أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسن خليل غريب - دراسة تاريخية ومعرفية في عناصر تكوين القومية العربية















المزيد.....



دراسة تاريخية ومعرفية في عناصر تكوين القومية العربية


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 3030 - 2010 / 6 / 10 - 10:12
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الطور التكويني للقومية العربية
دراسة تاريخية ومعرفية في عناصر تكوين القومية العربية
(... ق. م. – 586 م)
(الدراسة كاملة)
حسن خليل غريب - لبنان
نقلاً عن مدونة (العروبــة):
(www.al-ourouba.blogspot.com)
إن جاز لنا أن نجتهد في تقسيم مراحل التكوين التاريخي للأمة العربية، فإننا سنقسمها الى ثلاثة أطوار. وهذا التقسيم يعتمد على مقياس الإضافات النوعية في صناعة هذا التاريخ. وفي سبيل ذلك فقد اعتبرنا أن بناء الدولة العربية، في ظرفها وزمانها، معياراً نوعياً. إضافة إلى ذلك بما أنجزته الدولة ذاتها من متغيرات حضارية أسهمت في تراكم التراث الإنساني.
لهذا، وإذا حسبنا أن الدولة مظهر من أهم مظاهر أمة من الأمم، فسنعتبر قيام أول دولة عربية مقياساً لدراستنا. لذا فإننا سنعتمد هذا المعيار في تقسيم الأطوار والمراحل التي مرَّت بها الأمة العربية. ولأن الدعوة الإسلامية، بإيديولوجيا دينية، شكلت حلقة وسيطة بين الطور التاريخي الذي عاشته الأمة قبل الإسلام، وبين معالم ومظاهر اتجاهاتها لبناء دولة وضعية، فسنقسم مراحل دراستنا الى ما يلي:
1-طور بداية التكوين القومي الذي سبق الدولة الدينية الإسلامية.
2-طور بناء أول دولة عربية في ظل الإيديولوجيا الدينية الإسلامية.
3-طور بناء الدولة العربية القومية، وهو الطور الحديث والمعاصر، الذي لا يزال يمر في مخاضاته الأولى في عصرنا الراهن.
من هذا التقسيم سنهتم بدراسة طور التكوين، ونقوم الآن بنشره، آملين أن يشكل محوراً لحوار نقدي نحسب أنه سيفيدنا في إنجاز دراسة متكاملة عن مراحل خطة بحثنا التي أشرنا إليها أعلاه.
مقدمة
خلافاً لما روَّج له الإسلام السياسي، ولا يزال يروِّج له، خاصة منه الذي لا يزال يعتقد بإمكانية بناء دولة أممية عابرة للقوميات، لم يكن الطور الذي سبق الدعوة الإسلامية جاهلياً إسماً على مسمَّى. بل كان مصطلح الجاهلية يُستخدم للتمييز بين مرحلتين تاريخيتين: مرحلة ما قبل تأسيس الدولة العربية الإسلامية، ومرحلة ما بعدها.
وقد استخدم الخطاب السياسي الإسلامي، ذو الاتجاهات الأممية، مصطلح «الجاهلية» للتشهير بالعرب لغايات تعصب شوفيني قومي، ألبسوه ثوب الإسلام. وهذا ليس بعيداً عما نحسب أنه تبرير ليتولى غير عربي شؤون العرب تحت حجة عالمية الإسلام. وبغير هذا الزعم كيف كان يمكن أن يتسلل العامل الفارسي إلى بنيان الخلافة العباسية؟ وأن يتسلل المماليك، ومن بعدهم الأتراك العثمانيون، للاستيلاء على كرسي الخلافة؟ فعلوا ذلك خاصة أن الشعوب التي استولت على الخلافة قد أخذت تستنزف موارد الدولة العربية الإسلامية لمصالحها الخاصة من خلال امتيازاتها، متعللين بأنهم أسهموا في بناء الإمبراطورية الجديدة، أو حمايتها.
وبالعودة إلى تاريخ المرحلتين المملوكية والعثمانية تؤكدان ما رحنا إليه بأن مزاريب لبن الدولة الإسلامية وعسلها كانت تصب في جِرَار الطبقات غير العربية التي استلمت السلطة. وقد دانت «ولاية أمر المسلمين» لهم قروناً عديدة كان فيها «فقهاؤهم» يحيطون ببلاطهم ليشرعوا لهم الحق بولاية أمر المسلمين، خاصة وأن شروط مبايعة الخليفة تغيَّرت أكثر من مرة، كان يتم التلاعب بها وصياغتها لتصب في مصلحة الخليفة الذي احتلَّ مقعدها. وقد استنبطوا من النص الإسلامي ما جعل فتاويهم تلبس شرعية إسلامية لا غبار عليها.
من كل ذلك، وللبرهان على دعاويهم، ظلَّت تيارات الإسلام السياسي حاملة سلاح التشهير بالعرب، واستخدام مصطلح «الجاهلية» بمفاهيمه السلبية لا يزال ساري المفعول. وهل أقبح من قول من قال من أصناف هؤلاء: «لو وجد الله قوماً أكثر جهلاً من العرب لكان قد وجَّه الدعوة الإسلامية إليهم»؟
لقاء كل ذلك، ولأن البحث العلمي الرصين في مرحلة ما قبل الإسلام، لم يكن له مكان إلاَّ في اهتمام بعض الباحثين القوميين، ولأنه لم يحظ من اهتمام الأحزاب والحركات القومية العربية بأي نصيب أكثر من الإشارة إليها في الخطاب الإيديولوجي، جئنا في دراستنا هذه لنكشف اللثام عن بعض تلك الحقائق التاريخية، على قاعدة أن التاريخ العربي قبل الإسلام لم يدل على أن العرب كانوا في جهل وتخلف، كما يزعم أصحاب الأغراض والأهواء، بل إن العكس هو الصحيح، لأن دراسة ذلك الطور تؤكد على تقدميته وأسبقيته في الحضارة الإنسانية. ولم تكن الدعوة الإسلامية، التي لا شك بأنها تقدمت ما سبقها من مراحل تاريخية، لكنها لم تكن إلاَّ نتاجاً للتكوين التاريخي الحضاري للعرب واستئنافاً له.
ونحن سنعمل في هذه الدراسة على إلقاء أضواء عامة تكشف أمامنا عن مستوى العناصر الأساسية للتقدم الحضاري الذي أحرزه العرب في طور التكوين القومي الأول، الذي سبق ولادة القومية العربية كما نراها في عصرنا الراهن. وسنقوم بتصنيفها لعدد من المحاور. ولعلَّ من أهمها كانت عوامل الغزو المتبادل بين ممالك ذلك الطور، وكذلك عوامل التقدم على مستوى التجديد في الحضارة المدنية والاكتشافات العلمية، الجديدة في زمانها ومكانها، وانتهاء بعوامل التجديد الروحي بدءاً من نشأة الأديان المتعددة الآلهة وصولاً إلى نشأة الرسالات السماوية التي نادت بوحدانية الإله.
أولاً-مراحل الغزو بين شعوب منطقة الهلال الخصيب ووادي النيل وقبائلهما عزَّزت عوامل التزاوج والتمازج الحضاري:
آخذاً بعين الاعتبار أن عوامل التكوين القومي للشعوب لا يجوز محاكمتها على أسسس من معايير المفاهيم المعاصرة للتقدم الاجتماعي والسياسي والفكري والتكنولوجي.. بما فيها من مفاهيم الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، و...
وآخذاً بعين الاعتبار، بما لديَّ من ثقافة عامة عن تاريخ مراحل التكوين الأولى للعروبة، والتي تؤكد أن تلك المراحل التي تمتد إلى آلاف السنين قد بُنيت على أيدي الملوك الطغاة، كما على جماجم الشعوب التي كانت تتعرض لغزوات من هم أقوى منهم.
كما أنني لم أجد حضارة ذات بنية مادية أم فكرية في ذلك التاريخ إلاَّ وكان بُناتُها من الجبابرة الذين بطشوا بشعوبهم والشعوب الأخرى. فبرج بابل مثلاً بناه ملك جبَّار، وإهرامات مصر بناها فراعنة لم يعرفوا الرحمة والرأفة. وعلى الرغم من ذلك فنحن نتغنى بأهمية تلك المعالم الحضارية، ونفتخر بها.
لقاء كل ذلك، أتمنى على الأكاديميين ممن يدينون بالإيديولوجيا القومية أن يقوموا بعبء تصنيف تاريخ علمي لمرحلة ما قبل الدعوة الإسلامية، على أن تتوج نتائج بحوثهم خلاصات يستفيد منها مفكرون قوميون آخرون لهم إلمام بالعلوم الاجتماعية والفلسفية من أجل الإسهام في إنضاج نظرية قومية عربية تستند إلى نتائج علمية، تبتعد فيها عن الخطاب التعبوي، وتقترب بها من المستوى العلمي التاريخي، لتستجيب لمتطلبات العصر الذي يقترب يوماً بعد آخر إلى السؤال العلمي، وهو ما يجب مواجهته بجواب علمي أيضاً.
وبانتظار البدء بتحقيق أمنيتي للقيام ببحوث موسَّعة. وبما يخدم دراستي المحدودة الحجم، سأستعين بمعلومات مكثَّفة فأبدأ القول في هذه الفقرة: لقد اتفق الباحثون حتى الآن على أن تاريخ المنطقة العربية، تحديداً المنطقة الممتدة بين بلاد ما بين النهرين ووادي النيل، يمثل ظهور بداية الخلق على الأرض. وتاريخها يسبق السبعة آلاف سنة قبل الميلاد.
في هذه المنطقة، ارتقت أول خلية بشرية الى مستوى العشيرة، ومنها الى مستوى المملكة التي ضمَّت إليها عدداً من العشائر والقبائل. وهذا لا يدعنا نغفل أن بناء الممالك قام على عامل القوة التي استخدمتها العشيرة الأقوى في غزو العشائر الأضعف واستعبدتها واستولت على ثرواتها. ومنها عرفت تلك المراحل من هذا الطور صيغة الممالك التي اكتسبت اسم السلالات العشائرية التي كان لها السيادة والسلطة.

1-حضارة بلاد الرافدين:
كانت بلاد ما بين النهرين أو بلاد الرافدين من أولى المراكز الحضارية في العالم. ومع ازدهار الحضارات فيها وفي أوقات متزامنه ومتعاقبة تم احتلال الأراضي المجاوره شرقاً في إيران وغرباً سورية وصولاً إلى فلسطين... وحينما تقدمت حضارة الفرس. تم احتلال بابل وما بعد بابل على يد قوروش. حتى جاء الفتح الإسلامي.
كانت الحاجة للدفاع والري من الدوافع التي ساعدت على تشكيل الحضارة الأولى في بلاد الرافدين. وهذا يعود إلى سنة 6000 ق. م. وظهرت المدن في الألفية الرابعة ق.م . واخترعت الكتابة المسمارية. وكان السومريون مسئولين عن الثقافة الأولى هناك. من ثم انتشرت شمالاً. حتى جاء حمورابي من بابل، ووحد الدولة لسنوات قليلة في أواخر حكمه.
عرفت هذه المنطقة غزوات متبادلة بين ممالكها، تارة كانت تأتي من شرق المنطقة لتصل إلى جنوبها، وكان العكس سائداً أيضاً. وهي الغزوات التي شنَّها السومريون والآكاديون والآشوريون والبابليون القادمون من بلاد ما بين النهرين. أو تلك الغزوات التي شنَّها فراعنة مصر باتجاه الشمال.
يعود هذا الطور الى ما يفوق الستة آلاف سنة قبل الميلاد. وفيه تراكمت الأسس المعرفية التي أفادت العالم القديم، وإليه يعود الفضل في تأسيس الفلسفة اليونانية، التي تُعتبر بحق أم الفلسفات، فلسفة سقراط وإفلاطون وأرسطو. كما يعود الفضل إليه، بمقاييس الزمان والمكان، في تأسيس المنهج العلمي في الصناعة والزراعة وعلم الفلك. كما عرفت هذه المرحلة اختراع أقدم لغة مكتوبة، وانتشرت المكتبات في معظم المدن والمعابد. وهناك العديد من الأعمال الأدبية البابليه التي عناوينها معروفة لنا. واحدة من أشهر هذه هي ملحمة جلجامش. كما ترجع أصول الفلسفة إلى حكمة بلاد ما بين النهرين القديمة، ولا سيما الأخلاق، في أشكال جدل، حوار، شعر ملحمي... وكان أقدم شكل للمنطق قد وضع من قبل البابليين، وكان للفكر البابلي تأثير كبير على الفلسفة اليونانية. وتعزز علم الرياضيات أيضاً، والعلوم الطبية، ووسائل التقنية بما في ذلك المعادن والأعمال النحاسية، والزجاج والنسيج، واستخدموا النحاس، البرونز والذهب، كذلك تم استخدام النحاس، البرونز والحديد للدروع وكذلك لأسلحة مختلفة مثل السيوف، الخناجر، الرماح... وسنَّ الملك حمورابي مجموعته من القوانين في العام 1780 قبل الميلاد، التي هي واحدة من أقدم مجموعات القوانين.

2-حضارة وادي النيل:
كانت حضارة قدماء المصريين منفردة بسماتها الحضارية وإنجازاتها الضخمة، منذ سنة 5000 ق.م. إلى سنة 30 ق. م.
قدماء المصريين قد أقاموا أقدم مرصد في العالم وقبل عصر بناء الأهرامات منذ فترة زمنية حسب الشمس والنجوم. وكانت قد انتشرت العلوم والآداب والتقاليد والعادات والكتابات والقصص والأساطير وتركوا من بعدهم تسجيلات جدارية ومخطوطة. كما شيدوا البنايات الضخمة كالأهرامات والمعابد والمقابر التي تحدت الزمن. وكذلك التحنيط والموسيقى والنحت والأدب والرسم والعمارة والدراما.

3-حضارة الفينيقيين في سورية ولبنان:
يمكن تتبع آثارهم في المنطقة الممتدّة من جبل الكرمل في فلسطين جنوباً إلى اللاذقية في سورية شمالاً، مروراً بكل لبنان. كما أن حدود كنعان ما قبل سنة 1200 ق.م. تبدأ من خليج اسكندرون ساحلاً حتى عريش مصر، وشرقاً نحو البحر الميت، وتمتد شمالاً حتى تصل بمحاذاة نهر الفرات، وهذه المنطقة عرفت باسم كنعان، وربما تعني سكان المنطقة المنخفضة أي السّواحل.
ينقسم الكنعانيّون حسب التصنيف اللغوي إلى عدّة فروع أشهرها: الفينيقيون، والأموريون، والعبرانيون، والعمونيون.
أقامت المدن الكنعانيّة-الفينيقيّة علاقات تجاريّة وثقافيّة مع مصر وبلاد الرافدين. واشتهر الفينيقيون بالتجارة، فمخروا البحر وبنوا المستعمرات وصولاً إلى شمال الساحل الأفريقي في تونس، فبنوا قرطاجة التي شغلت جزءاً كبيراً من تاريخ الصراع مع الرومان. وكان للأبجديّة والاكتشافات الفينيقيّة، والرّحلات الجغرافيّة، والصّناعات والمستعمرات الأثر الهام في تاريخ الشّعوب القديمة عامّةً، فقد اشتهر الفينيقيّون خاصّة «الصّوريّون» و«الأوغاريتيون» بالعلوم، لا سيّما في علم الفلك والحساب الضّروريّين في الملاحة والتّجارة. واكتشفوا النّجم القطبي الشّمالي لتحديد الجهات. كما ساهموا في تطوّر علم الجغرافيا نتيجة رحلاتهم الاستكشافية حول أفريقيا وعبورهم مضيق جبل طارق، والبحار والمحيطات والتي أكسبتهم معرفة بأحوال القارّة الأفريقيّة. واهتدوا إلى الشّمال بواسطة النّجم القطبي، وقد سمّاه الإغريق باسمهم أي «النّجم الفينيقي».

4-حضارة شبه الجزيرة العربية:
بعد تفرق بني نوح أول من نزل اليمن قحطان وهو أول من ملك أرض اليمن. ثم مات قحطان وملك بعده ابنه يعرب. ثم ملك بعده ابنه يشحب. ثم ملك بعده ابنه عبد شمس وهو الذي بنى السد بأرض مأرب وفجر إليه سبعين نهراً وساق إليه السيول من أمد بعيد.
يعتقد أن السبأيون قد أسسوا مجتمعهم ما بين 1100-1000 قبل الميلاد، وانهارت حضارتهم حوالي 550 بعد الميلاد، بسبب الهجمات التي دامت قرنين والتي كانوا يتعرضون لها من جانب الفرس والدولة الحميرية.
وتمكنت سبأ من السيطرة على عدة مناطق في القارة الإفريقية.
يعرف السبئيون من خلال التاريخ كقوم ذوي حضارة عالية، ويعتبر سد مأرب الذي كان أحد أهم معالم هذه الحضارة، دليلاً واضحاً على المستوى الفني المتقدم الذي وصل إليه هؤلاء القوم.
ويجب التمييز بين فترتين في تاريخ مملكة سبأ: الأولى استمرت من القرن الثامن حتى القرن الأول قبل الميلاد وطغى عليها اقتصاد «القوافل»، الموجه صوب الأسواق الكبيرة في الشرق الأوسط، في حوض الفرات الأوسط، خلال القرنين الثامن والسابع، ثم في غزة في الفترة الفارسية، وأخيرا في البتراء إبان الفترة الهيلينية.
كانت الملكة بلقيس من أشهر ملوك سبأ، ويُذكر أنها أعلنت إيمانها بالله، على أيدي الملك سليمان، وآمن معها العديد من أبناء شعبها.

ثانياً: طور الإمبراطوريات الغازية من خارج المنطقة:
1-الإمبراطورية الفارسية:
تأسست الإمبراطورية الفارسية عام 559 ق.م. بواسطة قورش. وتعرف بدولة الفرس أو الدولة الكسروية، وكانت من أعظم وأكبر الدول التي سادت المنطقة قبل العصر الإسلامي، حتى إنها فاقت الإمبراطورية البيزنطية في الشهرة والقوة.
لم يعرف الفرس الديانات السماوية التي سبقت ظهور الإسلام إلا بنطاق محدود جداً، وكان أكثرهم على المجوسية فمنذ القرن الثالث الميلادي صارت الزرادشتية ديناً للدولة. وتقوم العقيدة الزرادشتية على الثنوية، أي وجود إلهين في الكون هما إله النور أهورا مزدا وإله الظلام أهريمن. وتقدس الزرادشتية النار، وقد أقيمت معابد النيران في أرجاء الدولة، ويعرف رجال الدين الزرادشتيون بالموابذة وكل منهم يرأس مجموعة يسمون الهرابذة وهم الذين يخدمون نار المعبد في كل قرية.

2-الإمبراطورية اليونانية:
امتد التاريخ الإمبراطوري اليوناني من العام 478 ق. م. وكان من أهم مراحله ذات العلاقة بالغزو اليوناني للمنطقة العربية، هي مرحلة الإسكندر المقدوني، التي بدأت منذ عام (334) ق .م باحتلال إمبراطورية الفرس الأخمينيين وضمها إلى مقدونيا وبعد معركة ايسوس عام (333) ق .م احتل سورية. وفي العام 332 ق.م دخل الإسكندر الأكبر مصر وغادرها في 331 ق.م ليواصل حروبه ضد الفرس ليتوفى في 323 ق.م. الذين كانوا يسيطرون على المنطقة.
وبعد وفاة الإسكندر في بابل قسمت إمبراطوريته بين قواده فأصبح هؤلاء القواد ملوكاً مستقلين عن بعضهم. إلا أن الرومان الذين نزلوا في آسيا الصغرى عام (191) ق .م . استطاعوا تجريد سلوقس نيكاتور من معظم البلدان التي تتبعه وانحصرت مملكته في حدود سورية .

3-الإمبراطورية الرومانية:
علماً أن قرطاجة مدينة على سواحل تونس في شمال إفريقيا، بناها الفينيقيون القادمون من مدينة صور في لبنان، بدأ الصراع الروماني - القرطاجي كصراع تجاري ثم أخذ أبعاداً عسكرية في العام 264 ق. م. وكانت البداية الأولى للحرب بين الرومان والقرطاجيين التي استمرت إلى العام 241 ق.م.
إثر الانتهاء من درء الخطر القرطاجي اتجهت أنظار الرومان شرقاً وراحوا يعدون للاستيلاء على مملكة مقدونيا في اليونان. فاحتلوها بعد سلسلة من المعارك، وتمت السيطرة على بلاد الإغريق. وبنهاية هذه الحروب اتسعت حدود الجمهورية الرومانية. وبعد هذه الانتصارات أصبحت الدولة الرومانية دولة عظمى يصعب قهرها وتتحكم بمقدرات العالم القديم الغربي والشرقي.
بدأ العد العكسي في حياة الدولة الرومانية اعتباراً من العام 235م. وعودة نفوذ الإمبراطورية الفارسية في الشرق التي انتزعت أرمينيا من يد الرومان وسيطرت على أراضي ما بين النهرين وزحف الجيش الفارسي واجتاح إنطاكية وسوريا.
وفي الحقبة الرومانية نشأت الدعوة المسيحية بداية كامتداد للرسالة الموسوية، أي بعد 37 عاماً من استقرار الغزو الروماني، إلى أن أخذت تميز نفسها عنها، خاصة بعد أن أسهم اليهود باعتقال المسيح وصلبه. وانسلخت المسيحية عن اليهودية لأن المسيح عاين ظلم الرومان في الوقت الذي كانت فيه اليهودية ساكتة عن الظلم استرخاءً لما كانت تكسبه من مميزات، ولأن الرومان كانوا يعترفون بهم على شرط أن لا يُظهرون معارضة لحكمهم.
إن اليهودية كانت رداً على ظلم الفراعنة، خاصة أن النبي موسى عاش ونشأ في بلاطهم. ولكنها استسلمت لحكم الدولة الفارسية، ومن بعدها لحكم الدولة الرومانية. الأمر الذي دفع الى ظهور المسيحية التي تمردت على ظلم الرومان. يقول المسيح مخاطباً الرؤساء الجائرين: »إنكم على ضلال، وأنتم في ضياع ليس لكم ملكوت السماء وسعادة الأرض إن لم تثوبوا إلى الرشاد، وتؤمنوا بحق الإنسان كل إنسان، وتعودوا إلى الطريق السليم، مؤمنين بوحدانية الله«.
وكأن المسيحية جاءت رداً ثورياً، ونقداً للديانة الموسوية التي استسلمت لظلم الغزاة القادمين من خارج المنطقة.
لكن الموسوية لم تستطع أن تبني أكثر من مملكة يهودية، استرخت للعيش في ظل حكم الشعوب القادمة من الخارج، كالفرس واليونانيين والرومان. وأما المسيحية فلم تستطع أن تبني دولة في المنطقة، وإنما استكانت لحكم الإمبراطورية البيزنطية كونها الدولة المسيحية وإن كانت تمثل ما تُسمى بالكنيسة الشرقية.
في ظل ذلك الواقع كانت شعوب المنطقة خاضعة لنفوذ القوى الخارجية، لكننا نجهل اتجاهات تلك الشعوب في تلك المراحل ومواقفها من أنظمة الحكم التي كانت تخضع لسيطرتها، وهنا لا بُدَّ من أن نسجل مدى حاجتنا لمعرفة تلك الاتجاهات ببحث خاص. ولكن سنولي هذا الجانب بعض العناية في الفقرات التالية من هذه الدراسة، خاصة وأن هناك تمهيداً لها كان يلوح في شبه الجزيرة العربية.

مرحلة تكوين الثورة القومية الثانية:
نهاية طور التكوين، وبداية طور التأسيس

-نهاية طور التكوين
إذا تم الحصول على العناصر المكونة لشيء ما فيمكن استخدامها من أجل تأسيسه وبنائه من تلك العناصر. وإذا كان مفيداً تحديد عوامل التكوين، فنرى أنها كانت عبارة عن:
-بقعة جغرافية محددة بمنطقة أرض الرافدين شمال – شرقي، ووادي نهر النيل جنوب – غربي، وشبه الجزيرة العربية جنوب شرقي، وبلاد الشام شمال غربي.
-تاريخ مشترك جمع بين تبادل غزوات ممالكه منذ فجر التاريخ، وتبادل التجارة بينها، وتفاعل حضاراتها.
-مصير مشترك لما تعرَّضت من موجات غزو من خارجها، طوال قرون عديدة من الزمن. عانت فيه من القهر والاستعباد، وتشاركت هموم الإعداد لمقاومة تلك الموجات، وقد توجت ذلك بالتحرر منها كلها بفعل حركة الثورة الإسلامية التي انطلقت من شبه الجزيرة العربية.
-تكوين ثقافة مشتركة على شتى المستويات، وهذا لا يعيبها شيئاً إذا كان التفاعل الثقافي قد حصل في ظل غزوات كانت فيه كل مملكة تمارس القهر على القبائل والشعوب التي تغزوها، فهي كانت بيئة العصر.
- وأخيراً جاء عامل اللغة ليشكل الرابط الضروري بين كل عناصر التكوين القومي العربي.
وهنا لا يمكن مساءلة صانعي عصر التكوين على مكاييل عصرنا الراهن. فعصرنا الراهن عليه أن يستفيد من النتائج الإيجابية للعصور التي سبقته، ناقداً ثغراتها ليبني عليها البديل الذي يستجيب لثقافة العصر الراهن بما يلبي حاجات المجتمعات الجديدة التي نمثل نحن صورة لها.
من مكونات الأمة، كما تم الاتفاق عليها، وهي المكونات التي قمنا بدراستها في مرحلة ما قبل الإسلام، جاءت الثورة الإسلامية لتقوم بالتأسيس عليها، لبناء دولة عربية تأخذ مكانها في عصر الإمبراطوريات القادمة من وراء البحار والحواجز الجغرافية.
وكانت الثورة الإسلامية استئنافاً تاريخياً سياسياً ومعرفياً لطور التكوين الأول، فوظَّفت تلك العناصر للتأسيس لمرحلة جديدة. وهنا يمكننا تقسيم تلك العناصر إلى شقين: عناصر جغراسية، وعناصر معرفية.

1-عناصر التكوين الجغراسياسية:
-الجغرافيا الواحدة التي تصارعت على ساحتها الممالك الأولى، وتمتد من أرض الرافدين إلى وادي النيل، مروراً ببلاد الشام وشبه الجزيرة العربية.
-التاريخ المشترك ويتمثل بالغزوات المتواصلة والمتبادلة بين الممالك التي تأسست وتصارعت إلى أن حان دور الغزو الآتي من خارج تلك البقعة الجغرافية، وكانت أولى الغزوات قدمت من بلاد فارس في أوائل القرن السابع قبل الميلاد. وتلتها الغزوات التي قام بها الإسكندر المقدوني في الربع الأول من القرن الرابع قبل الميلاد، وحلَّ الرومان مكانهم في القرن الأول قبل الميلاد.
-المصير المشترك: وفيه عانت شعوب المنطقة من وطأة الغزو الخارجي، وإن كانت قد قاومته منفردة، بحيث كانت كل مملكة تقوم بعبء المقاومة منفردة، الا أن وطأة الغزو قد أثقلت كاهل الجميع.
ولذا لعب العنصر السياسي دوره من دون شك في بنية الثورة الإسلامية التي قادها النبي العربي محمد بن عبد الله. والدليل على هذا أنه ما إن كادت الثورة تنجز توحيد الشعوب والقبائل العربية، بمفاهيم زمانها ومكانها، ولم يمض على انطلاقتها الأولى عشر سنين، حتى توجهت أنظار الرسول العربي إلى كل القوى الحاكمة في ممالك الجوار وأباطرتها، فأرسل رسله إليهم مزودين برسائل منه ينصحهم فيها ويدعوهم إلى الإسلام. ووُجِّهت تلك الرسائل إلى المقوقس عظيم القبط. وإلى هرقل عظيم الروم. وإلى النجاشى عظيم الحبشة. وإلى كسرى عظيم فارس.
كانت مرحلة الانقلاب ضد الخضوع لإمبراطوريات الفرس والروم من أهم منجزات الثورة الإسلامية، بحيث كانت عوامل الرفض قد تكوَّنت نتيجة تراكم مزمن ولَّدته كل أشكال الاحتلال والاستعباد التي مارستها الإمبراطوريات التي حكمت هذه المنطقة، فاستعبدت أهلها، واحتكرت ثرواتها لمصالح الشعوب الغازية.
كان من أهم نتائج عناصر التكوين السياسي مجتمعة أنه بعد إلحاق الهزيمة بكل الإمبراطوريات التي حكمت المنطقة قروناً عديدة، بنى العرب تحت الراية الإسلامية إمبراطورية عربية مترامية الأطراف. ولم يذكر التاريخ أن قوماً آخرين من غير العرب كان له فضل الإسهام فيها.
نجحت الثورة الإسلامية فعلاً بهذه المهمة بفترة زمنية قياسية في موطنها في شبه الجزيرة العربية أولاً، إذ أنه منذ انطلاقتها الأولى، في بداية القرن السابع الميلادي، استطاعت أن توحد الجزيرة العربية بعشر سنين تقريباً. فشكلت القاعدة الصلبة التي انطلقت منها لتوحيد المساحة الجغرافية الممتدة من بلاد الرافدين حتى وادي النيل بأقل من خمسين عاماً من الزمن. ولم يمض وقت طويل حتى وصل العرب إلى أقاصي الشمال الأفريقي ومنه امتد إلى شبه الجزيرة الإيبرية (إسبانيا).
لم تشذ الإمبراطورية العربية الإسلامية في عوامل تأسيسها عن سائر الإمبراطوريات التي سبقتها من حيث الإطار الإداري للدولة التي كانت معروفة في تلك المراحل. فهي قد استفادت من التراث الإداري لسابقاتها. ولهذا، وبالعودة لتاريخ تأسيسها، جمعت الخلافة الإسلامية من حولها كل من كانت لديه خبرة في هذا الشأن، والتي بلغت أوجها في المرحلة العباسية، وهي المرحلة التي عرفت بمرحلة التدوين والانفتاح الواسع على حضارات الشعوب الأخرى.

2-عناصر التكوين المعرفية:
أما العنصر المعرفي: التجديد في بنية الأديان السماوية: خاصة أن دعوة التوحيد كانت تتفاعل في ثقافة شريحة من العرب، المعروفين بـ«الأحناف». جاءت نتيجة التراكم والتواصل المعرفي في التراث الروحي لشعوب المنطقة، بدءاً من مرحلة عبادة الأوثان، مروراً بالديانة اليهودية، وصولاً للديانة المسيحية، وهي الديانة التي أسست دولتها البيزنطية بعد طول اضطهاد للمسيحيين. وبمراجعة النصوص ذات العلاقة نلحظ بوضوح عوامل التواصل المعرفي بين عناصر المعارف الأولية لتكوين الأديان الوثنية، وعناصر التكوين المعرفي للأديان السماوية.
لقد تعددت الديانات في المنطقة التي ندرس تاريخها بمقدار تعدد الشعوب والعشائر، كما تعددت بمقدار تعدد الممالك الحاكمة في المنطقة. وتساعدنا الدراسات التاريخية لذلك الطور التاريخي، على قلتها وعدم اكتمال بعضها، للوصول إلى استنتاجات أساسية يمكن البناء عليها، ومن أهم تلك الاستنتاجات حصول عاملين أساسيين يدلان على أن تكوين السكة المعرفية كانت واحدة عند شعوب المنطقة. وهذان العاملان هما:
-حركة التواصل والاحتكاك المعرفي بفعل الغزوات المتبادلة.
-وحركة التفاعل بين معارف تلك الشعوب التي كانت تنتج بشكل متواصل نتائج معرفية جديدة.
أما حركة المعرفة فتنقسم إلى نوعين:
-حقل المعارف العامة المختصة بالعلوم المادية. وهنا شاهدنا امتياز كل شعب أو مملكة بالنبوغ في ابتكار الوسائل الحضارية من علوم فلكية وزراعية وصناعية وحربية... هذا ناهيك عن الحضارة العمرانية التي أنتجت أكثر عجائب الدنيا السبع.
-وحقل المعارف الروحية المتعارف عليها بالأديان. وهي ابتدأت بعبادة ظواهر الطبيعة، وتفسير التكوين البشري الأول. وانتهت بظاهرة الأديان السماوية الموسوية والمسيحية والمحمدية. وإذا كانت الشعوب البشرية قد أسهمت في صياغة أسس الديانات الوثنية، ومنها شعوب المنطقة التي تعربت، فإن المنطقة العربية التي نقوم بدراسة تاريخها قد تفرَّدت بظاهرة الأديان السماوية التي عمَّت إيديولوجياتها شتى أنحاء الكرة الأرضية.
أما المنتمون إلى الأديان السماوية، الذين نظروا إلى الكون بعيون قطع المراحل التاريخية عن سابقاتها، وجمدوا التاريخ عن التطور، وأنهوه عند المراحل التي حسبوا أنها تشكل نهاية للتاريخ، فقد حسبوا أن معتقداتهم كانت جديدة كلياً، وقطعوها بشكل قسري عن حركة التاريخ، لأنهم لم يعتقدوا أن التاريخ متحرك، يستفيد اللاحق من السابق ويفيد ما سيأتي من بعده.
إن الأديان السماوية، على الرغم مما قدَّمته للبشرية من تطور وتجديد روحي، فقد اختصر المؤمنون بها كل الفكر البشري بإيديولوجيتها، ولم يعترفوا بأنها حلقة في سلسلة التراكم المعرفي الذي سبقها، وستشكل هي نفسها حلقة في سلسلة التراكم المعرفي الذي سيخلفها.
لم يشذ الإسلاميون عن مسار تجميد التاريخ المعرفي للبشرية عن غيرهم، بل هم أغرقوا في ذلك أكثر من غيرهم في البيئة الثقافية العربية لأن الإيديولوجيا الإسلامية لا تزال تشكل ثقافة الأكثرية العربية. وبسبب هذا التجميد فقد بتروا التاريخ السابق لانطلاقة الثورة العربية الإسلامية ووصفوه بالتاريخ الجاهلي، أي تاريخ الشعوب التي تميزت بالجهل والأمية، وهم فعلوا ذلك لتضخيم دور الإسلام بتقزيم دور غيره.
كان الأحرى بهؤلاء أن يعتبروا أنه لولا التراكم المعرفي الكبير الذي سبق الإسلام لما كان للإسلام هذا الدور الكبير. كما كان الأحرى بهم أن يعترفوا بأن الإسلام جاء بعظمته لأنه بُنيَ على أساس نقدي معرفي لتراث الشعوب والقبائل التي سبقته. فهو قد نبت في بيئة معرفية متقدمة عالمة وليست بيئة جاهلة.
كان يمكننا أن نتابع منهجنا في البحث بطريقة علمية، نعتبر فيه أن مراحل تكوين الأمة العربية قد استوفت شروطها العلمية والتاريخية في المنطقة التي نقوم بدراستها، لكن ما جعلنا نقف عند المرحلة التي سبقت الإسلام، هو أننا وجدنا مساحة فارغة لم تأخذ حقها من الدراسة الموضوعية من أجل إملائها خاصة وأن الإسلاميين استغلوا هذا الفراغ من أجل تجهيلها لأهداف أكبر، ويأتي في المقدمة منها هدف نفي وجود قومية عربية، وبالتالي من أجل نفي أن تكون هناك أمة عربية.
من أجل إملاء ما يعتبره الإسلاميون فراغاً معرفياً لتدعيم معتقداتهم السلبية ضد القومية العربية، سنعمد إلى البرهان على أن مرحلة ما قبل الإسلام لم تعرف مثل هذا الفراغ، بل كان هناك تراكم معرفي أسس الإسلام عليه من خلال نقده له وجاء بنتائجه المميزة التي انعكست إيجابياً على نقل القومية العربية من مرحلة التكوين إلى مرحلة التأسيس.
وإذا لم نعط كامل اهتمامنا للجانب المعرفي في شقه الحضاري المادي، فهناك من هم أقدر منا على تحليل هذا الشق. ونحن نكتفي بما قمنا به من تكثيف هذا الجانب في القسم الأول من الدراسة، تحت عنوان أن حضارة منطقتنا كانت السباقة في التاريخ، وكانت الأكثر تقدماً في ظروف زمانها ومكانها، وكانت تشكل مصدراً فاعلاً في حضارات الشعوب الأخرى. ولأن هدف بحثنا محدود في جوانب العوامل الفكرية والروحية التي أسهمت في اندلاع الثورة العربية على أساس العقيدة الإسلامية، فسنولي اهتمامنا ونحصره في البحث عن عناصر تكوين المعرفة الروحية عبر طور التكوين القومي العربي في مرحلة ما قبل الإسلام.
إنه من أهم ما شكَّل مرجعاً لنا، في هذا الجانب، كان كتاب «مغامرة العقل الأولى» الذي نشره الباحث السوري فراس السواح. وسبب اختيارنا له هو أنه قام بمقارنة النصوص ذات العلاقة بموضوعنا، وهي النصوص التي ثبتت صحتها. فالبناء عليها لن يحدث أي خلل بموضوعية النتائج، ولن تستطيع الإيديولوجيا أن تؤثر من قريب أو بعيد على تلك النتائج.

3-عناصر التكوين الروحية:
وهنا سنتناول أهم النصوص التي تدل على أنه لم يكن هناك انقطاع معرفي بين طور التكوين القومي العربي، في مرحلة الوثنية والأديان السماوية الموسوية والمسيحية، التي سبقت الإسلام، وهنا سنقوم ببعض الاقتباسات الوثائقية التي تؤكد ما رحنا إليه.

أولاً: سفر البداية:
جاءت النصوص متطابقة بين النص الوثني من جهة، ونص الكتب السماوية من جهة أخرى، وهذا الدليل:
-(أسطورة بابلية):«في تلك الأزمان الأولى. لم يكن سوى المياه».
-(التوراة): «في البدء خلق الله السموات والارض، وكانت الارض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه» (تكوين 1).
-قرآن كريم (هود - 7): ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾.

ثانياً: فصل السماء عن الأرض:
-(أسطورة بابلية): «يقوم الإله مردوخ بشطر جسد الإلهة تعامة، المياه الأولى، إلى نصفين، فيرفع الأولى سماء، ويبسط الثاني أرضاً». (نص أسطورة الأنيوما إيليش).
-(التوراة): «يفصل يهوه، المياه الأولى إلى شطرين، رفع الأول إلى السماء، وبسط الثاني الذي تجمع ماؤه في جانب، وبرزت منه اليابسة في جانب آخر». (العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح الأول).
-(قرآن كريم) (الأنبياء/ 30): ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾.

ثالثاً: سفر خلق الإنسان من طين:
-(أسطورة بابلية): «إمزجي حفنة من طين، من فوق مياه الأعماق، وسيقوم الصناع الإلهيون بتكثيف الطين و(عجنه). ثم كوِّني له أعضاءه».
-(التوراة): «وجبل الإله آدم تراباً من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة الحياة، فصار آدم نفساً حية». (سفر التكوين، الإصحاح الأول).
-(قرآن كريم) (الرحمن/ 3 – 4): ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

رابعاً: سفر الفردوس الموعود:
نتيجة الاستبداد الذي كان يمارسه القوي على الضعيف، منذ مراحل التكوين الأولى، صار الإنسان إلى حالة من الإحباط المزمن، ولكنها تجلت في حلم التغيير نحو عالم يرتاح فيه الإنسان، فكانت أساطير الجنة حلماً يعبِّر فيه الإنسان عن آماله. وقد صاغ الإنسان منذ العهد السومري أساطير عن هذا الحلم. وأسست الأسطورة السومرية لأساطير الجنة. ومن أهمها أسطورة «دلمون» التي هي عبارة عن الجنة السومرية البابلية، وهي مرتع الآلهة الخالدين، ومرتع للبشر ممن أُسبغت عليهم نعمة الخلود. وقد طوَّرت الأديان السماوية الفكرة/ الحلم:
-العهد القديم: (سفر التكوين، 15: 17): «وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من شجر الجنة تأكل أكلاً واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها».
-قرآن كريم (البقرة – 24): ﴿وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجتك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة﴾.

خامساً: سفر الفردوس المفقود:
-(التوراة): «لأنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة، التي أوصيتك قائلاً لا تأكل منها. ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك... بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها. لأنك من تراب وإلى التراب تعود». (سفر التكوين، الإصحاح الأول).
-(القرآن الكريم) (سورة طه): ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى (120)، فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)، قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ (123).

سادساً: سفر قابيل وهابيل:
-جذور القصة في النصوص السومرية: يحصل خصام بين (إيميش) الراعي، و(انتين) المزارع، فيذهبا إلى (أنليل) ليحكم بينهما. فيفضل (أنليل) المزارع على الراعي...
-العهد القديم (سفر التكوين 4 – 5): «فنظر الرب هابيل وتقدمته وإلى قايين وتقدمته لم ينظر».
-قرآن كريم (المائدة – 27): ﴿واتل عليهم نبأ آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين﴾.

سابعاً: سفر الطوفان:
يعود تأسيس أسطورة الطوفان إلى المرحلة السومرية، وهو يشكل الخطوط العريضة لكل أساطير الطوفان اللاحقة، ومنها كتاب التوراة، وقد نقلها القرآن أيضاً. وهذه الخطوط تتلخص بـ«قرار إلهي بتدمير الحياة على الأرض، واختيار واحد من البشر لإنقاذه، واستمرار الحياة من جديد بواسطة الناجي». وهذه النصوص التي صوَّرت تلك الأسطورة:
-(أسطورة بابلية): «قوِّض بيتك وابنِ سفينة، إهجر ممتلكاتك، وانجُ بنفسك أترك متاعك وانقذ حياتك. واحمل فيها بذرة كل ذي حياة».
-(العهد القديم/سفر التكوين، الإصحاح السابع – 1): «قال الرب لنوح أدخل السفينة أنت وجميع أهلك فإني إياك رأيت باراً أمامي في هذا الجيل».
-(قرآن كريم: سورة هود – 7): ﴿قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾.

ثامناً: مقارنة بعض القوانين:
-قانون حمورابي 196: «إذا، فقأ سيد عين ابن أحد الأشراف، فعليهم أن يفقؤوا عينه». ومن 197 ـ 200: «إذا كسر سيد عظم سيد آخر، فعليهم أن يكسروا عظمه. إذا قلع سيد سن سيد من طبقته، فعليهم أن يقلعوا سنه».
-قانون التوراة: «الكسر بالكسر والعين بالعين والسن بالسن» (لاويين 24:20).
-قانون القرآن (المائدة: 54): ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.

4-عناصر عقيدة التوحيد الإلهية:
من نتائج التراكم المعرفي الروحي في عصر التكوين العربي:
-وحدانية الإله عند إخناتون في مصر، وتبعتها ديانة موسى في سورية. وهذا ما سنلقي عليه بعض الأضواء من خلال ما يُسمى بعناصر التكوين التوراتي:
-هجرة إبراهيم من مدينة أور الكلدانية، واستقراره في أرض كنعان بفلسطين. وفرار موسى من مصر إلى فلسطين (1300 ق. م.). والسبي اليهودي إلى بابل (600 ق. م.) على يد نبوخذ نصر. وقد استفاد اليهود من وجودهم في بابل من خلال مسألتين، وهما: مسألة تدوين التوراة التي لم تكن قد دُوِّنت قبل السبي. والثانية اطلاعهم على آداب وديانة وأساطير ثقافة أرض الرافدين.
ويحسب البعض أن موسى كان قائداً عسكرياً من أتباع ديانة آتون، وهي أول ديانة توحيدية معروفة تاريخياً، أسسها الفرعون إخناتون. ولما هلك أخناتون، ودمر كهنة الديانات التقليدية كل ما بناه، تفرق أتباعه وأهله. ففر موسى من مصر لمتابعة الرسالة. وتتابع هذه النظرية لتزعم أن اليهود بعد خيباتهم المتلاحقة قتلوا قائدهم، وهو ما أدخل على اليهودية فكرة «المسيح المنتظر» الذي سوف يعود لقيادة شعبه.
وهنا نستعرض أسس نظرية التوحيد الإلهي التي سبقت الإسلام:
أ-عقيدة التوحيد اليهودية: الديانة الآتونية والديانة الموسوية تصران على وحدانية الإله. كما تمنعان تصوير الإله ونحته، لذلك حطم أخناتون كل التماثيل. ولا تؤمنان بفكرة البعث والحساب في الآخرة.
ب-عقيدة التوحيد المسيحية: يرجع علماء التاريخ المسيحي أن العقيدة التوحيدية كانت أسبق في الظهور من عقائد التثليث التي لم تظهر إلا في الرابع الميلادي. ومن أهم جذور هذه العقيدة في تلك الفترة نستعرض أهمها:
-كورنثوس (المتوفى سنة 73م). الذي اعتقد أن السيد المسيح كان مجرد إنسان بارز، وتبعت كورنثوس طائفة من المسيحيين.
-فرقة الأبيونيين التي نشأت في القرن الأول الميلادي: وكان أتباعها يعتقدون أن المسيح هو المخلص الذي بشر به العهد القديم (التوراة)، وأنه ذو طبيعة بشرية خالصة، وأنه إبن الله بالتبني، وأنكروا معجزة الميلاد العذروي.
-ومن أشهر من تبنى عقيدة التوحيد، هم: ديودوروس (الذي كان أسقفاً لطرطوس)، بولس الشمشاطي (كان أسقفاً لأنطاكية) والذي أنكر ألوهية المسيح وقرر أنه مجرد بشر رسول، خلقه الله كما خلق آدم. وآريوس (أسقف كنيسة بوكاليس في الإسكندرية).
-أما في المشرق فقد تأثر نسطور أسقف القسطنطينية بآراء آريوس فأنكر ألوهية السيد المسيح، وصرح بأنه إنسان نبي فقط.
ج-عقيدة التوحيد في الجزيرة العربية: وهل لم تكن تلك العقيدة الاسلامية في التوحيد إلاَّ امتداداً للحركة النقدية المسيحية التي نبتت في المنطقة العربية؟ وهنا ماذا يعني تيار الأحناف الذي كان منتشراً في شبه الجزيرة العربية؟ ألم يكن أحد مظاهر الحركة النقدية التي مهَّدت للثورة الإسلامية؟
ومن أهم معالم الحضارة الروحية، التي سبقت الدعوة الإسلامية، شكل «تيار الأحناف» بيئة ثقافية في دعم الحوار الديني وتنميته باتجاه التوحيد الخالص. وحاول كلّ واحد منهم أن يلتقي مع أحبار ورهبان الأديان الأخرى، والدخول معهم في حوارات جعلت وعيهم الديني أكثر صفاءً، وأكثر قدرة على الانتقاد، ليس انتقاد عبادة الأصنام والأوثان فحسب، بل انتقاد الوثنية داخل الأديان الأخرى أيضاً. ومع جيلهم الأول أصبحت القراءة والكتابة ضرورة اجتماعية ملحّة للحنيفي بالدرجة الأساس، تدعمه في بحثه عن الدين سواء على مستوى القراءة أو التثبيت، فكانوا يشترون الكتب ويراجعونها ويتسقّطون أخبار أهل الآراء والمذاهب والديانات. وقد استخدم الأحناف كل الوسائل المتاحة لاكتساب المعرفة ونشرها، ومن أهم تلك الوسائل، كانت: مواسم الأسواق العربية قبل الإسلام، ومواسم الحج، وأندية القبائل الخاصة، والمراسلات ... وعرفت الجزيرة العربية ظاهرة انتشار خطباء الحنيفية تماماً كانتشار الخطباء في باريس قبل الثورة الفرنسية، كانت هناك حمّى للإصلاح اجتاحت الجزيرة العربية بأكملها قبل الإسلام ( ).
د-عقيدة التوحيد الإسلامية:
أما النص الإسلامي الذي عبَّر عن عقيدة التوحيد فقد أوجزته الآية التي قال فيها الرسول الكريم «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». وهي: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ / اللَّهُ الصَّمَدُ / لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ / وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾.
وبمقارنة سريعة بين ما نادت به العقائد التوحيدية التي نشأت في المسيحية مع ما جاء في سورة التوحيد الإسلامية، لخرجنا بنتيجة أساسية وهي أنها أكَّدت تلك المضامين، الأمر الذي يدفعنا إلى القول بأن الدعوة الإسلامية إنما كانت أحد أهم نتائج الحركة النقدية الدينية التي تكوَّنت عناصرها عبر قرون عديدة من الزمن.
انتهت الدراسة الأولية لمرحلة التكوين، ونأمل في المستقبل أن نقوم بتطويرها.
كما نأمل أن ننجز دراسة عن مرحلة تأسيس الثورة الثانية في تاريخ العروبة (الدولة العربية الإسلامية)،
لنصل بعدها إلى دراسة تتناول مرحلة تكوين الثورة الثالثة في تاريخ العروبة (الدولة القومية).



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل الرابع من كتاب الماركسية بين الأمة والأممية
- الفصل الثالث من كتاب (الماركسية بين الأمة والأممية).
- الفصل الثاني من كتاب - الماركسية بين الأمة والأممية
- كتاب الماركسيـة بين الأمـة والأمميـة - الفصل الأول: مقدمات م ...
- الناسخ والمنسوخ
- الإشكالية بين الفكرين القومي والديني


المزيد.....




- مسؤول أمريكي لـCNN: سقوط قذائف بالقرب من موقع تفريغ لرصيف مس ...
- حزب الله ينفذ 11 عملية ضد القوات الإسرائيلية ومواقعها العسكر ...
- لماذا علقت الولايات المتحدة شحنة أسلحة تضم قنابل ثقيلة الوزن ...
- إيطاليا تمنع طائرات المنظمات غير الحكومية من الإقلاع من جزر ...
- رفح.. نزوح قسري جراء الضربات الإسرائيلية
- رفض فلسطيني لاحتلال إسرائيل معبر رفح
- صافرات الإنذار تدوي في الجولان السوري المحتل
- بيسكوف يدعو لعدم تهويل صعوبة المباحثات الروسية الأرمنية
- جبران باسيل لـRT: حزب الله لا يحقق شيئاً للبنان بحربه لمساند ...
- عضو بالكنيست الإسرائيلي: إما صواريخ أمريكية دقيقة أو سنقوم ب ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسن خليل غريب - دراسة تاريخية ومعرفية في عناصر تكوين القومية العربية