في سباق مع الزمن اسرائيل تسعى لحسم قضية القدس

عبد اللطيف حصري

الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 16:14
المحور: القضية الفلسطينية
    

بلدة سلوان - نموذج مصغر للهجمة الاستيطانية وتهويد القدس العربية
خلفية تاريخية وجغرافية
تقع بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك ، وكلمة سلوان جاءت من لفظ سيلوان الأرامية وتعني الشوك والعليق أو من اللفظ العربي سلوان بمعنى الصبر ، وسلوان هي البلد الأكثر إلتصاقاً بالمسجد الأقصى المبارك وبأسوار البلدة القديمة بالقدس من الناحية الجنوبية والشرقية ، وهي أساس مدينة القدس، بناها اليبوسيون العرب من أصول كنعانية على سفوح تلال الضهور، وسميت على إسمهم، وعمرها نحو ستة آلاف سنة إذ يعود بناؤها الى 4000 عام ق.م ، وفيها عين ماء مشهورة يرتبط تاريخها بتاريخ القدس، حيث شكلت مصدر المياه الأساسي منذ الفترة الكنعانية ، عبر قنوات صخرية بناها اليبوسيون بطول 533 متراً ، وما زالت آثارها الى اليوم، ويبلغ عدد سكان بلدة سلوان اليوم أكثر من خمسة وخمسين ألف نسمة ، أما مسطح أراضيها فيبلغ 5421 دونما ، وتملك سلوان جزءاً كبيراً من الأراضي المشاع الواقعة بين القدس والبحر الميت، وأهمها منطقة السهل الأحمر، الواقعة على طريق القدس أريحا ، والتي عرفت تاريخياً بخان السلاونة ( الخان الأحمر ) ، وقد صودرت أراضي خان السلاونة بعد الإحتلال الإسرائيلي عام 1967م وأقيمت عليها مستوطنة " معاليه أدوميم ".
يحد بلدة سلوان من الشمال المسجد الأقصى المبارك والسور التاريخي للبلدة القديمة بالقدس وحي المغاربة الذي دمره الإحتلال الإسرائيلي عام 1967م ، ومن الغرب حي الثوري ، ومن الجنوب أراضي بيت صفافا وجبل المكبر ، ومن الشرق قرى أبو ديس والعيزرية وجبل الطور .
مصادرة الأراضي والإستيطان
تزعم المؤسسة الإسرائيلية وهي تنشر سرطان إستيطانها في القدس، أن سلوان، جزء من الرواية التوراتية وأن الملك داوود أستوطن المكان وبنى مملكته فيها . وحتى العام 1990م لم يسكن يهودي واحد في سلوان، ولكن مع بدايات تسعينيات القرن الماضي، وضعت المؤسسة الإسرائيلية أول خطواتها لتنفيذ تهويد سلوان، ضمن مخطط شامل لتهويد محيط المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة بالقدس، وكانت جمعية "إلعاد" الإستيطانية هي الذراع التنفيذي للمخطط.
وجمعية إلعاد هي إختصار لكلمات عبرية معناها "إلى مدينة داوود"، وأسست هذه الجمعية عام 1986، بهدف تكثيف الإستيطان في الأحياء الفلسطينية المحيطة بالمسجد الأقصى، وتحظى الجمعية بدعم غير محدود من المؤسسة الإسرائيلية ووزاراتها المختلفة، ومن بلدية الإحتلال في القدس.
وبحسب ما افادت جمعية حقوق الانسان، تسيطر العاد على نحو 40 بؤرة إستيطانية في بلدة سلوان، تتركز في منطقة وادي حلوة وفي وسط سلوان قريبا من عين سلوان، ما يعني قذف اكثر من ثلاثمائة انسان الى العراء. وتعتبر المنطقة التي يطلقون عليها "مركز الزوّار – مدينة داوود" هي أخطر مركز إستيطاني تهويدي في بلدة سلوان، وهي الأقرب الى المسجد الأقصى المبارك من الجهة الجنوبية .
"الحوض المقدس" لفظ تضليلي تهويدي
تغلّف المؤسسة الإسرائيلية الإحتلالية ما تقوم به من تهويد في سلوان وفي محيط المسجد الأقصى، بغلاف ديني توراتي تسميه "الحوض المقدس" وهو لفظ تضليلي تحاول المؤسسة الإسرائيلية أن تشيعه وتفرض التداول به على انه مجموعة للمواقع الدينية المقدسة لليهود في البلدة القديمة ومحيطها، وتشمل الأحياء الفلسطينية المحيطة بالمسجد الأقصى خصوصا بلدة سلوان، وأحياء اخرى مثل الشيخ جراح ووادي الجوز والطور ورأس العامود، ويعود إستعمال لفظ "الحوض المقدس" الى عقدة النقص التي تعاني منها المؤسسة الإسرائيلية، إذ تفتقر مدينة القدس الى مواقع أثرية أو دينية يهودية حقيقية، فتحاول عبر الألفاظ والتزوير إيجاد تاريخ عبري موهوم وادعاء موجودات أثرية يهودية.
ومن بين المخططات التهويدية في سلوان بناء كنيس يهودي ، وبجانبه مكتبة وشقق سكنية إستيطانية وموقف يتسع لمائة سيارة على الاقل، وقد اقرت بلدية القدس بتاريخ 13-5-2008م الإجرءات المتعلقة ببناء هذا الكنيس وما جاوره، أعلى بلدة سلوان في منطقة وادي حلوة .
مزاعم التاريخ العبري لمنطقة سلوان
تعكف جمعية " إلعاد " المشار اليها بأنها الأكثر نشاطا في تهويد بلدة سلوان بتنفيد مخططها المتدرج حيث استولت على مناطق من سلوان في أعلى وادي حلوة على بعد امتار من المسجد الاقصى، كما واستولت على النفق الصخري لمنابع عين سلوان وقامت بحفريات واسعة في المنطقة وأنشأت ما أسمته "مركز الزوار لمدينة داوود" كجزء من المساعي لإقامة الهيكل الثالث.
وبموازاة الإستيطان اليهودي فوق الأرض ، فإنّ هناك شبكة من الأنفاق التي حفرتها المؤسسة الإسرائيلية تحت بلدة سلوان ، أحدثت تشققات خطيرة في بيوت سلوان وشوارعها ، وكل هذه الأنفاق التي يصل طولها الى مئات الأمتار ، تتجه نحو المسجد الأقصى ، لتصل الى أسفله خصوصا من الجهة الجنوبية الغربية، وتستغلّ المؤسسة الإسرائيلية هذه الأنفاق لتنظيم مسارات سياحية تصب في محاولات تنفيذ مخطط بناء الهيكل المزعوم ومرافقه على حساب المسجد الأقصى المبارك .
"قيدم يروشلايم" و"حديقة الملك داوود" – تهويد التاريخ والجغرافيا
في أواخر العام 2008م ومطلع العام 2009م أعلنت المؤسسة الإسرائيلية وبلدية القدس عن بناء حديقة توراتية تحت إسم "حديقة الملك داوود" ضمن سلسلة حدائق توراتية، تطوق المسجد الأقصى من جميع جهاته، وأرسلت بلدية الإحتلال إخطارات للسكان بهدم نحو 88 بيتا في حي البستان، أحد أحياء بلدة سلوان، حيث تنوي السلطات بناء الحديقة التوراتية، وتوالت حملة إخطارات هدم البيوت لباقي أحياء سلوان والأحياء الفلسطينية الأخرى، ومن خلال مخطط "قيدم يروشلايم" تهدف المؤسسة الاسرائيلية الى تكريس التهويد وسيطرة الإحتلال على المسجد الأقصى المبارك، تحت شعار كاذب وهو تطوير السياحة في القدس. وتتركز أكثر المخططات التهويدية هذه في منطقة سلوان وباب المغاربة ، والمنطقة الجنوبية والشرقية للمسجد الأقصى، وهي ضمن منطقة حدود بلدة سلوان وجوارها، او ما تطلق عليه المؤسسة الإسرائيلية تضليلاً وتزويرا "الحوض المقدس"، ومن أبرز المخططات التهويدية التي لها صلة في سلوان وجوارها، إقامة جسور فوق الأرض، وإنشاء أنفاق تحت الأرض، وإقامة بنايات على حساب بيوت أهل سلوان، وإقامة متنزهات وحدائق تلمودية، وبالتالي افراغ القدس من اهلها الاصليين وتهويدها بشكل تام.

#عبد_اللطيف_حصري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات