أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - المنطلقات الفكرية في الخطاب الديني وفق ابوزيد














المزيد.....

المنطلقات الفكرية في الخطاب الديني وفق ابوزيد


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3074 - 2010 / 7 / 25 - 12:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



البعض يدعي اختلاف التيار الديني المتطرف عن ذلك المعتدل، في حين لا يوجد في الخطاب الديني فرق بين خطاب معتدل وخطاب متطرف، فالإثنان يحملان نفس "المنطلقات الفكرية" ونفس "الآليات"، بينما الفارق بينهما هو في الدرجة لا في النوع، حسب ما يقول المفكر الراحل الدكتور نصر حامد أبوزيد، مضيفا أن الخطابين يعتمدان عناصر أساسية ثابتة في بنية الخطاب غير قابلة للنقاش أو الحوار أو المساومة، من هذه العناصر "التكفير" و"الحاكمية" و"النص".
إن الخلاف بين الإعتدال وبين التطرف هو، حسب أبوزيد، خلاف هامشي وليس خلافا أساسيا، إنه خلاف حول مجال تطبيق المبدأ لا حول المبدأ نفسه، خلاف حول التوقيت أو الظرف المناسب. لذلك يُعتبر التكفير عنصر أساسي في بنية الخطاب الديني بشقيه المعتدل والمتطرف، لكنه واضح ومعلن في خطاب المتطرفين، وكامن وخفي في خطاب المعتدلين.
لقد استخدم عنصر التكفير ضد كتابات أبوزيد من قبل المعتدلين والمتطرفين، وكان آخر استخدامات ذلك العنصر اتفاق المعتدلين والمتطرفين الدينيين في الكويت على منعه من دخول البلاد. هذا الاستخدام طال أيضا الكثير من الكتاب والمفكرين والأدباء والفنانين ورجال الدين في الوطن العربي، لعل أبرزهم هو تجربة الراحل نجيب محفوظ.
يعتقد أبوزيد أن دعوة الإسلام في جوهرها هي دعوة لتأسيس العقل في مجال الفكر، والعدل في مجال السلوك الاجتماعي، وذلك بوصفهما نقيضين للجهل والظلم. كما يعتقد أن تاريخ الثقافة الإسلامية ظل حريصا على نفي أي تعارض بين الوحي والعقل، وأن النقل إنما يثبت بالعقل، وأن العقل هو الأساس في تقبل الوحي. ويرى أن أولى محاولات إلغاء العقل لحساب النقل تعود إلى حادثة رفع المصاحف وتحكيم القرآن من جانب الأمويين في موقعة "صفين"، حيث يعتبر ذلك نقلا للصراع من المجال السياسي إلى مجال الدين والنصوص، وهو ما يؤدى إلى تحول العقل لتابع للنص.
إن تحكيم النصوص في المجال السياسي، حسب أبوزيد، يهيئ لـ"شمولية" النصوص و"هيمنتها" في الخطاب الديني، وهو ما يؤدي إلى القضاء على استقلال العقل بتحويله إلى تابع يقتات بالنصوص. لذلك، يعتقد أبوزيد أن الخطاب الديني، وبالذات السلفي، لا يؤسس "النقل" لأنه ينفي أساسه المعرفي وهو العقل، وهو ما كانت نتيجته تغريب الإنسان في الواقع وإفساح المجال لتحكم سلطوي من نوع خاص. فالخطاب الديني منع العقل الإنساني من التواصل "تأويلا" مع الخطاب الإلهي "المنزّل بلغة الإنسان"، وهو ما أدى إلى تعميق الهوة بين الإلهي والإنساني، وإعادة صياغة المفاهيم الدينية بإعادة تأويلها لتصب في أيديولوجيا "الحاكمية"، التي تحث على إلغاء فاعلية العقل وتسليم الإنسان مقيدا إلى سلطة من نمط خاص. وتعتبر دعوى احتكار الحقائق وما يترتب عليها من دعوى احتكار القرار هي الأساس النظري لمفهوم الحاكمية.
يحتج أبوزيد على إصرار الخطاب الديني على اختصار علاقة الإنسان بالله في بعد واحد فقط هو العبودية، التي تتحول بفضل الحاكمية إلى عبودية الإنسان لإنسان من نوع خاص هو الفقيه، أي تقليد بشر يزعمون لأنفسهم احتكار حق الفهم والشرح والتفسير والتأويل وأنهم وحدهم الناقلون عن الله، وحصر فاعلية الإنسان في الطاعة والإذعان، حيث تحرم عليه السؤال أو النقاش، وأن أي نضال ضد حاكمية الفقهاء يوصم بالكفر والإلحاد والزندقة بوصفه تجديفا وهرطقة ضد حكم الله، الأمر الذي ينقل مجال الصراع من معركة بين البشر والبشر إلى معركة بين البشر والله.
في حين من وجهة نظر أبوزيد فإن الإسلام حرر الإنسان من سيطرة الأوهام والأساطير على عقله، وحرر وجدانه وعقائده من كل ما يعوق حريته، وأن الذي يقوم على التسليم على مستوى العقيدة هو الإيمان فقط، وهو مستوى قلبي شعوري دون تأويل أو اجتهاد أو تدخل للبشر.
يطرح أبوزيد مسألة "البعد التاريخي للنص الديني" بوصفه إشكالية يتعمد الخطاب الديني تجاهلها، وهو ما يتعلق بتاريخية المفاهيم التي يطرحها النص الديني بوصفها نتيجة طبيعية لتاريخية اللغة التي صيغ بها هذا النص. وهذه التاريخية تتضمن البعد الاجتماعي للنص وعلاقته بما يدل إليه. فوفق أبوزيد ليس ثمة عناصر جوهرية ثابتة في النص، بل لكل قراءة بالمعنى التاريخي الاجتماعي جوهرها الذي تكشفه في النص.
يريد أبوزيد لتجديد فهم النص الديني أن يتجاوز فهم الفقهاء وألا يقتصر على النصوص التشريعية دون نصوص العقائد أو القصص. ويشدد على أن النصوص، بشرية كانت أو دينية، محكومة بقوانين ثابتة، وأن المصدر الإلهي للنص لا يخرجها عن هذه القوانين لأنها "تأنسنت" منذ تجسدت في التاريخ واللغة وتوجهت بمنطوقها ومدلولها إلى البشر.
إن النصوص وفق أبوزيد، وبالذات تلك التي دونت وسجلت منذ لحظة ميلادها، ثابتة في "المنطوق" متحركة متغيرة في "المفهوم"، أما النصوص التي خضعت لآليات الانتقال الشفاهي (أي الأحاديث) فإنها تفقد صفة ثبات المنطوق. وأفق القارئ الفكري والثقافي، وفق أبوزيد، يتدخل في فهم لغة النص وفي إنتاج دلالته، لكن الخطاب الديني لا يعترف إلا بفهم يجمد دلالة النصوص في قوالب مجمدة. والنص الديني (القرآن) منذ لحظة نزوله الأولى، أي مع قراءة النبي له لحظة الوحي، تحول من كونه نصا إلهيا وصار فهما إنسانيا، لأنه تحول من التنزيل إلى التأويل. ففهم النبي للنص يمثل أولى مراحل حركة النص في تفاعله بالعقل البشري.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحق المطلق.. والباطل المطلق
- أبوزيد في وسط -غابة- التيار الديني
- ماهي الطائفية؟
- في الدفاع عن حرية التعبير في الكويت
- -الزعيم- في الثقافة الأصولية
- الخضوع للتراث
- -الليبرالويون-.. والحرية
- الانقسام الشيعي الجديد في الكويت
- الحرية.. والنقد.. والأزمات السياسية
- التسامح.. والرؤى التكفيرية.. والهوية الدينية
- الوجه المزدوج للإسلام السياسي
- العلمانية.. والحجاب
- -المثقفون المؤدلجون-.. وأنصار البرادعي
- التعايش الأصولي.. والتعايش الحداثي
- بين الأصولي والليبرالي
- الليبرالية المزعجة
- الدين.. الليبرالية.. والحياة الجديدة
- العوضي.. والليبرالية.. وأخطر الأفكار
- النقد الأخلاقي لنظرية ولاية الفقيه المطلقة (2-2)
- النقد الأخلاقي لنظرية ولاية الفقيه المطلقة (1-2)


المزيد.....




- الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء أكثر من 4 آلاف وحدة استعمارية ف ...
- نصرة الفلسطينيين فريضة لا يجوز التهاون فيها.. ما هي توصيات م ...
- لماذا انتقد الداعية الكويتي سالم الطويل المذهب الإباضي ومفتي ...
- واشنطن تضيق الخناق.. -الإخوان- في مرمى التصنيف الإرهابي
- سالم الطويل.. فصل الداعية الكويتي بعد تهجمه على المذهب الإبا ...
- سفير إسرائيل في بروكسل: التكتل سيخسر إذا عاقبنا بسبب غزة ولم ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال ...
- الأردن.. توقيف أشخاص على صلة بجماعة الإخوان المحظورة
- روبيو: نعمل على تصنيف -الإخوان- كتنظيم إرهابي
- روبيو: الولايات المتحدة في طور تصنيف جماعة الإخوان منظمة إره ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - المنطلقات الفكرية في الخطاب الديني وفق ابوزيد