أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامية نوري كربيت - الانتخابات الديمقراطية ومتطلباتها















المزيد.....

الانتخابات الديمقراطية ومتطلباتها


سامية نوري كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 22 - 20:18
المحور: المجتمع المدني
    



إن الانتخاب في الدول الديمقراطية أصبح يجري بصورة آلية ويقوم به عدد من الأفراد، وهم الناخبون باختيار واحد او أكثر هم المنتخبين بأكثرية الأصوات .ولكن الأمر يختلف في بلدان العالم الثالث حيث ان مجتمعات هذه البلدان ذات البنى الهيكلية الضعيفة والمتميزة بقلة أفراد النخبة. فضلا عن التخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي , والمصدومة باستعمار دام مدة ليست بالقليلة , لم تجد لديها الموارد والوقت الذي سمح للمجتمعات الغربية بإبداع أشكال سياسية مناسبة وفعالة عبر عملية نضج طويلة وصعبة .
لقد تم تدوين تجارب ألف سنة خاصة بأمور توزيع الحصص، والتمثيل وأنظمة الانتخابات , وما ينشا عن هذه الأنظمة من نتائج سلوكية، وكذلك ما يتعلق بالفدرالية، والمنظمات الحزبية، والهيئات التشريعية , ومظاهر أخرى تتصل بالأنظمة التمثيلية كما حللت هذه التجارب وأصبحت متاحة ميسرة يمكن الانتفاع منها , وما أصبح واضحا هو ان أنظمة التمثيل باتت تكتسب قوة ذات طابع مؤسسي وتعمر فترة طويلة وذلك في حالة توفر المتطلبات التالية :
1- عندما تعمل على تنويع مصادر القرار الوطني ، وعلى فصل السلطات , وإنشاء برلمان , وسن قانون يتمتع فيه جميع المواطنين بحق الاقتراع ، وتقسيم المناطق جميعها الى مناطق تشريعية متساوية .
2- عندما تدافع هذه الأنظمة عن شرعية الأحزاب السياسية المنظمة ،وحرية عملها في حالة التزام قادة تلك الأحزاب بالأحكام الانتخابية والتشريعية .
3- عندما تسند مناصب حكومية وأمور أخرى الى المعارضة، وذلك لإعطاء المعارضة المخلصة الفرصة والإمكانية لكي تؤدي وظيفتها المهمة كمعارضة .
4- عندما توفر هذه الأنظمة فرصا وتجد موارد يستطيع من خلالها ممثلو الناخبين الذين يحتلون مناصب في الدولة من التواصل مع جمهور الناخبين وتقديم الخدمات لهم .
وبالإضافة الى ذلك، ينبغي أن تكون الهيئات التمثيلية الوطنية السوق السياسية النشطة الدائمة الانشغال في المجتمع , وان تصبح هذه الهيئات متاحة لعقد الاتفاقات المشروعة بين المواطنين ومجموعات المصالح المنظمة والأحزاب السياسية ودوائر الحكومة المختلفة .
وهنا ينبغي توفر ثلاثة شروط لكي يتمكن النظام الديمقراطي من القيام بهذا كله , فيجب ان يلتزم الطرف الرابح باحترام حقوق الطرف الخاسر ، وان يتيح له الفرصة للمنافسة من جديد , ويصب هذا الأمر في مصلحة الطرف الرابح ان كان واعيا ومدركا انه قد يكون هو الطرف الخاسر فيما بعد , وأما الشرط الثالث فهو أكثر رسوخا وهذا يعني انه لا يجب اعتبار الدولة ملكا لأي من الأطراف ويجب النظر حتى لأية حكومة انتقالية على أنها وصي مؤقت للإشراف على تسيير أمور الدولة , كما يجب أدراك ان موارد الدولة ليست موضوعة تحت التصرف المطلق للحكومة او الطرف الرابح , وهذا هو جوهر مبدأ سيادة القانون وبمعنى آخر فان استخدام مصادر الدولة محكوم بقوانين معينة , وهناك أشخاص يعملون على حراسة هذه الموارد وحمايتها والاستماع لشكوى المواطنين .ويتطلب مثل هذا الأمر وجود نظام أحزاب سياسية تقوم على حرية الاجتماعات وحماية حقوق الإنسان وحق الوصول الى وسائل الأعلام وضمان الأمن في الحملات الانتخابية وصيانة استقلال اللجان الانتخابية وإجراء انتخابات نزيهة والتعهد بتشكيل حكومة جديدة بصورة حرة استنادا الى نتائج الانتخابات .
وبمعنى آخر فان الديمقراطية ليست مجرد وصفة سريعة، وإنما عملية ذات أبعاد عديدة , كما أنها ليست مجرد ترتيب عملية انتخابية معينة بل ترتبط بالحفاظ على توازن القوى في المجتمع لكي تدرك الأحزاب انه لا يمكنها احتكار السلطة وإنها مضطرة لسحب بعض من مطالبها وفقا لقوتها الانتخابية .كما تعني الديمقراطية في الانتخابات ان الحكومة الموجودة قد تخسر الحكم ويسهم هذا كله في بلورة نظام حكم جديد يحظى بالمصداقية والقدرة على تحسين صورته أمام القوى السياسية .
ومع ذلك ،يمكن أن تبقى الديمقراطيات الجديدة هشة وضعيفة ،لذا يجب وضع آلية يمكن من خلالها لأي نظام ديمقراطي ان يعالج فور قيامه أية صراعات قد تثور في وجهه حول مسالة توزيع القوى في المجتمع .
وثمة حقيقة تؤكد بان بقاء حزب سياسي في السلطة لمدة طويلة جدا يمكن ان يؤدي إلى احتكار حقيقي للدولة فرجال الحزب الحاكم ،يهيمنون على الإدارات , ويضمنون لأنفسهم احتكار شبه تام في كل الهيئات التي لها صلة- من قريب او بعيد- بالنظام السياسي . وهكذا نشهد نوعا من التطور نحو الوضع المميز لنظم الحزب الواحد , أي نحو الدمج بين الحزب والدولة ، ويقينا ان هذا التطور مدان على صعيد المبادئ الديمقراطية .
كما نجد ان نظام الحزب المسيطر يكون مولدا لشعور خطير بالحرمان , ففي نظام سياسي يرتكز على تعاقب سريع نسبيا للحكام يمكن لمعارضي السلطة القائمة ان يأملوا بتغيير سريع لصالحهم . أما الفئات الهامشية التي ليس لديها أي حظ في رؤية ممثليها يصلون الى السلطة، فهي الوحيدة التي تشعر بحرمان إجمالي تجاه النظام. أما في حالة الحزب المسيطر فان كل القوى السياسية الأخرى وناخبيها الذين يمثلون غالبا نحو نصف عدد المواطنين تجد نفسها مستبعدة لفترات طويلة من الزمن من المشاركة في الشؤون العامة .
الا انه من الخطورة بالنسبة لنظام ديمقراطي ان يشعر جزء من السكان بأنه مستبعد أو مهمش بشكل مسبق من اللعبة السياسية وانه لا يستطيع ان يأمل بأيصال وجهة نظره ولو بشكل جزئي على الأقل .
ان الديماغوجية والتطرف في المواقف السياسية ،بل واللجوء إلى العمل اللاشرعي الذي يعد المتنفس الأخير لهؤلاء المستبعدون من النظام ،يفرض على السلطة ان تعمل على تصحيح الأوضاع بالقدر الذي يبقى النظام فيه ديمقراطيا بشكل صحيح أي بالقدر الذي يحترم فيه الحزب الحاكم مبدأ التناوب لان حلول دولة حزبية ولو جزئيا محل دولة لا حزبية يجعل الاستياء يتخطى قطاعات الراى العام , ويكون الحزب المسيطر ليس بعيدا عن ظاهرة استنزاف السلطة التي تهدد كل حكم ديمقراطي , انه لن يحكم من دون ان يثير استياء الأفراد والفئات الاجتماعية وكلما مر الزمن تنامى الاستياء وأصبح حادا , ان الناخبين سيتعبون من رؤية نفس الرجال وهم يطبقون دائما نفس الوصفات .
وعندما يكون النظام استبداديا ،فان الحزب الواحد يشكل من خلال تشعباته حتى القاعدة وسيلة للحراسة البوليسية لصالح النظام القائم , كما انه يحاول ان يثير دعما للحكام الذين ليس لديهم في الغالب أية شرعية ديمقراطية فالحزب الواحد هو مخلوق يحدد له الحكام مهمات عديدة ومعقدة ضمن أفق إداري وبهذا يكون الطابع الديمقراطي للنظام محدود للغاية , هذا إذا لم يكن غائبا كليا .
ان حريات التعبير التي تعد من الشروط الضرورية التي لا غنى عنها لظهور النظام الحزبي المستقر، مهددة على الدوام في ظل الحكومات الاستبدادية او تلك السلطوية التي تخضع إرادة الفرد للدولة , ومن ثم فان تحقيق هذه الحريات وحمايتها يجب ان تكون من بين الأهداف الهامة للصفقات السياسية التي تجري بين النخب المتنافسة .أما نظام التعددية الحزبية فيسمح من جهته بالمشاركة المباشرة في الحكومة التي تتمثل فيها جميع أنواع المصالح والاهتمامات الأيديولوجية والسياسات الكبرى كما إنها تعزز حصول التحالفات على مستوى القيادات .
وفي المراحل المبكرة التي يبدأ فيها شعب ما في تأسيس دولته لابد من فسح المجال لجميع فئاته السياسية لخوض الانتخابات ولأهداف عديدة منها ترسيخ الوحدة الوطنية، ومنع حدوث الفوضى التي قد يولدها التنافس . وثمة أدلة كثيرة على ان تعدد الأحزاب المتنافسة، يشجع على أتباع سياسة تشكيل التحالفات على مستوى الناخبين , كما انه يساعد على ظهور قادة يتمتعون بالاعتدال , وعلى تكاثر جماعات المصالح , وعلى وجود وضوح اكبر فيما يتعلق بتفويض المندوبين والممثلين للشعب .



#سامية_نوري_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجربة الديمقراطية في تركيا
- الثقافة الديموقراطية والمواطنة
- النظام الديموقراطي هو الحل للوضع العربي الراهن*
- الديمقراطية ومعوقاتها في دول العالم الثالث*


المزيد.....




- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامية نوري كربيت - الانتخابات الديمقراطية ومتطلباتها