أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامية نوري كربيت - قادة العرب لا يتعلمون من التاريخ















المزيد.....

قادة العرب لا يتعلمون من التاريخ


سامية نوري كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 18:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان الوضع السياسي في الوطن العربي بعد الحرب العالمية الثانية نستطيع ان نطلق عليه انه عصر المغامرات السياسية لهوات السياسة بامتياز , بما جلبوه لدولهم من دمار نتيجة لدخول حروب غير محسوبة النتائج او لخدمة اجندات خارجية لا تخدم المصلحة الوطنية مما ادت في بعض الدول الى انهيار مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية , واشاعة الفوضى والتخلف وسيادة مبادئ التطرف والعنف وانهيار المنظومة الاخلاقية وبروز الجوانب السلبية وسيادتها على المشهد العام , واختفاء المفاهيم الايجابية التي تعمل على ترابط المجتمع وتقدمه , ان الهدف الحقيقي الذي يختفى خلف الاقنعة التي يظهر بها هؤلاء القادة الذين وصلوا الى قمة السلطة في دولهم عن طريق الانقلابات العسكرية او تحت شعارات ايديولوجيات الدين او المذهب او القومية او احزاب شمولية لا يمكن ان يكون بأي حال من الاحوال له مساس بمصلحة الشعوب , بل الحقيقة ان هؤلاء القادة والحكام مدفوعين تحت تاثير نزعات شخصية او قبلية او مذهبية وبمعنى اخر خدمة تطلعاتهم النرجسية في الظهور والاستحواذ على ما توفره لهم ولأتباعهم هذه المواقع من نفوذ ومكاسب مادية ومعنوية . والذي يصعد الى سدة الحكم على اكتاف الطائفة او القبيلة او المذهب او عن طريق احزاب تحمل افكار تستقطب طبقات معينة , خاصة المحرومة او المضللة لايمكن ان يكون ممثلا لكل المجتمع لأن كل مجتمعات العالم لا تتكون من طائفة او جماعة اثنية اوقومية او دين او مذهب او فكر واحد , بل هي خليط من كل هؤلاء , ولما كانت الحكومات العربية اغلبها جاءت بأحدى هذه الطرق نجد في كل دولة منها من هو متنعم وهناك من هو مضطهد لأن هذه الحكومات تستبيح اموال الدولة وتجعلها ملكا خاصا لها ولأتباعها وتفرض على شعوبها ارادة الفرد الواحد او الفئة الواحدة , والدول العربية ليست حالة استثنائية بل هذا ما حصل في كثير من دول العالم التي ابتليت بقادة ذوي نزعات تسلطية مدفوعين برغبات منحرفة وملبوسين بحب الظهور او ما يطلق عليه في مفهوم علم النفس جنون العظمة , ولنا في التاريخ القريب وليس البعيد الكثير من هذه النماذج التي اصبحت الان في مزابل التارخ ولا تذكر الا في مواقع الادانة والرفض المطلق , ونستطيع ان نأخذ هتلر مثلا فهو كان ممن يعانون من هذه النزعات وعمل على جر المانيا الى حروب عبثية تحت شعار تفوق العرق النازي والبحث عن المجال الحيوي لالمانيا وجر العالم معه الى حرب عالمية ادت بالتالي الى تدمير المانيا وكلفت العالم زهاء ستين مليون بين قتيل وجريح ومفقود ومعوق , والمثل الاخر ستالين عندما اراد ان يطبق مفهومه السياسي الماركسي بالقوة واضطهاد الشعوب التي يحكمها فكلف الشعب السوفيتي في ذلك الوقت حوالي نصف مليون قتيل وترك شعوب الاتحاد السوفيتي تعاني من الفقر والجوع والتخلف فكان بعمله هذا المعول الذي هدم به الفكر الماركسي والنظرية الشيوعية .
وفي الجانب الاخر نجد قادة كبار في العالم ترك بصمة مشرقة في التاريخ الانساني حيث انهم تميزوا بنكران الذات والعمل فقط من اجل شعوبهم ويأتي في مقدمة هؤلاء المهاتما غاندي زعيم الهند الخالد وباني نهضتها الحديثة ومؤسس نظامها الديمقراطي , ان من يقرأ حياة غاندي لا يملك الا ان يعجب بهذه الشخصية الفذة وامكانياته الفكرية وكيف استطاع رجل واحد بفلسفته البسيطة ان يقود شعبا تعداده يفوق تعداد سكان قارتي اوربا وامريكا مجتمعتين وان يزرع فيهم حب الاخر المختلف والبعد عن التعصب والعنف وسياسة الانقلابات والتمتع بأجواء الديمقراطية وتبادل السلطة وعدم حصر مناصب الدولة العليا بفئة معينة او دين معين وانما علم شعبه ان الهند للجميع بدون تمييز وبدون تفضيل أي شخص على اخر سوى على اساس مؤهلاته وقابلياته , لقد انجز كل ذلك بهدوء وبدون جعجعة وصياح وشعارات فارغة او القفز على كرسي الحكم والاستئثار بها الى يوم القيامة له ولذريته من بعده , فأعطى بذلك مثلا للانسانية جمعاء عن الحب الصادق الذي يجب ان يتحلى به قادة الدول تجاه شعوبهم والعمل من اجلها وليس من اجل مصالح ذاتية او فئوية او دينية او مذهبية .
وكذلك نجد ان من الاسباب الرئيسية التي ادت الى تقدم اوربا ووصولها الى ما وصلت اليه من تطور علمي وتكنولوجي هي حركات الاصلاح الديني التي قادها قادة ومفكرون عظام كان هدفهم مصلحة شعوبهم فقط والذين استطاعوا تجاوز مصالحهم الشخصية وعدم الانجرار وراء خرافات واساطير , ولهذا افقدوا البابوية الكثير من قوتها وزعامتها الروحية للعالم المسيحي مما ساعد على مرور المجتمعات الاوربية بتطورات اجتماعية واقتصادية وسياسية ادت الى ظهور الطبقة الوسطى الجديدة التي اخذت على عاتقها مقاومة سلطة الكنيسة , وكذلك نمو الاتجاهات الوطنية وتحالفها مع الطبقة الوسطى وجهود المفكرين الذين انكبوا على التراث القديم والتنقيب فيه ودراسته ثم انتقاده على اسس علمية ادى الى تغيير نوعية التفكير خاصة بين ابناء الطبقة الوسطى الناشئة , ما جعلهم يفقدون كل احترام لمعتقدات ومثاليات وتقاليد كنيسة العصور الوسطى وطالبوا بالرجوع الى جوهر الدين الاساسي بعيدا عن تنظيرات رجال الدين , وبهذا كان للحركة الانسانية التي ظهرت في اوربا دورا كبيرا في نشر الافكار المتحررة وادراك جديد للعلم اخذ ينتشر في العالم الثقافي والديني فتحرر المفكرون من القيود الثقيلة التي كانت الكنيسة تفرضها على حرية الفكر وحرية البحث العلمي وسلطوا نور العقل والمنطق على جميع الانظمة التي خضع لها المجتمع وفي مقدمتها الانظمة الدينية .
وكانت بريطانيا وفرنسا في طليعة دول العالم التي نشطت فيها الحركة الفكرية والفلسفية خاصة في القرن الثامن عشر حيث ظهر في هذا العصر كل من فولتير ومنتسكيو وروسو وهيوم وجيبون ولوك وجوته وكانت وشيلر وغيرهم , هؤلاء عملوا بكتاباتهم الساخرة وآرائهم الجديدة على احياء روح النقد العلمي لكشف وتعرية الانظمة الرجعية , فبدأت تظهر حركات الاصلاح الديني التي سلمت بتعدد المذاهب الدينية وكذلك وظهور دعوات تدعو الى تقييد سلطة الملكية على اثر ظهور اراء ونظريات جديدة تقول بأن الامة هي مصدر السلطات وان من يحكم هو مفوض للقيام بذلك وخاضع للامة مصدر السلطات وللفرد حق اعتناق ما يشاء من العقيدة الدينية , ومن ابرز هؤلاء هو جون لوك الانكليزي حيث ذكر في كتابه الذي صدر عام 1690 تحت اسم ( روح التسامح ) ان الكنيسة مجتمع اختياري لعبادة الله فليس لها الحق في ارغام أحد على الانضمام لهذا المجتمع سوى الدعوة دون اكراه او اجبار , وعلى الدولة ان تقف من جميع الكنائس موقفا محايدا فلا تنحاز لأحداها . وفي كتابه الشهير الاخر الصادر عام 1689 تحت اسم ( اصول الحكم ) بين ان الدولة مجتمع اختياري اقامه الناس حماية لأرواحهم وحريتهم ومصالحهم وان الله منح الخلق حقوقا هي فوق الدولة وسابقة لها وليست منحة منها .
ان مشكلة قادة الدول العربية انهم لا يقرأون التاريخ او على الاصح لا يريدون قرأته لانه لا يخدم مصالحهم ولا يحقق طموحاتهم التي هي بالتأكيد بعيدة عن مصالح شعوبهم التي ابتليت بقادة لا يستطيعون النظر الى ابعد من انوفهم والذين يحاولون ان يعطوا لأنفسهم حجوما اكبر من حجمهم واحاطة نفسهم بهالة احيانا تصل الى حد التقديس على حساب شعوبهم المضطهدة والمنكوبة , كما ان قسم كبير من هؤلاء القادة يعملون على اثارة النعرات الطائفية والمذهبية والدينية من اجل البقاء على كراسي السلطة اطول فترة ممكنة فليس الاستعمار وحده من استعمل شعار فرق تسد بل ان قادتنا متفوقين في تبني هذا الشعار الذي ادى الى خراب البلدان واستلاب حقوق شعوبها واقامة حكومات اوليغارشية ( انظمة حكم القلة ) التي تكدس الوسائل السياسية والاقتصادية والقانونية لتفرض اختيارها على مواطنين تحولوا الى ناخبين ليس الا او قطيع مسلوب الارادة .



#سامية_نوري_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسهامات مسيحي الشرق في اغناء الحضارة الاسلامية
- ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في حياة المرأة العربية
- اقتل مسيحيا وتمتع بالجنة
- الفساد الاداري والمالي للسلطة الحاكمة واثره في تخلف المجتمع
- حرية الرأي وثقافة الخوف في العراق
- لماذا تهدر حقوق الأقلية المسيحية في العراق
- الصراع بين العلمانية ورجال الدين في العراق
- حقوق الإنسان في العراق المؤمن و حقوق الكلاب في دول الغرب الك ...
- العلمانية بداية الطريق لتحرير المرأة العربية
- حداثة الديمقراطية في دول العالم الثالث
- تعقيب على مقالي عن ختان الفكر والجسد للمراة العربية
- ضياع المرأة العربية بين ختان الجسد وختان العقل
- الحرية الدينية في المجتمعات الديمقراطية
- الأيديولوجيات الدينية وأثرها في تخلف المجتمع
- دور المرأة العربية في الحياة السياسية
- الانتخابات والمصالح الشخصية والفئوية للأحزاب السياسية
- الانتخابات وصراع السلطة !!
- الانتخابات الديمقراطية ومتطلباتها
- التجربة الديمقراطية في تركيا
- الثقافة الديموقراطية والمواطنة


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامية نوري كربيت - قادة العرب لا يتعلمون من التاريخ