مختار العربي
الحوار المتمدن-العدد: 919 - 2004 / 8 / 8 - 12:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ ان تشكلت الأطر الاجتماعية وتقاسمت البشرية شرعية الأماكن وقبضت على التواجد الزماني للأشياء كانت هنالك نقطة البداية للعلاقة بين المثالية والمادية (كمفاهيم وجودية) وبشكل من الأشكال لم تكن حاجتهم ماسة في بداية تكوين المجتمع إلى تحديد صفات ومميزات صاحب المكان المتربع على مساحات نالها بفضل اللاوعي بالشيء ، وكثيراً ما قارن الحَدثُ بالمكان الصلاحيات الموكلة إليه على أنها حق مكفول له بفارق الطبيعة التي من خلالها منح هذه المساحات ، وكأني به مارس القهر على ذاته وذات المجتمع المنقسم على نفسه ، فالمعرفة المتكاملة بالمجتمع ليست من السهولة التي يظنها البعض فهي في غاية التعقيد والمسألة تحتاج لعناء البحث والتنقيب والتفكيك.
(جماعات تتعايش في مساحات يجمعهم مكان!) قبل أن يشمل التقدير الجدير بالنظر رؤية هي مستحيلة نحو المجتمع غاص كثيرون منذ الكانطيين الجدد فنسبوا أن قراءة المجتمع لا تتأتي كما الطبيعيات فالعلم ليس بإمكانه توضيح فهم محدد للمجتمع مع الأخذ بالتغيرات التي تحدث داخله ، ولا يزال الصراع قائماً بين المدارس المشتغلة بالتحولات الاجتماعية والمعاني الجلية للقراءات الصحيحة التي صاحبت جميع المدارس القائلة بضرورة تفسير البنية الاجتماعية استناداً لأي من هذه المعالم المتحولة والمختلفة من رؤية لأخري ، فلم يسلموا بالإطلاق فالإطلاق صفة (قهر) ، فكنه التحديث الذي حدث نتيجة للتغييرات هو عامل ليس بمثابة شيء لا يمكن التعامل معه ، فمن يستطيع أن يخاطب جميع الناس بلغة واحدة وثقافة واحدة ومفهوم للحضارة والتاريخ والسياسة واحد ؟ وبالتالي يبقي أن نشير إلى ضرورة تعدد القراءات والاستنباطات للمجتمع والسبب جيد للغاية وهو الاختلاف القائم بين المجتمع الواحد بل الأسرة الواحدة لا يتيح لنا خلق حلول للإشكاليات وتفسيرها منطقياً بصورة جامدة ، فنلاحظ أنه داخل الأسرة الواحدة تتعدد المفاهيم بين الأخ وأخيه والزوجة وزوجها ولكنهم بالرغم عن ذلك يتعايشون تحت سقف واحد بموجب قوانين الاضطرار السلبي.
عنيت بقول هذا التوافر الكثيف للتعددية القائمة بين المرء وذاتيته أو لنقل بين الذاتي والموضوعي في داخل الجسد الواحد ، ويجدر بنا أيضاَ التدليل على عدم توافق الإطلاق في التحليل بأن المجتمع يتطور حسب الحاجة التطور بمعني الإنسان بدائياً! يتعامل مع الطبيعة بمفهوم القوة الجسدية ، ولا تزال الصورة قائمة حتى الآن ذات منطوق القوة والباس المفتعل ولكن بشكل جديد وأدوات مختلفة والمقصود أن الروح هي التي تتغير للتطابق مع الأدوات الجديدة لا المسلمات التي ينتهجها أصحاب منطق التطور البنائي للمجتمعات بفعل الحاجة فهم قد أغفلوا الجانب الفلسفي في الموضوع وهو (علاقة الإنسان مع نفسه في ظل وجود الأخر) فنقول : أن التطور والتبادل الفكري البنيوي الوجودي بين الإنسان والطبيعة هو المسبب الحقيقي والخالق لجملة تغيرات وتفسيرات تعبر بشكل خبير عن مصدر نشأة لغات جديدة ومفاهيم جديدة يمكن جملها في قراءة للواقع الذي نعيش فنشاهد كيف تغيرت الأجساد وبقيت الأرواح سلفية.!!
لنأخذ موضوعة أخري وهي أنه وحتى سريان ما يسمي بعصر الإنسانية المطلقة لا نزال نري ونشاهد ونؤكد على سريان قانون الغابة وما يري من تطابق أصحاب القوة الاقتصادية في الإمساك بوضع قانون واحد يحدد ملامح العالم؟ (هو قهر ) فالقوي لا يزال يسود والضعيف لم يبرح هزائمه فيظل يرضخ للمطالب دون أن يبدي أدنى مقاومة أو قدر من الرفض والتساؤل! ولهذا فإن أساليب القهر والضغط في تطور مستمر وبأشكال حربائية مع ما يتوافق وأدوات التنفيذ وتطور لغة القهر ينبع من تداولها بين الأقوياء وإقصاء الأخر، فيجتمعون لأجل تجويع العقول النيرة التي لا تملك حق تقرير المصير ، و ينبغي وبموضوعية وحياد أن نقول بوجود القهر الاجتماعي والثقافي بتلك الشاكلة التخليقية مرده فض مبدأ الشراكة في الفعل! فإذا أراد القاهر أن يقهر ويمارس شذوذه الفكري لا بد من أن يخلق المقهور أي الشخص الذي تنطبق عليه مواصفات قبول مهمة الذليل الحقير القابع في سكون الذي لا يحرك يده ليشير إلى موضع ألمه ، هذا الشخص يجعل من القاهر شيطاناً يطور أدواته بقسمات يصعب دخول الرؤية التحليلية إليه ، إذا العلاقة ليست جدلية فالظالم يحتاج للمظلوم حتي يكون ، والعلاقة جدلية هنا لأنها وفي رأي تنبع من توازن القوى حتى الخارج يساوي الداخل والداخل لا يقل عن الخارج في مصدره وتأكيده على وجوده.
المستعمر الجديد (القهر) يمتلك أقوى الأسلحة وهو إعادة خلق نفسه بصور مختلفة وإيجادنا كمستهلك لإنتاجه بفعل (إن نظل نشاهده وهو يعلو - ونفتح أفواهنا في حيرة (ما لهذا المارد أن يتقدم فنرجمه ونظل نعبد ذكراه)...
وكأن هذا المستعمر يملك الحق في رسم صورة تتجانس ومعطيات القهر الذي ينميه وبهذا يكفل الصحة إلى جانبه فلا يتحرك المغدور شيئاً.
صورة لقاهر جديد:
رجل فقد البصر يشاهد القهر ويبكي: من أين جاء هذا الدخيل الذي يمارس القهر بمختلف اللغات (فقديماً كان للقهر لغة واحدة!ّ) جاراً جنوده ومدمراً الشعب مصدراً بفكره وثقافته وطرحه شعارات توهم الشعب بأنه جاء من أجلهم فيقوم بالتقتيل والذبح لأجل الأهداف السامية وبذا يريد ان ينتج القوة دونما إشراكهم في الأمر (فقط شاهدوا تعذبوا (قبول قدري!!))
اختلافنا الفكري ليس ضد المذاهب الإنسانية فقط تعال وعرفنا ماذا تعني ؟! ( لأن حرية الإنسان فوق كل المفاهيم)
قراءة جديدة للمقاومة أن القهر لا يكون بالفعل القاسي فقط فهو يتجدد حسب معطيات العصر الذي يسود فيه (نشر الأشرعة والإبحار دون الأخرين) وهذه لمفاهيم شاذة لا نستطيع أن نوقفها إلا إذا أمتلكنا زمام الموقف وحرصنا على تفهم مستواه وتفاعلاته. فلم يصبح القهر ظاهرياً كما كان يمارس من قبل كالتعذيب الجسدي والقتل المريح داخل أقبية السجون والمعتقلات بل صار القهر يتلون ويتداخل فيه الإنساني بالشيطاني والحقيقي بالزائف والمجاني بالمدفوع الثمن . فصرنا نشهد توقعات بالموت قبل أن يكون! ونهاية التاريخ! وتفسخ الشرف الإنساني ليحل محله الفساد الفكري ويظل التحرر من كل مذاهب المرارة يُجرع من كأس واحد.
إذا لنهب انفسنا صدقنا وسلمنا بوجود القاهر يتسيد الموقف وأسمي ما نسعي إليه هو ان نصبح نحن (ذات القاهر) في شخصه لتستمر العجلة في الدوران حتى يأتي رسول جديد يقرر موت الظلام.!!!!!
#مختار_العربي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟