أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد نصار - مجدي عبد الكريم الضاحك صمتا والباكي صمتا والراحل أيضا صمتا














المزيد.....

مجدي عبد الكريم الضاحك صمتا والباكي صمتا والراحل أيضا صمتا


أحمد نصار

الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 00:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في شارع عماد الدين بوسط القاهرة حيث اللوكاندات الرخيصة ، والبارات الشعبية ، وبائعي الصميط ، وبائعات الهوى المترجلات المتسكعات ، وسماسرة التسفير والتهجير للخارج ،كان مقهى ( ركس ) الشهير بإتساعه المميز وأبوابه المتعددة يرقد في أيامه الأخيرة شاهدا يوميا على مئات الصفقات الصغيرة المشبوهة ،وعمليات النصب متوسطة الذكاء ،ومغامرات القنص البشري البائسة حيث الصياد والفريسة ضحيتان لضحية أكبر ،والعديد والعديد من السفالات المحدودة الأثر والتأثير مقارنة بالسفالات الكبرى عابرة الحدود ذات الوزن الثقيل التي يفعلها الكبار بإعتياد متكرر وبدون ضجيج وبعيدا عن إزدحام منطقة وسط البلد .
ترددت كثيرا وأنا في طريقي متجها نحو مقهى ( ركس ) حيث كان لقاؤنا الأول ، وكعادتي عندما أكون غير متحمس للقاء ما فإنني أذهب إليه سيرا على قدمي حتى أمنح نفسي قدرا كبيرا من الوقت للتفكير ويكون لدي فرصة للرجوع وعدم اتمام اللقاء ، لم أكن قد قابلت مجدي عبد الكريم من قبل ، ولكنني كثيرا ما أصابتني سهام طائشة وتعثرت قدماي في فخاخ صغيرة، وفي كل مرة أحاول البحث عن مصدر السهام ومحترفي نصب الفخاخ يرد اسم مجدي عبد الكريم كواحد من المساعدين المحترفين للمماليك الجدد ، لم أستطع أن أبني موقفا حادا منه ولكنني لم أشعر بالراحة للقائه، وقطعت المسافة من أول شبرا إلى المقهى دون رغبة واضحة في اللقاء أو في الرجوع .كان مجدي قد انتهى من كوب الشاي ،وكانت عيناه الزائغتان تتأرجحان يمينا ويسارا مع كل داخل إلى المقهى ومع كل خارج منها إلى الشارع ، مددت يدي مصافحا وكانت يده مازالت محتفظة بسخونة الشاي ،كان هو الذي طلب اللقاء ولم يكن من اللياقة أن أكون البادئ بالحديث ، انتظرته طويلا وهو يضغط بشدة على مخارج الحروف فترشح الكلمات شحيحة وباردة من بين شفتيه ، وتتسع مسافات الصمت مابين الكلمة والأخرى ،للوهلة الأولى تفاجئك لهجته الصعيدية في تناقض ظاهر مع بشرته الفاتحة وشعره الناعم واستعماله لبعض مفردات اللغة الإنجليزية بشكل يبدو عفويا وعلى فترات متباعدة أيضا من الحديث ، وبعد وقت غير طويل نسبيا أدركت سب اللقاء ، كان مجدي مهموما أن يوضح لي أنه لم يكن أبدا من الرامين بالسهام ولا الناصبين للفخاخ وانما كان فقط مجرد آداة لاحول لها ولاقوة وليس لها غير تنفيذ مايراه آخرين أسماهم هو الكبار ، وأن هؤلاء الكبار هم من أجبروه على ذلك .
شعرت بالجو أصبح خانقا ولزجاولعنت له من أسماهم كبارا في كل زمان ومكان ، ولمحت دمعة تملأ عينيه فتوقفت عن الكلام ونظرت في وجهه طويلا ، كانت الدمعة تجاهد كي تصبح قادرة على السقوط ولكنها تفشل وظلت عالقة بعينيه ، قلت له : أريد أن أمشي كثيرا وأن أشم هواءا طازجا ، قال : خذني معك.
واجتزنا ميدان التحرير وتدحرجنا على كوبري قصر النيل وظل مجدي يتحدث عن وطأة التنظيم الشكلية ، وتعدد الهوى القيادي ، وتصادم خصيان المعبد في طموحاتهم غير المبررة ، والكاهن الأكبر الذي ينسى كثيرا ويكذب أكثر ، وعن معنى أن يكون حاضرك ومستقبلك مثل الكرة الشراب يتقاذفها صبية الشوارع بأقدامهم الحافية بغير حكم نزيه وفي غياب الجمهور الضامن الوحيد لشرعية التنافس في مباراة أشبه بالعادة السرية حيث الرابح وهم والخاسر وهم والإنتصار مجرد رغبات مكبوته تنعكس على جدار النفس المشروخ وترتد إلى العيون الكسيرة الأسيرة بفعل الكبار السفهاء منا ،!!
أمسك مجدي بذراعي وبدا أنه يتثاقل في مشيته ولاحظت قطرات العرق تتكاثر على وجهه وجبينه ، سألته : هل نجلس لنستريح ؟ قال : لا بل نمضي لنستريح !!!وبعد لحظات بدأت الكلمات تنساب بسرعة من بين شفتيه ولم يعد لكلماته ذات اللزوجة المعهودة " لقد اتحذت قرارا ... لأول مرة من زمن طويل ....ربما يكون قرارا شيطانيا ...لن يستمر الحال على ذلك .....لابد أن أنزع نفسي من تلك المصيدة الشريرة.....لا بد من أن أخرج من تحت هذا الركام ...لابد لي من مخرج آمن ...."وأخذت أنفاسه تتسارع وبشكل غير منتظم : "لابد لي من خروج آمن ....لابد لي من خروج آمن " ، وتعددت اللقاءات وفي كل مرة كنت أجد ألف سبب وسبب لصمتك الدائم حيث كنت دائما تخشى حسابات من ظننتهم كبارا وماهم بكبار ... فلا تجد غير الصمت ملاذا آمنا ، كنت تخشى أن يحسبوك على هذا المقف أو ذاك ....فإتخذت من الصمت موقفا وغطاءا ، كنت تجهز ماإعتقدت أنه مخرج آمن وكنت تخشى أن يخترق أحدا رأسك فيعلم تدبيرك فتدثرت بالصمت وصنعت منه درعا ،ومضت الأيام وتمدد الصمت داخلك حتى احتل الخلايا ومابين الخلايا ، وكان خروجك البائس جدارية جديدة تؤكد على أن الرجال هم وحدهم من يعرفون قيمة وقدر الرجال ، وأن الصغار بأفعالهم الصغيرة يشيعون مناخا عابثا ويفتحون الباب واسعا لكل الألاعيب الصغيرة ، وكانت لعبتك أيضا الصغيرة والتي لم تكن أبدا خروجا آمنا .
وفي التيه العظيم لم يتغير حالك بعد الخروج ، وظللت أيضا صامتا تنطق عيناك بندم وأسف على ماقد مضى وأيضا على ماهو آت ، وحين ذاع خبر رحيلك الصامت أيضا ترحمت عليك وعلى كل المستضعفين ولعنت ألف لعنة كبارك الذين سحقوا زهرة شبابك وداسوا بأقدامهم الغاشمة كل رغبة لديك في الكلام ، وأضاعوا أيضا برعونة المماليك حلما ورديا جميلا كان يرفرف على كل الوطن يداعب الحالمين بالخير والعدل والحرية



#أحمد_نصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاطف الجبالى الباحث دائما عن إمراة مستحيلة والمتعلق دائما با ...
- مناجاة لزيتية العينين 4
- مناجاة لزيتية العينين 5
- مناجاة لزيتية العينين 3
- مناجاة لزيتية العينين 1
- مناجاة لزيتية العينين 2
- المراهقة ( 4 ) الرعاية لابد أن تشمل الجميع
- نداء ( 3 ) إلى الطلاب الوطنيين الديموقراطيين
- نداء ( 2 ) الى الطلاب الوطنيين الديموقراطيين
- المراهقة (3) مرة أخرى ولن تكون الأخيرة
- اقتراح بتشكيل الروابط الطلابية الوطنية الديموقراطية
- نداء إلي الطلاب الوطنيين الديموقراطيين
- المراهقة (2) الأرقام تصرخ : الصمت عار .. الصمت عار
- لماذا العبور السريع لنقاط الإتفاق ولماذا التوقف الكبير عند ن ...
- المراهقة من مرحلة عمرية إلى أزمة مجتمعية
- في رثاء المناضل الإشتراكي/ علي الصبــــــــاغ
- ورقة أولية حول ضرورة العمل بين الطلاب
- العم/ أحمد رجب الرمح الممشوق على بوابات كمشيش
- في رثاء المناضل الإشتراكي/ محمود عبد الفتاح
- - في رثاء المناضل الإشتراكي / خالد عيد صالح - خالد عيد صالح ...


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد نصار - مجدي عبد الكريم الضاحك صمتا والباكي صمتا والراحل أيضا صمتا