أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي خريبط الخليفه - قصة قصيرة /عذرا أيها القلب الحنون














المزيد.....

قصة قصيرة /عذرا أيها القلب الحنون


علي خريبط الخليفه

الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 19:41
المحور: الادب والفن
    





حين يكون الموت ملاذا آمنا نستسلم له راغبين غير صاغرين لنهرب من كل شيء يحيط بنا الغربة في الوطن والفقر الذي أصبح جلباب يلبسنا ونلبسه
ووجوه شبحيه لبست أقنعتها لتخفي حقيقتها
ولكن ما يجعلني اعتصر ألم وأتوجع .. هناك بين كل تلك الغصات
من هو ينتظرك ..!
لا يشبه كل شيء في تعلقه وفي صبره وحرقته .. قلب يفيض حبا وعطفا ساهرا ليله مناجيا سماه بنجومها وأقمارها والشهب الساقطة كرسالة غوث لمستغيث
كانت تلك آخر الكلمات أرسلها مع ريح صفراء ... إلى قلبها ....

في بيت من الصفيح عند بقعة منسية ... يمر من قربها نهر حفر لصد الفيضان
الأتي عند ازدياد منسوب نهر دجلة .. وأخيرا أصبح لتصريف المياه الثقيلة للمدينة
كان يسكن هناك مع عائلته التي ترزح تحت خط الفقر
لم يبلغ من العمر ثلاثة عشر سنة.. ينظر إلى وجه أمه البأس الذي رسمت عليه آثار تجاعيد السنة بكماء لترثي جمالها الغابر .. وصدرها وأردافها المتهدلة
كطير أنهكه العطش .
وهي تقلب وجهها في السماء. تفرك أصابعها دون هدي يدلها لتوفر لقمة عيش
ليومهم هذا .. تطيل النظر محدقة بأطفالها وهم ملتحفين بعضهم البعض
وسط صليل ليلة شتوية قارسة .. لا يستر أجسادهم النحيلة سوى قطع قماش بال
مزقته سنين عوز لا ترحم .. تفطر قلبه لمنظر أمه وأنتظر الفجر أن يتنفس

حزم الأمر .. وهم في الخروج .. وقفت بوجهه أمه
- إلى أين يا فلذة الكبد والروح ..قال
- البحث عن عمل .. قالت
- الدروب خطرة والموت يحفها من كل صوب . وأنت عودك طري
- أطرق رأسه محدقا في الأرض دون أن يرد ..قالت له بقلبها الباكي
- هل ستعود !
- لا يمنعني عنك إلا القدر ألمحتوم ..
أصابتها تلك الكلمة بذعر وفزع وقالت بجهالة الفطرة
- هل تستطيع أن تغافله وتأتي ،أو قل له هناك في الأرض المنسية
قلب أم ينطر على الدروب . ويتفطر من لوعة الوجد والفراق

أجابها متبسما ، بثغره الذابل وهو يلقي عليها بنظرات عينيه الغائرتين ألتين يحيط بهما السواد .. لا عليك يا أرق الناس وأعزهم ...سأخبره انك في الانتظار

.. كانت أمه تترقبه يكبر ويفرد طوله ويكون له شأن لتتباهى به
غادرها حاملاً كيس من القماش ليجمع فيه بعض علب الكوكاكولا الفارغة الملقاة في الشوارع ليبيعها .. ويطعم الأفواه الجائعة ويرد لهثت أمه في حيرتها
كانت تطويه الشوارع والأزقة ... يلوذ هنا وهناك عند سماع أزيز الرصاص
الشوارع خالية من أهلها .. لا يرى سوى أشباح أجساد مذعورة وأخرى تترصد فريستها
رآهم قادمين .. تقربوا منه أكثر ... أحاطوا به من كل ألجهات
ينظر إلى عيونهم تقدح شراً تطفح به وجوههم ألمتيبسة
قال أحدهم
- أهذه غنيمتنا اليوم .. بدا يدور حوله كذئب أستفرد شاة...وهو يتمتم
- جسد نحيل شاحب الوجه ، يلبسُ أسمال ٍ . لا يبدو عليه أستبدلها مذ سنوات قاطعه أخر وقال ..
- لا يهم ما تقول إن ما يعنينا هي ألروح ألتي نسلبها ؟
كانت الشمس تتسحب إلى الأفق البعيد وأمهُ واقفة على عتبة الباب تنظر إلى الشوارع والطرق التي غاب أثره فيها . عقدت ذراعيها فوق صدرها .
كانت دقات قلبها تتلاشى كلما الشمس انحدرت نحو المغيب وهي ترمق السماء وتردد
- يا راد يوسف إلى يعقوب ، رد لي ولدي .. فلذة كبدي ، عمري الباقي وزهرة حياتي
صاح احدهم هيا ما ذا تنتظرون أريحوه!
تلقفوه بأيادي قاسية وسحلوه على أسفلت الشارع ... مستسلماً لهم بكل وداعة الطفولة والبراءة ..وكان جسده الغض تطوى بأيديهم كعود ريحان طري قد دنى قطافه
يسمع ترديد كلمات ذابحهُ حين وضع نصل سكينه على رقبته لقطع الود جين
الله أكبر .... الله أكبر ..... الله أكبر
رمق السماء بنظرةٍ ، وتحركت شفتاهُ باسمةٍ لتهمس فوضت الأمر إليكَ
فصلوا رأسهُ عن جسده وما زالت قطرات من حر القيض تعلو جبينه
وعيونه شابحة صوب الطرق البعيدة ...هناك حيث القلب الحاني .. حيث نظرات الانتظار
فأرسل كلماته عبر الريح الصفراء
- أماه.. أيتها القلب الحنون عذراً لم أستطع أغافل القدر المحتوم



#علي_خريبط_الخليفه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة / رائحة المجون
- قصة قصيرة /طيف امرأة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي خريبط الخليفه - قصة قصيرة /عذرا أيها القلب الحنون