أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد اللطيف حصري - ليبرمان بين اغراق غزة واحراق ام الفحم















المزيد.....

ليبرمان بين اغراق غزة واحراق ام الفحم


عبد اللطيف حصري

الحوار المتمدن-العدد: 3070 - 2010 / 7 / 21 - 21:56
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا يمكن النظر الى مقترحات وزير الخارجية الاسرائيلية افيغدور ليبرمان، بشأن غزة والتي تعني اغراقها في البحر، بمعزل عن مقترحاته بشأن عرب الداخل ومشروعه للتبادل السكاني، ولا تخقي اسرائيل الرسمية نواياها بـ "تصحيح" ما اعتبره بن غوريون "الخطأ التاريخي" والتخلص من العرب مواطني دولة إسرائيل من خلال عملية تبادل سكاني أو أراض، كجزء من الحل الدائم بين إسرائيل وكيان فلسطيني "مسخ" عتيد، ومن ثم تحقيق أغلبية يهودية مطلقة، على أغلبية أراض مطلقة من فلسطين التاريخية. فما أخفقت اسرائيل في تحقيقه من خلال المجازر وغبار الحرب، تحاول اليوم تحقيقه عبر مجزرة سياسية بحق اكثر من خمسة ملايين فلسطيني يعيشون ما بين البحر والنهر، ومثلهم في الشتات ومخيمات اللجوء.
في عام 2002 أعد قسم الأبحاث التابع للكنيست ، بناء على طلب من عضو الكنيست افيغدور ليبرمان بحثا حول عمليات ترانسفيرية تاريخية جرت أحداثها في أوروبا خلال القرن العشرين، واستعرض البحث أعداد السكان الذين تم طردهم أو نقلهم من مكان إلى آخر، كما استعرض الطرق والأساليب التي تم استخدامها لتنفيذ عمليات الترانسفير، ومن ابرز تلك العمليات إجبار نحو مليون ومئتي ألف يوناني على الهروب من تركيا إلى اليونان، وهروب نحو ثلاثمئة وثمانين ألف تركي من اليونان إلى تركيا، ويبدو واضحا مما استعرضه البحث أن مثل هذه الأحداث كانت لصيقة أو بالتوازي مع الحروب او في اعقابها، بزيادة جرعات توتر النزاعات القومية، وهو الأمر الذي لا تعدمه منطقتنا، لا بل وتعمل إسرائيل جاهدة على إذكاءه والحفاظ على جذوته وفتيل اشتعاله بشكل دؤوب، ويبدو ان غبار الحرب على لبنان عام 2006 ، ودخان الفوسفور الحارق والذي ما زال مشتعلا في اجساد اطفال غزة، قد قدم الاغراءات الكافية لحكام الكيان الصهيوني من اجل اغراق غزة في البحر.
في حقيقة الامر لا تحتاج المؤسسة الصهيونية إلى كل تلك الدراسات التاريخية، فالتطهير العرقي الذي مارسته على سكان ما يربو على خمسمائة قرية فلسطينية، يمكن أن يشكل اكبر مدرسة لأعتى الديكتاتوريات في العالم، لكن ثبات أقلية عربية في أرضها ووطنها من جهة، وغوص إسرائيل في مستنقع احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة من جهة اخرى، وضع الصهيونية أمام معضلة السيطرة التامة والكاملة على أراضي فلسطين التاريخية، ومعضلة التوازن الديموغرافي. لذا تسارع إسرائيل اليوم في سباق مع الزمن إلى قضم اكبر مساحة ممكنة من الأرض العربية، وزج الفلسطينيين داخل بانتوستانات معزولة ومحاطة بالجدران، وتوسيع رقعة السيطرة على الأرض إما من خلال الاستيطان السرطاني، أو من خلال جدار الفصل العنصري، وفي حالات اخرى من خلال سيطرة الجيش على مناطق بحجة الأمن، وذلك يسير بالتوازي تماما مع سياسة الهدم وتضييق الخناق على الاحياء العربية في القدس المحتلة وعلى القرى والمدن العربية في الداخل الفلسطيني، وحرمانها من المسطحات وآفاق التطور، بهدف تحضيرها جغرافيا لتصبح في الوقت المناسب قابلة للإحاطة بجدران الفصل العنصري، تماما كما هو الوضع في غزة.
مع نهاية حرب الـ 1948 كانت اسرائيل قد انتجت من اسباب استمرار الصراع ما يكفي لعدة اجيال قادمة، ولا اقصد هنا فقط ما ارتكبته من مجازر وتطهير عرقي، وهدم للقرى العربية بعد اقتلاع سكانها وقذفهم الى منافي اللجوء والشتات، وانما ما سعت اليه سياسيا من خلال استثمار "انجازها" العسكري في تقويض قرار التقسيم من العام 47 والالتفاف على القرار، بحيث يتم استبعاده كمرجعية للحل ومرجعية لحق تقرير المصير، ويغدو التعامل مع نتائج الحرب هو المرجعية.
لقد أدركت القيادة الصهيونية مبكرا ان رفض قرار التقسيم من كلا الطرفين العربي واليهودي، سوف يقود الى مرجعيات اخرى وسوف يضع حق تقرير المصير لكلا الشعبين أمام استحقاق انهاء الانتداب البريطاني واقامة الدولة الدمقراطية الواحدة، او الدولة ثنائية القومية وهو الامر الذي قض مضاجع القيادة الصهيونية، فسارعت الى قبول قرار التقسيم وفي نفس الوقت عملت كل ما بوسعها على تقويضه نهائيا من خلال الحرب والسيطرة العسكرية على اكبر مساحة ممكنة من الارض، وفي الواقع استطاعت اسرائيل السيطرة على نحو ثمانين بالمئة من الارض في حين منحها قرار التقسيم ما يعادل خمسة وخمسين بالمئة من اراضي فلسطين التاريخية.
ان واقع الاحتلال والسيطرة العسكرية، وواقع التطهير العرقي للمناطق التي سيطرت عليها اسرائيل، عزز قناعة القيادة الصهيونية ان بامكانها اقامة كيان يهودي صاف تتجاوز حدوده ما نص عليه قرار التقسيم، ويحتمل وجود اقلية عربية بسيطة مرعوبة وهادئة داخله، وبنفس الوقت يلغي حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني او على الاقل يزيحه جانبا لعدة اجيال قادمة. وكانت حرب حزيران 67 الضربة الاشد ضراوة لقرار التقسيم ، اذ استولت اسرائيل عسكريا على كامل التراب الفلسطيني، وسياسيا ازاحت مرجعية الحل من قرار التقسيم الى نتائج حرب الـ 48 ، واكتسب هذا الفعل العسكري شكله السياسي، ليس في أروقة الامم المتحدة ودوائر الشرعية الدولية وحسب، وانما في خطاب حركة التحرر الوطني الفلسطينية ايضا، التي رفضت التقسيم في حينه (لما حمله القرار من عناصر اجحاف بحق السكان الاصليين)، ولكن سرعان ما ساقتها نتائج حرب 67 الى التعامل مع قرار التقسيم بنوع من الحنين المحزن، والتعامل مع نتائج حرب 48 او ما اصطلح على تسميته حدود 67 على انها حدود "الشرعية الدولية"، وتقزيم مفهوم الاستقلال الوطني وتقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحصره في مناطق الاحتلال الاسرائيلي من عام 67، بمعنى في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس العربية. هذا في الوقت الذي سعت فيه اسرائيل الى إلغاء حتى هذا الجزء من مساحة المناورة الفلسطينية حول حق تقرير المصير، لان الاستيطان خلق واقعا جغرافيا على الارض، يقلص تلك المساحة الى حدود غير قادرة وغير قابلة لإنشاء كيان سياسي اقتصادي اجتماعي مستقل، وخلق واقعا ديمغرافيا يجعل امكانيات نشوء كيان فلسطيني شبه مستحيلة.
في الوقت الذي ما زالت روابي وتلال الضفة الغربية تثير شهية الاستيطان الاسرائيلي، فان المقاومة التي مرغت انف العسكرية الاسرائيلية بالوحل، اضافة الى الكثاقة السكانية لرمال غزة، باتت حبة البطاطا الملتهبة بيد اسرائيل، وبحسب ليبرمان هناك الكثير من البطاطا الملتهبة مثل غزة التي لا يمانع في اغراقها، ومثل ام الفحم التي لا يمانع في احراقها.



#عبد_اللطيف_حصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحتضار حل الدولتين
- هل تهز هزة هاييتي ضمير الانسانية؟؟


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد اللطيف حصري - ليبرمان بين اغراق غزة واحراق ام الفحم