أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد نصار - عاطف الجبالى الباحث دائما عن إمراة مستحيلة والمتعلق دائما بالفكرة المستحيلة














المزيد.....

عاطف الجبالى الباحث دائما عن إمراة مستحيلة والمتعلق دائما بالفكرة المستحيلة


أحمد نصار

الحوار المتمدن-العدد: 3008 - 2010 / 5 / 18 - 18:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الجد صعيدي من الفيوم يمتلئ فخرا بأصله العربي البدوي القادم من شبه جزيرة العرب ، والأب جاء إلى المحلة الكبرى ، وبنى بيتا وأنجب ولدين وعدد من البنات ، ووضع صورة الرئيس عبد الناصر على حائط في صدر البيت .
سيف الجبالى الأخ الأكبر بهرته أفكار البعث العربي القومي واستجاب لنداء النداهة وودع هواه وذاب وغاب في بلاد الرافدين ولاخبر عنه .
عاطف الجبالى - الأمل المتبقي للحاج رشدي الجبالي – الهائم دائما على وجهه بين خرائب البشر وبقايا التنظيمات الثورية باحثا عن امرأة مستحيلة في القطارات الليلية ومقاهي وسط البلد بالقاهرة وبين عاملات النسيج ، ومتعلقا بفكرة مستحيلة عن وطن مستحيل " أرضه خضراء وأطفاله يحملون أعلاما حمراء ويرقصون في الساحات تطير فوق رؤوسهم فراشات ملونة "،وظل عاطف يجوب شوارع المدينة – المحلة – حاملا كومة من التناقضات الثقيلة يلفها بأوراقه الثورية المتموغة بخاتم هذا التنظيم أو ذاك ، متأرجحا مابين حبه للبحر وحنينه الدائم للصحراء ، عمله اليومي في مصانع المحلة الكبرى وسهره الليلي لاهثا وراء فكرة مستحيلة أو امرأة مستحيلة ...... لا فرق..........، أناقته وهندامه الشديدين وجمهور أصدقائه البسطاء الطيبين ،وكنت دائما تلقاني ضاحكا : " من الذي أتى بك أيها البرجوازي الصغير والميتافيزقي العفن إلى أحضان عمال المحلة حيث لاشئ غير الثورة " وكنت أضحك من هذه اللغة التي تتحدث بها ومن تلك التصورات العجيبة التي تؤمن أنت بها ، وتجلس بعد ذلك مستمعا ومنصتا لذلك البرجوازي الميتافيزقي المنذورللثورة عن طريق الصدفة العمياء هكذا كنت دائما تقول دون ملل ، ونضحك سويا دون أي ملل ونمضي .
الشتاء في المحلة الكبرى غزير المطر والليل شديد البرودة وحجز قسم أول المحلة شديد الإزدحام , ويدفعنا الحارس العجوز الطيب داخل الحجز وعيناه تدمع أسفا ويغلق الباب الحديدي ويمضى ، عشرات المحجوزين يقدمون لنا السجائر ويترك كل منهم مكانه وفرشته للأستاذ / عاطف وصاحبه ، يسألهم فردا فرد عن أسرهم وأطفالهم وجيرانهم ، يسألهم عن مرضاهم ، يعرفهم جميعا ويعرفونه ، ويتحول الحجز إلى جلسة ثرثرة في ليلة شتوية طويلة ، الدخان يملأ الغرفة وصوت عاطف الجبالي يشرح للنشالين والهجامين وصغار تجار المخدرات والبلطجية والباعة الجائلين :" أنتم ضحايا المجتمع الطبقي وأنتم ضحايا الإستغلال الرأسمالي ، في دولة ما بعد الثورة حيث مجتمع الإشتراكية لا شرطة ولا بوليس ليس هناك سجون في مجتمع العدل والمساواة في دولة ما بعد الثورة " أضحك من فرط حماسه ويقينه مما يقول ، ولكنني أخجل حين أرى تعلق أنظار السامعين بشفتيه ، فأخشى أن يلمح أحدهم ابتسامتي ، وأغمض عيني تاركا لمسام جلدي فؤصة التقاط أكبر كمية ممكنة من الدخان المتصاعد من الصدور المتعبة المكدودة ، حتى تباغتني اغفاءة طويلة ...............أستيقظ على جلبة الصباح الباكر حيث أصوات الجنود والحراس وبعض أهالي المحجوزين وبائع الشاي والبرشام والبانجو وكل أنواع المكيفات ، ونبدأ رحلة الترحيل المهين سويا إلى طنطا حيث تهاويم ضباط المباحث ، وبعدها إلى القاهرة حيث قرارات الحبس الجاهزة بمكاتب وكلاء نيابة أمن الدولة ، وأخيرا إلى سجن مزرعة طرة .
وفي السجن لايتوقف عاطف عن الضحك ولا يتوقف عن أن يكيل لي الشتائم العجيبة من على شاكلة " البرجوازي التصفوي الميتافيزيقي العفن "
ويرفض عاطف الجبالي أن يأكل في طبق واحد مع شباب حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) ويرفض أيضا أن يصلي العشاء خلف د/ رضوان الأخرس القيادي بحركة فتح - حيث جمعتنا جميعا زنزانة واحدة -، بينما كنت أنا أصلي خلف رضوان وأشارك شباب حماس حياتهم اليومية ، ويضحك الجبالى وينهال يكيل الإتهامات يمينا ويسارا ، ونضحك جميعا وتتحول الزنزانة الى جزيرة للمرح والحرية والحوار الفكري والسياسي ، وحين يقرر شباب حماس أن يدخل اضرابا عن الطعام احتجاجا على احتجازهم بالسجون المصرية ، ناقشنا معهم الأمر واعترضنا على فكرة الإضراب وشاركنا الإعتراض كل المعنيين بالأمر وتراجع شباب حماس عن الفكرة اقتناعا بعدم الجدوى ، وفي اليوم التالي كانت المفاجأة الجبالى ينفذ الإضراب وحده ، نعم ينفذ الإضراب وحده لأنه وحده لم يقتنع بمبررات عدم الدخول في الإضراب .
وتستمر رحلة بحثك الدائم عن المرأة المستحيلة والفكرة المستحيلة
وكان رحيلك المفاجئ تعبيرا فاجعا عن أن الفكرة المستحيلة ربما كانت هناك في عالم آخر غير عالمنا ، والمرأة المستحيلة أيضا ربما كانت هناك ، وتركتنا يارفيق لأفكارنا العادية ونسائنا العاديات



#أحمد_نصار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناجاة لزيتية العينين 4
- مناجاة لزيتية العينين 5
- مناجاة لزيتية العينين 3
- مناجاة لزيتية العينين 1
- مناجاة لزيتية العينين 2
- المراهقة ( 4 ) الرعاية لابد أن تشمل الجميع
- نداء ( 3 ) إلى الطلاب الوطنيين الديموقراطيين
- نداء ( 2 ) الى الطلاب الوطنيين الديموقراطيين
- المراهقة (3) مرة أخرى ولن تكون الأخيرة
- اقتراح بتشكيل الروابط الطلابية الوطنية الديموقراطية
- نداء إلي الطلاب الوطنيين الديموقراطيين
- المراهقة (2) الأرقام تصرخ : الصمت عار .. الصمت عار
- لماذا العبور السريع لنقاط الإتفاق ولماذا التوقف الكبير عند ن ...
- المراهقة من مرحلة عمرية إلى أزمة مجتمعية
- في رثاء المناضل الإشتراكي/ علي الصبــــــــاغ
- ورقة أولية حول ضرورة العمل بين الطلاب
- العم/ أحمد رجب الرمح الممشوق على بوابات كمشيش
- في رثاء المناضل الإشتراكي/ محمود عبد الفتاح
- - في رثاء المناضل الإشتراكي / خالد عيد صالح - خالد عيد صالح ...
- التحالف الوطني الديمقراطي.......هو الحـــل


المزيد.....




- مسيرات أوكرانية تُهاجم موسكو قبل -يوم النصر-.. وزيلينسكي يُح ...
- قبيل زيارة شي جينبيغ.. غارة أوكرانية على موسكو تجبر مطارات ا ...
- انفجارات متعددة تهز بورتسودان مجددًا.. شاهد آثارها
- الأول منذ شهور.. شاهد الأهداف التي هاجمتها إسرائيل للحوثيين ...
- الجيش الأمريكي يعلق رحلات مروحياته إلى -البنتاغون- تحسبا من ...
- ماذا نعرف عن سجن ألكاتراز الذي أمر ترامب بإعادة فتحه؟
- موسكو تشدد الإجراءات قبل يوم النصر... هل تخاطر أوكرانيا بهجو ...
- -تطبيق إسرائيلي- وراء فضيحة التسريبات وإقالة والتز
- ناشيونال انترست: واشنطن تبدي اهتماما كبيرا بالمعادن الأرضية ...
- إسبانيا.. تطوير جيل جديد من السفن الحربية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد نصار - عاطف الجبالى الباحث دائما عن إمراة مستحيلة والمتعلق دائما بالفكرة المستحيلة