أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد سامي نادر - يوميات هولندية- 6 - دون كيخوت وطواحين الدم -















المزيد.....

يوميات هولندية- 6 - دون كيخوت وطواحين الدم -


سعد سامي نادر

الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 20:04
المحور: كتابات ساخرة
    


كانت حياتنا عامي 2006-2007 في مناطق بغداد الساخنة المتعددة الطوائف والأعراق، كارثية بل لا تطاق بكل جوانبها ومفرداتها. حينها، من ضروراتنا القصوى، حساب موقفنا الامني بالتمام..أين نحن فيه ومنه الآن. وأعني، تهديدات كل الأطراف! ومتغيرات موقف هذه الأطراف منا. ببساطة، الاستفهامات الحديثة حولنا تشير: أننا خليط (شيعي...سني..كفار) وغير منتفعين. أي ان المؤشرات تؤكد اننا ضد كل الأطراف!. لذا،علينا الحذر وحساب المتغيرات بلحظاتها. خاصة قبل خروجنا للعمل والتسوق. همـّنا اليومي، حماية حياتنا من التهديدات.. وللدفاع عن سلامتها من أذى شارع طائفي فاشي منتفع دون شرف وبلا رحمة أوحياء، وبغياب سلطة الدولة والقانون، يتطلب منا دفاعا ذاتيا مستميتا!!. وهل يملك الشرفاء سواه لحمايتنا!: أعراف أجيال متواصلة من الألفة والمحبة بين أهلنا وناسنا في المنطقة. آملين خيرا بخط دفاعنا الاول هذا: خدمات مجانية عبر الهاتف النقال تؤكد لنا سلامة وخلو الطريق من الإرهابيين.. طلب من صديق ان يكون شفيعا!! لنا يصطحبنا معه في تخطي حواجز الشفاعة المذهبية!.. ويبقى ما يخبأه لنا القدر من مفاجئات في ثنايا منعطفات الطرق، أمر لا يمكن حسبانه بالمرة .. وفروسيتنا تكمن بالمقاومة !!. في زمن ذبح البشر. كانت مقاومتنا فروسية معاصرة من نوع خائب! فما نملكه من أسلحة للدفاع عن حياتنا لا يتعد ثبات خط دفاعنا الأول: تأريخ طويل من مشاركتنا حياة جيرة ونسابة حسنة مسالمة متعاونة، متعلمة غير مؤذية. يا لوهم أسلحة الموتى في زمن طواحين الدم..
هل نفعت فرسان القرون الوسطى شجاعة رجولتهم ونبل التحدي ، من إيقاف حرب المائة عام بين رغبة التجديد البروتستانتية وثوابت لاهوت روما المتحجر. يا للنكبة!!.عسى ان يعني شيئارقم المائة عام في عقولنا وأذهان جهلةما قبل التاريخ.. أمام الجهل لم ينفع نبل الفروسية ولا اسلحة الموتى . وكانت الـ ( آر.بي.جي 7) "أصدق أنباءً من الكتبِ"..
سقطت اوهامنا بخطوط دفاعاتنا الاجتماعية.. وشـُرِّدت معظم عوائل المنطقة وتشتت شمل أهلنا في المهاجر. وبقيت وحدي معتمداً على سلاحي وسيفي الخشبي: الشرف والطيبة والتاريخ الناصع!!.
لكن علينا ان نقاوم!.. نقلنا اعتمادنا من كنف الحكومة الغائبة الخائبة، الى بارينا الكريم مالك الملك والأقدار، لعله ينتقم لنا وينجينا من شرور قدرنا الوطني ودهاليزه المظلمة. وانتظرنا، وطال انتظارنا. فاستسلمنا لمشيئه الاسلحة الفتاكة والدم وتأقلمنا مع واقعنا اللئيم. وبقينا صامدين مستخدمين سيفنا الخشبي، عكـّازاً لمقاومة بديلة أخرى أشد سلبية من سابقتها: عدم الذهاب الى العمل!!. لا تقرئوا الفاتحة.. ( الاشجار تموت واقفة).
أنا وجاري أبو عباس نشتغل في السوق. بعد سقوط النظام، منحتنا فسحة الحرية ان نلتقي لنقشر دون خوف، بعضا من همومنا وصدأ الماضي المتراكم بدواخلنا. لكن خوفنا في السنتين تلك، كان ضريبه واجبة نسددها في الشارع من صحتنا واعصابنا. هلعاً يجلب الجلطة أو سكري دم. هذا اذا سلمنا من أذى أذرع القمصان السود.
من ناحيتي، تجاوزت الخوف بحبوب صاحبة السعادة (الفاليوم). والتزمي البيت.. كذلك فعل جاري. أخيرا تعودنا سويا ان ننزوي في الحديقة لشرب الشاي وسماع الراديو والتسامر لساعات طوال غير آبهين بما يحدث بعصر السلالات الاولى!.
جاري ابو عباس، خريج كلية الشريعة، الا انه لم تلوثه أوهام وامراض الاسلاميين الجدد. حظه السعيد، اختار له فناً دون كل الفنون.. محلل شرعاً!!. فهو خطاط ماهر وفنان بطباعة "السكرين" وكان يكسب منه جيدا لولا ظرفنا الأمني. نظرا لضعف نظري، كان ابوعباس يقرا لي كثيرا من الشعر والادب، مستغلين وقتنا وضوء النهار بأمثل صوره. أظن موقفنا كان نوعا من التحدي ومقاومة "مهاتمية". فنحن ما تبقى من أصوليو غاندي الجليل!. وِدْ وحلاوة أنيسي "أبو عباس" تكمن حين تنقصه الحجة في النقاش (وما أكثرها بيننا)..فهو يبتسم ويهز رأسه ويديه بأدب ويردد: "إي.. جماعة أبويه.. مي صير إلكم جارة.. ما عدكم غير المادية التاريخية تلصمونة بيهَ".. مع ضحكة ودودة لترطيب الجو.
ذات يوم نـشرت له صحيفة محلية قصيدة. أكد انها موجهة ومهداة لي. نعتني فيها بـ"دون كيشوت" وبتعبير أدق وبالضبط: "قارس الوهم".
في اليوم التالي وكالعادة حسب الجو الطائفي العام. لم يتجرأ أحد بالخروج. وكالعادة أيضا التقينا. قدمت له مع الشاي نص شعري صغير (لم اكتب غيره سابقا) ردا على قصيدته. قلت له : كتبتها على ضوء الشمعة بعد خروجك ليلة أمس. قرأ النص بتمعن وأعاد قرائنه بتأمل.. تململ وقال: انها من بحر الرَمَل وهناك خطأ واحدا فيها. رغم قسمي له، لم يصدق إني لم أقرأ يوما في بحور الشعر العربي. واني لأول مرة اسمع ببحر اسمه الرَمَل، واني كتبت هذا اانص على رقع ال( تنـبـو ). سألني ماذا.. التنبو؟. أجبته الايفاع الذي يدور برأسي، سيدي. مات ضحكا وقال:وكأنك لا تعرف بالمرة كلمة الوزن أو التفعيلة!!. بعد ان عرف حقيقة عدم معرفتي لبحور الشعر. اتفق معي على أن يدرسني ( الفراهيدي ).. بحر واحد لكل يومين، مقابل تهيئتي أباريق الشاي. فرحت لكرمه السخي هذا. وكنت طالبا مطيعا نجيبا لأستاذٍ معطاء، أنا أكبره خمسة عشر عاما واكثر. ساعدني في سرعة!! تعلمي طريقة التقطيع الشعري: تواصل انهيار وضعنا الأمني وقطع علاقتنا مع العمل بالتمام!!. أظن!، رغم بؤس المقاربة، ربّ ضارة نافعة.. وستبقى متع وعشق الحياة، سلاح فرسانها الشجعان في مقاومة ومواجهة طواحين الشر والدم والوهم..
*****
الحبيب أبا عباس.. صبري عبد الواحد.
( واحدٌ يكفي )*
يا غريمي،،
صوتك الداوي "تراتيل انبهارْ"
وصدى مجدك يخبو بـ"مرايا الانكسارْ"
يعكس الخطوة دوماً للوراء
يا صديقي،،
لطواويس الحروب الخائبه أوسمةٌ
ونياشين اندحار
يا لمجدِ الإندحار!!
يا غريمي،،
"فارس الوهمِ" وسيفٌ من خشبْ
وحصان تمتطيهِ،، أعرجَ الخطوَةِ بالكادِ يَثِبْ
حالفاً بالروح إيقاف طواحينَ الهواء!!
يا صديقي..
يا أبا العباس.. احذَرْ!!
إن ( دون كيشوتَ ) واحدٌ.. أحمقْ..
قد يغارْ!!.
*******
*- أعلاه نص ردي على قصيدته..والمحصورة بين قوسين بالنص مفردات من قصيدة الحبيب ابو عباس..



#سعد_سامي_نادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات هولندية -4 : - حديث في السياسة والنار -
- - هُبَليات -
- - حلم -
- يوميات هولندية 2 (آنزهايمر )
- يوميات هولندية- 1 (إرثٌ وحقيبة )


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد سامي نادر - يوميات هولندية- 6 - دون كيخوت وطواحين الدم -