن إلى جانبي؟ وتتحدث وتتسامر معي؟ ألا يوجد زرائب في الجنة تحوي هذه الحيوانات؟

عند الساعة الرابعة تماماً وستة أجزاء من الثانية، توقف الباص وطلب الملاك مني ومن الحمار النزول بعد أن حدد لنا مكان قصورنا وتسلمنا المفاتيح. عند نزولنا طلب مني الحمار الدخول لمشاهدة قصره من الداخل. عند البوابة كانت حوريات الحمار الاثنان والسبعون قد تجمهرن أمام قصره وهن يحملن الزهور وتغني أعذب أللحان تسحر السامعين وبدأ الحمار الغناء والرقص مع تلك الجوقة فسبحان من حول صوته من أنكر الأصوات إلى هذا الصوت المخملي الجميل، ثم تقدم بعض غلامان الحمير وطافت علينا بأكواب من الخمر. دخلت إلى قصره الذي يحوي سبعين زريبة وفي كل زريبة سبعين غرفة وفي كل غرفة سبعين مذود مرصع بالذهب والجواهر كي يمارس عليها جميع فنون الجنس واللواط وعلى كل مذود حورية حمار. بقيت في ضيافة الحمار حتى نهاية الاحتفال ثم استأذنته للذهاب إلى قصري.
نظرت إلى ساعتي فكانت الساعة الرابعة وسبعة أجزاء بالعشرة من الثانية

في الساعة الرابعة تماما وثمانية أجزاء من الثانية كنت اجلس في قصري وأنا غارق في التفكير وعن تلك المصيبة التي حلت بنا نحن معشر المؤمنين. أنا لا احسد الحمار على ما وهبه إياه الله في الجنة من قصور وبساتين وحور عين حمير وغلمان من الحمير وكل ما تشتهي العين وما لم تر.

لا فرق عندي إذا تغير صوته من أنكر الأصوات إلى أشجاها كل هذا يهون أمام أن يتمشى الحمار عارياً بين قصور المؤمنين متباهياً بعضوه الذكري الذي يضع المؤمنين بموقف محرج جداَ مع حور عينهم فهذا ينقص من رجولتهم وقدراتهم الجنسية . و سيجعل حورنا تنظر بعين الحسد لحور عين الحمير. شعرت بخيبة الآمل و هاتفت جدي طالباً منه الحضور الفوري لرغبتي في العودة إلى بيتي.

الساعة الرابعة وتسعة ثواني انطلق المكوك برحلة العودة الى الارض. الساعة الرابعة وثانية بالضبط كنت على فراشي .

سألت زوجتي إذا لاحظت غيابي قالت: كلا فقد ذهبت وعدت وفراشك ما زال دافئاً...



#سالم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بابا بابا الله خذلني
- سالم والحمار
- هروب ميت
- شيخ وخوري وحاخام ...وحوار الأديان مع سالم النجار
- اجدادي الأنبياء... النبي والديمقراطية
- اجدادي الأنبياء... النبي الأمين
- اجدادي الأنبياء... النبي والضباع
- اجدادي الانبياء....مولد نبي
- قصص اجداد سالم النجار .....الجزء الخامس والأخير
- اجداد سالم النجار......الجزء الرابع
- معاً للدفاع عن حقوق حور العين.........
- قصص اجداد سالم النجار .....الجزء الثالث
- قصص اجداد سالم النجار .....الجزء الثاني


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سالم النجار - انا والحمار في جنة الرضوان